لماذا يجب أن يحتفل جمهور "الكرة القديمة" بفوز بايرن بدوري الأبطال
الإثنين، 24 أغسطس 2020 - 12:41
كتب : فادي أشرف
"ضد كرة القدم الحديثة" أو Against Modern Football، لافتة قد تجدها مرفوعة في المدرجات في أيام حضور الجمهور.
من الصعب تعريف "الكرة الحديثة" التي يقصدها الجماهير، ولكنها عموما تتميز بتغول رؤوس الأموال على اللعبة، أو في شرح أكثر سطحية وبساطة، باريس سان جيرمان.
بالطبع، لا يمكن وصف بايرن ميونيخ بالنادي المكافح رغم الفقر، فهو من الأندية القليلة حول العالم التي لم تشر ميزانياتها إلى مؤشر الخسارة منذ 26 عاما، ولكن هناك حقيقة هامة يجب أن يتم ذكرها نظرا لفوز البافاري بدوري أبطال أوروبا على حساب نيمار ورفاقه.
تشكيل بايرن الأساسي في لشبونة كلف النادي الألماني 125 مليون دولار، أقل مما تكلف باريس سان جيرمان في ضم كيليان مبابي من موناكو، ولن نتحدث هنا عن نيمار.
ولكن انتصار بايرن لم يكن مفاجأة، بمقاييس كرة القدم بايرن ليس underdog أو فريق غير مرشح للفوز، بالعكس تماما، هو دائما مرشح فوق العادة للظفر بدوري أبطال أوروبا.
ولكن، انتصار بايرن هو انتصار لقيم أسس تكوين الفرق، والإدارة الحكيمة.
بمقاييس حامل لقب الدوري الألماني، كان بايرن في كارثة عندما لجأ إلى لاعب الوسط السابق هانز فليك لتدريب الفريق خلفا للكرواتي نيكو كوفاتش.
بعد أيام من الفوز على بوخوم في كأس ألمانيا 2-1، وخسارة من فرانكفورت – نادي كوفاتش السابق – 5-1، ومجموعة من النتائج السيئة في الدوري، تراجع بايرن للمركز الرابع في الدوري بعد 10 جولات، ذلك كان كافيا لإقالة بطل ثنائية الموسم الماضي.
فليك احتاج وقتا ليعيد بايرن للطريق الصحيح. في فبراير الماضي قبل كورونا، تعادل لايبزج مع بايرن 0-0 في مباراة في وقتها، بحسب تقرير فور فور تو، وضعت فكرة فوز بايرن بالدوري رهن الشكوك.
لكن بنهاية الموسم، كانت تلك المباراة هي الوحيدة في 2020 التي لم يفز بها بايرن.
بايرن فاز في 29 من أصل 30 مباراة مع فليك، وفاز في 11 مباراة متتالية في دوري أبطال أوروبا وفاز باللقب، أمر تاريخي لم يحدث من قبل.
أمام باريس سان جيرمان ذو الهجوم المرعب، كان لبايرن ذو الدفاع والوسط الأقوى الغلبة.
انتصار بايرن جاء برأس كينجسلي كومان، ابن مدينة باريس وابن أكاديمية سان جيرمان الذي رحل عن مدينة النور لأنه ليس نيمار أو مبابي أو دي ماريا، ولكنه ذهب إلى بايرن وأصبح لاعبا مهما للفريق وحاسما في أوقات كثيرة بجوار نجوم مثل روبرت ليفاندوفسكي والعائد توماس مولر.
طريقة بايرن في تكوين الفريق مثيرة للإعجاب، الحصول على فيليبي كوتينيو على سبيل الإعارة دون دفع الكثير من الأموال، وضم ألفونسو ديفيز الذي كان بعمر الـ 12 عندما حقق بايرن ثلاثية 2013، مع قرار فليك بمنح الثقة لتوماس مولر، في وجود مانويل نوير أحد أفضل حراس العالم وربما أفضلهم، وجوشوا كيميتش الذي يتحول رويدا إلى فيليب لام جديد، مع استغلال مرونة ديفيد ألابا في اللعب كقلب دفاع لدرجة وجود نيكلاس زوله ولوكاس هيرنانديز وبنيامين بافارد على دكة البدلاء (لاحظ عمق الفريق الذي يضع نجوما صاعدين مثل هؤلاء على الدكة، في حين سيكونوا أساسيين في أي فريق آخر).
كل ذلك، لم يكلف بايرن أكثر من ثمن مبابي.
إذا، هو انتصار للقيم الأساسية لكرة القدم، لأسس تكوين الفرق والاستثمارات الحكيمة التي أثبتت ضرورتها خاصة في عصر ما بعد كورونا.
ولكن في نفس الوقت، لم يكن ذلك ليحدث دون فليك، ثالث مدرب تولى وظيفته في منتصف الموسم يظفر بدوري الأبطال.
هل هناك أعظم من يوب هاينكس عندما نتحدث عن مدربي بايرن؟ هاينكس قال عن فليك إنه "الرجل المثالي للوظيفة، إنه مدرب كالجوهرة".
هاينكس استمر "خلال وقت قصير، جعل الفريق يبدو مختلفا تماما، يلعب كرة قدم جذابة وجماعية. إنه يجعل كل لاعبيه يشعرون أنهم مهمين، حتى النجوم الكبار يجب أن يشعروا بالحب، والمدرب يجب أن يتفهم ذلك، وفليك لديه هذا التفهم".
قرارات فليك كانت محورية في موسم بايرن الرائع. من ضمن أسباب نجاح فليك، توماس مولر، بطل كأس العالم 2014 الذي عانى كثيرا في المواسم الأخيرة وبالأخص مع كوفاتش.
"توماس مهم لهذا النادي، لقد فاز بكل شيء هنا. إنه جزء من شخصية بايرن ميونيخ، وفي الملعب هو ذكي للغاية، يستطيع أن يحمل اللاعبين ويقودهم"، هكذا كان رأي فليك في مولر الذي لعب مباراته الـ500 بالقميص الأحمر في الهزيمة القاسية ضد فرانكفورت خلال هذا الموسم.
بقرار من كوفاتش، تحول الكندي ألفونسو ديفيز صاحب الـ19 عاما من جناح إلى ظهير أيسر، ومع فليك، تطور كثيرا في هذا المركز.
"ديفيز هو حلنا السحري، بسرعته التي لا تصدق وقوته في تغطية مركزه، وتمريراته الناجحة"، هكذا وصف فليك ديفيز، الذي شبهه توماس مولر بطائر الجَوَّابُ المعروف بسرعته الكبيرة.
إذا أصبح ديفيز الظهير الأيسر الأساسي، أين سيذهب ديفيد ألابا؟
حسنا، لقد أصبح أحد أفضل قلوب الدفاع في بوندسليجا.
"ألابا لاعب يأخذ المبادرة والقيادة، يتحدث مع اللاعبين ويقودهم، هو ذكي للغاية، وتطوره في مركز قلب الدفاع أكثر من رائع"، هكذا قال فليك، الذي عانى من إصابات قوية في الدفاع، ليعتمد فقط على بواتنج بجوار ألابا في القلب، بين المتألق بافارد يمينا والصاعد ديفيز يسارا.
بافارد قال "الكل يحب فليك، هو قريب جدا من اللاعبين سواء كانوا أساسيين أو احتياطيين"، ومع استمرار الانتصارات والانفراد بالصدارة قبل هجوم كورونا على كرة القدم، كافأ بايرن فليك بعقد جديد حتى يونيو 2023، حيث أوضح رومينيجه "نحن سعداء للغاية بما يقدمه فليك"، فيما شرح صالح حمديتش "النتائج تتحدث عن نفسها".
أما أوليفر كان أسطورة حراسة المرمى البافارية، الذي سيخلف رومينيجه كمدير تنفيذي لبايرن بعد عامين، فقال "من المهم لبايرن أن يكون مدربه مستوعبا لفلسفة النادي، نحن نتحرك في اتجاه رائع".
ليس بالصفقات الضخمة تفوز الفرق، بل بوضع مدرب مميز على رأس فريق مكون بحرفية مع منحه السلطات الكافية لإدارته.
اقرأ أيضا