كتب : زكي السعيد
وُلد في باريس، ترعرع في ناديها الأشهر، ودمّرها برأسية تاريخية، واسمه كينجسلي كومان.
بايرن ميونيخ الألماني فاز بدوري أبطال أوروبا 2020، بعد أن تفوّق على باريس سان جيرمان الفرنسي بهدف دون رد، في ملعب النور، بالعاصمة البرتغالية لشبونة.
الفرنسي كينجسلي كومان سجّل هدف المباراة الوحيد في الدقيقة 59 بضربة رأسية.
وُلد في باريس، وفي عُمر الثامنة انضم إلى باريس سان جيرمان، وقضى في صفوفه 10 سنوات من الترعرع والمراهقة.. لكنه في النهاية كان كابوس النادي الفرنسي العاصمي.
باريس سان جيرمان الذي قضى 9 سنوات في إنفاق مئات الملايين من اليوروهات في شراء أعتى نجوم كرة القدم، أدرك اليوم أنه كان في حاجة إلى تجنُب الاستغناء فقط عن مراهق في الثامنة عشر من عمره قبل 6 سنوات، حتى يحصد دوري أبطال أوروبا.
بايرن ميونيخ حصد اللقب السادس في تاريخه، ليعادل ليفربول في المركز الثالث على سلم الألقاب، خلف ريال مدريد وميلان.
كما حصّد بايرن ثلاثية الدوري والكأس ودوري أبطال أوروبا للمرة الثانية في تاريخه، بعد أن حققها في 2013.
بايرن حصد اللقب بانتصاره في كل مبارياته الـ11 التي خاضها، وهذا أمر يتحقق لأول مرة على الإطلاق في تاريخ البطولة.
النهائي كان الثاني في التاريخ بين طرفين من فرنسا وألمانيا، بعد نهائي 1976 بين بايرن ميونيخ وسانت إيتيان.
وهو ثاني نهائي يقام على ملعب النور الخاص بنادي بنفيكا، بعد نسخة 2014، والثالث عموما في أرض البرتغال.
أما هانز فليك، فبات سادس مدرب ألماني يظفر بذات الأذنين، بعد أودو لاتيك، وديتمار كرامر، وأوتمار هيتسفيلد، ويوب هاينكس، ويورجن كلوب.
احتفالية مُدمَرة.. وفخر لـ مرسيليا
من جانبه، تعشّم باريس سان جيرمان في الاحتفال بذكرى تأسيسه رقم 50 بشكل مثالي، لكن ذلك لم يتحقق، وعجزت النهضة المالية التي جلبتها شركة قطر للاستثمار عام 2011 عن حصد اللقب.
كما يحق لجماهير أوليمبيك مرسيليا الاحتفال بصخب هذه الليلة، لأنه يظل الفريق الفرنسي الوحيد في التاريخ الذي حصد اللقب عام 1993.
باريس سان جيرمان كان الفريق رقم 41 الذي يظهر في نهائي دوري أبطال أوروبا، لكنه عجز عن حصد لقبه الأول، واكتفى بالثلاثية المحلية.
تغيير واحد في كل فريق
لم يلجأ مدربا الفريقان إلى تغييرات عدة في أفرادهما الذين أوصلاهما إلى الدور النهائي.
فظهر كينجسلي كومان بالتشكيل الأساسي لـ بايرن ميونيخ على حساب إيفان بيريسيتش، وبخلاف ذلك لم يجر هانز فليك أي تعديلات أخرى.
أما توماس توخيل، فأعاد الكوستاريكي كيلور نافاس إلى حراسة المرمى على حساب سيرخيو ريكو بعد تعافيه من الإصابة.
كما أبقى على الثلاثي الهجومي: آنخل دي ماريا، كيليان مبابي، نيمار جونيور، وفضّل إجلاس ماورو إيكاردي على مقاعد البدلاء، حاله حال ماركو فيراتي الذي لم يتعاف بشكل كامل من إصابته.
هدوء يسبق العاصفة
المباراة بدأت هادئة، بتحفُظ بين الفريقين، وترقب أملًا في تجنُب أخطاء لا تعوّض.. حتى هبت العاصفة في الدقيقة 18.
العاصفة
عندما يجتمع مبابي ونيمار، فلا وجود سوى للرعب في أنفس الدفاعات المنافسة.
الفرنسي مرر إلى البرازيلي وجعله منفردا تقريبا بـ مانويل نوير في الدقيقة 18، لكن الألماني المخضرم تصدى على مرتين لتسديدة نيمار وأخرجها إلى ركلة ركنية.
الرد العاصف جاء سريعا جدا من بايرن في الدقيقة 22، فتسلّم ليفاندوفسكي داخل منطقة جزاء باريس، التف بجسده، وسدد على القائم الأيمن لـ كيلور نافاس.
حدة العاصفة ارتفعت، فشن مهاجمو باريس السفاحين هجمة مرتدة سريعة في الدقيقة 24 قادها نيمار، وهندسها أندر هيريرا بتمريرة نحو دي ماريا، الذي سدد كرة يمينية أعلى العارضة بقليل.
تغيير أول اضطراري
في الدقيقة 25، اضطر هانز فليك إلى إجراء تغييره الأول بشكل اضطراري، بعد إصابة مدافعه جيروم بواتنج، ليعوضه بـ نيكلاس سوله.
الهجمات لم تتوقف، فسدد هيريرا كرة على الطائر بالدقيقة 29، لكنها اصطدمت وعرفت طريقها نحو خارج الملعب.
في المقابل، أرسل مولر عرضية نحو رفيقه لياندوفسكي بالدقيقة 31، لكن رأسية البولندي وجدت تصديا ثابتا من نافاس على مرتين.
آخر الفرص الخطيرة بالشوط الأول جاءت في الدقيقة 45، عندما استرجع سان جيرمان الكرة في مناطق بايرن، وتبادل مبابي الكرة مع هيريرا، لكن تسديدة الفرنسي ذهبت سهلة بين قفازي نوير، ليخرج الشوط الأول متكافئا متعادلا بين عملاقي القارة الأوروبية.
أعصاب ملتهبة
في بداية الشوط الثاني بدأت الأعصاب في الانفلات، فتدخّل جنابري بقوة على نيمار، لتنشب مشادات بين أفراد الفريقين.
النتيجة كانت بطاقة صفراء لـ جنابري، وإنذار لـ لياندرو باريديس بسبب عتابه القوي لـ جنابري وتسببه في التلاحم الجسدي بين بقية الأفراد.
طفل باريس
كينجسلي كومان، تقدّم لـ بايرن ميونيخ في الدقيقة 59، بضربة رأسية بعد عرضية متقنة من يوشوا كيميتش، خادعت كيرير الذي لم يستطع مراقبة كومان.
الجناح الفرنسي سجّل هدفا تاريخيا لـ بايرن، ليس فقط لأنه جاء في نهائي دوري أبطال أوروبا، بل لأنه الهدف رقم 500 لـ بايرن ميونيخ في تاريخه بالبطولة.
الهدف هو الثامن للاعبين الفرنسيين في نهائيات دوري أبطال أوروبا منذ انطلاق البطولة، والأول لأي فرنسي في شباك فريق فرنسي.
سيناريو كربوني كاد أن يتكرر في الدقيقة 63، عندما أرسل مولر عرضية نحو كومان، لكن تسديدة الأخير لم تكن دقيقة هذه المرة، وأبعدها القائد تياجو سيلفا من مكان حساس في مواجهة المرمى.
تغييرات عديدة
مع انخفاض اللياقة البدنية، اندفع المدربان إلى إجراء عدد كبير من التغييرات.
البداية كانت من عند توخيل الذي دفع بـ فيراتي بدلا من باريديس في الدقيقة 65.
ثم جاء الدور على فليك، فأخرج كومان مُسجِّل الهدف، والجناح الآخر جنابري، وعوضهما بـ إيفان بيريسيتش، وفيليبي كوتينيو بالدقيقة 68.
أول رد قوي من باريس جاء في الدقيقة 70، بتمريرة دي ماريا الذكية نحو ماركينيوس الذي انفرد تقريبا بـ نوير، لكن تسديدة البرازيلي اصطدمت بالحائط الألماني الذي لا يمكن هدمه، فجاء التصدي العبقري ومنع التعادل الفرنسي.
توخيل رمى بكل أوراقه، فأخرج أندر هيريرا في الدقيقة 72 وعوّضه بالألماني يوليان دراكسلر.
ثم سحب كلٍ من خوان بيرنات، ودي ماريا في الدقيقة 80، وعوّضهما بـ لايفين كورزاوا، وإيريك ماكسيم تشوبو موتينج.
وفي الدقيقة 86 دخل كورنتين توليسو بدلا من تياجو ألكانتارا الذي لعب على الأرجح آخر مباراة له بقميص بايرن ميونيخ
إهدار الموسم
بهدفه القاتل في شباك أتالانتا في الدور ربع النهائي، تم تنصيب الكاميروني تشوبو موتينج بطلا قوميا باريسيًا.. لكن ذلك سينهار.
في الدقيقة الثانية من الوقت بدل الضائع، انفرد نيمار بالمرمى والتف وأرسل عرضية إلى تشوبو موتينج الذي كان في مواجهة الشباك الفارغة، لكنه أخطأ الكرة، لتمر من أمامه بغرابة، مهدرا فرصة التعادل.
هذا الإهدار كان ثمنه غالٍ للغاية.. كان ثمنه لقب دوري أبطال أوروبا.
بايرن ميونيخ على عرش القارة.