كتب : زكي السعيد
بطول فارع يبلغ 192 سم، وذراعين طويلتين، ويدين عريضتين، بدا مرمى إشبيلية ضئيلا للغاية خلف جسد ياسين بونو مساء الأحد.
والنتيجة؟ توديع مانشستر يونايتد للدوري الأوروبي على يد إشبيلية، مباراة خلّفت ورائها بطلا أوحد تحكّم في مجرياتها وعدّل من نتيجتها المحتومة: بونو.
حارس المرمى الدولي المغربي قدّم مباراة العمر وقام بـ6 تصديات محققة أمام مهاجمي مانشستر يونايتد، ليعبر بـ إشبيلية إلى الدور النهائي للمسابقة التي يتزعّمها.
مواقع التواصل الاجتماعي في إسبانيا شبّهته بـ ميجيل إيرّان مُجسِد شخصية "ريو" في مسلسل "لا كاسا دي بابل" الشهير.
لكن بعد ما قدّمه بونو يوم أمس، ربما يستحق التشبيه بأعظم حراس العالم، فمستواه المبهر جعل أولي جونار سولشاير مدرب مانشستر يونايتد يصفه بـ "الحارس الرائع" ويقول إنه قام "بتصديات مذهلة".
وُلد في كندا.. ترعرع في المغرب.. تألق في إسبانيا
لعائلة مغربية مهاجرة، وُلد بونو في مدينة مونتريال الكندية، قبل أن تعود عائلته أدراجها إلى البلد الأم المغرب خلال طفولته.
لينضم بونو إلى نادي الوداد البيضاوي عام 1999 في عمر الثامنة، ويتدرج في صفوفه وصولًا إلى الفريق الأول، قبل أن يشتريه أتليتكو مدريد عام 2012 في خطوة العمر لينضم إلى فريقه الرديف.
مع رحيل تيبو كورتوا وداني أرانزوبيا عن أتليتكو مدريد في صيف 2014، صُعِّد بونو للفريق الأول خلال فترة الإعداد.
في تلك الفترة تعرّف على راؤول خيمينيز، وللمصادفة، سيلتقيه كمنافس بعد 6 سنوات في ربع نهائي الدوري الأوروبي، وسيتصدى أمامه لركلة جزاء.
بونو وقبل أن يطيح بـ مانشستر يونايتد، أطاح بفريق إنجليزي آخر: ولفرهامبتون، عن طريق التصدي لركلة جزاء خيمينيز في بدايات الشوط الأول وقتما كانت النتيجة 0-0، قبل أن يخطف زميله لوكاس أوكامبوس الانتصار في اللحظات الأخيرة.
وعند سؤاله بعد المباراة عن تصديه الحاسم، أجاب بونو أنه كان يعرف كيف يسدد خيمينيز منذ فترة تزاملهما معا في أتليتكو لفترة قصيرة.
لفترة قصيرة لأن بونو خرج معارا سريعا إلى ريال سرقسطة في دوري القسم الثاني، قبل أن ينتقل إلى جيرونا، وهناك بدأ كل شيء.
في موسمه الأول، 2016\2017، قاد بونو فريقه جيرونا إلى الصعود للدوري الإسباني.
لكن نقص خبرته دفع النادي إلى التعاقد مع المخضرم جوركا إرايزوز عقب الصعود، ليصير الباسكي هو الحارس الأساسي، ويضطر بونو إلى قضاء أول 8 جولات على مقاعد البدلاء يشاهد أخطاء إرايزوز الكارثية.
بعد أن طفح كيل المدرب بابلو ماتشين، قرر أن يغامر ويدفع بـ بونو، ليفاجئه الأخير بمستويات أفضل بكثير من سابقه، ويحجز مكانه أساسيا في صفوف جيرونا.
مع هبوط الفريق الكتالوني في الموسم الماضي، لم توُجّه أصابع اللوم إلى بونو الذي تألق في كثير من المناسبات رغم الهزائم التي طالت فريقه.
لينال المكافأة بالانتقال معارا إلى إشبيلية هذا الموسم، حتى يصير الحارس الاحتياطي للتشيكي توماس فاشليك.
ومع استقدام يوسف النصيري، ومنير الحدادي، تحوّل إشبيلية إلى ما أشبه بمستعمرة مغاربية.
تجسّد ذلك عندما صنع بونو هدفًا بنفسه إلى مواطنه النصيري خلال مواجهة مايوركا بشهر يوليو الماضي في الدوري الإسباني.
في الواقع، قضى بونو أغلب فترات الموسم على مقاعد البدلاء، حتى حانت اللحظة الحاسمة بإصابة فاشليك في الركبة يوم 6 يوليو الماضي، ليلعب بونو آخر 4 جولات في الدوري، ويصير هو الحارس الأول في مغامرة الدوري الأوروبي، تلك البطولة التي كان الحارس الأساسي فيها طوال أغلب فترات الدور الأول.
الغريب أنه وخلال فترة قصيرة، نجح في تحقيق رقم رائع بالحفاظ على نظافة شباكه طوال 512 دقيقة، رقم توقف عداده عندما اهتزت شباكه بقدم برونو فيرنانديس.
هذا الرقم هو الأفضل لأي حارس إشبيلية منذ 12 عاما وقتما كان التاريخي أندريس بالوب حارسا للفريق.
الغريب في مسيرة بونو أنه يبلغ 29 عاما بالفعل، وقضى أغلب سنواته في الظل، حتى مع المنتخب المغربي.
فقد كان احتياطيا لـ منير المحمدي خلال كأس الأمم الإفريقية 2017 وكأس العالم 2018، ولم يصبح حارسا أساسيا للأسود الأطلسية سوى قبل أمم إفريقيا 2019 مباشرةً بعد مستوياته المبهرة مع جيرونا.
بعد أيام، سيكون بونو على موعد مع خوض نهائي الدوري الأوروبي، بطولة لو نجح في حسمها، ستخلّد باسمه.