ساري ويوفنتوس.. كلنا مخطئون لا أستثنى أحدا

سارى بدا واثقا من موقفه عشية مواجهة ليون وأن الإدارة ستقيّم الوضع وأن من الصعب إقالته حال الخسارة من ليون إذ قال: "لا، اعتقد أن هذا السؤال يصف المدراء بالهواه

كتب : إسلام أحمد

السبت، 08 أغسطس 2020 - 19:27
ماوريسيو ساري

"كلنا مخطئون لا أستثنى أحدا".

استبدلت كلمة فاسدون بـ مخطئين لأن لا يجوز وصف أحدا بالفساد فيما حدث خلال موسم يوفنتوس والذي انتهى بإقالة ماوريسيو ساري.

سارى بدا واثقا من موقفه عشية مواجهة ليون وأن الإدارة ستقيّم الوضع وأن من الصعب إقالته حال الخسارة من ليون إذ قال: "لا، اعتقد أن هذا السؤال يصف المدراء بالهواة، سيجرون تقييما مبنيا على الموسم بأكمله، وإذا قرروا بالفعل ضم مدرب جديد غدا فلن يُحدث أي فارق أو يحقق انتصارا".

ساري يعرف أن أخطاء الموسم الجاري في أرجاء يوفنتوس ستيديوم ما هي إلا تراكم أخطاء في السنوات الثلاثة الأخيرة منذ أن كان مدربا لـ نابولي ومنافسا على تجريد يوفنتوس نفسه من لقب الدوري.

فأصبح كبش الفداء الذي دفع ثمن أخطاء يوفنتوس المتراكمة فنيا وإداريا لكنه في التوقيت ذاته أخطئ بطريقة واضحة ليدفع الثمن وحيدا حتى تلك اللحظة.

الإيطالي البالغ 61 أصبح أكبر مدرب يحقق لقب الاسكوديتو منذ نيلس ليدهولم لأول مرة في مسيرته لكن في التوقيت ذاته صاحبه أرقام سلبية في تحقيق اللقب عن الـ 8 السابقة.

كما أن الفريق فقد تحت قيادته في الدوري 21 نقطة في مباريات كان متقدم خلالها بالنتيجة وهو رقم قياسي يتحقق لأول مرة منذ 1982-83.

ماسيمليانو أليجري عندما قال تصريحه الشهير "من أراد المتعة فليذهب للسيرك" كان أداءه رتيبا في عدد كبير من المباريات خاصة موسمه الأخير لكنه فاز بفارق ضخم عن أقرب منافسيه ورغم خروجه من أياكس في دوري الأبطال إلا أن لمحاته الفنية كانت واضحة في استخدام الأسماء المتاحة له.

مباراة أتليتكو مدريد في إياب ثمن نهائي دوري الأبطال وما فعله إيمري تشان وفديريكو بيرنارديسكي خير مثال على وجود أفكار مختلفة للإيطالي السابق.

لكن ما يعاب على ساري تعنته الفني فبعدما عُرف بأفكاره الـ 33 الهجومية في تدريب نادي سانسوفينو في الدرجة السادسة الإيطالية لم يعتمد سوى على خطة 4-3-3 أو 4-2-3-1 في أغلب مبارياته منذ تدريب نابولي وتشيلسي ويوفنتوس.

ساري ظل يعتمد الموسم الجاري على 4-3-3 والتي لا تتناسب مطلقا مع لاعبي يوفنتوس –أو على الأقل لم يستفد بسببها من قدرات اللاعبين- فخسر كل شيء، رغم فوزه بلقب الدوري لأول مرة في مسيرته.

موظف البنك رحل عن تدريب تشيلسي بسبب عدم وجود علاقة جيدة بينه وبين مسؤولي النادي اللندني، وعلم بقرار إقالته من تدريب نابولي عبر التلفزيون بسبب سوء علاقته مع أوريليو دي لاورينيتس رئيس نابولي في الفترة الأخيرة.

دي لاورينيتس هاجمه بشأن تمسكه بأفكاره الخططية من قبل قائلا: ” ساري لم ينجح وأرى أن ذلك بسبب أنه لا يجيد سوى الهجوم، واللعب بطريقة واحدة، لذلك عند مواجهة فكر جديد وطرق لعب جديدة يجب أن تغير من أسلوبك لكي تتمكن من الفوز، لا يوجد قواعد ثابتة في كرة القدم”.

وهو ما لم يفعله ساري مع يوفنتوس.

كما أن رئيس نابولي هاجمه أيضا سابقا كون ساري ليس لديه أي تفضيلات في سوق الانتقالات ولا يهتم بمن ينضم أو من يرحل عن فريقه، بل بتدريب الأسماء الموجودة تحت قيادته الفنية فقط.

وهذا يفتح الباب أمام أدوار ساري في الأسماء التي انضمت لـ يوفنتوس وكذلك التي قد ترحل في سوق الانتقالات المقبلة دون تدخل منه.

هنا يظهر السؤال الأهم من يتحكم في سوق الانتقالات فابيو باراتيتشي المدير الرياضي أم ساري المدير الفني؟

هل الفريق ضم أرتور بناءً على رغبة ساري في استنساخ "جورجينيو" جديد بدلا من بيانيتش الذي فقد بريقه، أم أنه اختيار الإدارة لأن البرازيلي من أفضل اللاعبين الشباب في أوروبا في مركزه وبسعر يتيح للنادي استفادة مادية على مستوى الميزانية؟

أفكار الإدارة

يوفنتوس منذ 2015 ومع تعيين ماسيمليانو أليجري بدأ في تفريغ المنافسين من أفضل اللاعبين فانضم ميراليم بيانيتش وجونزالو إيجوايين من روما ونابولي على الترتيب في صفقات قياسية.

الفريق تحت قيادة أليجري بعد عملية الإحلال والتجديد عقب خسارة دوري الأبطال بدأ في الاعتماد أكثر على الأسماء القادمة في صفقات انتقال حر.

بداية من داني ألفيش وسامي خضيرة وإيمري تشان مرورا بآرون رامسي وأدريان رابيو مع الصفقات التي تجعل الفريق منافسا لكن بجودة أقل من الموجود أو الراحل مستغلا الفجوة الكبيرة مع منافسيه.

في ذلك الوقت أصبح هَم الفريق هو ضم أصحاب الخبرات القادرين على قيادة الفريق لتحقيق لقب دوري الأبطال.

وعلى الجهة الأخرى ضم لاعبونلشباب في إيطاليا ومن ثم بيعهم بمقابل أعلى، مثل ماتيا كالادرا الذي رحل لميلان وريكاردو أورسوليني إلى بولونيا دون خوض مباراة واحدة مع الفريق.

ومرورا بمريح ديميرال الذي ارتبط اسمه بالرحيل عن يوفنتوس بضعف قيمته بعد أيام قليلة من ضمه الصيف الماضي والسويدي ديان كولوسفسكي أيضا القادم من أتالانتا.

وهنا صار الفريق يفكر في تعويض خسائر الميزانية وكأنك تلعب "كاريير مود" في FIFA.

وبدءا من 2018 بدأوا في تكوين فريق النجوم من أجل دوري أبطال أوروبا فانضم كريستيانو رونالدو براتب يفوق راتب لاعبي فرق كاملة في الدرجة الأولى ومن ثم المدافع الشاب الأفضل في العالم ماتيس دي ليخت، وفي الصيف الجاري ضم الفريق أرتور قادما من برشلونة.

لا خطة واضحة في عمل الإدارة، إلا لتحقيق اللقب مع أسماء قد لا تتماشى مع أسلوب المدربين في بعض الأحيان.

فوق السن

أولا يوفنتوس الفريق صاحب المعدل العمري الأعلى في الدوريات الخمسة الكبرى وليس إيطاليا بمعدل 29.1 إذ يضم 11 لاعبا فوق سن الـ 30.

خط وسط يوفنتوس هو الأسوأ دون منازع بين الأربعة الكبار في إيطاليا هذا الموسم، ميراليم بيانيتش ظهر طيلة الموسم الحالي شبحا ومنذ عودة النشاط الرياضي بعد فيروس كورونا أصبح عبئا على خط وسط البيانكونيري بعدما أراد منه ساري "لمس الكرة 150 مرة في المباراة".

آرون رامسي اكتفى بدور البديل الذي لا يقدم الإضافة في أغلب المباريات بينما ظهر أدريان رابيو بعد عودة النشاط الرياضي بشكل أفضل بعدما تأقلم مع أجواء الكرة الإيطالية لكن في الوقت ذاته كان أكثر اللاعبين المرتبطين بالرحيل.

بلاس ماتويدي وسامي خضيرة أصبحا أسماء على الورق في خط وسط يوفنتوس وإن كان الفرنسي استفاد منه يوفنتوس أكثر هذا الموسم، ويبقى الأوروجوياني رودريجو بنتانكور الوحيد الذي ظهر بشكل أفضل من الجميع لكنه ليس من تُبنى عليه خطة في الفريق.

10 أهداف فقط سجلها لاعبو خط وسط يوفنتوس هذا الموسم في جميع المسابقات مقابل 25 هدفا سجلها لاعبي نابولي في موسم 2017-18 بجميع المسابقات والذي يعد أفضل موسم تنافسي لساري.

إيمري تشان رحل عن صفوف يوفنتوس في يناير الماضي وخاض فقط 8 مباريات أغلبها كبديل، رغم أنه كان حلا مثاليا ليوفنتوس في أكثر من مركز بعد عودة النشاط الرياضي لما يملكه من إمكانات.

يوفنتوس أيضا دفع ثمن أخطاء معادلة الميزانية فتخلى عن جواو كانسيلو لمانشستر سيتي وضم دانيلو من أجل تحقيق مكسب 30 مليون يورو في الصيف الماضي.

فأصبح يعتمد على خوان كوادرادو الذي يلعب كجناح في مركز الظهير الأيمن لتعويض المشاكل والغيابات وإصابة ماتيا دي تشيليو.

وفي نفس الصيف كان باولو ديبالا خارج صفوف يوفنتوس بشكل نهائي بين مانشستر يونايتد وتوتنام لولا رفضه العرضين وبقاءه في يوفنتوس لكان ساري قد رحل في منتصف الموسم.

الأرجنتيني حصد جائزة أفضل لاعب في الموسم رغم أنه يصنف ضمن ثاني أقل المواسم تهديفيا في الدوري الإيطالي له.

وكان حاسما بتحقيق 9 نقاط للفريق في الدوري وسجل كبديل هدفين وصنع مثلهما من أصل 22 هدفا شارك بها.

جونزالو إيجوايين ظهر كالشبح دون تأثير قوي مكتفيا بتسجيل 11 هدفا فقط، دفع بها ثمن تواجد كريستيانو رونالدو في خط الهجوم ولم يستفد يوفنتوس منه على سبيل المثال في بيعه الصيف الماضي.

البرتغالي رغم تسجيله أكبر عددا من الأهداف في موسم واحد لـ يوفنتوس منذ 95 عاما إلا إنه لم يكن متناسبا مع أفكار ساري.

ساري يبحث دائما عن الأسماء الغير مركزية في الهجوم مثلما كان يحدث بين ثلاثي نابولي في عديد الأحيان.

يصطدم ذلك مع رونالدو الذي هدفه الأول دائما هو التسجيل وقيادة الفريق بالطبع للفوز لكن دون النظر لباقي زملائه كما أنه مع عمره المرتفع أصبح من الصعب أن يتبادل المراكز في المباراة بل على الأقل يكون بالقرب من منطقة الجزاء لتسجيل الأهداف ومواجهة المرمى ولا شك إنه الأفضل في ذلك ضمن صفوف السيدة العجوز.

ولتدرك مشكلة ساري فهو لم يكن على وفاق مع رونالدو عندما أخرجه أكثر من مرة كبديل في الدور الأول وهو ما أثار امتعاض البرتغالي.

حتى بعد خسارة كأس إيطاليا خرجت شقيقة رونالدو تهاجم ساري بسبب سوء الأداء دون أي رد.

فديريكو بيرنارديسكي لم يجد نفسه بعد تورينو مثلما كان يفعل كل شيء في فلورنسا وأداء وإصابات دوجلاس كوستا أرهقته من قبل أن يلعب لذلك فلا عجب أن الثنائي سجل 5 أهداف فقط طيلة الموسم.

ولكي لا يتم وضع اللوم على عاتق اللاعبين فقط، فساري امتلك لاعبين أصحاب جودة لم تكن موجودة مطلقا في كافة الفرق التي دربها من قبل، لكنه فشل في التعامل معها ومحاولة تغيير أفكاره الهجومية حتى لـواحدة من الـ 32 الأخرى التي يمتلكها.

البعض كان يرى أن الموسم الجاري هو الأفضل لإخضاع السيدة العجوز محليا لكن رعونة المنافسين وقلة الخبرة حسمت اللقب التاسع تواليا لـ يوفنتوس بفارق نقطة واحدة عن إنتر في موسم بعد عدة سنوات سيعتقد البعض أنه كان ناريا لكنه ليس كذلك.

ماذا سيحدث؟

إدارة يوفنتوس الآن أمام أكثر من حل، ماوريسيو بوكتينيو أم زين الدين زيدان أم ماسيمليانو أليجري مرة أخرى أم مفاجأة أندريا بيرلو.

في يوفنتوس ظن البعض سابقا أن ساري سيكون ممهدا لأفكار بيب جوارديولا قبل أن يتولى الإسباني مهمة النادي، وزيدان يبدو بعيدا عن تولي المهمة في ظل مشروعه مع ريال مدريد.

بوكيتينيو وأليجري يبدو كلا منهما خيارا مميزا وإن كان الأخير أوقع لأنه عالم بأمور البيانكونيري ولن يأخذ وقتا لفهم الكرة الإيطالية وطبيعة الدوري مثلما سيكون الحال مع مدرب توتنام السابق.

أندريا بيرلو أيضا ارتبط اسمه مؤخرا بأنه سيتولى مهمة تدريب فريق تحت 23 سنة ليكون خليفة ساري القادم لكن الأمور سارت بأسرع مما هو متوقع.

تلك المرة المهمة ستكون على عاتق إدارة يوفنتوس وفابيو باراتيتشي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لتقليل قائمة الفريق المثقلة بمن هم أكبر من الـ 30 وبناء فريق تنافسي ليس في الدوري بل أوروبيا بأفضل الأسماء المتاحة في أقل من 35 يوما مع موعد عودة الدوري.

يوفنتوس يحتاج لثورة وموسم واحد مع ساري أثبت أن الأمور معقدة للغاية في يوفنتوس وتحتاج لحلول جذرية.

طالع أيضا

وكيل رمضان صبحي: نصل لاتفاق قريبا مع الأهلي وهدرسفيلد

إقالة ساري من تدريب يوفنتوس