كتب : زكي السعيد
"لو تم انتخابي رئيسا لـ ريال مدريد؛ فسأتعاقد مع لويس فيجو، أو سأدفع الاشتراك السنوي لكل أعضاء النادي".
_فلورنتينو بيريز في صيف عام 2000
في الثالثة والخمسين من عمره، دخل بيريز انتخابات رئاسة ريال مدريد للمرة الثانية، بعد محاولته الفاشلة عام 1995، هذه المرة كانت مهمته أكثر صعوبة بكثير، لكنه اختار بطاقة العبور التي لا يمكن قهرها: لويس فيجو.
ريال مدريد كان فائزا لتوله بدوري أبطال أوروبا للمرة الثانية في 3 سنوات بعد 32 عاما من الجفاف القاري، تحت رئاسة مستقرة لـ لورنزو سانز الذي أعاد النادي إلى المنصة الأوروبية أخيرا.
ولذا كان دخول بيريز الانتخابات في وجه الوَحْش سانز بمثابة انتحار وإهدار لموارده المادية.
هذا المهندس الذي يترأس شركة ACS الإسبانية العملاقة للمقاولات، كان مهووسا بترأس ريال مدريد، هوسه لم يجد حدودا لإيقافه، فوصل به إلى إيقاع نجم برشلونة الأول في الشرك.
بالعودة إلى الوراء 50 عاما تقريبا، في 1953، تعاقد ريال مدريد مع ألفريدو دي ستيفانو بعد أن ارتدى قميص برشلونة بالفعل.
معضلة قانونية طاحنة ومعركة قضائية مشتعلة دخلها قطبا الكرة الإسبانية في منتصف العِقد السادس للقرن العشرين من أجل الظفر باللاعب الذي سيغيّر تاريخ أحدهما إلى الأبد.
في النهاية كانت الغلبة لـ ريال مدريد في خطوة اعتبرها أنصار برشلونة بمثابة السرقة العلنية لسنوات طويلة، أو بالأحرى اعتبروها سرقة حتى يومنا هذا.
لكن الوضع مع فيجو كان مختلفا، لم يكن الجناح الأيمن البرتغالي الأفضل في العالم محل نزاع بين برشلونة وريال مدريد، بل كان عنصرا فذا داخل جدران كامب نو بالفعل لمدة 5 سنوات، ولذا كان الجرح وحشيا.
يقول إرنست بايّوس الصحفي في راديو كتالونيا عن صفقة انتقال فيجو من برشلونة إلى ريال مدريد عام 2000: "استولى علينا الغضب والكراهية لأنه كان رمزا للمدينة".
"ليس هناك خيانة أعظم من تلك، الأمر أشبه بوضع ثقتك في شريك حياتك، ثم اكتشافك لاحقا أنه يقيم علاقة أخرى".
ولم يكن فيجو أول أو آخر لاعب يعبر من برشلونة إلى ريال مدريد بشكل مباشر، لكن رد الفعل على الصفقة كان الأعنف تاريخيًا.
كيف تمت الصفقة
في 1999، جدد فيجو عقده مع برشلونة لمدة 6 سنوات بشرط جزائي هز إسبانيا: 10 مليارات بيسيتا إسبانية، أي ما يعادل 60 مليون يورو.
شرط جزائي أسطوري يقطع الطريق تقريبا على رحيل فيجو في أي صفقة مباغتة، أو هكذا اعتقدوا في برشلونة.
بعد عام، كان موقف المهندس بيريز ليس قويا في حملته الانتخابية، واحتاج إلى زلزال حتى تنهال عليه أصوات الأعضاء، فكان اقتلاع معشوق برشلونة من بين أحضان البلاوجرانا كافيا في حد ذاته لإغراء المشجع المدريدي.
لجأ بيريز إلى إغواء فيجو عبر الوكيل جوزيه فيجا، فعرض عليه توقيع عقد مبدئي يتقاضى مقابله 400 مليون بيسيتا إسبانية، أي ما يوازي 1 مليون ونصف المليون جنيه استرليني تقريبا.
مجرد التوقيع على العقد كان يضمن دخول المبلغ إلى جيب فيجو، مع شرط صغير للغاية، أن ينضم لـ ريال مدريد حال فوز بيريز بالانتخابات.. وهل سيفوز بيريز بالانتخابات؟ بالطبع لا، في أحلامه فقط!
اعتقد فيجو أنه حصل على أموال سهلة، لم يكدح في كسبها، ولم يعرف أن الشرط الجزائي في هذا العقد المبدئي سيجبره على خلع الأزرق والأحمر.
وبينما اقتربت انتخابات ريال مدريد، ومع تلويح بيريز بورقته الذهبية فيجو، خرج اللاعب في مقابلة صحفية مع سبورت الكتالونية يوم 9 يوليو، نفى خلالها توقيعه على عقد مبدئي مع بيريز.
في 15 يوليو صرّح فيجو مجددا لـ سبورت: "سأستمر في برشلونة، سواء فاز أو خسر بيريز في الانتخابات".
في اليوم التالي، 16 يوليو، حدثت المفاجأة الصاعقة، وفاز بيريز بـ55% من أصوات الجمعية العمومية لـ ريال مدريد، مطيحا بـ لورنزو سانز من على عرشه، وواضعا فيجو في وضعٍ حرج.
لم يكن أمام فيجو سوى خيارين، إما الالتزام بعقده المبدئي والتوقيع لـ ريال مدريد، أو دفع شرط جزائي يبلغ 30 مليون يورو تقريبا لـ بيريز.
في 24 يوليو رضخ فيجو، ووصل إلى خزانة برشلونة 60 مليون يورو قيمة الشرط الجزائي القياسي في عقد الساحر البرتغالي.
بعد ساعات قليلة، تم تقديم فيجو في ملعب سانتياجو برنابيو، مع ابتسامة عريضة لـ بيريز الذي بدأ عصر الجالاكتيكوس رسميا، وإلى جوارهما يقف الرئيس الشرفي الجديد للنادي: دي ستيفانو، صورة واحدة كانت كفيلة بجمع الصفقتين الأكثر إيلاما لـ برشلونة في التاريخ جنبا إلى جنب!
يقول فرانسيسك أرناو حارس مرمى برشلونة في التسعينيات: "كان الأمر أشبه بانفجار قنبلة في غرفة خلع ملابس برشلونة، لم أصدق أن الصفقة ممكن أن تحدث، خسرنا أهم لاعب لدينا، فيجو كان علامتنا المضيئة".
"أعتقد أن فيجو لم يتخيل أبدا أن بيريز سيفوز بالانتخابات، هذا رأيي".
أما جوان جاسبارت الرئيس الجديد لـ برشلونة، فلم يفوّت فرصة إلى ونعت فيها فيجو بالخائن.
تحصل جاسبارت على 60 مليون يورو في خزانته ولم يعرف كيف يستثمرها جيدا، فتعاقد مع إيمانويل بوتي، ومارك أوفرمارس، وجيرارد لوبيز، وألفونسو بيريز، صفقات لم تحقق المردود المنتظر.
ليدخل برشلونة إلى فترته الأحلك في الألفية الثالثة ويعيش عدة سنوات من التخبط، انتهت على استقالة جاسبارت، فشل إداري يبرره الكثيرون بصفقة فيجو المفاجئة التي هزت أساسات كامب نو.
"عندما تنتقل إلى ريال مدريد، تدرك مدى عظمته، لا يمكن مقارنته بأي نادٍ آخر". _لويس فيجو بعد أشهر قليلة من رحيله عن برشلونة
مع ريال مدريد، خاض فيجو 245 مباراة، سجل خلاها 58 هدفا خلال 5 مواسم، وتوج بـ 7 بطولات، أهمها دوري أبطال أوروبا 2002.
في 2017، بعد 17 عاما، تعرض برشلونة لطعنة أخرى مشابهة.. باريس سان جيرمان فعّل الشرط الجزائي في عقد نيمار.. لحسن الحظ لم يكن ريال مدريد هو الفريق الظافر به هذه المرة، لكنه مجددا، لم يحسن استخدام الأموال، وأنفقها في صفقات فاشلة.
اقرأ أيضا:
ماذا تغير في المصري والإسماعيلي قبل العودة؟
مؤتمر كلوب: مشادة لامبارد؟ لسنا مغرورين
الاتحاد السكندري يعدد مشاكله قبل مواجهة الزمالك
قائد ليفربول: صلاح رفع سقف الطموحات
جوارديولا: هذه الجائزة دائما لـ ليفربول