مارسيلو بييلسا ونيويلز أولد بويز.. مجموعة من أطفال الشوارع أصبحوا أبطالا
السبت، 18 يوليه 2020 - 00:19
كتب : إسلام أحمد
منذ 30 عاما بدأ مارسيلو بييلسا مسيرته التدريبية مع نيويلز أولد بويز الأرجنتيني، بداية تاريخية لمشوار المدرب الأرجنتيني، واليوم قاد ليدز يونايتد للعودة إلى الدوري الإنجليزي بعد 16 عاما من الغياب.
المدرب المعروف بـ "المجنون" أو "لوكو" بالإسبانية كان دائما ما يفضل الأداء على فريق ملئ بالنجوم لذلك لن تجده درب فرقا كبيرة وتجربته الأقوى على مستوى الأسماء كانت مع منتخب الأرجنتين ويصنفها البعض بالغير ناجحة.
عائلة بييلسا معروفة في روزاريو مسقط رأسه فوالده رافائيل محام، ووالدته ليديا معلمة، وعمته وزيرة للعلاقات الخارجية وشقيقته نائب حكام مقاطعة سانتا فيه.
ولتعرف لماذا هو مجنون، فلقد هرب من نافذة في الدور الأرضي تاركا حصة تعليم البيانو للعب كرة القدم مع أصدقائه.
بييلسا كان مدافعا عاديا واستمرت مسيرته في الملاعب فقط لـ 5 مواسم ولعب فقط لمنتخب الأرجنتيني الأولمبي لأنهم فقط اختاروا لاعبي نيويلز أولد بويز بدلا من تكوين منتخبا لمحاولة التأهل لأولمبياد مونتريال 1976 وفشلوا.
مسيرة بييلسا التدريبية بدأت بعمر الـ 27 عاما مع فريق جامعة نيويلز أولد بويز في منتصف الثمانينيات.
لكن قبل أن يبدأ عمله مع 20 لاعبا كانوا في أصل 3000 لاعب شاهدهم ليختار الأفضل.
في ذلك الوقت النادي لم يكن يقدر على منافسة بوكا جونيوز على الصعيد المادي، رئيس أكاديمية النادي خورخي جريفا وضع خطة مع بييلسا لضم أفضل المواهب الشاب.
بييلسا سافر طيلة 3 أشهر بسيارته فيات 147 لمشاهدة الأطفال في مدينة أفيلانيدا الساحلية، في النوادي والمدارس.
وفي أحد مباريات المدارس شاهدوا طفلا زائد الوزن في بطولة إقليمية، هذا الولد يُدعى "جابرييل عمر باتيستوتا".
وفي ليلة شتوية في الواحدة صباحا، وصلوا إلى أحد المنازل الريفية وطرقوا على شباكه واعتقدت السيدة في الداخل أن بييلسا وجريفا لصوصا، لكنهم أخبروها بأنهم أصدقاء ماوريسيو بوكتينيو ويبحثون عنه وعندما دخلوا لغرقته كان نائما، بييلسا طلب من (مدرب توتنام السابق) أن يريه ساقيه ثم نظر إلى جريفا وقال له "إنه يبدو لاعبا لكرة القدم".
حاول بييلسا اقناع بوكيتينو بالتوقيع لكنه رفض وفضل اللعب لروزاريو سنترال، وحده جده من أقنعه بالسفر إلى نيويلز لخوض مباراة تجريبية.
وبعد 3 ساعات من السفر بالحافلة شارك بوكتينيو فقط في أول 5 دقائق، وطلب منه بييلسا أن يخرج من أرض الملعب ولم يفهم بوكيتينو ماذا حدث؟
اللاعب الأرجنتيني "لقد عرف أنني سأكون لاعبه بعد مشاهدتي لـ 5 دقائق فقط".
بعدها ضم بييلسا أيضا إدواردو بيريزو، وريكاردو لوناري بطرق مشابه.
باتيستوتا قال لمجلة FourFourTwo: "عندما وصلت، كنت سمينا - الأمر بهذه البساطة، لقد أحببت بالسكويت الفاخر. أول شيء فعله بييلسا هو التخلص منهم وتعليمي أن أتدرب تحت المطر. لقد كرهته لذلك ".
بينما قال بوكتينيو "لقد ساعدني في العثور على إجابات على أرض الملعب".
كما طلب بييلسا من لاعبيه الشباب أن يكونوا مثل الكشافين لجلب زملاء لهم، وسرقة منازلهم فمنهم من سرق عصا المكنسة من أجل استخدامها في التدريبات من أجل مراوغتها لمواجهة ضعف موارد النادي المادية.
بوكيتينو يواصل علاقته بـ بييلسا رغم المصاعب التي واجهها "أحد المفاتيح التي تميز القائد هو أنه يجب أن يكون محبوبا من أجل الفوز وليس الفوز من أجل أن يكون محبوبا".
الفريق الأول
في منتصف الثمانينيات كان نيويلز بخير فحقق وصافة لقب الدوري الأرجنتيني موسم 1985-86 و1986-87 تحت قيادة لاعبه السابق خورخي سولاري وفازوا باللقب في موسم 1987-88 تحت قيادة خوسيه يودكا.
وفي نفس الموسم خسروا نهائي كوبا ليبرتادوريس 1988، وفي نفس العام حاز بييلسا على لقب دوري الشباب، وعلى الرغم من نجاح الفريق الأول إلا أن المستوى تراجع واحتل الفريق المركز الـ12 مرتين متتاليتين.
فقرر مدراء النادي تجديد دماء الفريق فنيا، والهدف الأول كان موازنة نقاط الفريق لمواجهة شبح الهبوط "انظر مارسيلو الهدف الأول هو بقاء الفريق في الدرجة الأولى، والبقية سوف نناقشها لاحقا"، هذا كان طلب ماريو جارسيا إريا رئيس النادي من بييلسا عقب تعيينه مديرا فنيا.
* في الأرجنتين الهبوط بحساب متوسط نقاط الفريق في آخر 3 مواسم.
الفريق بدأ يفقد عددا من عناصره الشابة، جابريل باتيستوتا ثم روبرتو سينسيني وخورخي تيلي وسيرخيو ألميرون وأبيل بالبو بالإضافة إلى فيكتور راموس أحد أعظم هدافي النادي تاريخيا.
وبييلسا صعّد عددا كبيرا من اللاعبين الشباب الذي سبق له تدريبهم للفريق الأول، وكذلك أعطى الفرصة لكل من خوليو سالدانا وإدواردو بيريزو وماوريسيو بوكيتينيو (كان بعمر الـ 17 عاما حينها) وضم كريستيان روفيني وفي العام التالي ضم فيرناندو جامبوا.
الفريق أيضا كان يضم ثلاثي مخضرم هم جيراردو "تاتا" مارتينو والحارس نوربرتو سكوبوني والمدافع خوان مانويل لوب، جميعهم لعب للفريق لمدة تقارب الـ 10 سنوات في النادي.
الدوري الأرجنتيني 1990-91
بعد سنوات من النظام اللاتيني عاد الدوري الأرجنتيني للنظام الأوروبي، بطل مرحلة أبرتورا يلتقي مع بطل مرحلة كلاوسورا في المباراة النهائية لتحديد بطل الموسم.
بعمر 35 عاما صار بييلسا أصغر مدرب في الدوري، وبدأ بخطة 3-3-1-3، وفي التدريبات استند على 120 حالة هجومية وكيف يستعيد اللاعبون الكرة حال فقدانها.
بييلسا يقول"يمكن تلخيص عملي الدفاعي في عبارة واحدة: كلنا نركض، إن عملية استعادة الكرة لها خمس أو ست قواعد رئيسية، وهذا كل شيء. الهجوم غير محدد، لا ينتهي. لهذا السبب الدفاع أسهل من الهجوم".
جامبوا قال أنه أراد أن يجعلهم "مجموعة من أطفال الشوارع الذين أصبحوا أبطالا"، بعدما كان يشاهد أريجو ساكي وهيمنته على الألقاب مع ميلان الإيطالي أوروبيا ومن قبله رينوس ميتيلشز مع أياكس في السبعينيات.
بداية الفريق كانت غير منتظمة على مستوى النتائج في مرحلة أبرتورا مع هزيمتين حتى الجولة السابعة، وبعد الخسارة من ريفر بليت تحول الفريق.
بييلسا صار مقعده ليس مضمونا، ويحكي رافائيل أنطونيو شقيق بييلسا أنه قال قبل مباراة الدربي أمام روزاريو "إذا سجلنا 5 أهداف قد أقطع أحد أصابعي".
وواصل "لقد رأيت الحدّة في عينه، الكثير من المداولات ، الكثير من الشعور بالوحدة".
نيويلز عاد بانتصار ثمين كان بداية قلب الأوضاع بنتيجة 4-3 في الدربي أمام روزاريو سنترال خصمه الأبدي أمام أنصاره.
بعد الانتصار سافر أنطونيو إلى روزاريو من أجل التأكد من أن بييلسا لم يقطع أحد أصابعه كما قال.
مارسيلو في تلك المباراة لم يمنح خصمه فرصة للتنفس وضغط عليهم بكل قوة مغطيا كافة مساحات الملعب، وجاءت 3 أهداف من ركلة جزاء وركلتين ثابتتين.
فوز تبعه 3 تعادلات وتبقت 8 جولات على نهاية المرحلة، ففازوا في 6 مباريات من 8 وتعادلوا في 2.
الجولة الأخيرة الصراع على صدارة المرحلة كان بين ريفر بليت ونيويلز، في ذلك الوقت كان ريفر بليت حامل اللقب وسيخوض الجولة الأخيرة أمام فيليز سارسفيلد وحارسه ألبادو فيلول سيعلن اعتزاله عقب تلك المباراة.
في المقابل كان الفوز على سان لورينزو هو هدف بييلسا للفوز بالمرحلة، لاعبو الفريق كانوا دون خبرة وسقطوا في فخ الضغوط والمباراة انتهت بالتعادل 1-1.
بييلسا خرج من الملعب رفقة اللاعبين، وظل فابيان جارافنولي مدافع الفريق يستمع مرتديات السماعات عبر الراديو لمباراة ريفر بليت وفيليز وظل لمدة 6 دقائق دون أن يتحدث والكل ينظر له.
ومن ثم خلع قميصه وأخذ يركض بعدما انتهت المباراة الأخرى بخسارة ريفر بليت 2-1 وفيلول تصدى لركلة جزاء حاسمة.
في ذلك الوقت خرج بييلسا راكضا من الملعب إلى الشارع.
بييلسا قال "نحن نعاني، لكن يبدو أنه لن يكون نيويلز إن لم يعان، خرجت من الملعب كنوع من التشوق الذي احتاجه، عندما سمعت بكاء الناس كان هذا أفضل شعور في حياتي، أنا هنا منذ 25 عاما وأحب هذا النادي".
"في بعض الأحيان يتساءل شخص ما لماذا المباريات مرهقة للغاية، ولماذا تتطلب الكثير. والجواب في رأيي: لأنه يعطيك كل شيء في المقابل. آمل أن أمتلك الطاقة لمواصلة الاحتفال".
في مرحلة كلاوسورا فاز الفريق في 6 مباريات فقط من ضمنها رباعية أخرى أمام خصمه التقليدي وتلك المرة 4-0، وأنهى المرحلة في المركز الثامن وحقق بوكا جونيورز الصدارة بفضل أهداف باتيسوتا.
حتى أن أداء الفريق تراجع في الجولات الأخيرة إذ لم يحقق أي انتصار وخسر من بوكا جونيورز في الجولة قبل الأخيرة 1-0، قبل مواجهة المباراة النهائية الحاسمة.
باتيستوتا لم يخض المواجهتين الحاسمتين نظرا لاستدعائه للمشاركة مع منتخب الأرجنتين، بينما غاب داريو فرانكو وجامبوا عن صفوف نيويلز.
في مباراة الذهاب فاز نيويلز بفضل هدف إدواردو بيريزو وفي الإياب على ملعب لابومبونيرا كان الحسم.
فاز بوكا جونيورز بهدف دون مقابل ولجأ الفريقين لركلات الترجيح وحسم سكوبوني حارس المرمى بفضل تألقه فوز بييلسا بأول ألقابه التدريبية.
الموسم الثاني
في دوري 1991-92 الفريق عانى بشدة فقد احتل المركز الـ 18 برصيد 15 نقطة بعد تحقيق 3 انتصارات وتعادل في 9 مباريات.
بعد الخسائر الأولى في الموسم والتي لم تكن تتعدى الـ 1-0 دعا بييلسا اللاعبين إلى معسكر تدريبي مع التركيز فقط على ألا ينهوا المرحلة في المركز الأخير. وافق اللاعبون، مدركين لما ينتظرون. كانوا يعيشون في عزلة تامة لا يفعلون إلا القليل ولكن يأكلون ويتدربون.
وفي ظل ذلك خسر أمام سان لورينزو تحت أنظار جماهيره بنتيجة 6-0 في كوبا ليبرتادوريس في أول مباراة له قاريا بدور المجموعات.
اختبأ بييلسا في غرفة الفندق، وأغلق الستائر وبدأ في البكاء. كان عمله يضيع. قال: "لم أستطع أن أفهم ما كان يحدث من حولي".
في تلك الفترة نفسها، قيل أن مجموعة من المشجعين الغاضبين تجمهروا في منزله، وعندها خرج بييلسا ممسكا قنبلة يدوية وهدد بسحب الدبوس.
وبعدها ظل الفريق 14مباراة دون خسارة في البطولة كرقم قياسي.
وضم الفريق كل من خوليو روسي، وألفريدو بيرتي والباراجوياني ألفريدو ميندوزا، ليتحول شكل الفريق مرة أخرى.
في مرحلة كلاوسورا 1992 بدأ الفريق يقف على أقدامه مجددا، ورغم صعوبات السفر إلى تشيلي ورفض تأجيل مباراة الدربي أمام روزاريو إلا أن الفريق فاز بهدف دون مقابل في مباراة لم تكتمل بسبب شغب جماهير روزاريو.
تواصل مشوار الفريق في الدوري دون خسارة ففازوا على ريفر بليت بخماسية دون مقابل على ملعب مونيمنتال، ثم عادوا بتعادل ثمين أمام بوكا جونيورز في لابومبونيرا، وأنهوا المرحلة بخسارة واحدة وتوجوا بلقب الدوري الخامس في تاريخ النادي بفارق نقطتين قبل جولتين من النهاية عن فيليز سارسفليد.
أما في كوبا ليبرتادوريس تفوقوا على ديفنسور سبورتينج الأوروجوياني في دور الـ 16 ثم سحقوا سان لورينزو برباعية دون مقابل على أرضهم في ربع النهائي ردا على خسارة دور المجموعات.
مشوار الفريق تواصل بالتفوق على أمريكا دي كالي الكولومبي في المربع الذهبي ومقابلة ساو باولو الرهيب بقيادة تيلي سانتانا لكنهم سقطوا بركلات الترجيح بعدما حقق كل فريق الفوز.
وفشل بييلسا في تحقيق حلمه في أن يصبح بطلا للقارة ويُتوج بلقب بطل أمريكا الجنوبية ويصبح من ساكي.
بعد حصد لقب الدوري للمرة الثانية (نصف ألقابه في مسيرته التدريبية) أشار إلى أن نجاح المجموعة يأتي من التدريبات مشيرا إلى ملعب تدريب الفريق ومن ثم أعلن استقالته، ليبدأ تجربة جديدة في المكسيك.
كل ما فعله الفريق عبر تاريخه لن يُنسى، ومر عليه أسماء عظيمة ارتدت قيمصه حتى عندما ضموا مارادونا في 1993، لكن ما قدمه بييلسا جعل النادي يُغير اسم ملعب من كولوسو ديل باركي في 2009 رسميا إلى ملعب مارسيلو بييلسا.
* بييلسا أثناء تكريمه بعد تغيير اسم الملعب باسمه في 2009
اقرأ أيضا:
الأهلي يوضح موقفه من باهر المحمدي
مرتضى يتحدث عن شرط مشاركة الزمالك في الدوري