كتب : فادي أشرف
ويليام لامار بين، لاعب كرة قاعدة (Baseball) كان من المتوقع له أن يكون نجما كبيرا، إلا أن مسيرته الرياضية كلاعب لم تسر كالمتوقع للاعب انضم لنيويورك ميتس أحد عمالقة تلك الرياضة كاختيار أول في عملية Draft، التي ينضم منها اللاعبين الشباب من فرق الجامعات إلى فرق المحترفين.
بين لم يلعب سوى 5 سنوات بشكل احترافي، واتجه بعدها للعمل المؤسسي في نفس الرياضة مع الفريق الذي أنهى مسيرته معه، أوكلاند أثليتيكس، كمدير رياضي اعتمد بشكل كامل على الإحصائيات لتكوين فريقا ينافس على بطولة MLB.
الفريق نافس بالفعل ووصل للدورة النهائية لتحديد البطل بين 2000 و2003، ولكنه خسر في النهاية، ويظل الفريق الوحيد في التاريخ الذي لم يخسر في 20 مباراة متتالية في دوري المحترفين.
الأمر الأهم، هو أن رواتب أوكلاند كانت ضمن الأقل في المسابقة واستطاع بهذه الطريقة المعتمدة على الإحصائيات فقط لا غير منافسة أصحاب الميزانيات العملاقة.
من شاهد فيلم Moneyball (إنتاج عام 2011، من إخراج بينيت ميلر وبطولة براد بيت) يعرف من هو بيلي بين بالتفصيل، ولكن ما لا يعرفه الكثير هو أن بين تحدث من قبل عن إمكانية تطبيق نظريته في كرة القدم قائلا: "كرة القدم لعبة ديناميكية للغاية بعكس كرة القاعدة التي تعتمد على الإحصائيات بشكل كبير وكل أبعادها يمكن قياسها. في كرة القدم هناك تفاصيل صغيرة وتعاملات وتفاهمات بين اللاعبين ليست موجودة في كرة القاعدة ولا يمكن قياسها".
من أكثر المتحمسين لتجربة بين، مالك ليفربول، الأمريكي جون هنري، وقرار واحد من هنري سيكون سببا في تعزيز نظرية بين، وتحطيمها في نفس الوقت، مع ظهور مميز لنجمنا المصري محمد صلاح.
خلف كواليس ليفربول، سلسلة يقدمها FilGoal.com بمناسبة تتويج الريدز بلقب الدوري الإنجليزي، وفيها نستعرض ما يحدث داخل كواليس النادي العريق، والنظام الذي أنتج لكرة القدم ذلك الفريق الرائع.
الحصول على دكتوراه في فيزياء البوليمرات من كامبريدج أمر لم يرض طموح إيان جراهام في مطلع 2005، بعد سنوات أمضاها في الدراسة الجامعية والسلك الأكاديمي.
يحكي جراهام لـ نيويورك تايمز: "كل الإنجازات الكبرى في هذا المجال حدثت في السبعينيات، أي شيء ستفعله سيكون مجرد تقدم بسيط على الإنجاز الأكبر".
الواقعة التي غيرت مستقبل جراهام، وربما مستقبل كرة القدم برمتها، كانت عندما عرض أحدهم وظيفة على جراهام في شركة ناشئة متخصصة في الإحصائيات الرياضية مع طموح للعمل مع فرق كرة القدم في إنجلترا.
بعد 15 عاما من تلك الواقعة، جراهام أصبح مدير أبحاث البيانات في ليفربول، وقائد فريق من 6 محللي بيانات، يبحثون في كل شيء، بدء من إحصائيات قبل وبعد المباراة، وانتهاء بالصفقات المحتملة.
بين 2008 و2012، أصبح توتنام ضمن عملاء الشركة التي يمثلها جراهام، ولكن أي من المدربين الذين قادوا النادي في ذلك الوقت، هاري ريدناب وآندري فياش بواش، لم يتحمسوا لاقتراحات جراهام المعتمدة كليا على الإحصائيات، تماما مثلما فعل بيلي بين في أوكلاند.
في ذلك الوقت، قام الأمريكي هنري، مالك مجموعة فينواي، بشراء ليفربول، وتعيين جراهام لخلق إدارة شبيهة بإدارة بين في أوكلاند.
رد الفعل دائما على اقتراحات جراهام، بحسب باري هانتر مدير الكشافين في ليفربول.، هو "هؤلاء الشباب مع الحواسب المحمولة، لا يعرفون شيئا عن كرة القدم".
هانتر أضاف "ما قاله بين عن تطبيق نظريته في كرة القدم وعدم جدوى ذلك، أمر قيل لجراهام كثيرا".
ربما لم يهتم جراهام، واستمر في البحث عن تلك الصفقة التي ستجعله هاما بالنسبة لليفربول.
هانتر أكمل "في أحد الأيام، وجدت جراهام مع حاسوبه يقوم بإذاعة بعض الإحصائيات عن طريق كشاف ضوئي على شاشة أمامنا. إحصائيات بسيطة مثل عدد الأهداف ومعدلها قياسا بالدقائق، والفرص المصنوعة، وكذلك إحصائية الأهداف المتوقعة xG. فوجئت بأن جراهام يستعمل تلك الإحصائيات البسيطة، ولكنه قال لي، أحيانا الأمر لا يستدعي التعقيد".
بعد فترة غير مثمرة مع تشيلسي، رحل محمد صلاح إلى فيورنتينا ثم روما. الكل يتذكر أن فكرة عودة صلاح إلى إنجلترا عن طريق ليفربول لم تكن محل ترحيب كبير من المتابعين، الذين شككوا في إمكانية تحقيق المصري للنجاح في إنجلترا.
"هناك فكرة تقول إن صلاح فشل في تشيلسي، هذا أمر لا أتفق معه. أرى أنه قدم أداء مماثلا لما قدمه في سويسرا مع بازل، ومع فيورنتينا وروما بعد ذلك. الـ500 دقيقة التي لعبها مع تشيلسي هي فترة بسيطة للغاية من مشواره الكروي. قد نعتبرها أدلة طفيفة ضد جودته، لكنه معوضة بـ20 ضعفا من البيانات في آلاف الدقائق التي لعبها قبل وبعد تشيلسي، الفكرة التقليدية تقول إن اللعب في إنجلترا مختلف عن أي مكان في العالم، ومن هنا أنا أرى فرصة، هناك عدم كفاءة في هذا النظام الإحصائي".
تلك المعطيات جعلت جراهام ينصح بضم صلاح، وهو ما حدث عكس رغبة يورجن كلوب الذي كان يفضل ضم جوليان براندت كخيار أول.
البيانات التي خرج بها جراهام، وكانت سببا رئيسا في دفع النادي لـ41 مليون دولار لضم صلاح، افترضت أن صلاح سيقدم ثنائيا مبهرا مع روبرتو فيرمينو، لأن البرازيلي يخلق عددا كبيرا من الأهداف المتوقعة، وصلاح لديه أكبر نسبة تحويل تلك الأهداف المتوقعة لأهداف.
بالتالي، سجل صلاح 32 هدفا في موسمه الأول في الدوري مع ليفربول في تطبيق حي لصحة نظرية جراهام، وأن بيلي بين كان مخطئا عندما قال إن تطبيق الأمر صعب في كرة القدم.
وما يثبت أن ما حدث لم يكن ضربة حظ، فإن صلاح مستمر في التهديف بلا توقف منذ انضمامه إلى ليفربول.
صفقة صلاح هي نموذج واضح لما يقدمه جراهام لليفربول، ولكن إذا أراد جمهور ليفربول أن يختار أكبر عملية تدخل فيها جراهام وكانت سببا في النجاح المبهر الذي يقدمه الفريق، فقد يميل البعض لما حدث مع فيليبي كوتينيو.
إحصائيات جراهام كانت مع ضم كوتينيو من إنتر ميلان، ودفع ليفربول 16 مليون دولار للحصول عليه.
بعد فترة تألق مع ليفربول، دفع برشلونة 170 مليون يورو لليفربول للحصول عليه، وبغض النظر عن مسيرة كوتينيو بعد ليفربول، فإن بسبب الاستثمار في البرازيلي الصغير آنذاك، استطاع ليفربول ضم أليسون بيكر وفيرجيل فان دايك وفابينيو، 3 صفقات محورية في مسيرة ليفربول.
طالع أيضا
وداعا لـ30 عاما من الألم.. ليفربول بطل الدوري الإنجليزي
سجل أبطال الدوري الإنجليزي بعد تتويج ليفربول
شاهد - احتفالات لاعبي ليفربول باللقب