صُناع كرة القدم - مرحبا بكم في واقع جديد.. كيف سيتأثر سوق الانتقالات المصري بفيروس كورونا
الإثنين، 18 مايو 2020 - 13:26
كتب : فادي أشرف
الأرقام تصاعدت بشكل مخيف، الإنفاق زاد لكن الأرباح شجعت الكل على ذلك.
ولكن، مع نهاية العام الماضي، ظهر فيروس كورونا ليغير كل شيء في حياتنا، وكرة القدم بالطبع ليست استثناء لذلك، مرحبا بكم في واقع جديد، وحلقة خاصة من سلسلة صناع كرة القدم، تناقش كيف سيكون سوق الانتقالات المصري مع تأثيرات توقف النشاط، وإيرادات الأندية؟
دفعت الأندية المصرية حوالي 74 مليون دولار مجتمعة في انتقالات موسم 2018/2019 بحسب ما تم رصده عبر المواقع المتخصصة في هذا الشأن مثل ترانسفير ماركت، وتلقت 38 مليون دولار، الرقم الذي قل في الموسم التالي إلى حوالي 15 مليون دولار وتلقت الأندية ثلث هذا المبلغ في ذات الموسم.
أما التقرير السنوي لنظام TMS التابع للاتحاد الدولي لكرة القدم فيقول إن الأندية المصرية في عام 2018 دفعت 33.7 مليون دولار في صفقات استقدام لاعبين من خارج الدوري، ليكون الدوري صاحب المركز الـ24 بالنسبة لترتيب أكثر الدوريات دفعا للأموال لاستقدام لاعبين من الخارج.
لوضع ذلك الرقم في سياق أوضح، فكل اتحادات إفريقيا دفعت حوالي 41 مليون دولار في صفقات خارجية، أندية الدوري المصري وحدها مسؤولة عن 33.7 مليون دولار من ذلك المبلغ.
رقميا، يمكن تصنيف السوق المصري كسوق ضخم، بعيدا حتى عن سوق الانتقالات، ولإثبات ذلك، إليكم الأرقام التالية:
في أكتوبر 2018، وقع الأهلي عقدا للرعاية مع شركة برزنتيشن وصل إلى 510 مليون جنيه على 4 سنوات، فيما وقع عقدا لبيع حقوق البث بـ400 مليون جنيه في نفس المدة الزمنية.
في حين أعلن مرتضى منصور رئيس الزمالك أن قيمة عقد الرعاية مع نفس الشركة وصل إلى 120 مليون جنيه في الموسم لمدة 4 سنوات كذلك، أي 480 مليون جنيه.
نفس الشركة وقعت عقدا لرعاية اتحاد الكرة لمدة 5 سنوات في عام 2017 مقابل 405.5 مليون جنيه، قبل فسخ التعاقد مؤخرا.
وفي أكتوبر 2018، صرح عمرو وهبي المدير التنفيذي لشركة برزنتيشن لجريدة "البورصة" الاقتصادية، أن استثمارات الشركة التي ترعى معظم أندية الدوري المصري، ولديها حقوق البث لأغلبيتها، وصلت إلى 1.45 مليار جنيه.
ما هي المشكلة في الأساس؟
من الممكن أن نعتبر كرة القدم كلوحة إعلانات كبيرة، لهذا ترتفع قيم الرعاية بها بشكل كبير، لحجز مكان لشركة أو مشروع أو منتج على تلك اللوحة، ولأن تلك اللوحة تدخل كل بيت من خلال التلفزيون على الأقل - ناهيك عن الحضور الجماهيري في حال وجوده – ترتفع قيمة بيع حقوق بث تلك اللوحة الإعلانية الضخمة.
وفي لحظة من الزمن، ولظرف قهري، اختفت تلك اللوحة.
الأهلي على سبيل المثال، حقق فائضا وصل إلى 322 مليون جنيه في ميزانيته السابقة، ما يشير إلى أنه في نوفمبر 2019، أي قبل 6 أشهر فقط، يعيش حالة استقرار ورخاء مالي كبيرة.
بعد 6 أشهر فقط من ذلك التاريخ، يصرح العامري فاروق نائب رئيس النادي عبر قناة أون تايم سبورتس، بأنه "لابد من استيعاب صعوبة إلغاء النشاط الرياضي في مصر لتوابعه المادية على كافة الأصعدة، الأهلي قد يدخل أزمة مالية في يوليو إذا استمر توقف النشاط، النادي يتحمل 360 مليون جنيه سنويا مرتبات عاملين ونعمل على حلول من أجل تخطي الأزمة في ظل توقف النشاط".
نحن هنا نتحدث عن ناد في الأساس كان يعيش فترة من الاستقرار المالي بل ويبحث عن الاستثمار في مشاريع مثل فروع جديدة، وصار على شفا الدخول في أزمة مالية، فماذا عن الأندية الأصغر في الميزانيات؟
في يوم من الأيام ستعود تلك اللوحة الإعلانية، لكن كيف ستعود، وكيف سيؤثر ذلك على إيرادات الأندية وبالتالي ما تفعله في سوق الانتقالات؟
يرى نادر خليل مدير التسويق السابق في الأهلي، أن إيرادات الأندية ستتأثر بشدة حتى مع عودة النشاط الرياضي.
يشرح خليل لـFilGoal.com: "صفقات حقوق البث والرعاية ستعود لقيمتها الحقيقية بعيدا عن المبالغات. الكل سيبحث عن ترشيد نفقاته بالتالي سيحاول دفع القيمة الحقيقية فقط مقابل أي أصل من أصول الرعاية".
وأضاف "التأثير سوف ينتقل بشكل متسلسل، الوكالة التي ستحصل على حقوق البث ستعرض قيمة أقل من القيم الحالية، لأن القنوات الناقلة التي ستشتري منها تلك الحقوق ستحصل على عائد أقل من المعلنين الذين اضطروا إلى ترشيد نفقاتهم، وبالتالي القنوات سوف تضع حدا أقصى مقابل حقوق البث، نفس الأمر بالنسبة لحقوق الرعاية".
هذا بحسب خليل، سيؤثر بشكل كبير على دخل الأندية.
محمد مصيلحي رئيس الاتحاد السكندري، أحد أنشط الأندية في سوق الانتقالات المصري مؤخرا، قال لـFilGoal.com: "كل الأرقام التي نراها في عقود اللاعبين المحليين أو المحترفين أو الأجهزة الفنية حاليا، ستتغير تماما".
وأضاف رئيس النادي الذي أبرم 23 صفقة انتقال قبل انطلاق هذا الموسم "بالنسبة لي، فإن الأمر سيصل للاعبين أصحاب العقود السارية وليس الذين نستقدمهم. في العام المقبل على الأقل سأحاول تعديل العقود السارية لتقليل قيمة العقود".
وأتم "الأمور كلها ستتغير، الاقتصاد تأثر في كل المجالات وليس فقط كرة القدم".
مصيلحي نقل النقاش لمنطقة أخرى، هي موافقة أي لاعب من عدمها على تخفيض عقده في ظل الأزمة المالية، وهي مناقشة فردية بحتة، وكل لاعب سيكون لديه خطط خاصة ورؤية متفردة. لكننا اتجهنا لمجدي عبد الغني رئيس جمعية اللاعبين المحترفين المنوطة نظريا بالدفاع عن حقوق اللاعبين.
يقول عبد الغني لـFilGoal.com: "الاتحاد الدولي يعطي رخصة التفاوض على العقود بسبب الظرف القهري، ولا أظن أن هناك لاعبا سيتمسك بقيمة عقده في ظل توقف النشاط، خاصة أن النادي لا ذنب له فيما حدث".
وأردف "اللاعبون سيوافقون على تخفيض عقودهم لأن النادي في الأساس لن يقدر على الوفاء بمتطلباته ناحيتهم في حال عدم حدوث ذلك".
وأتم "لو جاء لنا لاعب بشكوى ضد ناديه، سنبحث فيها بشكل طبيعي، لكننا لا ننحاز للاعب ظالما أو مظلوما، نبحث في أوراق الشكوى ونأخذ القرار بحسب ذلك".
قدرت شبكة سكاي سبورتس سوق الانتقالات الصيفي في أوروبا بحوالي 20 مليار يورو، ذلك الرقم سيقل – بحسب نفس الشبكة - على الأقل بـ6 مليار يورو بسبب عدم حصول الأندية على جوائز إنهاء الدوري، وتجميد صفقات البث، وغياب إيرادات يوم المباراة، أي أن الأموال التي يتم ضخها في السوق ستقل بنسبة 30%.
إذا طبقنا نفس النسبة المئوية على السوق المصري، مع الوضع في الاعتبار أن الوضع في مصر أسوأ لغياب إيرادات يوم المباراة وتفاوت القوة الاقتصادية للأندية مقارنة مع الأندية الأوروبية، فعلى أفضل تقدير ستقل الأموال المدفوعة في سوق الانتقالات المصري إلى 10 ملايين دولار.
لكن نقص السيولة المادية ليس السبب الوحيد في الخسائر التي سيعاني منها سوق الانتقالات، بحسب شريف إسلام مدير التسويق والتعاقدات في نادي الزمالك.
"مصادر الدخل متأثرة بكل تأكيد، ومن ضمن تلك المصادر هو إيرادات بيع اللاعبين".
يشرح إسلام لـFilGoal.com: "اختلاف توقيتات فترات القيد خاصة لو الأمر متعلق بلاعب سنبيعه لناد خارجي، سيؤثر جدا على السعر الذي سنحصل عليه. فلنفترض لو أننا في تفاوض على بيع لاعب لناد خارجي ستنتهي فترة القيد لديه بعد أسبوعين، بينما مثلا نحن أمامنا يومين على نهاية فترة القيد، سيصبح للنادي الخارجي اليد العليا في التفاوض بسبب توافر عامل الوقت لديه".
وأضاف "نفس الأمر في حالة الشراء، إذا توافر لدي عامل الوقت سأستطيع التفاوض للوصول لرقم مقبول، أو إذا كان الوقت أمامي غير متوفر سأضطر لدفع الرقم المطلوب من قبل النادي البائع، ذلك أمر هام يجب وضعه في الحسبان".
شريف إسلام طرح النموذج التونسي في هذه المشكلة، حيث فرض الاتحاد التونسي لكرة القدم تقديم شهادات تأمين جديدة لكل لاعب ينتهي عقده بنهاية الموسم الجاري، بالتمديد إلى شهر سبتمبر بالإضافة لاستظهار النادي بما يفيد دفع أجور اللاعب إلى نهاية فبراير ونصف الأجور عن شهري مارس وأبريل الماضيين، في محاولة لحفظ حقوق النادي واللاعب.
أكمل إسلام "يجب أن يكون لدينا أفكار خارج الصندوق لمحاولة إنقاذ السوق، أقترح أن يحدد اتحاد الكرة فترة القيد والانتقالات المقبلة بشكل يكون هناك فيه تقاطع مع الدول الأوروبية التي عادة ما يخرج إليها اللاعب من الدوري المصري، ودوريات شمال إفريقيا، والدوريات الإفريقية الأخرى، وأن تكون تلك الفترة مربوطة بنهاية البطولات التي نشارك فيها مع تلك الأندية مثل دوري أبطال إفريقيا".
وأردف إسلام "من المفترض بشكل عام أن الأسعار ستقل، لأن حتى الأندية التي تملك قوة شرائية كبيرة تمر بأزمات، الكل يعاني من مشاكل. أتصور أن أسعار اللاعبين ستقل بنسبة كبيرة".
إسلام أوضح "الأسعار في مصر عموما متضخمة، لأنه لا يوجد رابط بين إحصائيات اللاعب أو أدائه، وسعره، التسعير يتم بناء على (خناقة أو مزاد)، ربما الظروف الحالية ستساعد على تهدئة ذلك الأمر".
وأكمل "مداخيل الأندية كلها قلت بنسبة كبيرة، التوجه بشكل عام سيكون ناحية الصفقات التبادلية. أشك بنسبة كبيرة أن يدخل الزمالك والأهلي في مزايدة على لاعب في هذا الصيف، ليس فقط بسبب قلة المداخيل".
وأتم "لا يوجد استفادة من الدخول في مزايدة على لاعب في الوقت الحالي. الزمالك مثلا يشتري ما يحتاجه، ومن مصلحته الذهاب لضم لاعب لا يوجد صراع حوله للحصول عليه بسعر منطقي".
ما يراه صناع كرة القدم من مستقبل للسوق، قد يمنح المتابع صورة قاتمة، ولكنها تظل فرصة لإصلاح الأمور الخاطئة في السوق، مثل الاستثمار غير المجدي والأسعار المبالغ فيها والتضخم غير المبرر في العقود.
أجرى الحوار مع محمد مصيلحي: هاني العوضي
اقرأ أيضا
في الجول يكشف تواريخ عودة الدوري وفق توصيات اللجنة الطبية لوزارة الرياضة