كاكا و4 أسئلة هامة.. محاولة للاحتفاء بعبقرية كروية نادرة

بعض اللاعبين يحتفظون بمكانة دون غيرهم، امتلكوا موهبة أمتعت أعين الجماهير وعلقت قلوب مشجعي أنديتهم ونالت إعجاب وتقدير منافسيهم.

كتب : إسلام مجدي

الأربعاء، 22 أبريل 2020 - 15:13
كاكا

بعض اللاعبين يحتفظون بمكانة دون غيرهم، امتلكوا موهبة أمتعت أعين الجماهير وعلقت قلوب مشجعي أنديتهم ونالت إعجاب وتقدير منافسيهم.

"لمدة عامين أو ثلاثة، كاكا كان أفضل لاعب في العالم، في مرحلة ما لم يكن لدى منافسينا فكرة عن كيفية إيقافه". أندريا بيرلو.

يمكننا أن نسرد الكثير من العبارات المشابهة، وسنفعل ذلك خلال الأسطر المقبلة، للاحتفاء بواحد من أفضل صناع اللعب الذين عاصرناهم مع بداية الألفية وظل في القمة لثلاث سنوات حقق فيها الكثير، يمكننا أن نصف موهبته بـ"العبقرية الكروية".

"هناك فتى يلعب لنادي ساو باولو، يدعى كاكا، يلعب خلف ثنائي الهجوم، لا تعلمون عنه شيئا في أوروبا، لكن شاهدوه إن تم اختياره للعب في كأس العالم". ريفالدو.

ريفالدو تنبأ لكاكا بمستقبل عظيم، في وقت كان يمزق فيه الدفاعات في إسبانيا، النجم البرازيلي شاهد مواطنه وعلم جيدا قيمة ما يقدمه، وأنه سيغزو أوروبا ويحولها لساحته التي لا يمكن لأحد مجابهته فيها.

إن أردنا أن نجد وصفا كافية أو كلمة تعني الموهبة التامة الفطرية فسنقول: كاكا.

لماذا يحتفظ كاكا بكل تلك المكانة الكبيرة لدى عشاق كرة القدم رغم قلة سنوات وجوده على القمة؟

الأسئلة الطبيعية التي قد تجول في بال المشجع، الأمر المنطقي ففي أوروبا لم يفز سوى بـ5 ألقاب مع ميلان ولقبين فقط مع ريال مدريد. لكن لنراجع سويا كيف كان يلعب وما كان يقدمه العبقري البرازيلي.

إن كان كريستيانو رونالدو رائع في السرعة والقوة والتركيز وميسي ممتاز في المراوغات وسرعتها وقدرته على الاختراق ضد أي تكتل دفاعي، كاكا كان يلعب بأسلوب رشيق للغاية يصعب تحديده بالكلمات، لكن سنحاول.

"سحر كاكا ليس من التحركات والمرواغات التي تخطف العين، لكنها مهارة مفيدة وخاصة للغاية تساعد الفريق وليس الشخص، أي أنها كانت من العناصر الحيوية غير الضائعة، تجده يفعل كل شيء لغرض يطوعها وفقا لمصلحة الفريق ككل". جابرييل ماركوتي الصحفي الإيطالي الشهير.

طريقة لعب كاكا كانت عبارة عن استعماله لعنصر المفاجأة والاستعداد التام لديه لاتخاذ أي خطوة، دائما ما كان يضرب الدفاعات بطريقة تسبب لهم الارتباك التام.

أسلوبه كان سلسل للغاية يمكنك أن تشاهد المقطع التالي لتفهم الفكرة العامة، يأخذ المدافع معه دائما عكس الاتجاه، وينطلق في مرحلة لا يمكن لأحد أن يلحقه بها.

كاكا كان يهاجم المساحة التي يمكنه أن يركض ويرواغ بها بذكاء شديد دون أن يتمكن خصمه من الحصول على الكرة، يترك لنفسه مساحة كافية لمفاجئة المدافعين، وعادة يقلب جسده عكس الاتجاه وعادة ما ينظر للأمام.

كان يتحكم بسرعته تماما، وبالطبع بكل تأكيد سيفاجئك بطريقة تطرحك أرضا إن كنت مدافعا ضده، نتذكر جيدا ما فعله ضد باتريس إيفرا وجابرييل هاينز.

بالطبع كان يمكنه اللعب بكلتا القدمين ويستخدم جسده لحماية الكرة والاحتفاظ بها، ودائما يلعب ما يمكننا أن نصفه به، الكرة السهلة البسيطة التي تجعلك تعتقد أنها كذلك وهي ليست كذلك بالطبع، ودائما من لمستين.

كل ما سبق هي محاولات لوصف ما رأته العين واستمتع به العقل من التفكير في موهبة كاكا المتميزة التي لم يكن لها مثيل في الفترة التي ظهر بها، مختلف بأسلوبه وقدراته.

بعيدا عن ذلك، كاكا كان طويل القامة ومقارنة بمركزه والأسلوب الذي لعب به، كان طويلا للغاية مقارنة بما يفعله، لكن لا يهم طوع إمكانياته لخدمة فريقه.

ما الذي يجعل كاكا فريدا من نوعه؟

للوهلة دعونا ننسى التيمة المعتادة، كاكا لم يكن ذلك الفتى الفقير الذي يعاني من صعوبات وارتقى سُلم الكرة وعانى للوصول لأهدافه، لم يُرفض في أكاديميات الأندية، قصته طبيعية للغاية بل وكان من أسرة ميسورة الحال.

الفتى ريكاردو إيزاكسون دوس سانتوس ليتي، سافر في سن صغيرة مع عائلته إلى مدينة ساو باولو ولأنها أسرة ميسورة الحال تمكن من إتمام تعليمه وممارسة كرة القدم معا.

في الفترة التي شاهده فيها ريفالدو، وكان في الـ19 من عمره بعد ما يقرب من عام وحيد من حادثة حمام السباحة التي كادت تسبب في شلله، لكنه نجا منها.

لم يتطلب منه الأمر وقتا لإثبات نفسه وموهبته مع ساو باولو، بل وظهر للمرة الأولى في 2001 في شهر فبراير، بعدما تخلص من آثار الإصابة، سجل 12 هدفا في 27 مباراة، كما قاد الفريق للفوز ببطولة منافسات أندية ساو باولو وريو دي جانيرو، للمرة الأولى والوحيدة حتى الآن. سجل هدفين في دقيقتين بعد مشاركته كبديل ضد بوتافوجو في النهائي، في المباراة التي فاز بها فريقه بنتيجة 2-1.

خلال الموسم التالي سجل كاكا 10 أهداف في 22 مباراة، في هذا الوقت كان فعليا قد لفت أنظار فرق أوروبا، ثناء ريفالدو، ثم قرار لويس فيليبي سكولاري بضمه لمنتخب البرازيل وسط مجموعة من الأساطير، لفت إليه الأنظار.

لكن كاكا لم يشارك في كأس العالم 2002 رغم ذلك. لعب فقط 18 دقيقة ضد كوستاريكا، لم يقدم شيئا يذكر كان على مقاعد البدلاء فقط.

ميلان قرر ضم النجم البرازيلي الشاب في عام 2003، بعد فترة من الاهتمام والمتابعة، قرر أن الوقت قد حان ليأتي الفتى الوسيم إلى أوروبا.

في ذلك الصيف ارتدى كاكا شارة قيادة البرازيل في بطولة الكأس الذهبية، وقاد الفريق للنهائي لكنه خسر بنتيجة 1-0 من المكسيك بعد الوصول للوقت الإضافي. من بعد تلك البطولة أصبح من العناصر الثابتة في المنتخب، وفي بداية أغسطس بعد نهاية البطولة ارتدى قميص ميلان.

بمجرد انضمامه للفريق أصبح من أهم لاعبي كارلو أنشيلوتي، بل وساعده في حصد لقب الدوري في ذلك الموسم، سجل 10 أهداف وصنع 6 في 30 مباراة، منها هدف الفوز ضد إمبولي وهدفين ضد إمبولي ليفوز ميلان 3-1 وهدف ضد سيينا في انتصار ميلان بنتيجة 2-1 وهدف التعادل ضد إنتر في فوز فريقه بنتيجة 3-2 في الدربي.

ذلك الموسم قدم كاكا إلى إيطاليا لكنه لم يقدمه بعد إلى أوروبا بالكامل، لكنه أخذ مكان مانويل روي كوستا في الفريق، وشكل مثلثا رائعا مع أندري شيفتشينكو وبيبو إنزاجي، وأصبح العقل المدرب لهجمات ميلان.

كاكا قضى 6 أعوام في ميلان، ورغم أنه حصد الدوري مرة وحيدة في موسمه الأول فقط، لكنه حصد الكثير من الألقاب الأخرى جماعيا وفرديا، أسلوبه دائما تسبب في تسميته "بالعبقري الذي لا مثيل له".

منتخب البرازيل في تلك الحقبة احتوى على رونالد ليما ورونالدينيو وأدريانو، ثم كاكا، قرر كارلوس ألبيرتو بيريرا أن يلعب بطريقة 4-2-2-2 ليحتوي كل تلك القوة والموهبة، واعتماده الأكبر كان على إيثار كاكا.

لم تفز البرازيل بكأس العالم 2006، لكن كاكا ظل الذراع الأيمن لأي مدرب يبحث عن عقل يضيفه إلى وسط ملعبه وهجومه، لكنه شارك مع السيلساو في 92 مباراة دولية نفس رقم بيليه وأكثر من دونجا وريفالدو وديدا.

فاز ببطولتي كأس قارات وكأس العالم 2002 رغم أنه لعب 18 دقيقة، وحصل على الكرة الذهبية كأفضل لاعب في كأس القارات 2009، تلك التي شاركت بها مصر وقدمت أداء رائعا في مواجهة البرازيل، وبالطبع سجل كاكا هدفين، كما أنه صنع هدفين آخرين ضد أمريكا وإيطاليا.

لماذا يُلقب كاكا بالعبقري؟

يمتلك كاكا طريقته الخاصة كان ينتج الكثير من التمريرات والمرواغات التي تفيد فريقه وهدفه الأسمى وصول خط الهجوم إلى المرمى، كان يحاول بلا هوادة طيلة اللقاء.

وما جعله عبقريا هي بنيته الجسدية وطريقته في اللعب خاصة وأنه صانع ألعاب، السرعة والركض بالكرة والحفاظ على الاستحواذ بجسده مثل المهاجم، يراوغ المدافعين مثل اللاعبين أصحاب رقم 10 قصيري القامة المعتادين، لكن بطريقة بارعة وبركض لا يمكن مجاراته.

قوته الحقيقية كانت تكمن في تحكمه في الكرة وسرعته في نفس الوقت، دائما ما كان يستغل تحركاته ليجعل نفسه في منافسة واحد ضد واحد مع المدافعين والتي نادرا ما يخسرها.

بالحديث عن تمريراته، كان يعرف متى سيتحرك زملائه قبله كان يمرر في توقيت ممتاز، أمر لم يفعله سوى الصفوة أمثال زين الدين زيدان وأندرييس إنييستا ومن ماثلهم من أساطير اللعبة.

لنشاهد سويا تمريراته:

في عام 2007 فاز كاكا بالكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم، وأفضل لاعب في الدوري الإيطالي وضمن فريق يويفا الأفضل في العالم للمرة الثانية من أصل 3 مرات تم اختياره، وهداف دوري الأبطال وكذلك أفضل لاعب في أندية يويفا وأفضل لاعب من رابطة الفيفا للاعبين المحترفين وأفضل لاعب في العالم من الفيفا.

ومع ميلان فاز بدوري الأبطال وكأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية، في ذلك العام ميلان كان أفضل فريق في العالم مع أنشيلوتي وكاكا كان أفضل لاعب.

ما الذي حدث في ريال مدريد؟

في خطوة بدت طبيعية في ذلك الوقت، اعتاد ريال مدريد ضم أفضل اللاعبين في العالم وشكل جلاكتيكوس جديد، الكل كان يتنبأ بالرعب الذي سيحدث في أوروبا جراء وجود فريق يحتوي على كريسيتانو رونالدو وكاكا.

لكن للأسف الشديد كانت تلك بداية النهاية. لم يكن أغلى لاعب في العالم وقتها، في 2009-2010 صرف ريال مدريد مبلغ 258.5 مليون يورو لضم رونالدو بـ94 مليون وكاكا بـ67 مليون وكريم بنزيمة بـ35 وتشابي ألونسو بـ34.5 وراؤول ألبيول وألفارو نيجريدو وألفارو أربيلوا وإستيبان جرانيرو جميعهم كلفوا 28 مليون يورو.

خط الهجوم كان به راؤول جونزاليس وبنزيمة وجوتي جونزالو هيجوايين ورافاييل فان دير فارت جميعهم بوجود كاكا وكريستيانو رونالدو، ومع قدرات النجم البرازيلي توقع عالم كرة القدم أمطار من الأهداف.

الكثير من الإصابات طرقت باب كاكا في الوقت غير المناسب، تسببت في إضعافه بدنيا وفنيا، على الصعيد التكتيكي وليس كموهبة.

رغم ذلك مازال يمتلك موسما جيدا مع النادي الملكي في 2011-2012 إذ شارك في 40 مباراة بكل المسابقات سجل خلالها 8 أهداف وصنع 16 آخرين، وكأنها بارقة أمل أو لمحة من الماضي خاصة مع الفوز بلقب الدوري الإسباني، رغم ذلك لم يكن نفسه كاكا من الماضي.

لم تكن الإصابات وحدها هي عائق كاكا في ريال مدريد، بل أيضا جوزيه مورينيو، لم يعد يختاره، المدرب البرتغالي فور توليه المهمة ضم إليه الثنائي أنخل دي ماريا وميسوت أوزيل، وأصبح يعتمد على الألماني أكثر فأكثر.

وفي موسمه الثالث ضم إلى مجموعته لوكا مودريتش، لم يعد الأمر ممكنا أن يترك كاكا بصمته أو يشارك حتى.

"المشكلة في ريال مدريد كانت الاستمرارية، أولا الكثير من الإصابات، في عامي الأول كانت لدي إصابة، ضغطت على نفسي للعب كأس العالم، بعد ذلك أجريت عملية في ركبتي وغبت لستة أشهر، وعند عودتي تولى مورينيو المهمة".

"كانت هناك مشكلة بدنية ثم مشكلة المدرب نفسه، قضيت 3 أعوام أحاول إقناع مورينيو أن يمنحني فرصة، لكن كان قراره، كان الأمر أبعد وأقوى مني".

"لم تكن هناك مشكلة بيننا، في مرحلة ما كان هناك سوء تفاهم بيننا، لأنني اعتقدت أنني يجب أن ألعب في حين أنه فكر أنه لا يمكنني أن أفعل، لكن كنا نحترم بعضنا البعض".

"لم أتمرد قط لم أتحدث حول رحيلي، لم أذهب للصحف لأشتكي، قلت له إنه فراره لكنني أعتقد أنني يجب أن أحظى بخيارات أخرى، أعتقد أنني يجب أن أحصل على فرصة لألعب، يجب أن تختار".

"لم يكن هناك جدالا، قال لي إنني لن ألعب لأن أوزيل موجود، اعتقدت أن بإمكاني المساهمة، مورينيو هو ذاته الشخص الذي ترونه أمام الكاميرا، لديه لحظاته التي ينفجر فيها، لكنه شخص ذكي للغاية".

"اعتقدت أنه كان مخطئا، لكن الفريق كان يعمل، فزنا بالدوري ووصلنا نصف نهائي دوري الأبطال". – كاكا.

كانت تلك محاولة للإجابة عن أبرز 4 أسئلة قد تجول بخاطرك حينما يذكر أمامك اسم كاكا أو تفكر فيما قدمه.

كارلو أنشيلوتي قال عنه: "لم يكن زين الدين زيدان، لكن كان قريبا من ذلك، ثاني أفضل لاعب دربته على الإطلاق، وبكل تأكيد أكثرهم ذكاء".

وزيدان قال عنه: "إنه موهبة نادرة".

من الصعب دوما إيجاد كلمات مناسبة لرصد موهبة فذة مرت علينا وشاهدنا تألقها ونهاية مسيرتها، إنما هي محاولة للاحتفاء بما كان لدينا وتقديم الثناء قدر الإمكان على ما يمكن تعريفه بأن كرة القدم لعبة ترفيهية يمكن سرها في أقدام مثل تلك المواهب، واليوم نحتفي بكاكا.

مصادر:

https://bit.ly/2S0kx9v

https://bit.ly/3cBjDbm

https://nyti.ms/2VufRuw

https://bit.ly/2VtRrle

كيف تحمي نفسك من فيروس كورونا.. اضغط هــــــــــنـــــــــــــــا

لمعرفة كل المصابين بفيروس كورونا من عالم كرة القدم وتطور حالاتهم، اضغط هــــــــــنـــــــــــا

لمتابعة تأثير فيروس كورونا على الأحداث الرياضية المحلية والعالمية اضغط هنا

طالع أيضا:

مصدر باتحاد الكرة لـ في الجول: استمرار تخفيض رواتب مدربي المنتخبات لحين عودة النشاط

تقرير مغربي: الدفاع الحسني الجديدي يتجه لمقاضاة الأهلي والزمالك

تقرير: مانشستر يونايتد وأرسنال قد يشاركان في دوري الأبطال.. ومعركة قضائية منتظرة

أديبايور: لم أحضر فيروس كورونا إلى توجو فلماذا أتبرع؟

تيلي سانتانا.. خيط الأمل الذي مد البرازيل بالكرة الجميلة والفوز من خلال العقيدة