روبيرتو كارلوس.. ورسالة حياتية من داخل الحجر الصحي

أمتلك صورة في منزلي التُقطَت في يوم مميز لن أنساه أبدا.

كتب : زكي السعيد

الإثنين، 20 أبريل 2020 - 19:14
ريال مدريد

أمتلك صورة في منزلي التُقطَت في يوم مميز لن أنساه أبدا.

كان ذلك في صيف 1996، مباشرةً بعد أن استقدمني ريال مدريد من إنتر ميلان. وقبل ذلك اليوم، لم أكن قد زرت مدريد قط.

بلغت 23 عاما، وعندما حطت طائرتي في المطار، لم أتوجه لمحل إقامتي، ولم أذهب إلى سانتياجو برنابيو، الملعب الأكثر روعة في أوروبا.

لا، بل ذهبت رفقة بعض الصحفيين إلى ميدان ثيبيليس.

كنت قد رأيت ثيبيليس في الصور فقط، لكني كنت على يقين من أنه مكان مميز. في منتصف الميدان هناك نافورة وتمثال من الرخام للإلهة ثيبيلي.

وعلى مسافة قريبة، تتواجد مبانٍ ضخمة مثل بنك إسبانيا، وقصر ثيبيليس. ولو سرت مع الطريق الملتوي، فستصل إلى وسط المدينة حيث ستجد ملعب برنابيو.

أي شخص في مدريد يعتبر ثيبيليس المكان الأكثر إبداعا في المدينة.

ولكنه يحمل معنى إضافيا لمشجعي كرة القدم. فـ ثيبيلي هو المكان الذي يحتفل فيه ريال مدريد ومنتخب إسبانيا بألقابهما.

ولذا، الذهاب إلى ثيبيليس مباشرة بعد الوصول لـ مدريد، كان أشبه بحط الرحال في ريو دي جانيرو والتوجه مباشرةً إلى تمثال المسيخ الملخص.

كنت متحمسا للغاية، وعندها التقط أحد المصورين الصحفيين صورة لي.

عندما أنظر إلى تلك الصورة، فإنها تذكرني كيف بدأت رحلتي المجنونة مع ريال مدريد. لا زلت أمتلك الصورة في منزلي، ومنزلي لا يزال في مدريد، حيث أعمل الآن في العلاقات المؤسسية لـ ريال مدريد.

لكن في الوقت الراهن، حالي حال الكثيرين، لا أستطيع الذهاب إلى العمل. فخلال الشهر الماضي بأكمله، لم أغادر المنزل سوى مرتين للذهاب إلى السوبر ماركت.

والبقاء في المنزل يصيبني بالجنون، لكنه حاليا التصرف الصحيح.

في المرتين عندما غادرت المنزل، تلفتُ حولي، وبالكاد تعرّفت على مدينتي!

في يوم طبيعي، سترى مواطنين متقدمين في العمر يتمشون تحت آشعة الشمس، والأطفال يركضون في الأنحاء، والعائلات والأصدقاء يجتمعون حول الطاولات في المطاعم والحانات.

كل ما تريده في الحياة، ستجده في مدريد: الشمس، الرياضة، الثقافة، الحياة الليلية، الطعام.. خصوصا الطعام! إنه عالم مختلف، والناس هنا يعرفون كيف يستمتعون به، ويعرفون كيف يحيون حياة جيدة.

لكن الآن اختفى كل ذلك، الشوارع خالية تماما.

لم أر مدريد بهذا الشكل أبدا.

لم أتأثر بالفيروس على المستوى الشخصي، أنا وعائلتي في أتم العافية. لكني أشعر بالحزن لعائلات الذين قضوا نحبهم، أعرف بعضهم.

وكما تعرفون، فقد اقتلع الفيروس حياة لورنزو سانز الشهر الماضي، الرئيس الأسبق لـ ريال مدريد.

لقد كان الرجل الذي أحضرني إلى النادي، وعندما توفي بلغ 76 عاما. عندما سمعت بالتقاطه العدوى، صليت كثيرا حتى يتعافى، ولكني كنت على دراية أنه مريض منذ فترة، وفي النهاية كان الفيروس واحدا من أشياء عدة أخذته من وسطنا.

ومجرد ذكرى لورنزو سانز تجعلني أبتسم، فرغم أنه كان الرئيس، إلا أنه كان مُشجعا فوق ذلك.

عاش لأجل ريال مدريد، كان منخرطا بشكل دائم، ومتواجدا دائما لأجلنا في غرفة خلع الملابس.

عندما نتعادل أو نخسر، كان يتركنا لنهدئ. لكن عندما نفوز بالألقاب، يكون أول من يعانقنا.

أحببناه لصفاته الإنسانية، لتفاؤله، ولكل ما قدمه لمشجعي ريال مدريد، كان بمثابة أبا لنا.

كنت أتواصل معه يوميا، ودائما كان ينصحني، ورغم ذلك، لم أستطع أن أناديه بـ لورنزو سانز أبدا، حتى لو حاولت! فقد كان دائما "الرئيس".

كنت أقول له: "مرحبا أيها الرئيس، كيف الحال؟".

وعندها يرمقني بابتسامة ثم يعانقني.

كان رئيسا لـ ريال مدريد لما يزيد عن نصف عام بقليل عندما وصلت مدريد، وبعدما وقّعت للنادي كل شيء بسرعة كبيرة، لكني أذكر مباراتي الأولى عندما سجّلت في ملعب ديبورتيفو لاكورونيا. وأذكر أيضا أول مباراة لي في سانتياجو برنابيو أمام 80 ألف مشجع.

تساءلت في نفسي: ماذا أفعل هنا؟ ماذا لو أخطأت الآن؟

شعرت بالرعب، ولكنه كان واحدا من أجمل أيام حياتي.

بعد فترة، اعتدت على ضغط اللعب لـ ريال مدريد، ولكن حتى اللاعبين أكثرنا خبرة كانوا يرتعشون في بعض اللحظات.

بعد حوالي عامين من انضمامي لـ ريال مدريد، كنا على وشك مواجهة يوفنتوس في نهائي دوري أبطال أوروبا.

وكما نعرف جميعا، فـ ريال مدريد كان –ولا يزال- الأكثر تتويجا بدوري أبطال أوروبا في التاريخ، لكن حينها لم نكن قد توجنا باللقب منذ 32 عاما، كما عانينا بشدة في الدوري الإسباني بذلك الموسم.

أما يوفنتوس، فوصل للنهائي للموسم الثالث على التوالي، ونحن لم ندخل المباراة بصفتنا المرشحين للفوز.

لم يستطع أي منا النوم في ليلة المباراة، في المعتاد نذهب إلى الفراش في العاشرة مساءً، لكننا جلسنا في باحة الفندق بتلك الليلة حتى الرابعة صباحا نتسامر، لم نكن خائفين، وإنما احترمنا يوفنتوس بشدة، وكنا متوترين حتى انطلاق المباراة.

لعبنا بشكل رائع في النهائي، ويوفنتوس لم يحظ بالعديد من الفرص. فزنا 1-0، ولم تكن جودتنا وحدها ما ساهمت في هذا الانتصار، وإنما الحافز كذلك، لقد أردنا اللقب أكثر منهم.

بعدها توجهنا إلى ميدان ثيبيليس، الشوارع كانت ممتلئة بمئات الآلاف، يضعون الأقمصة والأوشحة البيضاء، يغنون ويحتفلون، لن أنسى هذه الأمسية أبدا.

لو توجب عليّ اختيار لحظة مفضلة مع ريال مدريد، فسيكون هذا التتويج.

كيف تحمي نفسك من فيروس كورونا.. اضغطهــــــــــنـــــــــــــــا

لمعرفة كل المصابين بفيروس كورونا من عالم كرة القدم وتطور حالاتهم، اضغطهــــــــــنـــــــــــا

لمتابعة تأثير فيروس كورونا على الأحداث الرياضية المحلية والعالميةاضغط هنا

اقرأ أيضا:

أنا بيركامب - رجل الثلج الذي يخاف من الطيران

فايلر: الأهلي سيلعب جيدا في أوروبا

اختبار في البيت - هل أنت مشجع وفي لمنتخب مصر؟

بايرن يجدد عقد موهبته بالكمامات

10 سنوات على سجن مورينيو لـ ميسي