مغامرة هيريرين لإنقاذ ريال مدريد من مواجهة دورتموند بدون مرمى
السبت، 18 أبريل 2020 - 14:51
كتب : زكي السعيد محمد يسري منار سرحان
"وجدت رجلين في شاحنة قرب المدينة الرياضية، فقلت: ماذا تفعلان هنا؟ قالا: سنتناول العشاء ثم نذهب لمشاهدة المباراة، قلت: ساعداني في نقل المرمى وسأعطيكما ما تريدان".
في 1 أبريل 1998، امتلأ ملعب سانتياجو برنابيو عن بكرة أبيه، الرجال الذين حضروا لمساندة الفريق الملكي في تلك الأمسية لم يكونوا قد شاهدوا فريقهم بطلا لدوري أبطال أوروبا من قبل.
ولم يكونوا ليشاهدوا لولا بطولة أوجستين هيريرن الذي أنقذ الحلم المدريدي، والذي تحل ذكرى وفاته اليوم السبت بعدما رحل عن عالمنا في 18 إبريل 2019.
(إعادة نشر)
في تلك الليلة، استقبل ريال مدريد فريق بروسيا دورتموند بذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، مواجهة ستصير كلاسيكية بعد عقد ونصف مع كثرة تكرارها، لكنها أبدا لم تحمل مقدارا من التوتر كالذي شهدته تلك المباراة.
وفي زمن حصلت فيه روابط الأولتراس على حرية كاملة بالدخول كاملة العتاد والعدد إلى المدرج، كان السياج هو الوسيلة الأمنية الوحيدة للحد من المقذوفات التي ترسلها الجماهير الغاضبة صوب لاعبي الفريق المنافس.
فوز ريال مدريد الأخير بدوري أبطال أوروبا حينها يعود إلى عام 1966، ووصوله الأخير إلى المباراة النهائية تحقق عام 1981.
أجيال متعاقبة من الشبان المتيمين بريال مدريد اكتفوا بسماع روايات آبائهم عن أمجاد جيل الخمسينيات والستينيات، لكنهم لم يحظوا بفرصة رؤية الفريق الأكثر تتويجا بالبطولة يرفع الكأس ذات الأذنين.
جماهير ريال مدريد عرفت أن تلك المباراة ستكون الأخيرة لفريقها على سانتياجو برنابيو في تلك النسخة، ولم تدخر مشاعرها التي عبرت عنها بكل الوسائل الممكنة، وعندما وصل الحماس إلى أقصاه لحظات قبل دخول اللاعبين إلى أرضية الملعب، قامت جماهير الدرجة الثالثة بتسلق السياج المربوط بالمرمى، فانهار المرمى!
تحطم المرمى ودخلت المباراة إلى نفق مظلم، فالعاملون بالملعب حاولوا إصلاح المرمى بكافة الوسائل الممكنة دون نجاح يذكر، والمشكلة كانت في عدم وجود مرمى احتياطي بملعب سانتياجو برنابيو يومها، مما يخالف تعليمات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
خيم الصمت والهلع على كل المنتمين إلى ريال مدريد في محيط الملعب، وبدأت إدارة الفريق الألماني في ممارسة الضغط على الحكم الهولندي ماريو فان دير إندي.
إلغاء المباراة كان سيعني اعتبار دورتموند فائزا بشكل افتراضي بنتيجة 3-0، وهي نتيجة سيصعب على ريال مدريد تداركها في مباراة الإياب بألمانيا، مما يعني ضياع الحلم المدريدي عمليا.
وسط تسليم بالأمر الواقع أمام مشكلة لا يمكن حلها، ظهر أجوستين هيريرين.
وعلى الرغم من أن أوجستين هيريرين لم يكن المسؤول عن الملعب في ذلك التوقيت، حيث كان نائبا لخوليو كاسبيا، إلا أن الإدارة أبلغته أن المرمى الجنوبي انهار وعليه الذهاب للمدينة الرياضية لإحضار مرمى يصلح للعب به، وذلك بعدما أعطى حكم اللقاء الهولندي فان دير إنده مهلة زمنية لريال مدريد لتدارك الأمر.
يقول هيريرين:"أبلغوني أن المرمى الجنوبي انهار وأن علي جلب مرمى أخر بأي طريقة وفي أسرع وقت ممكن".
بطل القصة فكر في الذهاب إلى المدينة الرياضية القديمة المتواجدة على بعد 2 كم فقط من الملعب، وإحضار مرمى على وجه السرعة والعودة به إلى الملعب.
توجه هيريرين بفكرته العبقرية إلى ميجيل أنخيل جونزاليز حارس مرمى ريال مدريد في السبعينات والثمانينات، والذي كان يشغل منصب مدير المدينة الرياضية في ذلك الوقت، وعلى الفور هرع كلاهما صوب المدينة الرياضية.
فيوضح "تحدثت سريعا مع الضابط المسؤول عن تأمين المباراة وقلت له أريد أسرع سائق لديك هنا لجلب المرمى من المدينة الرياضية، الضابط كان كريما وأعطاني سائقين. ذهبنا للفالديبيباس ونحن نطير، حرفيا، فقد وصلت سرعة السيارة إلى 100 كليو متر في الساعة".
وعندما وصلا، تواصلت المشكلات.
المدينة الرياضية مغلقة الأبواب في هذا الوقت من الليل، وعلى ما يبدو فقد ترك رجال الأمن مراكزهم لمشاهدة المباراة المصيرية، هيريرين ابن الـ63 عاما قرر بشجاعة كبيرة أن يتسلق سور المدينة الرياضية وهبط من الجانب الآخر ليفتح الأبواب، حتى أن بنطاله شُق أثناء تلك العملية.
هنا تبادرت مشكلة كبيرة لثنائي الإنقاذ المدريدي، فالشاحنة التي حضرا فيها إلى المدينة الرياضية صغيرة ولن تتسع للمرمى، من أين لهما بشاحنة متاحة في وقت قصير؟
لكن ولأن السعي يأتي بثماره، نجح هيريرين في التصرف مجددا.
فيقول:"قبل الوصول للمدينة الرياضية رأيت رجلين في شاحنة، فسألتهما هل يستطيعان مساعدتي في نقل المرمى مقابل أي شئ يطلباه".
كانديدو جوميز هو البطل الثالث للرواية، قائد شاحنة أنهى يومه وذهب لتناول العشاء في أحد المطاعم القريبة من المدينة الرياضية وترك شاحنته بالخارج، وعلى الفور بحث هيريرين وميجيل أنخيل عن صاحب الشاحنة ولم يجدا مشكلة في إقناعه بالقيام بالمهمة البطولية، لأنه مشجع لريال مدريد بالفعل.
عاد ثلاثتهم إلى المدينة الرياضية، توجهوا إلى الغرفة التي يتواجد بها المرمى، ولم يجدا المفتاح الخاص بباب الغرفة.
لا وقت للبحث، كانديدو خيّر استعمال القوة، وأحضر شاحنته واستعملها في كسر باب الغرفة، وقاموا بتحميل المرمى على الشاحنة.
مهمة الحصول على المرمى انتهت، الآن لدينا مهمة أخرى وهى العودة بأسرع وقت ممكن لملعب سانتياجيو بيرنابيو الذي يبتعد عن فالديبيباس بحوالي 11 كيلو متر.
وهنا يتذكر هيريرين حديثه لرجلي الحافلة:"قلت لهما: اتبعاني بأقصى سرعة ممكنة، لا تقفا لأي شيء، لأي شيء".
تولى هيريرين مهمة قيادة السيارة التي ذهب بها للمدينة الرياضة ومن شدة الفوضى والقلق سلك طريقا خاطئا للوصول لملعب بيرنابيو.
ويذكر هيريرين ما حدث "الفوضى جعلتني لا أرى، فقد سلكت طريقا خاطئا بدلا من الطريق الصحيح المؤدي لميدان دي كاستيا القريب من ملعبنا".
"استخدامي طريق خاطئ لم يكلفنا وقتا فحسب، بل كاد أن يمنعنا من الوصول بالمرمى للملعب. المرمى كان أطول من النفق بسبب حجم الشاحنة، لذلك وضعناه على الجانب".
في الوقت عينه بملعب المباراة، وصلت الضغوطات الألمانية إلى درجة غير مسبوقة، وإداريو ريال مدريد استهلكوا كافة حججهم لإهدار الوقت، الحكم نظر إلى ساعته ووجد أنه لا يوجد مبرر للتأجيل لأكثر من ذلك.
الجماهير المذنبة انتظرت صافرة الحكم الهولندي في أي لحظة قريبة، عندما رأوا مرمى محمولا على الأكتاف يدخل إلى أرض الملعب.
انفجر ملعب سانتياجو برنابيو برؤية المرمى، كان الأمر بمثابة تسجيل هدف قبل أن تنطلق المباراة حتى.
انطلقت المباراة، بعد ساعة وربع من موعدها الأصلي، بحماس جماهيري مضاعف بعد أن حُبست أنفاسهم ولاحقتهم الأزمات القلبية وهم يرون فريقهم يخسر دون أن يلعب.
سجل فرناندو مورينتس هدف التقدم لريال مدريد بعد 25 دقيقة، قبل أن ينطلق الفرنسي كريستيان كاريمبو في الشوط الثاني بالدقيقة 67 ويسدد بقوة في المرمى الذي ثُبتت أركانه جيدا مع تمركز قوات الأمن من خلفه.. سجل كاريمبو في المرمى الأشهر بتاريخ ريال مدريد، وضمن أسبقية مهمة لريال مدريد بهدفين قبل الإياب الذي انتهى سلبيا وأعلن عن تأهل ريال مدريد إلى النهائي الأول منذ 17 عاما.
عقب اللقاء تحدث هيريرين مع المدير الرياضي للنادي وقتها فيرنانديث تريجو بشأن مكافأة من ساعدوه.
"تريجو قال لي أعطى رجال الشاحنة مبلغ 100 ألف بيزيتا بالإضافة لوظيفة في النادي".
"في اليوم الثاني للمباراة اتصلت بهم وحصلوا على المكافأة".
الاتحاد الأوروبي قرر معاقبة ريال مدريد بسبب أفعال جماهيره، وغرمه مبلغ 115 مليون بيزيتا أي ما يساوي 691 ألف يورو حينما تم استبدال العملة المحلية بالعملة القارية، بالإضافة للعب المباراة الأوروبية المقبلة خارج سانتياجو بيرنابيو.
نفذ الفريق الإسباني العقوبة، ولعب أول مباراة أوروبية له بعد هذه الواقعة على ملعب فريق إشبيلية "رامون سانشيز بيثخوان" وانتصر على فريق إنتر ميلان الإيطالي بهدفين دون رد في دور المجموعات لدوري الأبطال عام 1999.
كيف تحمي نفسك من فيروس كورونا.. اضغطهــــــــــنـــــــــــــــا
لمعرفة كل المصابين بفيروس كورونا من عالم كرة القدم وتطور حالاتهم، اضغطهــــــــــنـــــــــــا
لمتابعة تأثير فيروس كورونا على الأحداث الرياضية المحلية والعالميةاضغط هنا
طالع أيضا
أفضل 50 هدافا في تاريخ منتخب مصر
أكثر 5 مباريات مشحونة سياسيا في تاريخ المونديال
معلول: تلقيت عرضا ضخما للرحيل عن الأهلي