مع اقتراب الاستثمار السعودي ورحيل آشلي.. نيوكاسل يونايتد خارج السياق

في مايو ٢٠٠٧ كانت بداية الجدل الكبير، الكثير من النكات وبعض الأحداث المؤسفة، أشياء تحدث داخل جدران الملعب والنادي الذي يمتلك اسما رنانا. نيوكاسل يونايتد.

كتب : إسلام مجدي

الخميس، 16 أبريل 2020 - 10:42
مايك آشلي

في مايو ٢٠٠٧ كانت بداية الجدل الكبير، الكثير من النكات وبعض الأحداث المؤسفة، أشياء تحدث داخل جدران الملعب والنادي الذي يمتلك اسما رنانا. نيوكاسل يونايتد.

خلال ذلك العام كانت بداية معرفة رجل الأعمال -الذي حول قرض من أسرته بـ١٠ آلاف جنيه إسترليني إلى ثروة بالملايين ثم المليارات- مايك آشلي، بكرة القدم.

سير جون هال مشجع نيوكاسل يونايتد ورجل الأعمال الذي ساعد النادي كثيرا خلال فترة التسعينيات خاصة فترة "الممتعين" كما وصفت صحفيا تحت قيادة كيفن كيجان، قرر بيع معظم حصصه في النادي بعدما قرر أنه لم يعد قادرا على مجاراة المليارديرات المتواجدين في الدوري الإنجليزي الممتاز أمثال الملياردير الجديد في لندن رومان أبراموفيتش الذي اشترى تشيلسي قبل فترة قصيرة.

سافر سير جون حول أوروبا للحديث مع وسطاء يعبر عن رغبته في السماع للعروض، استقبل الكثير من الاهتمام، لكن عانى في نفس الوقت من إيجاد مشتر جاد.

قال سير جون: "تلقيت ذات ليلة مكالمة من محام، سألني إن كنت لازلت مهتما ببيع النادي لأن لديه عميلا يرغب في مناقشة احتمالية شراء النادي".

وواصل "كنت متجها إلى لندن يوم الإثنين الذي يلي الجمعة، لذا اتفقنا على اللقاء والحديث وجها إلى وجه، لم أكن قد سمعت قط عن شخص باسم مايك آشلي، لكنني بحثت عن اسمه مع بعض معارفي وفتنني ما سمعته عنه".

بعد وصوله إلى لندن بالقطار، وصلت سارة فارهة لتستقبل سير جون واصطحبته إلى مكت المحامي، وقتها توقع اجتماعا قصيرا، لكنه وجد نفسه في غرفة ممتلئة بالمحاسبين والمحاميين.

أكمل سير جون: "كان هناك العديد من فريق آشلي في الغرفة، جميعهم كانوا يجلسون أمام جبال من الورق وبدا واضحا أنهم يستعدون لإجراء عملية تجارية كبيرة، اعتقدت أننا كنا سنتحدث فقط، سألت، أين يتواجد مايك؟ وأخبروني أنه لم يكن موجودا وأنهم سيعقدون الصفقة باسمه، لاحظت أن الأمر جدي تماما وأنه رجل أعمال جاد للغاية".

لم يكن سير جون مستعدا أبدا للبيع بشكل نهائي، كان ينتظر المفاوضات، تواصل مع محاميه ووجد نفسه في محادثات مكثفة استمرت لثلاثة أيام مع رجل أعمال كون ثروة ٩٢٩ مليون جنيه إسترليني من تبادل أسهم شركته الشهيرة Sports direct.

يتابع مالك نيوكاسل السابق حديثه قائلا: "لم يكن معي ملابس للنوم، قلت لهم ذلك، إنني أرتدي فقط الملابس التي معي ولا توجد ملابس نوم".

وواصل "طلبت منهم التأجيل مثلما يحدث في الأعمال الطبيعية بين رجال الأعمال، لكنهم قالوا لي، نرغب في أن يتم ذلك في أسرع وقت ممكن".

واستكمل "سألت لما يرغب في شراء نيوكاسل؟ قالوا لي إنه يرغب في استعمال العلامة التجارية للنادي لمساعدة أعماله على النمو في شرق آسيا".

واسترسل "فريقه شرح لي أن فكرته كانت أن يصحب نيوكاسل لمستوى لم يتمكن النادي من الوصول له قط، خاصة في السوق العالمية، وبالطبع سينتفع الجميع منها".

سير جون طلب مبلغ ٥٥ مليون و٣٤٣ ألف جنيه إسترليني لحصته التي بلغت ٤١.٦٪ من قيمة أسهمه، لم يتفاوض فريقه بل ظنوا أنه سعر جيد للغاية.

في شهر يوليو أتم مايك أشلي عملية شراء نادي نيوكاسل بالكامل بمبلغ ١٣٤ مليون جنيه إسترليني.

ما الذي جعل فترة رجل الأعمال الجاد الناجح كارثية في نيوكاسل؟

لنبدأ سويا في مراجعة بعض الأحداث التي مر بها نيوكاسل ويصعب اختزالها في بعض الأسطر، يجب أن نعلم أن آشلي وهو في الـ١٨ من عمره اقترض من أسرته ١٠ آلاف جنيه إسترليني وافتتح متجري ملابس رياضية ليست ماركات عالمية، لكنه كان يمنح المشترين ما يرغبون فيه بأبخس الأسعار.

مع الوقت نمت تجارة آشلي، وأصبح لديه عدة متاجر، ثم شركة ثم مضاربات مختلفة في البورصة، مع الوقت أصبح يمتلك شركة "سبورتس دايركت" وافتتح متاجر في عدد من الدول الأوروبية.

بداية الأحداث بعد فترة سعيد قصيرة للغاية في وجود سام ألاردايس ثم نايجل بيرسون لفترة استمرت ٧ أيام قاد خلالها الفريق في مباراتين فاز مباراة وخسر الأخرى، قبل أن يتولى كيفن كيجان تدريب الفريق في ولاية ثانية استمرت من ١٦ يناير ٢٠٠٨ وحتى سبتمبر من نفس العام.

ما الذي حدث؟ ببساطة كانت اللمحة الأولى التي أوضحت أن المال أو الطموح لا يكفيان لبناء استثمار رياضي كبير.

نعم آشلي امتلك نيوكاسل في فترة ذهبية للغاية، كان رجال الأعمال الأمريكان والشركات الأمريكية تتجه إلى الدوري الإنجليزي الممتاز لشراء أنديته والاستثمار بها وتكوين امبراطوريات ربح كبيرة، لكن مع آشلي كانت القصة مختلفة.

شهر العسل مع جماهير نيوكاسل لم يدم طويلا، كان نيوكاسل قد ضم الفتى جيمس ميلنر من ليدز يونايتد قبل أن يقرر آشلي اتباع سياسته المعروفة والتي قالها أكثر من مرة: "لكي نضم لاعبين ونصرف المال يجب أن نحقق ربحا كبيرا". لكنه فهم الأمر من منطلق خاطئ.

بمساعدة دينيس وايز المدير الرياضي للنادي قرر بيع ميلنر للحصول على الكثير من المال لضم باستيان شفاينشتايجر نجم بايرن ميونيخ.

بدون أي خطوات بدون أي مساعدات أو تفكير، قرر نيوكاسل بيع ميلنر لضم باستيان.

تحدث دينيس وايز عن الواقعة قائلا: حينما انضم إلى النادي كنا قد سمعنا كل شيء عنه، وكنت في النادي أنا وكيفن كيجان حينما بعناه".

وأضاف "قمنا ببيع ميلنر بمبلغ 15 مليون جنيه إسترليني، لم نرغب في رحيله لكننا احتجنا لضم لاعبين آخرين، كنا ننوي استبداله، واجتمعت الإدارة وأخبرنا كيفن كيجان أن بديله يجب أن يكون اللاعب الذي يدعى باستيان شفاينشتايجر".

وواصل "فكرة قبول عرض بيع ميلنر كان الحصول على الكثير من الأموال، وكنا نفكر في ضم شفاينشتايجر لذا لم نفكر كثيرا".

وأتم "بعدما انضم ميلنر إلى أستون فيلا، حاولنا ضم شفايني، لكن الإجابة كانت مستحيل، لأنه سيكلف الفريق مبلغ 50 مليون جنيه إسترليني".

شعر نيوكاسل أنه في ورطة ماذا يفعل؟ تواصل وايز مع كيفن كيجان لتعويض رحيل ملينر وقال له إنه لديه لاعبا رائعا لابد أن يوقع معه، يدعى إيجنازيو جونزاليس.

حاول كيفن كيجان البحث عنه عبر الإنترنت، لكنه لم يجد أي شيء، ليتحدث مجددا مع وايز، ثم عاد إليه وايز وقال له أنه لاعب معار في نادي موناكو، وبعد اطلاعه على التفاصيل، لم ينبهر كيجان بالأمر، وأخبر وايز أنه ليس لاعبا جيدا.

عاد وايز مرة أخرى وقال له إن اللاعب رائع وشاهده عبر موقع "يوتيوب" وقد يجده هناك، ثم وجد العديد من مقاطع الفيديو ذات الجودة الضعيفة للغاية، وتفتقر للأسس التي تدفعه لضم اللاعب لنادي ينافس في الدوري الإنجليزي الممتاز، ولم يشاهده أي كشاف في النادي وهو في الملعب.

اعترض كيفن كيجان بشدة على ضم اللاعب جونزاليس، لكن مايك آشلي وثق في وايز أكثر وضمه يوم 31 أغسطس عام 2008. على سبيل الإعارة مع أحقية الشراء، وكلفته الإعارة مليون جنيه إسترليني كراتب اللاعب الذي لم يكن متوقعا أن يلعب للفريق الأول.

لم تكن تلك القصة هي الوحيدة، الكثير من المدربين الذين تولوا تدريب الفريق منها خيارات تسببت في معاناة النادي أكثر لكن آشلي لم يكن يكترث فعليا.

ولعل أبرز اللحظات التي عبرت عن الفوضى في نيوكاسل يونايتد خلال ولاية آشلي كانت أثناء تعيين جو كينيار كمدرب للفريق.

تواصل كينيار مع إذاعة "توك سبورت" ليبلغهم بالأمر وفي وسط المكالمة سألوه عن لاعبي الفريق وكانت هنا الكارثة.

قال عن أفضل لاعب في الفريق في ذلك الوقت "يوهان كيباب" وكان يقصد بالطبع الفرنسي يوهان كاباي. إضافة إلى حاتم بن عفرة، في إشارة إلى بن عرفة، بجانب الموهبة سامي أماموبي في إشارة إلى سامي أميوبي. ليس هذا فقط بل قال أيضا إنه كان الشخص الذي ضم تيم كرول إلى الفريق.

وفوق كل ذلك لم يكن النادي قد أعلن أي شيء عن توليه المهمة، بجانب لم يؤكد أي طرف سواه.

وبالحديث عن يوهان كاباي، اتجه نادي نيوكاسل في إحدى الأعوام إلى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل الجولة التحضيرية، لكن اللاعب لم يحصل على تأشيرة الدخول، وذلك لأنه لم يدفع فاتورة طبيب أسنانه هناك.

لطالما انتقد آشلي، سواء لسوء معاملة معشوق نيوكاسل كيجان، أو آلان شيرار أسطورة الفريق وهدافه التاريخي الذي تولى المهمة لـ٨ مباريات فقط، وبعد نهاية مبارياته اتفق آشلي على مقابلته مصطحبا في يديه كيسا ممتلأ بالشطائر يأكل منه غير مكترثا لجدية الحوار ثم إقالته بأسلوب جاف.

والأسوأ، جوناس جوتيريز لاعب شهير بنيوكاسل يونايتد فاز بقضية عنصرية ضد النادي بعد سوء معاملته عقب تشخيصه بالإصابة بمرض السرطان، قائمة مستمرة من الإخفاقات.

آخر الاختيارات السيئة كانت طريقة التعامل مع رافا بينيتث المدرب المخضرم صاحب السيرة الذاتية الناجحة رغم فشل فترته مع ريال مدريد، إلا أنه كان يطمح لبناء فريق جيد في نيوكاسل وقوبل بما وصفه "بوعود كبيرة للغاية، ثم لا شيء".

بينيتث قاد نيوكاسل للعودة إلى الدوري الإنجليزي الممتاز في ٢٠١٧-٢٠١٨ وكان يرغب في التواجد فيما وصفه "الثمانية الكبار" في ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز.

في صيف ٢٠١٧ كان بينيتث قد جهز قائمة طموحة للغاية تحدث مع آشلي الذي قال: "يجب أن نوازن بين الربح ومنافسة الفرق الأخرى، وكيف تفرق بين صفقاتك في سوق الانتقالات، لا يمكن أن يكون رئيس كشافيك جرهام كار في الـ٧٢ من عمره وفرضا لا يمكنه استعمال الحاسوب والطرق الحديثة".

تحدث آشلي لمدة ساعتين حول بناء بنية قوية ونظام كشافين قوي وغيرها من الأمور، رحل كار بالفعل، وقرر تغيير نموذج نيوكاسل إلى مجموعة من اللاعبين الشباب.

طلب بينيتث ضم ويلي كاباييرو حارس مانشستر سيتي وقتها والذي كان عقده قد انتهى، نيوكاسل امتلك ٤ حراس مرمى لكن بينيتث أراد ضم لاعبين يناسبون منظومة لعبه، تجاهل آشلي والنادي طلباته ومن هنا بدأ التوتر بين الطرفين.

لم يضع النادي قط في أولويته تحقيق بطولة الكأس وفشل في تطوير مرافق التدريبات والاستاد، التذاكر الموسمية وتذاكر المباريات أصبحت لا تباع.

هناك دعاوى كبيرة لمقاطعة المباريات بين الجماهير، وآشلي يوزع التذاكر الموسمية كهدايا، جميعها أمور توضح أزمة نيوكاسل.

آخر هامش ربح حققه نيوكاسل بعد الضريبة كان ١٨.٦ مليون جنيه إسترليني لكن القسم التجاري سجل ٢٦.٧ مليون جنيه إسترليني، أقل مما كان يحققه في الموسم الذي سبق تولي آشلي للمهمة بمليون جنيه إسترليني، يوضح ذلك أن النادي واجهة.

آشلي استعمل نيوكاسل منذ توليه مقاليد إدارة النادي كواجهة إعلانية لشركاته ومنتجاته، بل إنه استعمل المتاجر الرسمية لنيوكاسل لبيع تجارة "سبورتس دايركت" كلها. لدرجة أن تشي أونوراه عضوة برلمانية في نيوكاسل أرسلت خطابا إلى الحكومة البريطانية تطالب بالتحقيق في الصلة المالية بين النادي وشركة آشلي، لكنها تلقت ردا بأنه لا يوجد أي شيء غير قانوني، رغم ذلك النادي لم يستغل للحظة موارده.

عهد جديد؟

صحيفة تيليجراف فجرت مفاجأة في نهاية شهر مارس الماضي حول اقتراب صندوق الاستثمارات العامة السعودية من شراء نادي نيوكاسل يونايتد وشراء نسبة ٨٠٪ من أسهم النادي بدفع ما يقرب من ٣٤٠ مليون جنيه إسترليني.

كما أن اماندا ستافيلي رئيسة شركة PCP ستقوم بشراء نسبة ١٠٪ من أسهم النادي، في حين أن النسبة المتبقية ستذهب إلى Reuben Brothers.

وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن المشترين تواصلوا مع رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز لتسجيل رغبتهم في شراء النادي.

قد يكون الأمل لدى هؤلاء المستثمرين لتحقيق رؤية لم تتحقق قط مع آشلي، أن يتحول نيوكاسل يونايتد إلى تشيلسي جديد. الأمر يتطلب رؤية وخطة ودراسة وبالتأكيد لا أحد مثل آشلي.

آشلي رجل أعمال ناجح وذكي قام بشراء نادي كرة قدم لكنه فهم الأمر بصورة خاطئة، قلة المعلومات والتسرع في كل شيء، الكثير من الفرص الضائعة والقرارات غير المتصلة بالكلمات، قد نرى نهاية عهد مايك آشلي مع نيوكاسل وبداية عهد جديد، الرجل الذي وصفته جماهير فريقه ذات يوم بـ"الكاذب".

المصادر:

https://bit.ly/3cnXGfE

https://bit.ly/34BsFT2

https://bit.ly/3ckNIM7

https://bit.ly/2RHJbvr

كيف تحمي نفسك من فيروس كورونا.. اضغط هــــــــــنـــــــــــــــا

لمعرفة كل المصابين بفيروس كورونا من عالم كرة القدم وتطور حالاتهم، اضغط هــــــــــنـــــــــــا

لمتابعة تأثير فيروس كورونا على الأحداث الرياضية المحلية والعالمية اضغط هنا

اقرأ أيضا

سبب رفض طلب اتحاد الكرة بتصميم شعار خاص للدوري

أنا كرة القدم (5) – عن وضع جوارديولا في سيارة إسعاف

ركلات الترجيح على "الطريقة الأمريكية"

الأهلي يرد على الزمالك بسبب كهربا

لماذا حكم فيفا بتعويض مالي ضخم على الزمالك من أجل النقاز