هي أيام يبحث فيها محب كرة القدم عن أي شيء له علاقة بها من بعيد حتى، ويتابع فيها نتائج المباريات في بيلاروسيا وطاجيكستان، أيام لم تجد منصة نتفليكس أفضل منها لإصدار مسلسل The English Game، مسلسل قصير من 6 حلقات يروي حكاية رجل له فضل على كرة القدم عموما.

ربما لم يسمع الكثيرون عن فيرجوس سوتر، الأسكتلندي صاحب الجسد النحيل الذي غير اللعبة الإنجليزية للأبد، لدرجة أن يصف بعض المتابعين كرة القدم بشكلها الحالي أنها لعبة أسكتلندية، وليست إنجليزية.

إليكم 3 حقائق عن فيرجوس سوتر، ربما تزيد من اهتمامكم بقصته التي تستحق أن تروى، من وجهة نظر كروية.

الأولى، أن سوتر يعد أول لاعب محترف في تاريخ كرة القدم. في 1878، عندما انتقل سوتر من بارتيك في أسكتلندا لفريق داروين في مقاطعة لانكاشير شمال إنجلترا، كان ذلك ربما أول انتقال مدفوع الأجر في تاريخ اللعبة، وإن كان هناك جدل تاريخي حول ذلك الأمر.

الثانية، هي أن سوتر كان قائدا لأول فريق من الطبقة العاملة الإنجليزية يفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي، عندما قاد بلاكبيرن للفوز باللقب على حساب أولد إيتونيانز، أحد أهم فرق القرن الـ19 في إنجلترا، والممثل الأبرز لمجموعة الفرق الارستقراطية المنحدرة من الجامعات العريقة مثل إيتون وأوكسفورد وشارترهاوس.

الثالثة، هي أن بدون سوتر، ربما كانت ستستمر كرة القدم لعبة معتمدة على الركض والمرور من الخصم بأي طريقة ناحية المرمى الذي لم يكن له شباك في تلك الفترة.

سوتر قدم مفهوما جديدا، التمرير والبحث عن المساحات، إلى حد يمكنكم اعتباره يوهان كرويف القرن الـ19.

قبل 30 سنة من صاحب الثورة الأولى في كرة القدم، أسطورة أرسنال هربرت تشابمان (اقرأ عنه المزيد من هنا) كان لسوتر وأقرانه ثورة أخرى.

تشابمان ثار على خطة الـ2-3-5 بوجود 5 لاعبين في الأمام، وقدم خطة الـWM.

لكن قبل سوتر، كانت كرة القدم أقرب للرجبي. 11 لاعبا يتحركون معا ليفسحوا الطريق للاعب الذي يملك الكرة بين قدميه ويمنعون المنافسين من محاولة قطعها منه. سوتر قدم طريقة الـ2-3-5 في محاولة أولى لتغيير شكل كرة القدم، ودرجة أولى في سلم تطور اللعبة حتى تاريخنا الحالي.

مغالطات تاريخية في المسلسل؟

برغم بعض المغالطات التاريخية في المسلسل، والتي رصدها موقع "ديجيتال سباي"، إلا أن تأثير سوتر التاريخي على اللعبة لا يمكن أن يتم إغفاله.

مثلا، يسرد المسلسل أن مالك نادي داروين المنبثق من مصنع للغزل بنفس الاسم، جيمس والش، قام بضم سوتر وشريكه جيمي لوف من نادي بارتيك الأسكتلندي، لكنه تاريخيا قام بضم لوف وبعدها طلب سوتر الانضمام له.

من ضمن الأمور التي يسردها المسلسل، هي قصة انتقال سوتر من داروين إلى بلاكبيرن بعد عامين مع الفريق الذي جلبه أو انضم له من اسكتلندا، بعد أن وضع مالك الأخير السيد كارترايت مبلغا أكبر مما يتقاضاه سوتر مع داروين. المسلسل يقول إن سوتر قبل بالعرض لأنه كان في احتياج للمال لإنقاذ أسرته من والده مدمن الكحول، لكن بعض المراجع التاريخية تقول إن هذا الأمر ليس حقيقيا، وأنه فقط كان يريد المزيد من المال كما تزامن الأمر مع إنجابه لطفل غير شرعي في داروين في ذلك التوقيت.

لا يشير المسلسل إلى عمل سوتر كحجار قبل احترافه لكرة القدم. احتراف كرة القدم في ذلك الوقت كان جريمة، لأن اللعبة في الأساس هواية حسب قوانين الاتحاد الإنجليزي في ذلك الوقت، لكن سوتر وشريكه لوف كانا أول لاعبين يتقاضيا أجرا مقابل لعب كرة القدم. بعد 10 سنوات من ثورة سوتر، تحولت اللعبة في إنجلترا للاحتراف بشكل كبير.

فكرة احتراف اللعبة في زمن سوتر كانت جريمة يعاقب عليها الاتحاد، فبحسب المسلسل قام الاتحاد الذي يضم قائد أولد إيتونيانز أرثر كينيارد – الذي سيصبح رئيسا لاتحاد الكرة لمدة 30 عاما بعد ذلك - وعدد من لاعبي الفريق، باستبعاد فريق بلاكبرن قبل نهائي كأس الاتحاد ضدهم بسبب قيامهم بدفع الأموال للاعبين، وكذلك بسبب مشاجرة قوية وقعت بين جمهوري داروين وبلاكبيرن في مباراة ودية على إثر انتقال سوتر الجدلي بين الفريقين، لكن تاريخيا، لم يقم الاتحاد باستبعاد بلاكبيرن أبدا، بل حدثت تلك العقوبة لفرق أخرى من الطبقة العاملة مثل بريستون نورث إيند، وأكرينجتون.

ولكن كرويا، ما الذي يجعل فيرجوس سوتر مهما للغاية؟

يقول ريتشارد ماكبيرتي رئيس متحف كرة القدم الأسكتلندي في تصريحات لجارديان: "لا أرى أن كرة القدم هي اللعبة الإنجليزية، بل اللعبة الأسكتلندية".

ويوضح "هؤلاء اللاعبين الشباب من الطبقة العاملة الأسكتلندية كانوا مطلبا للأندية الكبرى في شمال إنجلترا، بعد أن بدأ ذيعهم يصيت في الناحية الأخرى من الخط الحدودي. الأمر وصل أن أول فريق حقق ثنائية الدوري والكأس في التاريخ عام 1889، بريستون نورث إند، كان يضم 7 لاعبين أسكتلنديين".

سوتر، وأقرانه، تم تسميتهم بالأساتذة الأسكتلنديين، سوتر تحديدا، بعيدا عن تلقيبه بـ Suter The Shooter أو سوتر المسدد، كان بروفيسور في اللعبة.

يهتم المسلسل كثيرا بتأثير كرة القدم على الطبقة العاملة وكيفية توحيدها لهم، ولكن في مشهد كروي هام، يشرح سوتر فلسفته الكروية لوالش، وهي توسيع الملعب بوضع 5 لاعبين في الأمام في محاولة دائمة للبحث عن المساحة في الملعب، وكذلك أهمية التأقلم والتدرب على الظروف المختلفة عن طريق إثقال وزن الكرة بالماء تحسبا لسقوط الأمطار خلال المباريات.

ما قدمه سوتر للكرة في إنجلترا جعلها لعبة شعبية يدفع الناس أموالا لمشاهدتها من الملعب، حيث يقول ماكبريتي: "في البداية، كانت كرة القدم لعبة محببة للطبقة العليا التي كانت تشجع المهارة الفردية على حساب العمل الجماعي. لاعبو تلك الطبقة كانوا أقوى بدنيا لذا كان على الأسكتلنديين الذين قابلوهم في عدة مباريات دولية تطويع طريقة جديدة للتغلب على القوة البدنية للارستقراط الإنجليز".

الأسكتلنديون قدموا للإنجليز مفهوم Combination Football، والذي يمكن ترجمته حرفيا لـ "كرة القدم المركبة"، والذي بمنتهى البساطة نقل كرة القدم من لعبة شبيهة بالرجبي للعبة تعتمد على التمرير والبحث عن المساحات الفارغة. اخترعوها للفوز عليهم وهو ما حدث بالفعل، قبل أن تنتقل العدوى للنقطة الأقرب من جلاسجو في إنجلترا، شمالها ووسطها بواسطة أندية مثل بلاكبرن وبريستون وداروين.

كاتب المسلسل جوليان فيلوز، والذي قضى وقتا طويلا في البحث خلف سوتر، قال في تصريحات لجارديان أيضا: "نعم، تم وضع قانون كرة القدم في جامعة إيتون، لكن الأندية التي برزت في وسط وشمال إنجلترا أصبحوا هم الممثل الحقيقي للعبة".

كيف ذلك؟ بدأت تلك الأندية في إرسال وكلاء لهم شمالا، لضم الأساتذة الأسكتلنديين، لكن هؤلاء الوكلاء كانوا يُستقبلون بغضب جامح من الجماهير رغبة منهم في الحفاظ على نجومهم المحببين في جلاسجو وغيرها من مدن أسكتلندا.

أحد أهم المؤرخين في أسكتلندا، سير توم ديفاين، يقول إن الكرة في أسكتلندا صارت لعبة الرجل العامل بشكل كبير في ثمانينيات القرن الـ19، وفي بدايات القرن الـ20، كان رجلا اسكتلنديا من أصل 4 ينتمي لعبا لفريق كرة قدم.

*كل الصور المستعملة مسلسل The English Game من موقع نتفليكس.

كيف تحمي نفسك من فيروس كورونا.. اضغط هــــــــــنـــــــــــــــا

لمعرفة كل المصابين بفيروس كورونا من عالم كرة القدم وتطور حالاتهم، اضغط هــــــــــنـــــــــــا

لمتابعة تأثير فيروس كورونا على الأحداث الرياضية المحلية والعالمية اضغط هنا

اقرأ أيضا

مصدر في اتحاد الكرة يكشف لـ في الجول القرار الأقرب لمستقبل الدوري المصري

اختبار في البيت – إلى أي مدى تعرف ليونيل ميسي

اتحاد الكرة يعلن عن مبادرة لدعم لاعبي الدرجتين الثالثة والرابعة

متعب: أحزنني وصف بعض جماهير الأهلي لي بـ "العالة على الفريق" واعتذر لهم

إصابة لاعب حرس الحدود بقطع في الرباط الصليبي أثناء تدربه بالمنزل