كتب : فادي أشرف
كرة القدم الآن تنظر إلى نفسها نظرة طويلة وعميقة، ومن المؤكد أنها لن تصبح كما كانت قبل وباء عالمي أصاب أكثر من 600 ألف شخص حتى اللحظة وحصد أرواح أكثر من 27 ألفا، وعلى درجة أقل أهمية، أوقف اللعبة الأكثر شعبية تماما.
داخل الملعب، لم تعاني كرة القدم كثيرا، قبل توقفها شاهدنا مباريات رائعة في الدوريات المحلية والبطولات الإقليمية، لكن معاناة كرة القدم الحقيقية كانت خارج الملعب. جدولة المباريات وعقود البث والانتقالات ونظم البطولات، كلها صارت أمورا تستحق نظرة إصلاحية حتى لا تعاني اللعبة مرة أخرى من "أزمة تهدد وجودها"، كما وصفها أندريا أنييلي، الذي بجانب كونه رئيس يوفنتوس الإيطالي فهو رئيس الكيان التجاري الجامع لأندية أوروبا الكبيرة.
قبل أن يضرب فيروس كورونا العالم، كانت بطولات القارات للأندية تتجه ناحية توسع غير مسبوق، حيث قالت تقارير إن دوري أبطال أوروبا قد يشهد من 4 لـ6 مباريات إضافية لكل فريق، مع تقارير مماثلة لتغيير نظام بطولتي الأندية في إفريقيا، والهدف دائما هو مباريات أكثر وربحية أكبر.
لا يخفى على أحد أن تلك الخطط كانت عرضة لانتقادات من العاملين بكرة القدم قبل الجمهور، أوضحها من يورجن كلوب المدير الفني لليفربول، وسط فكرة عامة أن المسؤولين الكبار عن كرة القدم حول العالم بداية من رأسها عند جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، لا يهتمون بالصحة البدنية أو النفسية للاعبي كرة القدم، أو قدرتهم على لعب ما قد يتخطى الـ60 مباراة سنويا بفواصل زمنية صارت أصعب وأصعب.
بالطبع، نحن في الأيام الأولى لتوقف كروي شامل قد يمتد حتى أغسطس المقبل، أو ربما إلى بعد ذلك، والآراء متباينة بين إلغاء الموسم الكروي برمته كما نادت نائب رئيس وست هام كارين بريدي، أو استكماله خلف أبواب مغلقة كما اقترح مدير ساوثامبتون التنفيذي مارتين سيمنز، الاقتراحات متباينة والهدف هو منح كرة القدم فرصة للاستمرار بنموذج اقتصادي أقرب للحالي بعد انتهاء الكرب.
ولكن، هل يمكن أن تستمر كرة القدم بنموذجها الاقتصادي الحالي؟ الإجابة الأقرب هي لا، والأمر قد يكون مفيدا على المدى البعيد، ولكن على المدى القريب سيكون الأمر صعبا.
في الساعات الماضية، وافق لاعبو يوفنتوس على التنازل عن جزء من رواتبهم في محاولة للحفاظ على السيولة المالية لأحد الأندية العملاقة في أوروبا، وهو إجراء تكرر في أكثر من ناد من عمالقة أوروبا اقتصاديا بأشكال مختلفة، ولكن ماذا عن الأندية الصغيرة التي تحتاج إيرادات يوم المباراة من تذاكر جماهير وعمليات تجارية تتم داخل ملاعبها لمجرد أن تستمر وتمنح لاعبيها وموظفيها رواتبهم في نهاية الشهر في الظروف العادية؟
قرر الاتحاد الإنجليزي منذ أيام إلغاء مسابقات بعض الدرجات الأدنى في محاولة لإبقاء الهرم الكروي الإنجليزي حيا مع استرجاع النشاط، ومع صعوبة الأمر، هل نرى الدوري في إنجلترا مثلا قريب من نموذج الدوري الأمريكي للمحترفين، الذي لا يملك درجة أدنى؟
في محاولة لتفادي مثل تلك الأمور، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن المحامين في مقر فيفا عقدوا اجتماعا عبر الانترنت مع ممثلي بعض الدوريات والأندية وروابط اللاعبين، لحل المشاكل التي نتجت عن توقف كرة القدم.
يحاول فيفا الخروج بخطة تحافظ على النموذج الاقتصادي لكرة القدم، ضد ما وصفه أنييلي بـ"أكبر تحدي يواجه اللعبة، والصناعة بشكل عام".
النقاشات تمحورت حول عقود اللاعبين ومواسم الانتقالات، وسط اقتراحات بمد فترات الانتقال وإنهاء اللاعبين للموسم مع أنديتهم مهما كان موعد نهاية الموسم الجاري.
لكن النقاش الأهم كان، كيفية إنقاذ الأندية الصغيرة التي أشرنا إليها من قبل، تلك الأندية الضرورية لاستكمال المسابقات وتغذية الأندية الكبيرة بالمواهب، والتي تملك بطبيعة الحال موظفين وعمال استاد والكثير والكثير من الأشخاص المعتمدين على وجود تلك الأندية، والأيام التي تُلعب فيها المباريات.
الاقتراح الأبسط والأوضح والأكثر مباشرة من فيفا، هو أن يضخ فيفا من احتياطيه المالي المقدر بحوالي 3 مليار دولار لصالح اللاعبين الذين فجأة صاروا دون مصدر دخل، مثل لاعبي سيون السويسري الذي قرر رئيس ناديهم الاستغناء عنهم من طرف واحد.
كذلك، يحتاج فيفا لإصلاح الفوضى التي ستضرب أكبر أسواق كرة القدم، سوق الانتقالات، المقدر بـ7 مليار دولار سنويا، ويعد أحد أكبر مصادر الربح للأندية.
لم يتخذ فيفا قرارا نهائيا، لكن على الناحية الأخرى، وضعت المنظمة التي يرأسها أنييلي هدفين، الأول هو إعادة اللاعبين للملاعب في الوقت الذي سيكونون فيه على ما يرام وبعيدين عن خطر الإصابة، غالبا دون جماهير، والثاني هو التنسيق لإدارة اقتصاديات الأندية في ظل الكارثة، بحسب أنييلي.
المؤكد، في ظل عدم وضوح الرؤية، هو أن التضخم الذي ضرب سوق الانتقالات سينتهي ولن نرى صفقات الـ100+ مليون في المستقبل القريب لأن هذا ما يحدث عادة بعد الكوارث، تخوف من الاستثمارات الكبرى، وهو ما تحدث عنه رئيس بايرن ميونيخ أولي هونيس في حوار مع كيكر، حيث أوضح "نحن على موعد مع عالم كرة قدم جديد".
من ضمن تلك التغييرات العنيفة التي ستضرب كرة القدم، موقف عقود البث.
مثلا في إنجلترا، لا تذاع كل مباريات الدوري لتشجيع الجمهور على الزحف للملاعب، ومفهوم الـSaturady Afternoon Blackout معروف لمتابعي الدوري الإنجليزي، حيث لا تذاع مباريات الساعة الثالثة ظهرا يوم السبت عبر التلفزيون.
ولكن ماذا لو استؤنفت البطولات خلف أبواب مغلقة؟ ألن يعني ذلك أن الأندية والروابط والدوريات ستحتاج إلى عقود بث أعلى مع توقف إيرادات يوم المباراة، وزيادة الطلب بالنظر إلى أن التلفزيون ومنصات العرض الرقمي صارت المكان الوحيد لمشاهدة المباريات؟
الأزمة الحالية تنوه أن طريقة تمويل كرة القدم ستتغير، وأن معظم الأندية لم تملك الاحتياطي المالي اللازم لمواجهة ظرف قهري كهذا الذي يمر به العالم حاليا، وأنها كأي صناعة، يجب أن تعيد التكيف على الوضع الجديد الذي سيتشكل بعد أن يمر العالم من مأزق كورونا، فهل تعالج الرياضة الأكثر شعبية نفسها من الأمراض التي ضربتها؟
كيف تحمي نفسك من فيروس كورونا.. اضغطهــــــــــنـــــــــــــــا
لمعرفة كل المصابين بفيروس كورونا من عالم كرة القدم وتطور حالاتهم، اضغط هــــــــــنـــــــــــا
لمتابعة تأثير فيروس كورونا على الأحداث الرياضية المحلية والعالميةاضغط هنا
اقرأ أيضا
تقرير إيطالي يكشف موقف نبيل من رونالدو وزملائه
نجم منتخب مصر لكرة اليد يلعب لعبة الأسئلة
تصريحات هامة من رئيس رابطة الدوري الإيطالي
لاعب الإسماعيلي يكشف تشخيصه بعد سلبية تحاليل كورونا
مرتضى يوضح مصير كارتيرون في حال استمرار أزمة كورونا