كتب : إسلام أحمد
على ملعب أرينا دو جريميو في بورتو أليجري، تبقت 4 دقائق على نهاية اللقاء في أول دربي بين جريميو وإنترناسيونال بتاريخهم في كوبا ليبرتادوريس.
المباراة المثيرة والتي انتهت بالتعادل السلبي اكتملت بطرد 8 لاعبين، 3 من كل فريق على أرضية الملعب وكذلك اثنين من خارجه مناصفة بينهما.
وتُعرف أمريكا الجنوبية بالعديد من المباريات التي طالما كان الكارت الأحمر فيها شيئا عاديا بل واكتسبت القارة اللاتينية سمعة سيئة بفضل عنف لاعبي الفرق خاصة في القرن الماضي.
في 1967 خاض راسينج كلوب الأرجنتيني مواجهة فاصلة مع سيلتك الأسكتلندي بكأس إنتركونتينتال التي عُرفت لاحقا بـ "معركة مونتيفيدو" في أوروجواي بعدما شهدت العديد من التدخلات العنيفة وطرد 6 لاعبين من بينهم 4 من الفريق الأسكتلندي.
وبعد 4 أعوام فقط واجه بوكا جونيورز الأرجنتيني سبورتينج كريستال البيروفي في كوبا ليبرتادوريس، مباراة انتهت بطرد 19 لاعبا في واحدة من أسوأ ليالي كرة القدم عبر تاريخها وليس على مستوى القارة فقط.
الفريقان تواجدا في المجموعة الأولى من المسابقة إذ كانت تقسم حينها الفرق من نفس الدولة في مجموعة واحدة، بجوار يونفرسترايو البيروفي وروزاريو سنترال الأرجنتيني ويتأهل الأول فقط للدور الثاني.
بعد مرور 3 جولات، يونفرسترايو في الصدارة برصيد 4 نقاط ومن خلفه بوكا جونيورز وكريستال برصيد 3 نقاط وروزاريو في القاع بنقطتين.
وقبل المواجهة المنتظرة كان كريستال قد خطف انتصار ثمينا أمام أنصاره بنتيجة 2-1 وعقب 16 يوما كانت مواجهة الإياب في لا بومبونيرا.
ليلة المباراة المنتظرة تعادل يونفرسترايو مع روزاريو وهو ما جعل أولى المباريات التي تذاع عبر القمر الصناعي في البلدين تحمل شغفا كبيرا لجماهير الفريقين لاقتناص فرصة الصدارة.
60 ألف من جماهير بوكا احتشدوا في المدرجات وشهدوا تقدم الأزرق والذهبي بهدفي خورخي كوتش وأنخل روخاس في الشوط الأول.
وفي الشوط الثاني سجل خوان أوربيجوسو هدف تقليص الفارق وفي الدقيقة 69 عدّل كارلوس جونزاليس باجويلو النتيجة للضيوف، لتتحول أحداث المباراة تماما، فكل فريق صار يبحث عن الفوز من أجل حسم الصدارة والتي تعني التأهل لاحقا.
ومع تبقي دقائق قليلة سقط روبرتو روجيل داخل منطقة الجزاء وطالب كل من في الملعب ياحتساب ركلة جزاء وسط صراخ وهتافات إلا أن الحكم أليخاندرو أوتيرو رفض احتسابها بداعي سقوط اللاعب دون التحام.
روبن سوني قائد بوكا هو من حرض على الشجار الذي انتهى بطرد 19 لاعبا من أصل 22، وانطلق الجحيم لتتحول من مباراة كرة قدم لحرب شوارع في أقل من دقيقة.
سوني شرح ما حدث في الدقائق الأخيرة قائلا: "ما حدث ليس له تفسير منطقي. خرجنا عن السيطرة عندما أصبحنا مقتنعين بأنه لم يعد بإمكاننا الفوز بالمباراة، لم يظن أحد أن الأمور يمكن أن تتعقد. قبل المباراة كنا متأكدين من أننا سنفوز بها ، وعندما انتهي الشوط الأول أيضا، ثم تعادلوا وأصبحنا مجانين".
"عندما سقط روجيل في منطقة الجزاء، طلبنا عقوبة نحصل عليها، لذلك أقول أنه لا يوجد تفسير منطقي".
"كنت متهورا لدرجة أنني طاردت جاياردو مثل المجنون كنت خائفا لكن على حق".
هاجم سوني ألبرتو جاياردو بالراية الركنية فرد عليه الأخير بركلة طائرة على رأسه ما تطلب لاحقا سبع غرز في عيادة محلية لتشتعل الأجواء.
ألبرتو جاياردو سرد هو الآخر منافسته الخاصة مع سوني"لقد كان كابوسا لن أنساه أبدا. عندما كان سوني يطاردني اعتقدت أنني لن أخرج من هذا المباراة حيا، في الدقيقة الأخيرة ضربني بدون كرة ولم استطع الخروج بعدما أجرى المدير الفني تغييرين بالفعل".
"طاردني سوني، عدت إلى الوراء بضع خطوات، سعيت إلى الهرب، ولكن في النهاية ركلته في وجهه، ومن ثم ركضت نحو غرفة الملابس لاستحم، اعتقد أنها أمور كرة القدم، الحاجة للفوز تؤدي لفقدان السيطرة".
كوتش صاحب أحد أهداف بوكا في تلك المباراة ركل كل من إليوي كامبوس وفيرناندوا مالين أثناء سقوطهم أرضا، متسببا في كسر بالجمجمة وكسر في الأنف على الترتيب واحتياجهما إلى الذهاب لمستشفى أرجيريتش.
أورلاندو دي لا توري لاعب كريستال هاجم بشجاعة لاعبين أو ثلاثة من لاعبي بوكا في وقت واحد، لكنه دفع الثمن مباشرة ليس في أرض الملعب بل في منزله، والدته ماتت بنوبة قلبية بعد أن شاهدت الأحداث على الهواء مباشرة على شاشة التلفزيون.
دي لا توري تحدث عن الذكرى الأسوأ في مسيرته "لا يمكنني نسيان تلك المباراة أبدا، هي الحلقة الأكثر حزنا في حياتي لأنني فقدت أمي بسببها، لاحظت بوضوح أنني كنت محاصرا من لاعبي بوكا، بعدما خطفت الراية الركنية ودافعت بها عن نفسي، رأت كل شيء وماتت، كان لدي حدس بأن الأمر لن تكون طبيعية إذ فزنا أو تعادلنا فهم كانوا بحاجة للفوز"
"عقب الوصول للفندق أخبرني القادة أنه عليّ العودة لليما من أجل والدتي، توفيت بالفعل لكنهم لم يخبروني، وعندما عدت للمنزل أردت الموت".
3 لاعبين فقط لم يتحصلوا على البطاقة الحمراء وهم روبن سانشيز حارس بوكا وزميله خوليو ميلينديز ولويس روبينوس من سبورتينج كريستال.
من المفارقات رامون ميفلين، لاعب كريستال حصل على بطاقة حمراء على الرغم من بقاءه محايدا في المشاجرة.
ونجا حارس مرمى بوكا روبن سانشيز من العقوبة على الرغم من كونه في طليعة المشاكل. لكن أوتيرو –حكم اللقاء- بعدما شاهد إعادة المباراة أدرك خطئه في عدم طرد الحارس.
سانشيز ظهر في اليوم التالي رفقة ميفلين في برنامج تلفزيوني وأبدى كلاهما اعتذاره عن العرض المؤسف.
وما جعل أوتيرو محافظا على ربطة جأشة هو عمله اليومي كشرطي في بلاده أوروجواي فطرد 19 لاعبا، لكنه نفذ قرار الشرطة الأرجنتينية بالدخول لغرفة الملابس لأسباب أمنية.
وأثناء صلاة الحكم الأوروجوياني داخل غرفة الملابس تقدم له أحد ضباط الشرطة وسأل عنه قائلا: "أنت وحدك المسؤول عن كل ما حدث".
أوتيرو كشف لمجلة "إل جرافيكو" أن تعيينه للمباراة كان غير صحيحا كونه الأقل خبرة دولية بين أقرانه المرشحين لإدارة اللقاء كوّن المباراة مهمة وخاصة بين الطرفين.
وعند عودته لأوروجواي التقى مع إدواردو روكا كوتور أمين صندوق اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم الذي أشار له بعد فحص الفيديو أنهم لم يجدوا أي خطأ منه.
في المساء أرسل اللاعبين المتسببين في الفوضى إلى مركز الشرطة في كالي بينزون على بُعد 3 بنايات من الملعب وتم الحُكم عليهم بالسجن 30 يوما ومن ثم ألغيت العقوبات بعد وصول برقية من رئيس الأرجنتين الجنرال فيلاسكو ألفارادو.
في بيرو تجمهرت الجماهير خارج السفارة الأرجنتينية في العاصمة ليما، بينما تبادلت الصحف في البلدين الاتهامات والإهانات، واستبعد بوكا جونيورز من المسابقة.
ألبرتو جي أرماندو رئيس بوكا جونيورز التاريخي أبدى استيائه مما حدث وطالب بإيقاف النشاط في الناديين وتطبيق أقسى عقوبة.
بينما استقبل النادي البيروفي لاعبيه كالأبطال وخاضوا المباراتين المتبقيتين بالشباب والفريق الرديف انتهت كلاهما بالخسارة بـ 7 أهداف ودون تسجيل أي هدف.
وفي نظر اتحاد أمريكا الجنوبية عُوقب سوني بالإيقاف 6 مباريات وشملت الإيقافات أيضا 13 لاعبا آخر.
الاتحاد الأرجنتيني عاقب سوني بالإيقاف لعام ونصف، وروبرتو روجيل سنة وأربعة أشهر، أنطونيو كابريرا سنة وشهرين وخوسيه ماريا سيلفرو - المدير الفني - وخورخي أنطونيو كوتش سنة واحدة.
وبعد عشرين يوما ألغيت العقوبات بعد حلول عيد العمال في الأرجنتين ولأن الاتحاد البيروفي لم يعاقب أي من لاعبيه.
المباراة عُرفت لاحقا بـ "ستالينجراد كرة القدم" في إشارة لمعركة ستالينجراد في الحرب العالمية الثانية والتي قُتل خلالها ما يقارب 2 مليون شخص.
لذلك إذا شاهدت أي مشاجرة بين لاعبي أحد الفريقين ومهما سمعت من عقوبات وتصريحات لن تكون أقل حدة مما حدث في لا بومبونيرا في مساء 17 مارس 1971.
كيف تحمي نفسك من فيروس كورونا.. اضغط هــــــــــنـــــــــــــــا
لمعرفة كل المصابين بفيروس كورونا من عالم كرة القدم وتطور حالاتهم، اضغط هــــــــــنـــــــــــا
لمتابعة تأثير فيروس كورونا على الأحداث الرياضية المحلية والعالميةاضغط هنا
طالع أيضا
لاعب طنطا يكشف سبب فشل انتقاله للأهلي
فيتا كلوب يقترح حلا للتأهل للبطولات الإفريقية
المقاصة: الحل الأمثل؟ إلغاء الدوري