كتب : زكي السعيد
استعاد ريال مدريد صدارة الدوري الإسباني، بفوزه على غريمه برشلونة بهدفين دون رد في ملعب سانتياجو برنابيو، بختام الجولة 27 من المسابقة.
فينيسيوس جونيور، وماريانو دياز سجلا هدفي الميرنجي في شوط المباراة الثاني.
ليرفع ريال مدريد رصيده إلى 56 نقطة في القمة، ويتجمّد رصيد برشلونة عند 55 نقطة في المركز الثاني.
بطلا الرواية البوليسية
في روايات الغموض، يتلاعب الأدباء بعقل القارئ، يخدعونه حتى يبعدونه عن توقع هوية القاتل الحقيقي، ويدفعون بذهنه نحو التنبؤ بكافة الاحتمالات، سوى الاحتمال الوحيد الصحيح.
بل يُظهرون القاتل في حالة رثة، أعرج ربما، أو يعاني خطبا في الكلام، أو لعله معاق ذهنيا، لكن المشهد الأخير يكشف عن طينته الحقيقية التي اختبأت خلف قلم الكاتب طوال أحداث الرواية.
في 1 مارس 2020، فاز ريال مدريد بقدمي قاتلين غير متوقعين في أي سيناريو درامي غامض: فينيسيوس، وماريانو.
أرقام إيجابية بالجملة
فوز ريال مدريد أوقف سلسلة أرقام سلبية بالجملة لـ ريال مدريد.
فـ ريال مدريد أوقف بهدف فينيسيوس مدة 425 دقيقة دون أن يهز شباك برشلونة في المباريات الأخيرة.
كما فاز ريال مدريد على غريمه في الدوري لأول مرة بعد 7 مباريات متتالية عجز فيها عن قهره.
الميرنجي حقق فوزه الـ73 تاريخيًا على برشلونة، في مقابل 72 فوزا للبلاوجرانا في الدوري الإسباني
الفريق الكتالوني كان قد فاز في آخر 4 زيارات لـ برنابيو في الدوري الإسباني، سلسلة سلبية أوقفها زيدان أخيرا.
كما أنه الفوز الأول لـ ريال مدريد على ملعبه أمام برشلونة دون أن تهتز شباكه منذ ثنائية رود فان نيستلروي وراؤول جونزاليس في 2006\2007.
الكلاسيكو كان الأول لـ كيكي سيتيين مدرب برشلونة في عمر الـ 61 عاما و156، ليكون خامس أكبر مدرب يسجل حضوره في الكلاسيكو تاريخيًا بعد هيلينيو هيريرا، وأرسينيو إجليسياس، وألفريدو دي ستيفانو، وبوبي روبسون.
فيما استفاق ريال مدريد من سقوطين متتاليين أمام ليفانتي ومانشستر سيتي على التوالي، واستعاد التوازن وصدارة المسابقة.
وحقق ريال مدريد فوزه رقم 96 تاريخيا على برشلونة في مختلف المسابقات، ليتساوى مع غريمه في عدد الانتصارات.
ضيف مميز
بعد 600 يوم من رحيله عن ريال مدريد، عاد كريستيانو رونالدو الهداف التاريخي للميرنجي ليكون حاضرا في إحدى مبارياته.
هذه المرة لم يكن مرتديا ملابسه الرياضية، متحديًا غريمه الأسطوري ليو ميسي، وإنما استقر في هدوء بإحدى المقاعد الفاخرة لمقصورة كبار الزوار لـ سانتياجو برنابيو.
رهان المدربين
رغم تماسك فيرلان ميندي دفاعيا، قرر زين الدين زيدان إقحام مارسيلو على الجهة اليسرى لـ ريال مدريد.
كما أعاد توني كروس إلى خط الوسط على حساب لوكا مودريتش، وواصل التعويل على فينيسيوس جونيور في خط الهجوم إلى جوار كريم بنزيمة.
في المقابل، كان رهان كيكي سيتيين على ظهير أيسر آخر: جوردي ألبا العائد من الإصابة، على حساب جونيور فيربو.
صحيفة "أس" الإسبانية ذكرت أن سيتيين تلقى تحذيرات من أطباء برشلونة بشأن إمكانية تجدد إصابة ألبا، لكنه قرر المغامرة والتعويل عليه منذ بداية المباراة.
حذر
ريال مدريد عرف أن الهزيمة تعني ضياع الدوري عمليا، فيما أدرك برشلونة أن الخسارة ستجرّده من الصدارة.
لذلك، جاءت الفرص حذرة في الشوط الأول، بحدة أكبر لـ برشلونة.
البداية كانت مع تسديدة كريم بنزيمة في الدقيقة السابعة على الطائر، لكنها مرت أعلى عارضة برشلونة.
فينيسيوس بدوره أقدم على انطلاقات عديدة من الجهة اليسرى دون فعالية كبيرة، لكن واحدة من قراراته الصحيحة القليلة في الشوط الأول، كانت التمرير إلى كروس في الدقيقة 15، وتسديدة الألماني كانت عالية بدورها.
برشلونة تحرّك وهدد بقوة في الدقيقة 21، فأرسل ألبا عرضية نحو أنطوان جريزمان في قلب منطقة الجزاء، لكن الفرنسي تعامل برعونة وسدد أعلى مرمى تيبو كورتوا.
لاعبو ريال مدريد فرضوا رقابة صارمة على ليونيل ميسي في الشوط الأول، لكن هذا لم يمنعه من الهروب ف الدقيقة 30، إلا أن تسديدته استقرت بسهولة بين قفازي كورتوا.
أرتور ميلو أحد نجوم الشوط الأول تلقى تمريرة طولية خلف دفاع ريال مدريد وانفرد بـ كورتوا بعد أن قهر كروس، لكن الحارس البلجيكي خرج في الوقت المناسب وتصدى للهجمة الخطيرة في الدقيقة 34.
قبل أن تحين لحظة عبقرية سيرخيو بوسكيتس في الدقيقة 38 بتمريرة طولية إلى رفيقه ميسي، لكن ضغط رافا فاران على الأرجنتيني أجبره على التسديد بتسرع، ليتصدى كورتوا من جديد.
شوط أبيض
الخطورة كانت من نصيب برشلونة في شوط أول غلب عليه التكافؤ، لكنها انتقلت بالكامل إلى ريال مدريد في الشوط الثاني.
ولأن ريال مدريد كان شرسا هجوميا، فقد احتاج برشلونة إلى حارسه الأمين مارك أندري تير شتيجن حتى يبقيه في المباراة.
حدث ذلك في الدقيقة 56 عندما أقدم الألماني على واحدا من تصدياته الخارقة، بإبعاده تسديدة إيسكو الرائعة بشكل إعجازي.
إيسكو واصل التهدد في الدقيقة 61، فضرب رأسية متقنة واعتقَد أنه قهر تير شتيجن أخيرا للحظة، قبل أن تنشق الأرض عن جيرارد بيكيه الذي أبعد الكرة من على خط المرمى.
السيل الأبيض تواصل بتمريرة رائعة من كارباخال نحو بنزيمة في الدقيقة 63، لكن الفرنسي قابلها بتسديدة رعناء علت العارضة.
سيناريو عجيب
سيتيين حاول التدخُل في الدقيقة 69، فأقحم صفقته الاضطرارية مارتن برايثوايت الذي خاض الكلاسيكو الأول له في مسيرته.
وماذا احتاج برايثوايت حتى يوقف كل من في الملعب على أقدامهم؟ أقل من 60 ثانية.
فجأة انفرد برايثوايت بمرمى كورتوا دون سابق إنذار، وخروج البلجيكي المبكر حال مجددا دون سيناريو غير عادي، وحرم برايثوايت من أغلى أهداف مسيرته.
جوووووووووووووول
بعد سيل من القرارات الخاطئة والمراوغات غير المكتملة والعرضيات الطائشة، ابتسمت السماء لـ فينيسيوس جوسيه بايتشاو دي أوليفيرا جونيور.
اختراق من الجهة اليسرى، ولا نعرف ماذا قرر فينيسيوس تحديدا، لكن كرته العرضية اصطدمت بقدم بيكيه، وسكنت شباك تير شتيجن في الدقيقة 71.
سيل من التغييرات
انتظر زيدان حتى الدقيقة 79 ليجري تغييره الأول بإقحام مودريتش بدلا من إيسكو.
ثم هرع سيتيين واستعان بـ أنسو فاتي وإيفان راكيتيتش بدلا من أرتور، وجريزمان في الدقيقة 81.
المباراة ازدادت قتالا وندية، حتى أن الأسطورة ميسي تحصّل على بطاقة صفراء في الدقيقة 86 بعد تدخُل قوي على كاسيميرو.
زيدان أجرى تغييره الثاني بإخراج فالفيردي وإقحام لوكاس فاسكيز.
لأن دقيقة واحدة تكفي
زيدان أجرى تغييره الثالث في الوقت بدل الضائع لإهدار مزيد من الوقت بإخراج بنزيمة وإدخال ماريانو دياز.
الحامل السابق للرقم 7 التاريخي في ريال مدريد، احتاج إلى 50 ثانية حتى يسجل الهدف القاتل بعد أن خدع تير شتيجن وسدد في زاويته الضيقة.
ماريانو لم يكن قد شارك في أي دقيقة بالدوري الإسباني أو كأس ملك إسبانيا أو دوري أبطال أوروبا، وربما دقيقة واحدة كانت تكفي حتى يدخل تاريخ الكلاسيكو.
ريال مدريد إلى الصدارة.