تقول القاعدة: "من شبَّ على شيء شاب عليه".
وربما هنا تجدر مشكلة قطاع ليس بالقليل من جمهور الأهلي الذي يريد جزء كبير منه هدم جدران المعبد على رأس ريني فايلر والسبب هنا لا يعود لأحد غريب على المارد الأحمر بل لمدربه التاريخي مانويل جوزيه.
الولاية الثانية لجوزيه في الأهلي كانت تاريخية في كل شيء كان يحصد بفريقه الأخضر واليابس ويحصد الانتصار تلو الآخر في قمة الكرة المصرية ضد الزمالك.
صنع جوزيه للأهلي شخصية من الصعب أن تُقهر، كان يعد بأشياء حدثت بعدها بعام مثلما وعد في عام 2005 الصحفيين في المؤتمر عقب الهزيمة من سيدني الأسترالي في مباراة تحديد المركزين الخامس والسادس في كأس العالم للأندية بالعودة للمشاركة في البطولة في العام التالي.
وبالفعل عاد جوزيه بالأهلي بعد عام وحصد المركز الثالث في إنجاز تاريخي.
ومثلما خسر نهائي دوري أبطال إفريقيا عام 2007 من النجم الساحلي فوعد بالتتويج بالبطولة في العام التالي ونجح في مسعاه بالفعل أمام القطن الكاميروني وظفر بالكأس من خارج مصر.
حينما قاد جوزيه الأهلي للظهور في أربع نهائيات قارية متتالية مع حصد كل لقب سوبر إفريقي شارك فيه ناهيك عن أرقام تاريخية في الدوري المصري، كل ذلك جعل جيلا ينشأ معتقدا أن الأهلي يفوز دائما ولا يخسر.
ذلك الجيل نسي تماما أن ما فعله جوزيه كان الاستثناء وليس القاعدة.
ما فعله جوزيه فعله بيب جوارديولا في برشلونة خلال أربع سنوات تاريخية من 2008 إلى 2012 إلى درجة جعلت جمهور الفريق الكتالوني يعتقد أن كل مدرب يجب أن يشبه مدرب سيتي الحالي ويلعب بذات أسلوبه ومع أي هزيمة تبدأ موجة الانتقادات التي تهدم أسوار ملعب كامب نو.
جيل جمهور برشلونة الذي رأى ما فعله جوارديولا مع الفريق جعله ينسى أن ما حدث كان الاستثناء وليس القاعدة.
والأمر ذاته وقع فيه أحد أعظم المدربين عبر التاريخ السير أليكس فيرجسون حينما قرر الاعتزال وترك مانشستر يونايتد.
ترك فيرجسون يونايتد وهو زعيما للكرة الإنجليزية بـ20 لقبا للدوري بجيل ليس هو الأقوى بين الأجيال التي دربها على مدار 27 مع الشياطين الحُمر.
اختار فيرجسون نظيره ديفيد مويس ليقود الفريق خلفا له مُعتقدا أنه ترك له إرثا قويا وليس جيلا كل أعمدته تخطوا سن الـ30.
والنتيجة انهيار تام في صفوف يونايتد واحتلاله المركز السابع وغيابه عن دوري الأبطال لأول مرة منذ 18 عاما.
فيرجسون نفسه اعتقد أن ما فعله كان القاعدة وليس الاستثناء.
ما أود قوله هنا ليس أن على جمهور الأهلي تقبل الهزيمة من الزمالك وكأن شيئا لم يكن ولكن أن يعي أن احتمالية الهزيمة في الكرة تظل موجودة.
لكن هل معنى الهزيمة هدم جدران المعبد؟ لا فحينها في رأيي سيصبح أكبر خطأ يحدث منذ سنوات.
لماذا؟
في المواسم التي تلت رحيل حسام البدري من الأهلي عان الفريق الأحمر الأمرين مع باتريس كارتيرون ومارتين لاسارتي وقبل ذلك مارتن يول، إلى أن جاء فايلر.
المدرب السويسري لم يختر قائمته ولكنه صنع فريقا قويا في وقت قصير إلى درجة جعلت المدرب العام للزمالك سامي الشيشيني يعترف بأنه خاض لقاء السوبر للجوء إلى ركلات الترجيح لأنه يعلم مدى قوة الأهلي.
نعم فايلر أخطأ في لقاء السوبر ولا يقدم أفضل أداء إفريقيا لكنه بدأ يعيد رويدا رويدا ما افتقده الأهلي منذ سنوات.. الشخصية.
لذا يستحق الرجل أن يبدأ موسم بقائمة وسوق انتقالات خاضها بإرادته ومعسكر تحضيري جيد ومن ثم تتم محاسبته على كل شيء.
وبالعودة للحديث عن الشخصية فيظل السؤال لماذا يعاني الأهلي قاريا مع كل مدربيه؟ الأهلي في أسوأ هزيمة تاريخية إفريقية له أمام صن داونز بدأ اللقاء بشكل جيد ثم انهار فجأة مع أول هدف.
ما ميز الأهلي مع جوزيه هو الشخصية في الكثير من المباريات لم يكن الأفضل فنيا أو حتى الأقوى، ولكنه كان يعرف جيدا من أين تؤكل الكتف وهنا تظهر أهمية القائد.
ربما تلك الشخصية ظهر جزء منها مع فايلر جليا في لقاء النجم الساحلي في تونس بعد طرد أيمن أشرف، ظل الفريق صامدا وسيطر على اللقاء في وقت آخر كان يمكن أن تنتهي المباراة بهزيمة كبيرة.
لكن في جيل الأهلي مع جوزيه كنت تشعر أن هناك 11 قائدا في الملعب، 11 قائدا كل من ملك في مركزه يوجه زملائه ويحثهم على الاستنفار.
هل هذا يتواجد في الأهلي اليوم؟ لا، عقب اعتزال حسام غالي واختفت تلك الصفة في الفريق.
أهمية غالي كقائد للأهلي ظهرت عقب لقاء السوبر ولكن عبر شاشات التلفاز حينما انتقد كهربا بقوة بسبب بدايته بالاشتباك مع طارق حامد.
وقال غالي: "كهربا لم يشارك ليلعب كرة قدم بل ليستفز لاعبو الزمالك والجمهور، جمهورك لن يحبك من أجل استفزازك للخصم جمهورك سيحبك حينما تؤدي بشكل جيد وتلعب كالرجال وبروح النادي الأهلي وأن يستفيد منك الفريق فنيا".
أحد زملائي ويعمل في الأهلي قال لي ذات مرة مع انخفاض الأداء أو نتيجة سلبية كان بعض اللاعبين يخافون من دخول غرفة خلع الملابس بسبب وجود غالي وتعنيفه لهم.
وهذا ينقلنا لجيل حالي من اللاعبين ليس فقط في الأهلي بل في مصر كلها غاب عنه الجمهور في المدرجات فأصبح لا يتحمل ضغط رؤيته بل وأي انتقاد أصبح يعتبره "كارهون لنا" ومن ثم انشر صورة عبر "إنستجرام" واحصل على إعجاب الكثير ولجان إلكترونية تدافع عنك ليعتقد أنه بيليه أو مارادونا وأدى ما عليه بالفعل.
ربما رسالة غالي لكهربا يجب أن توجه لكل اللاعبين "جمهورك سيحبك حينما تؤدي بشكل جيد وتلعب كالرجال وأن يستفيد منك الفريق فنيا".
بديهيات
ما يقوله رئيس الزمالك مرتضى منصور إن "التحفيل" بين الجماهير وبعضها البعض ليس جيدا فهذا خطأ، هذا يحدث في كل مكان في العالم، نحن لسنا في أحد الحصص المدرسية.
#بديهيات_1: حينما تفوز وتحصد البطولات فأنت تحتفل بفريقك وتستفز خصمك.
صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي تختص في نشر الشائعات الكاذبة والخوض في الأعراض وتدافع عن بعض اللاعبين لكون بعض منهم أصدقائهم هي سبب كبير فيما وصل إليه حال الكرة المصرية من سوء.
#بديهيات_2: لاعبو كرة القدم تغيروا كما قال جوزيه مورينيو، لكن الحصول على "لايك وشير" لن يزيد من مجهودك داخل الملعب ويجعلك تصبح أسطورة.
انتقد الكثيرون وقوف رمضان صبحي على الكرة، واحتفوا بركلة جزاء فرجاني ساسي أمام محمد الشناوي، والعكس صحيح من احتفى برمضان انتقد ساسي.
#بديهيات_3: إما أن تقبل مهارات كرة القدم كلها أو لا، ولكن لا تقبل شيء وتنتقد الآخر، هذه هي متعة كرة القدم في المهارات، لا تكن مثل ذلك الحكم الذي أشهر بطاقة صفراء لنيمار في الدوري الفرنسي لأنه قام بمهارة فردية للمراوغة.
في مصر مؤخرا أصبح هناك فائزون سيئون “Bad losers” كلما خسر فريق يرفض استلام الميدالية أو يحدث الكثير من الشغب وذلك حدث من الأهلي والزمالك.
#بديهيات_4: اخسر وتسلم ميداليتك دون أزمات، الشجار مع الخصم أو رفض تسلمها لن يجعل جمهورك يصنفك في مكانة الأساطير.
من حق أي لاعب أن يحتفل بطريقته وأحيانا ربما يهتف ضد الخصم، تحدث كثيرا، ولكن حينما يرد عليك جمهور الخصم لا تنزعج.
#بديهيات_5: إما أن تقبل الفعل ورد الفعل، وإما لا تفعل شيء يُجبر الطرف الآخر على شن هجوم عليك من الأصل.
سقطت قطعة ثلج في القطب الشمالي = عدم عودة الجمهور في مصر بسبب انهيار الثلج.
#بديهيات_6: الكرة للجمهور دائما وأبدا.
ناقشني عبر تويتر
ناقشني عبر فيسبوك