كتب : FilGoal
الحياة العائلية للاعب كرة القدم البرازيلي ليست سهلة دائما، فهناك مقولة إننا نمتلك 200 مليون مدرب كرة قدم في البرازيل، وأستطيع تأكيد صحتها.
ويمكنني أيضا تأكيد أن اثنين من هؤلاء المدربين هما ابنتاي التوأم.
كل أفراد عائلتي يؤمنون أنهم يعرفون كل شيء عن كرة القدم، وكلهم أيضا يؤمنون أن أقلهم معرفة بكرة القدم هو أنا!
عندما أدخل غرفة خلع ملابس تشيلسي بعد مباراة، أستقبل قدرا هائلا من الرسائل الصوتية على هاتفي، فهم يشاهدون كل مبارياتي، ودائما ما ينصحوني، حتى أنهم أحيانا يتركون لي رسائل خلال الشوط الأول أثناء ركضي في الملعب!
الرسالة الأولى تكون عادةً من أبي، سيرفينو:
"يا بني، أشاهد المباراة الآن، وعليك أن تتحرك أكثر نحو العمق".
ثم تأتيني رسالة من زوجتي، فانيسا:
"عزيزي، لماذا لا ترسل عرضيات أكثر؟".
بعد ذلك يأتي الدور على شقيقتاي التوأم، مانويلا، وفالنتينا:
"أبي، لو أردت التسجيل، فعليك التسديد".
مانويلا، وفالنتينا هما الأكثر قلقا دائما. تشعران بالقلق إن لم أسجل. وتهتمان بسلامتي لو تدخّل عليّ لاعب وأسقطني.
"أبي، لماذا ركلك هذا الرجل؟".
أضحك من انخراطهما في كرة القدم، ولكني أتفهم أنهما تريدان مساعدتي، فالتقييم يكون إيجابيا دائما، كل رسائلهما تمتلئ بالحب.
ودون شك، فأفضل شيء يمكن أن يحدث لك هو أن تصير أبا، فقد اعتدت في السابق أن أفكر فقط في كرة القدم، ولكن أولوياتك تتغير عندما تُنجب.
فالأطفال يحتاجون الحب والعناية. كما أنهم يساعدوني على موازنة حياتي كلاعب كرة قدم.
وقد فكرت كثيرا في هذه الأمور بالسنوات الماضية، الأمور الأكثر أهمية من كرة القدم.
لا أتحدث فقط عن دوري كأب، ولكن كمسيحي إنجيلي، فأنا أزور الكنيسة هنا في لندن، وشعوري يكون رائعا مع كل زيارة أثناء تلاوتي الصلوات. لدي مجموعة رفاق في الكنيسة أعتبرهم أصدقائي.
ولكني لا أحب الحديث إلى الناس كثيرا عن الدين، لماذا؟ لأن حياتي كتاب مفتوح.
بالطبع الوعظ واحد من طرق توجيه الرسالة للآخرين، لكن يمكنك فعل الأمر عينه بتصرفاتك وسلوكك، يمكنك أن تكون قدوة.
فإن امتلكت السعادة والانضباط في حياتك بسبب إيمانك بالرب؛ سيلمس الناس ذلك ويدركون أنك تمتلك شيئا مميزا. ولذا ليس عليك إقناع الآخرين بالإيمان بالمسيح، يمكنك أن تريهم جوهرك، وكيف تُخالق الناس، وكيف تتعامل مع الأمور.
وهذا ما أحاول فعله يوميا.
يعتقد بعض الناس أن لاعبي كرة القدم يرغبون في جني الأموال فقط، وإقامة الحفلات، ومطاردة النساء. بالطبع يمكن للجميع عمل ما يحلو لهم.
الأمر الأهم في كونك مسيحيا هو أن تدرك حريتك، يمكنك أن تذهب إلى ملهى وتقضي الليل كله هناك، ولكن هل يتوجب عليك ذلك؟ عندما تؤمن بالرب يصير الأمر غير منطقي.
لو امتلكت فكرة واضحة عن الفارق بين الصواب والخطأ، ستتحسن حياتك.
هناك العديد من اللاعبين المسيحيين الإنجيليين، ليس في البرازيل فحسب، وإنما في إنجلترا أيضا.
روبيرتو فيرمينو تم تعميده في حوض سباحة قبل عدة أسابيع، وأليسون كان هناك. أما دافيد لويز فهو صديقي منذ الطفولة، وقد تم تعميده أثناء لعبه في باريس.
لوكاس مورا دعاني إلى منزله ذات يوم لتناول البيتزا، أعتقد أن الأمور يجب أن تسير بتلك الطريقة، فعلى أرض الملعب يدافع كل منا عن فريقه، أما خارجه فنحن أصدقاء.
وأعتقد أنني يجب عليّ شكر الرب لكوني لاعب محترف. فالرب جعل لكلٍ منا غرض في هذه الحياة، وبالنسبة لي، لعب كرة القدم كان الغرض. فعندما أتفحص الماضي، يمكنني أن ألتمس بعض اللحظات التي كدت أحيد فيها عن مساري أثناء مسيرتي.
ولسبب ما، لم يحدث ذلك.
فقد حدث أن كسرت ساقي وقتما بلغ عمري عامين، كنت ألعب كرة القدم في الشارع مع أبناء مدينتي، ريبيراو بيريس، مدينة هادئة خارج ساو باولو.
ركلت الكرة بشكل قوي للغاية، وتقول أمي إنني سرت بشكل طبيعي بعدها حتى استيقظت في اليوم التالي غير قادر على لمس الأرض. لحسن الحظ فقد تعافيت، وانضممت إلى كورينثيانز في عمر التاسعة، أحد أكبر أندية البرازيل، والفريق الذي تشجعه عائلتي.
الكثير من الأمور سارت في صالحي. الثقة أمر مهم لأي لاعب، ولسبب ما لم أشك أبدا في أنني سأكون لاعبا محترفا.
الطريق نحو القمة طويل للغاية، وملايين الأطفال البرازيليين يطاردون الحلم عينه، بعضهم موهوب ويفتقد للحافز، وبعضهم يعاني من إصابات خطرة، وبعضهم يتملكه الشك.
أنا محظوظ كذلك بوجود والدي، عندما كنت في الخامسة عشر من عمري أخبرني بضرورة اختياري بين كرة القدم أو كرة الصالات لو أردت أن أصير محترفا.
وقد ساعدني أبي في الحفاظ على تواضعي، فاللعب للفئات العمرية الصغرى في منتخب البرازيلي يولّد الغرور في أنفس البعض أحيانا، ولذا عليك أن تكون حريصا، فقد تعتقد أنك حققت كل شيء قبل أن تحقق أي شيء.
أدركنا أن المنافسة هائلة، وهناك مثل يقول إنه يتوجب عليك قتل أسد ونصف يوميًا، لأن الآخرين يقتلون أسدا واحدا. وهذا ما علمني إياه أبي.
ومع تصعيدي للفريق الأول في كورينثيانز، سنحت لي الفرصة الكبرى. أغسطس 2007، كنت أبلغ 19 عاما، ووصلني عرض من شاختار دونيتسك.
وكما تعرفون، كل لاعب في البرازيل يحلم باللعب في أوروبا، خصوصا لأحد الأندية الكبرى، وقد خططت لمغادرة البرازيل مبكرا، ولكني بالطبع لم أتخيل مستقبلي في أوكرانيا.
إلا أن كورينثيانز أرد إتمام عملية البيع حقا وقتها، وشاختار أرادني بشدة، ولذا سافرت أنا وأبي لتفقد الوضع.
المسؤولون في شاختار كانوا مقنعين للغاية، فعندما هبطت طائرتنا في فرنسا، كانوا قد أعدوا طائرة خاصة لحملنا إلى أوكرانيا.
أسعدني ذلك، فلم أكن قد ركبت طائرة خاصة من قبل. وكل ما عرفناه عن دونيتسك أنها مكان بارد، لكن الوقت كان صيفا والطقس كان حارا للغاية، وعندها اعتقدت أن الشتاء لن يكون بالبرودة التي تخيلتها.
بعدها قابلت المدرب، ميركيا لوتشيسكو، وبعض اللاعبين كذلك، بمن في ذلك فيرناندينيو، ولويز أدريانو، وإلسينيو، جميعهم كانوا برازيليين.
المرافق بدت جيدة، واستقررت أنا وأبي على أنها قد تكون بداية رائعة لي في أوروبا، لذا قررت الانضمام إلى شاختار.
وبالطبع، فعندما حل الشتاء، كان الوضع صعبا، البرد، الثلوج، لم أختبر شيئا مماثلا من قبل. لكن كل شيء سار على ما يرام حمدا للرب، حظيت بدعم زملائي، خصوصا البرازيليين منهم، مثل برانداو وجادسون. وتأقلمت بشكل جيد، كما أنني تعلمت اللغة الروسية!
توجب عليّ الاعتماد على مترجم في البداية، ولكني التقطت الكلمات والعبارات ببطء، وصرت قادرا على الفهم بعد ذلك.
وفي أوكرانيا، صرت مسيحيا إنجيليًا، فقد ارتدت كنيسة كاثوليكية في صغري مع والديّ أيام الأحد، لكن عند انتقالي إلى أوكرانيا، شعرت باقترابي من الرب أكثر وما يعنيه ذلك.
قضيت وقتا أطول مع جادسون، وفيرناندينيو، وقد اعتادا استضافة بعض الخدمات في منزليهما، هناك حيث درسنا الإنجيل معا. كانت ورشات عمل خاصة بالإنجيل، وعندها فهمت بالكامل ما يقوله الإنجيل، والصواب والخطأ. لذا آمنت بالمسيح بصفته مُخلّصي الوحيد، وزوجتي عُمّدت هناك أيضا في حوض استحمام.
وفي تلك الفترة، اعتدت قضاء الكثير من الوقت مع وكيلي، عاش في لندن، وفي إحدى المرات ذهبت معه إلى ستامفورد بريدج لمشاهدة مباراة، عندها بدأت متابعة تشيلسي والدوري الإنجليزي.
كنت مذهولا، وأحببت الأجواء بشدة، وعشقت المدينة، لا أستطيع تفسير الأمر، لكن لندن تملك شيئا خاصا للغاية.
قضيت 5 سنوات ونصف في شاختار، عملت بكل قوتي، وفي يناير 2013 انتقلت إلى آنجي ماخاشكالا الروسي.
لكنهم عانوا من أزمة مالية بعد 6 أشهر وسمحوا لي بإيجاد نادٍ جديد، وهنا بدأت أسابيع من المفاوضات، الكثير من الأندية أرادتني، لكني رغبت في الانضمام إلى تشيلسي.
وفي النهاية، كنت قادرا على تحقيق حلمي، أستطيع تذكر زيارتي للنادي ورؤيتي للمرافق ومقابلتي لـ دافيد لويز في غرفة خلع الملابس، كنت سعيدا للغاية، يبدو أن الرب استمع إلى رغبتي الداخلية، وقرر ذهابي هناك.
ومنذ انضمامي إلى تشيلسي، حدّث الكثير الذي شكّل شخصيتي، فأول عام كان محبِطا، لأننا نافسنا على اللقب وانتهى بنا الأمر في المركز الثالث.
كما أننا وصلنا إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، وتعادلنا ذهابًا في أرض أتليتكو مدريد، وتقدّمنا بهدف في مباراة الإياب على ملعبنا.
عندها كنت أفكر بالفعل في إنني لم أحضر أبدا نهائيا لدوري أبطال أوروبا، والآن صرت على الوشك اللعب فيه!
لكن أتليتكو قلب المباراة وفاز 3-1، كان الأمر مثيرا للغضب، إلا أن أصعب فترة دون منازع كانت عندما فزنا بالدوري الإنجليزي مع أنطونيو كونتي في 2016\2017.
لازمت مقاعد البدلاء كثيرا ذاك الموسم، والأسوأ، أنني فقدت أمي. كانت تصارع السرطان، ولم أمتلك الكثير لأفعله.
تلقيت الكثير من الدعم وقتها من أبي وزوجتي، كان الوضع مؤلما، لكني تعلمت ونضجت، واقتربت أكثر من الرب.
بالطبع أمتلك الكثير من اللحظات الجميلة في تشيلسي، فالجماهير عاملتني جيدا منذ يومي الأول. أشعر بالسعادة والفخر كلما تغنوا باسمي، يعطونني الثقة، وأنا حاولت دائما أن أرد إليهم حبهم على أرض الملعب.
لا يحدث ذلك بالكلام، وإنما بإرساء المُثل العليا بواسطة أفعالك.
اللحظات الأسعد تتحقق عندما تفوز بلقب الدوري، لأنك تقضي موسما كاملا تقاتل عليه. لن أنسى أبدا لقبي الأول مع تشيلسي تحت قيادة جوزيه مورينيو في 2015.
الاحتفال في الملعب وغرفة خلع الملابس كان لا مذهلا، حسمنا اللقب قبل 3 أسابيع على نهاية المسابقة، ومورينيو كان قد وعدنا بالحصول على 4 أيام راحة أسبوعيا لو حسمنا اللقب.
ولذا في الأسابيع التالية، كنت أتدرب يوما واحدا، وألعب مباراة في اليوم التالي، ثم أقضي 4 أيام مع أسرتي.
ويسألني الناس عن أفضل المدربين الذين حظيت بهم، بالطبع مورينيو أحدهم. جمعتنا علاقة فريدة، كان مدربا متطلبا للغاية، ولذا حدثت بعض الخلافات، إلا أن هذا طبيعي.