قديما كانت الجماهير تُوصف دوما أنها اللاعب الأهم في أي فريق، لكن لم يعد ذلك الوضع قائما.
غياب الجماهير أثر بالسلب على الكرة المصرية، أولا أفقدها نكهتها، ثم اعتادت الجماهير نفسها على الغياب، وأصبحوا يبحثون عن بدائل متمثلة في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها.
التحول للمنصات ساهم أكثر في التأثير على عقلية الجميع، بداية من البحث عن إعجاب الجماهير في المدرجات، إلى ضغطات الإعجاب ما بين "تويتر" و"فيس بوك" و"إنستجرام"، اختلف التوجه كثيرا.
مع ذلك التغير الكبير تأثرت شخصية المنتخب المصري وبالطبع المسابقات المحلية ككل، بالطبع كان الفتيل الذي أشعل كل شيء، خسارة بسداسية أمام غانا، ربما تطلب الأمر منا أكثر من 3 سنوات لمجرد التعافي من الفكرة نفسها لكنها تركت جرحا غائرا مازلنا نعاني كلما مرت علينا الذكرى.
لن أفتش في الدفاتر القديمة، بالبحث فيها يعني أنني لا أمتلك حلا، أو أنني أكتب تلك الكلمات لمجرد أنني لدي الوقت والمساحة لذلك.
الأمر ليس كذلك أبدا..
دينيس أونيانجو حارس مرمى ماميلودي صن داونز نشر صورة سخر بها من الأهلي والزمالك، أمر كانت تفعله الصفحات الجماهيرية للفريقين عبر مواقع التواصل الاجتماعي منذ حسم صعود الفريقين.
بالنسبة للجماهير ترغب دوما في رؤية فريقها الأفضل مهما كانت الظروف، وأنصاف الإنجازات غير مرضية، فقط علامة كاملة دوما مهما حدث.
لكن لننظر سويا إلى الصورة كاملة، الدوري المصري ليس مقياسا لدوري أبطال إفريقيا، أتذكر في نسخة 2015-2016 ما قدمه الزمالك في مباراتي الوداد المغربي في نصف النهائي.
نفس الأمر بالنسبة للأهلي في موسم 2016-2017، تعادل بنتيجة 2-2 ضد الترجي التونسي في ربع النهائي ثم فاز بنتيجة 2-1، رغم تشاؤم بعض الجماهير من نتيجة الذهاب، ناهيك عن الخسارة من النجم الساحلي 2-1 ثم الفوز بنتيجة 6-2.
أين كانت المقاييس في ذلك الوقت؟
في مباريات خروج المغلوب لا توجد أي مقاييس، نعم قد يكون فريقك الأسوأ في الدوري قد لا يقدم المردود الذي لا تراه مناسبا لكن لا يمكن استبعاده تماما من الحسابات، في قرارة نفسك تعلم جيدا أنك تتمنى رؤيته بطلا.
تمنيت أن يكون النهائي مصريا، لكن الردود كانت أن الأهلي صاحب الـ8 ألقاب وبتاريخه الكبير يليه الزمالك ذو الـ5 ألقاب، الفريقان الأكبر في إفريقيا هما أضعف طرف في حلقة ربع النهائي، وبأي منطق؟ بمستوى دور المجموعات؟
دور بدأ في نهايات نوفمبر وانتهى في بداية فبراير، فترة طويلة للغاية، الزمالك نفسه بدأ مع ميلوتين سيرديوفيتش وحاليا يقوده باتريس كارتيرون، وكلاهما تأهل في نهاية المطاف.
في كثير من الأحيان كانت الفرق تشعر وكأنها الحلقة الأضعف في مسابقة قوية للغاية، نعم اللاعبون تنقصهم الخبرات، ولا يجيدون التعامل بشكل كاف مع الضغط، والأمر لم يعد كما كان، لكن لا يعني ذلك أن تسهم الجماهير نفسها في الحرب النفسية للمنافسين.
بيتسو موسيماني مدرب صن داونز درس جيدا منطقة شمال إفريقيا، عرف جيدا أن نقطة القوة الكبيرة تكمن في دعم الجماهير، لذلك يخشى حاليا المغرب وتونس أكثر من أي وقت مضى، بسبب عدم قدرة لاعبيه على التعامل مع الجماهير.
في مصر الوضع مختلف، لم تعد الجماهير لاعبا إضافيا في الملعب لدى فرقها، نعم تدعمها وتحاول تقديم كل ما لديها، لكن في الحقيقة؟ لم تعد بنفس التأثر.
في نهائي دوري الأبطال 2016 حينما واجه صن داونز الزمالك ونجح في نهاية المطاف في حسم اللقب، فيما بعد كُشف عن وجود من ترجم ما يدور عبر مواقع التواصل وأخبار وتدريبات الفريق وتلك الأمور موجودة في كرة القدم وأمر طبيعي نحن في 2020.
لكن حينما يرى المنافس جماهير خصمه لا تثق في فرقها، بل وتسخر من ضعفهم، تلك نقطة إضافية لم يطلبوها حتى وسيكونون شاكرين للغاية لتواجد ذلك الأمر، حتى وإن امتلأت المدرجات، لاعبو المنافس على تمام الثقة بأنفسهم.
قد يرى البعض أنه أمر رائع لأن المنافس قد يُضلل بذلك، لكن من قال غرور؟ موسيماني تغنى بقوة الزمالك وتوج باللقب على حسابه، تحدث عن حجم وقوة الأهلي وفاز ضده بالخمسة.
لا يوجد تضليل، منذ يومين فقط، قال موسيماني: "عليك أن تعمل على مواجهة فرق الشمال بطريقة نفسية، سترى أنهم يقاتلون أنفسهم بأنفسهم دون تدخلك، إن حدث ذلك فتعلم أنك وصلت إليهم وتهددهم".
لا يعني ذلك أن الأهلي والزمالك بذلك الضعف، نعم الدوري ليس بالقوة الكافية والجماهير لا تتواجد على مدار الموسم ونتأثر بسرعة بالضغط، لكن الأهلي نجح في الفوز بدوري الأبطال بدون بطولة دوري في الماضي، بل ووصل للنهائي مرتين، والزمالك ناهيك عن وصوله للنهائي بقائمة محدودة، فهو بطل الكونفدرالية للموسم الماضي.
يعاني الأهلي كثيرا بسبب الغيابات والإصابات، لكنه أجاد التعامل معها، وحتى الآن مسيرة الفريق متميزة سواء محليا أو قاريا، إذ أنه حقق هدفه بالتأهل، أما بالنسبة للزمالك ومع التغيير الفني وما يمر به الفريق من ظروف، إلا أنه يحتوي على لاعبين فازا بلقب دوري الأبطال سابقا منذ فترة قصيرة، بجانب عدد من اللاعبين الذين فازوا بالكونفدرالية منذ أقل من عام.
في بعض الأحيان من أجل تخطي الأزمات قد يحتاج الفريق إلى الدعم وليس السخرية الدائمة، لم تتم القرعة بعد وهناك قلق مبالغ فيه، وبعد القرعة سيكون هناك الكثير من الخوف الممزوج بالقلق مع بعض الصور الساخرة، الـ8 أندية أبطال وبالتالي كل المباريات صعبة.
لا يوجد خصم سهل في دور خروج المغلوب، ويجب أن يتجاهل الأهلي والزمالك فكرة الثأر، بعيدا عن الفنيات، هناك حس بالمسؤولية والتركيز مُطالب به كل لاعب ويجب الحفاظ على تلك الفكرة.
فرق جنوب القارة لم تعد ذلك الخصم الذي تواجهه في الملعب، أصبح يواجهك قبل حتى إجراء القرعة، يحاول الفوز عليك قبل دخول الملعب، قد تخوض مباراة سيئة في الماضي لكن الكرة دوما تمنحك فرصة للتعويض، حدث الأمر مع ميلان وليفربول في 2005 حينما توج الحمر بعد مباراة ملحمية انتهت بالتعادل 3-3 ثم حسمتها ركلات الترجيح و2007 حينما ثأر الفريق الإيطالي وتوج باللقب بعد الفوز بنتيجة 2-1، لغياب الجماهير قفزت كل الأندية الإفريقية قفزة كبيرة في حين تراجع كبار مصر والقارة خطوات للخلف.
كم التقليل الموجود من الأهلي والزمالك لن يجدي نفعا ولن يجلب لك خصما سيتركك تمر، أردت التأهل من دور المجموعات لكي يتوج فريقك بطلا، كل ما يحدث يتم ترجمته ويصل والكل أصبح واعيا نحن في عام 2020، الحل البديهي هو عودة الجماهير، لكن حتى ذلك الحين، لا تملك سوى المحاولة حتى تصل إلى ما تطمح وتحلم به.
ناقشني:
طالع أيضا
عودة خالد جلال للدوري الممتاز؟
رونالدو ذو القلب الكبير الذي لا تعرفه
الأهلي: فتحي وأجايي جاهزان لبيراميدز
حين أصاب الزمالك اليابانيين بـ"الحول"