كتب : عمرو عبد المنعم
المشهد الأول
المكان: غرفة في أحد البيوت المصرية
يجلس الأب (محمد) على الأريكة بينما صديقه (حسين) يقف أمام جهاز التلفاز محاولا تحريك جهاز استقبال البث الأرضي المثبت أعلى التلفاز للحصول على أفضل صورة ممكنة لمشاهدة مباراة فريقه المفضل صاحب اللون الأبيض.
يجلس الطفل بجانب والده وصديقه ليشاهد المباراة. يسمع حديث والده مع صديقه عن المباراة والفريق ذو اللون الأبيض، ويحتفل الطفل مع كل هدف يسجله الفريق الأبيض على طريقة والده.
يرتفع صوت المعلق عندما يسجل الفريق الأبيض هدفا، وفي الغرفة تسمع صوت تصفيق الأب وصديقه احتفالا بهذا الهدف.. يكتفي الطفل الصغير برفع يديه إلى أعلى ويصرخ "جووون" وهو ينظر إلى والده.
الطفل لا يعي من يكون هذا الفريق الأبيض لكنه اختار أن يشجعه منذ صغره.
المشهد الثاني
المكان: في الطريق من المنزل إلى النادي
صديق الأب يسير ممسكا بيد الطفل، الذي أصبح يبلغ 8 سنوات، متجها نحو نادي مزارع دينا لأن موعد التدريب اليومي للفتى اقترب.
كبر الطفل أكثر وانتقل من النادي الذي بدأ معه لعب كرة القدم، لكن النادي الجديد لم يكن يرتدي اللون الأبيض كما يحب بطل حكايتنا.. بل اللون الأصفر.
ظل الطفل مع فريقه الجديد أكثر من عامين وهو لا يزال يحلم بالانتقال للنادي الأبيض وارتداء قميصه.
لكن ما سيحدث لاحقا قد يُبخر حلمه باللعب للنادي الأبيض، أو لأي فريق آخر.
المشهد الثالث
المكان: أمام أبواب النادي الأصفر
خارج أسوار النادي الأصفر يقف الطفل بعدما قرر النادي الاستغناء عنه.
لا يعرف ماذا يفعل الآن، الحلم باللعب لفريقه المفضل يتبخر.
الحلم الآن أصبح أمنية الانضمام لأي ناد أو فريق يلعب معه كرة القدم، وإلا سيبتعد صاحب الـ13 عاما بشكل نهائي عنها مثله مثل الكثير من الأطفال في نفس عمره.
وبينما تتداعى الأفكار في رأسه سمع خبرا عن اختبارات كرة في ملعب قريب من منزله، اختبارات الناشئين في النادي الذي يعشقه.
جلس مصطفى محمد يبكي لأنه سيغادر الزمالك مرة أخرى للإعارة.. كان يرغب في الاستمرار مع الفريق رغم صعوبة حصوله على فرصة للمشاركة نظرا لوجود 4 مهاجمين في الفريق: باسم مرسي وكابونجو كاسونجو وبنجامين أشيمبونج ورزاق سيسيه.
قبل انتهاء فترة القيد بـ3 أيام تواصل عبد الظاهر السقا نجم منتخب مصر السابق والمدير الرياضي وقتها لنادي طنطا مع مصطفى محمد لإقناعه بالانضمام لفريقه.
رفض اللاعب وصمم على الاستمرار مع الزمالك.
كرر عبد الظاهر محاولاته لضم اللاعب مرة ثانية وثالثة وعقد معه جلسة في اليوم الأخير من فترة الانتقالات.
كان اللاعب يبكي ولا يريد الرحيل عن الزمالك لكن السقا أقنعه بصعوبة مشاركته في ظل وجود 4 مهاجمين في الفريق.
وأخيرا أقنعه بالتوقيع لنادي طنطا. خرج مصطفى محمد مرة ثانية للإعارة من الزمالك.
FilGoal.com توصل مع عبد الظاهر السقا للحديث عن مصطفى محمد، وقال مدافع منتخب مصر السابق: "عندما جلست معه أحسست أنه يريد البقاء مع الزمالك وكان يبكي لأنه سيرحل، لكني أقنعته بالانضمام لطنطا ليشارك كثيرا ويتألق ومن ثم يعود مرة أخرى للقلعة البيضاء".
وواصل "كنت متأكد أن طموحه ورغبته في العودة للزمالك ستقوده للنجاح معنا وهو ما حدث بالفعل، رأيت فيه عمرو زكي جديد".
ووجه السقا نصيحة لمهاجم الزمالك قائلا "يجب أن يعمل كثيرا لتطوير نفسه سواء داخل الملعب أو خارجه وأيضا من الضروري أن يثقف نفسه كثيرا، كما يجب أن يكون هناك اهتمام أكبر من المسؤولين عن كرة القدم في مصر به ولا نترك الظروف أن تتحكم في مستقبله، لأنه سيكون مهاجم المنتخب في السنوات المقبلة".
مع طنطا وتحت قيادة الثنائي خالد عيد وأسامة عرابي لعب مصطفى محمد 23 مباراة في الدوري سجل خلالهم 6 أهداف وصنع آخر.
ويكشف خالد عيد لـFilGoal.com: "مصطفى يحب التمرين كثيرا وكان يطلب مني تخصيص فقرات تدريبية إضافية مختلفه له ليحسن من مستواه".
وتابع "إنه يشبه جمال عبد الحميد في بداياته لكنه يمتاز عنه بالقوة البدنية، أنصحه بتطوير وتحسين نفسه داخل الملعب وتغيير شكل حياته خارج الملعب حتى يظهر بمستوى أفضل ويستمر في تقديم أداء جيد لسنوات طويلة".
كما حكى أسامة عرابي لـFilGoal.com: "كان من الصعب علي إقناعه بالخروج من أرض الملعب بعد انتهاء التدريبات، وكان يطلب مني تخصيص فقرات إضافية له، هو حقا لاعب مقاتل".
واستمر في الإشادة به "يمتاز بالتسديد القوي بالقدمين وهي الميزة غير المتوفرة كما يلعب بشكل جماعي مع زملائه جيدا".
المشهد التاسع
المكان: ملعب طنطا الرياضي
الحدث: مباراة طنطا ضد الاتحاد السكندري
مستوى جيد يقدمه مصطفى محمد مع طنطا جعله ينال إشادة الجميع، ولكن بشكل مفاجئ تعرض لإصابة قوية خلال مباراة طنطا والاتحاد السكندري.
التشخيص المبدئي للإصابة قطع في الرباط الصليبي.
إصابة قوية في توقيت صعب للمهاجم الشاب الذي يمر بفترة جيدة في بداية مسيرته الكروية.
أجرى فحوصات طبية مرة أخرى وأكدت إصابته بقطع في الرباط الخارجي للركبة وليس الرباط الصليبي.
اللاعب خضع لجراحة وسيغيب عن الملاعب لمدة 3 أشهر، وغاب بالفعل عن المباريات الأخيرة لفريق طنطا في الدوري.
انتهى الموسم وعاد مصطفى محمد للزمالك بعد نهاية إعارته لنادي طنطا، ثم خرج مرة ثالثة للإعارة وهذه المرة مع طلائع الجيش.
المهاجم الشاب لا يمانع في الخروج للإعارة لمرة ثالثة قد تكون سببا في عودته بشكل نهائي للزمالك ليقود هجوم الفريق الأبيض وتحقيق حلمه الأول.
بدأ موسم 2018/2019 وتألق مصطفى محمد من بدايته تحت قيادة محمد حلمي، وحتى نهاية الموسم كان أحد هدافي الدوري المصري.
صاحب الـ21 عاما توج تألقه مع طلائع الجيش بالانضمام لمنتخب مصر لأول مرة في مسيرته مع المدرب المكسيكي خافيير أجيري وشارك في مباراة نيجيريا الودية.
أنهى مصطفى محمد الموسم مع طلائع الجيش مسجلا 12 هدفا وصنع أيضا 5 أهداف خلال 29 مباراة لعبها مع الفريق العسكري.
12 هدفا مع طلائع الجيش في موسم واحد كانت كافية لعودة مصطفى محمد للزمالك وعدم خروجه للإعارة للمرة الرابعة.
المشهد الأخير
المكان: استاد الإسماعيلية
الحدث: نصف نهائي كأس مصر
عاد مصطفى محمد للزمالك وشارك في الشوط الثاني من مباراة ديكاداها بطل الصومال في ذهاب الدور التمهيدي الأول لدوري أبطال إفريقيا وظهر بمستوى جيد.
ثم غاب عن لقاء مصر للمقاصة في ربع نهائي كأس مصر، وعاد للمشاركة في مباراة العودة ضد بطل الصومال تحت قيادة المدرب الصربي الجديد ميتشو.
ليتألق مصطفى محمد ويسجل هدفين الأول منهما من صناعة شيكابالا ليحقق أحد أحلامه في كرة القدم باللعب جوار قائد الزمالك وينال ثقة الجماهير البيضاء.
وجاءت اللحظة الفارقة لمصطفى محمد مع الزمالك في مباراة نصف نهائي كأس مصر ضد الاتحاد السكندري.
لم يبدأ المهاجم الشاب المباراة وظل على مقاعد البدلاء، قبل أن يشارك في الشوط الثاني والنتيجة تشير إلى التعادل السلبي.
اتجهت المباراة للوقت الإضافي ويظهر مصطفى محمد مسجلا هدف فوز الزمالك بعد ركلة ركنية نفذها شيكابالا أيضا.
وعندها.. أصبح مصطفى محمد بطلا جديدا لجماهير الزمالك بعد قيادته للفريق لنهائي الكأس.
في النهائي شارك أساسيا وساهم في فوز فريقه على بيراميدز بثلاثية دون رد ليحصد لقبه الأول مع الزمالك: بطولة كأس مصر.
الطفل الذي أحب الزمالك دون أن يعرفه، تحققت أحلامه مع الفريق الأبيض واحدا تلو الآخر، وها هو الآن يقود كتيبة التأهل إلى الأولمبياد بـ4 أهداف في 4 مباريات في كأس أمم إفريقيا تحت 23 عاما.
* * * *
رسومات: أحمد نبيل
أجرى الحوارات مع كل من: خالد عيد - أسامة عرابي - عبد الظاهر السقا - طارق السيد: الزميل أحمد شاكر
أجرى الحوار مع أحمد حسام ميدو: الزميل أحمد العريان
المصادر: https://bit.ly/2lK1brY
طالع أيضا
مصطفى محمد: نريد ميدالية أولمبية
شوقي غريب: إنجازنا بمثابة اعتذار عن إخفاق المنتخب الأول
فضل: ليس ضروريا انضمام 3 لاعبين فوق السن للمنتخب الأولمبي
الفراعنة يتأهلون لأولمبياد طوكيو 2020
مدغشقر تتألق في تصفيات كأس إفريقيا