كتب : إسلام أحمد
في 2015 أنهى منتخب تشيلي انتظار أمة لمدة 99 عاما وحقق لقب كوبا أمريكا على الملعب الوطني في العاصمة سانتياجو لأول مرة في تاريخه.
وبعد أقل من أسبوعين كان الملعب ذاته يستضيف نهائي كوبا ليبرتادوريس الذي يقام لأول مرة في على أرض مُحددة سلفا في نسخته الـ 60، لكن تم سحب التنظيم من تشيلي بسبب المظاهرات التي تعّم البلاد مؤخرا.
الفرحة التي رسمها أليكسيس سانشيز على وجوه الشعب التشيلي لم تكن كذلك سابقا ضمن عديد الفصول التي شهدها الملعب الوطني منذ تأسيسه عام 1938.
أسوأ مباراة في كأس العالم بين تشيلي وإيطاليا، انتهت بفوز تشيلي 2-0 أقيمت على أرضية الملعب الوطني، وسط تدخلات قوية واعتراضات ومشاكل سياسية بسبب صحفيين طليان لكن الأسوأ قادم.
بالعودة إلى سبعينيات القرن الماضي، ألقت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي بظلالها على تشيلي.
سلفادور أليندي تولي رئاسة تشيلي عام 1966 لكن علاقاته الشيوعية تسببت في ظهور مشاكل مع العاصمة الأمريكية التي تُبعد 5000 كيلومتر الداعمة للرأسمالية.
ولم يكن للولايات المتحدة أي مشكلة في تهديد الديموقراطية في ذلك الوقت ضد أعداءها خاصة الدول القريبة منها.
النتيجة كانت مظاهرات مدعومة من أجهزة المخابرات الأمريكية للتصويت من أجل إبعاد أليندي عن السلطة بعد 3 سنوات من توليه الحكم ومن ثم أصبح الديكتاتور أوجوستو بينوشيه رئيسا للبلاد ضمن الخطة الأمريكية.
أعلن الديكتاتور خططه لإعادة الإعمار الوطني، وشرع في حظر الأحزاب السياسية المُشكّلة في السابق وتم انتهاك حقوق الإنسان للعديد من المواطنين كوسيلة للقضاء على المعارضة من أجل الاحتفاظ بالسلطة ومكافحة أي تهديد محتمل للشيوعية.
وعندما حانت لحظة تسليم السلطة انتحر أليندي.
في الأشهر التي تلت ذلك، والتي استمرت حتى عام 1990، اختفى الآلاف المشتبه في معارضتهم سياسيا للنظام الجديد، وتم إحراق أي محاولات وكتب لا تشارك وجهة نظر الحاكم الجديد.
وكانت كرة القدم واجهة خاصة الملعب الوطني، حتى جاءت محاولة المنتخب التشيلي للتأهل إلى كأس العالم 1974 وخوض مباراة فاصلة أمام الاتحاد السوفيتي.
مباراة كرة قدم ذات أبعاد سياسية.
حكومة ليونيد بريجنيف قللت الإمدادات عقب الانقلاب المدعوم من الولايات المتحدة، وزاد التوتر بين تشيلي ودول أوروبا الشرقية وانتهت بقطع العلاقات بشكل تام مع الاتحاد السوفيتي.
وجاءت المباراة في غير موعدها تماما في ظل التوتر السياسي عام 1973، مباراة الذهاب في موسكو انتهت بدون أهداف، ومباراة الإياب في تشيلي على الملعب الوطني.
الملعب تحوّل في تلك الفترة لمعسكر اعتقال السجناء السياسيين والذي وصل عددهم إلى 7000 وفقا لتقارير الاتحاد السوفيتي والناجين الذي تعرضوا للتعذيب والقتل على نفس الأرضية التي شهدت أهدافا للاروخا.
أباء وأمهات عانوا من ولايات النظام الديكاتوري على ملعب شهد ثنائية زامورانو وسالاس لاحقا، إلى جانب 12 ملعبا آخرا في أنحاء البلاد.
ورفض الاتحاد السوفيتي خوض المباراة احتجاجا على ما حدث في الملعب "لن نلعب هنا، هذا الملعب مكانا للدم".
وقرر الاتحاد الدولي الانتظار من أجل تحديد إن أمكن إقامة المباراة على الملعب من عدمها، وأرسل وفدا لمعاينة الملعب وسط محاولات من المسؤولين إبعادهم عن جرائمهم.
وجاء القرار بخوض المباراة على ملعب تم احتجاز المعارضين في غرف دون سماع أصوات لهم والمتواجدين تحت البوابة الثامنة.
كانت غرفة الملابس الشمالية في مركز حمام السباحة، والتي تسمى "الحلزون"، إلى جانب النفق الجنوبي الغربي، تُعرف باسم "طريق الموت".
وفي 11 سبتمبر 1973، وقت المباراة ظهر لاعبو منتخب تشيلي في حين لم يسافر منتخب الاتحاد السوفيتي من الأساس لخوض المباراة.
لابد من إقامة المباراة لاحتساب فوز تشيلي، وأقيمت المباراة وسجل لاعبو تشيلي هدفا في الشباك الخالية وأطلق الحكم صافرة النهاية.
حققت تشيلي الفوز بنتيجة 2-0 بقرار من فيفا وتأهلت إلى كأس العالم 1974.
كارلوس كازالي مهاجم منتخب تشيلي تذّكر واحدة من أشهر مباريات بلاده قائلا: "كان الأمر محرجا أمام العالم كله".
ثم واصل عن لقاء بينوشيه قبل السفر إلى ألمانيا لخوض نهائيات المونديال: "فُتحت الأبواب وظهر رجلا يرتدي قبعة الجيش ونظارة سوداء، شعرت برعشة باردة في ظهري كأنني رأيت هتلر ومن خلفه 5 أشخاص، وعندما اقترب منا وضعت يدي خلفي ولم أُسلم عليه".
كازالي عُرف عنه مساندة الأحزاب اليسارية، وبسبب ما قام به تم إلقاء القبض على والدته وتعذيبها، ولم تفلح تشيلي في الوصول بعيدا دون الفوز في أي مباراة في كأس العالم 1974.
وعند العودة إلى البلاد مجددا أمتلئت البلاد بما يزيد عن 40 ألف مسجون سياسي تعرضوا للتعذيب والإعدام داخل الملعب الوطني في تشيلي.
وعقب الإطاحة ببينوشيه أصبح الملعب هو مركز الاقتراع الأول للانتخابات الرئاسية بعد 17 عاما من الديكتاتورية.
في 2003 تم منح البوابة الثامنة التي تظهر باللون الأصفر فئة النصب التذكاري بقرار رئاسي تكريما لضحايا الديكتاتورية الفترة ما بين 1973 و1990.
وتظل تلك المقاعد دون تغيير وخالية حتى الآن، ووضّعت لافتة: "شعب بلا ذاكرة هو شعب بلا مستقبل".
فيديو في الجول – كلوب وحكاية الخطبة التاريخية قبل رباعية برشلونة.. ولماذا لم يشاهد اللحظة الماكرة
الأهلي لـ في الجول: حمدي فتحي يجري جراحة الغضروف في ألمانيا
شاهد - 127 ثانية توضح كيف تفوق كلوب على جوارديولا
طارق يحيى لـ في الجول: الزمالك وافق على العرض المغربي
مدرب رينجرز لـ في الجول عن الوقوع مع المصري وبيراميدز: مجموعتنا الأقوى