بعد سنوات من التعاقد مع نجوم المجرة قرر فلورنتينو بيريز تغيير عادته في الشراء والاتجاه لضم المواهب الشابة المتوقع لها نجاحا باهرا؛ بدأت ثمار هذه السياسة تظهر في ريال مدريد.
قرار بيريز بانتداب الشباب لتدعيم الفريق جاء توفيرا للأموال ولمحاربة تضخم الأسعار مثلما صرح من قبل.
التواصل مع أبرز الكشافين حول العالم أصبح أكثر لإلتقاط من يحملون جينات البطولة، والهدف كان واضحا: التعاقد مع موهبة شابة بمبلغ متوسط، وتواجده مع الكاستيا لموسم أو إعارته لأحد الفرق؛ ليعود جاهزا للفريق الأول.
ماركو أسينسيو كان أبرز الأسماء التي تم معها هذا الأمر. تم شراءه من ريال مايوركا مقابل 3.5 ملايين يورو في ديسبمر 2015 واستمر مع مايوركا حتى نهاية الموسم، ثم خاض موسم 2015-2016 معارا لإسبانيول قبل أن يبدأ رحلته مع الفريق الأول بداية من موسم 2016-2017.
أما في الموسم الحالي، وبعد سوق انتقالات أنفق فيه ما يزيد عن 300 مليون يورو، لم تسد كل حاجة الفريق؛ وجد زين الدين زيدان المدير الفني ضالته في "جواهر بيريز" التي استثمر فيها أموال ريال مدريد، الثنائي: فيدي فالفيردي ورودريجو.
تكرار إصابة لوكا مودريتش وعدم وجود لاعب وسط يتمتع بنزعة دفاعية جعل فالفيردي الاختيار الأول لزيدان لتعويض النجم الكرواتي.
بمجرد مشاركة فالفيردي بشكل أساسي؛ تحول شكل ريال مدريد. الأورجواياني الشاب أضاف حيوية وقوة بدنية لخط الوسط.
لكن الأهم هو إن فالفيردي لاعب وسط شامل، قادر على اللعب في مركز 8 "box-to-box" أو كلاعب ارتكاز، وما زاد من خبراته هي فترة إعارته لديبورتيفو لاكورونيا بعد موسم قضاه مع الفريق الثاني لريال مدريد بعد انتقاله للفريق قادما من بينارول الأورجواياني مقابل 5 ملايين يورو في موسم 2016-2017.
هنا مثلا ضد غرناطة، استحوذ على تمريرة كاسيميرو وقاتل على الكرة وضغط حتى صنع أولى أهداف إدين هازارد مع ريال مدريد.
القوة البدنية ليست ميزته فحسب، وإنما التحرك في المساحات وصناعة الفرص.
هنا تحرك في المسافة بين الظهير وقلب الدفاع وتفوق على لاعب الارتكاز وقدم فرصة لكريم بنزيمة.
وهنا ومن وسط الملعب مرر تمريرة حريرية لبنزيمة أيضا.
ولا يكتف فالفيردي بالتمرير فحسب، بل التحرك أيضا.
ضد غرناطة، تحصل فالفيردي على الكرة ومرر لهازارد واستمر في الركض حتى توغل لمنطقة الجزاء ليجذب أنظار المدافعين ويُحدث فراغ يتحرك فيه النجم البلجيكي. تلك الهجمة انتهت بهدف من تسديدة لمودريتش.
تلك القوة البدنية والقدرة على الالتحام وتغطية مساحات واسعة في أرض الملعب، بالإضافة للمسة الرائعة للكرة وتقديم الفرص للتسجيل، كان يفتقدها ريال مدريد، حتى بوجود مودريتش بجوار كاسيميرو وتوني كروس.
لذلك وبسبب المجهود الذي يبذله فالفيردي دفاعيا، رأينا كروس يتحرر هجوميا ويتقدم لمنطقة جزاء المنافس ويسجل، مثلما ظهر ضد جالاتا سراي وليجانيس، لأنه لم يعد يخش التقدم وترك المساحات خلفه لأن كاسيميرو أصبح يجد المساعدة من فالفيردي، وهو الدور الذي لم يكن مودريتش يقدمه خصوصا في مسألة الالتحام.
وبعد 361 دقيقة مع ريال مدريد في الدوري الإسباني، يمتلك فالفيردي معدل رائع دفاعيا، فخلال 90 دقيقة يستخلص الكرة 1.3 ويفوز بصراع هوائي.
وهجوميا يصوب فالفيردي بمعدل مرة في اللقاء مع صناعة 3 فرص للتسجيل في الدوري ومثلهم في دوري أبطال أوروبا.
لكن ما لا يقاس بالأرقام هو تحركات فالفيردي في أرض الملعب، خصوصا تواجده في منطقة الجزاء أثناء الكرات العرضية، وعمل زيادة عددية.
ورغم تميز فالفيردي إلا أنه لم يكن لينضم لريال مدريد لأن أطباء الفريق كتبوا في تقريرهم بعد إجراء الكشف الطبي إن فالفيردي يعاني من سوء تغذية وجسمه غير قابل للنمو، كما صرح نيستور جونكالفيز لصحيفة "ماركا" الإسبانية أن قدمه طويلة وضعيفة.
لكن خوني كالفات أحد الكشافين الذي يتعمل معهم ريال مدريد أصر على أن تتم الصفقة، وهو ما حدث في النهاية ليفوز الفريق الملكي بلاعب وُصف بـ "بوجبا ريال مدريد" بحسب "ماركا".
ورغم أن زيدان رفض تشبيه فالفيردي ببوجبا حين قال: "هو (فالفيردي) ليس النسخة الأقل سعرا من بوجبا"، إلا أن الأورجواياني يقدم القليل من بوجبا بالركض بطول وعرض الملعب والمساهمة هجوميا مع التزام دفاعي أكبر.
والقليل من بوجبا يعد كافيا لكي يقدم ريال مدريد زيدان أداء أفضل.
أما رودريجو جويس فأضاف للفريق ميزة لم تكن موجودة منذ رحيل كريستيانو رونالدو عن الفريق، وهي الجناح الهداف.
صاحب الـ18 عاما القادم من سانتوس مقابل 40 مليون يورو أثبت قدرته وجودته وأن المبلغ الذي دُفع فيه لم يكن كبيرا مقارنة بما قدمه وقوة شخصيته، فرودريجو لم يحتج أكثر من لمستين لتسجيل أولى أهدافه الرسمية مع ريال مدريد.
جويس سجل هدفين في الدوري الإسباني و3 في دوري أبطال أوروبا في 6 مباريات خلال 370 دقيقة، هذا بالإضافة لتسجيل هدف مع الفريق الثاني "كاستيا" خلال مباراتين لعبهما في الدرجة الثالثة هذا الموسم.
ليكون قد عادل عدد الأهداف التي سجلها ثان هدافي ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا في الموسم الماضي -جاريث بيل- وبهدف أقل عن بنزيمة الذي سجل 4 أهداف.
أما في الدوري فلم يسجل أي جناح أكثر من هدفين باستثناء بيل الذي سجل 8 أهداف خلال 29 مباراة.
أهداف جويس الـ5 جاءت من 11 تسديدة، فهو يمتلك دقة عالية في التسجيل ولا يُهدر العديد من الفرص أمام المرمى.
وما يميزه أيضا هو التحرك للوصول للمرمى واستخدام أسهل أسلوب للتسجيل، مع التنوع، حيث يسجل بالقدم اليمنى واليسرى والرأس.
تسجيل رودريجو للأهداف قد يجعل خط هجوم ريال مدريد أكثر تكاملا، وربما يقلل من الدعوات التي تطالب بحصول لوكا يوفيتش على فرصة، لأن الميرينجي وجد من يسجل له.
ورغم صغر سنه إلا أنه تأقلم في مركز الجناح الأيمن رغم إنه يلعب كمهاجم صريح أو جناح أيسر مع سانتوس ومنتخب البرازيل للشباب.
وبجانب التهديف، فرودريجو لا يكل من صناعة الفرص للتسجيل.
8 فرص للتسجيل قدمها رودريجو خلال الدقائق التي شارك بها في دوري أبطال أوروبا والدوري الإسباني.
اللعب بشكل مباشر على المرمى واستطاعته شغل مركز المهاجم الصريح والجناح الأيمن والأيسر، يجعل رودريجو نسخة مصغرة -مع الفارق- من كيليان مبابي نجم باريس سان جيرمان، وهو أيضا أحد الأسماء التي يرغب زيدان في ضمها لريال مدريد.
ومع ذلك يقدم رودريجو أداء دفاعي رائع بالعودة لمساندة الظهير الأيمن حتى مناطق ريال مدريد، وهو ما ظهر بوضوح ضد جالاتا سراي في المباراة التي لعبت في تركيا.
تألق فالفيردي ورودريجو لن يمنع ريال مدريد من استهداف بوجبا ومبابي وأسماء أخرى لضمها في نوافذ الانتقالات القادمة، فلوكا مودريتش وصل لعامه الـ34، وبنزيمة أصبح في الـ31 من عمره، وزيدان سيحتاج للاعبين أكثر وعمق في تشكيلته حتى مع تطويرهم للاعبين الشباب.
أو قد يؤجل انتداب ريال مدريد للنجوم، وربما يساعد الإدارة في التفاوض مع الأندية الأخرى، لأن مسألة التعاقد مع النجوم لم تعد مسألة حياة أو موت بالنسبة للفريق.
والآن يبدو وأن سياسة بيريز آتت ثمارها وساعدت الفريق في سد ثغراته في الوقت الذي كان يحتاج فيه لدماء جديدة لتكون حتى الآن سياسة ناجحة في ريال مدريد.
طالع أيضا
البدري يعترف: مركز مهاجم مصر صداع في رأسي
مواعيد مباريات السبت الناري "كالعادة"
أجيري يعرقل سوسيداد في أول مباراة مع ليجانيس
منتخب مصر لكرة السرعة ينسى الكأس في فرنسا بعد تتويجه ببطولة العالم