أنا مارادونا (13) - عن كراهية إسرائيل .. فضيحة الفيفا .. وعار الكاميرون
الأربعاء، 30 أكتوبر 2019 - 12:53
كتب : أحمد مصطفى
"حدث أمر غريب خلال قرعة مونديال 1990 لم أعرف سره حتى الآن.. قمت بزيارة القدس قبل البطولة، أفزعني الجنود الإسرائيليين..كنت مهددا بالاستبعاد من البطولة..سان سيرو مشحون بالكراهية ضدي..أسوأ هزيمة في حياتي امام الكاميرون".
كل ما سيتم ذكره الآن، نُشر على لسان مارادونا في كتاب "أنا الدييجو".
فزت بالدوري الإيطالي للمرة الثانية مع نابولي، كنت في أفضل حالة بدنية في مونديال إيطاليا 1990، أفضل مما كنت في المكسيك 1986 رغم أنني كنت أصغر سنا، في 90 أصبحت خبيرا، لا شابا ولا عجوزا.
- تلاعب في القرعة؟؟
حدث أمر غريب في القرعة لم أفهمه حتى الآن.
كنا نحن والبرازيل على رأس مجموعتين، أخبرونا أنه يجب تجنب أن تقع كولومبيا أو أوروجواي في نفس المجموعتين، كي لا يقع منتخبان من أمريكا الجنوبية سويا.
لذا فإن أول منتخب أوروبي سيسحب من القرعة سيقع في مجموعة الأرجنتين، وأول منتخب من أمريكا الجنوبية سيلعب في مجموعة إيطاليا.
أول منتخب أوروبي تم اختياره كان تشيكوسلوفاكيا، لكن بدلا من أن تلعب في مجموعتنا انتقلت الى مجموعة إيطاليا، بينما وقع منتخب الاتحاد السوفيتي معنا.
في تصريحاتي الصحفية آنذاك كنت أسأل عن السر..لكن لم أجد إجابة.
- زيارة مفزعة للقدس:
قبل ثلاثة أشهر من المونديال كنت أعاني من الإصابات، وازداد وزني 6 أو 8 كيلوجرامات، لكنني بدأت فترة اعداد للاستعداد للبطولة، حتى أنني تدربت مع بطل سباقات الدراجات العالمي فرانشيسكو موسير..واشتريت جهازا رياضيا بـ60 الف دولار لرفع لياقتي.
لعبنا ثلاث وديات قبل المونديال، تعادلنا مع النمسا وسويسرا 1-1 وفزنا على إسرائيل 2-1 ، أصبحت مواجهة إسرائيل عادة قبل كل مونديال، انتصرنا عليهم قبل التتويج في 86 ، صارت تميمة حظ.
قمت بزيارة حائط البراق (حائط المبكى) في القدس، شعرت بالفزع من منظر الجنود الإسرائيليين، لم أفهم كيف يمكن في مكان مقدس كهذا أن أتنفس كل تلك الكراهية.
- البحث عن شريك:
كنت أشعر بأنه ينقصني شيء قبل البطولة، كنت في حاجة لشريك في الملعب.
لا يوجد فالدانو الآن، كنت مقتنعا بأن رامون دياز سيكون شريكا جيدا، لكن بيلاردو لم يختره، إذا كانيجيا هو الحل.
بيلاردو لم يكن يريد الاستعانة به في البداية، قلت في نفسي "لن ألعب المونديال بدون كانيجيا".
بيلاردو قتل فالدانو وتاتا براون بعدم اختيارهما، كنت أراهما في حالة بدنية مهيأة للعب، لكن باستبعادهما بداع الإصابة شعرت أنني وحيد.
هذا يثبت كذب من يدعون بأنني كنت أختار أصدقائي في المنتخب، فالدانو كان صديقي وتم استبعاده..لم أتناقش مع بيلاردو في اختياراته.
- رعب الغياب عن المونديال:
الأمر المزعج قبل مباراتي الأول كان تورم إصبع قدمي الكبير.
في المباريات الودية، وخاصة امام إسرائيل، كانوا يدهسون قدمي، ظفر الإصبع خرج من مكانه، غطيته بقطن وارتديت حذاءا أكبر، لكن ظلت الآلام مستمرة، لم أستطع التدرب.
شعرت بالرعب من احتمالية الغياب عن مباريات المونديال، بيلاردو لم يكن ينام، كان يفكر في ظفر إصبعي.
الصحف ووسائل الاعلام كانت ترى أن فرص الأرجنتين في المنافسة متوقفة على حالتي، الأرجنتين هي مارادونا فقط بالنسبة لهم.
الطبيب ديل مونتي صنع لي واقيا للإصبع من ألياف الكاربون، كان اختراعا يشبه اختراع الطائرة.
فالدانو أصبح صحفيا بعد استبعاده، من إسبانيا كتب "لا داع للقلق على الأرجنتين، الموهبة الكروية الأعظم في العالم لا تزال في الحفظ والصون، داخل جسد دييجو أرماندو مارادونا، الكنز يوجد بين عظامه وداخل عضلاته، الأعجوبة لا تزال حية".
- فضيحة الكاميرون:
مباراتنا الأولى كانت امام الكاميرون في سان سيرو.
كنت أعرف أنني سأتعرض لكثير من الصافرات والشتائم بمعقل ميلان.. أعدائي.. لكنني تلقيت مكالمة من نابولي، أخبروني أنني سأجد أفضل استقبال في ملعب سان باولو في المباراتين التاليتين امام رومانيا والاتحاد السوفيتي، هذا حفزني كثيرا.
المشكلة أن المعسكر كان أشبه بمستشفى، الإصابات ضربت لاعبين كثيرين، العمود الفقري للمنتخب تعرض للكسر.
لم يكن يثق بنا أحد، تماما كما حدث قبل بطولة 86.
لم نكن مرشحين رغم أننا أبطال اللقب السابق، هولندا وإيطاليا كانتا واثقتان من التتويج، حتى الكاميرون قالت أنها لا تخشى الأرجنتين.
كانت شهرة الأرجنتين بين دول العالم في هذا الوقت مرتبطة بي، الجميع يقولون "لا نعرف شيء عن الأرجنتين سوى مارادونا"، لذا تم تعييني سفيرا رياضيا للبلاد، ومنحني الرئيس كارلوس منعم جواز سفر دبلوماسي.
مباراتنا الأولى، 8 يونيو 1990 ، صرخت لتحميس اللاعبين قبل اللقاء بصفتي القائد "هيا..لنبدأ الحفل..نحن أبطال العالم" .. لكني شعرت بالفشل.
سمعت صافرات استهجان مفزعة تكاد تصيب الآذان بالصمم، لم أسمع النشيد الوطني من كثرة الصافرات، كنت أقف ضد كل من في الملعب، حاولت التماسك ورفع معنويات زملائي.
قبل صافرة البداية جاء مدافع كاميروني يدعى "ماسينج" ليصافحني ويبدي إعجابه بي، وبعد دقائق أوسعني ضرب في الملعب.
المباراة انتهت بالنسبة لي بعد نصف ساعة، بعدما سجلت الكاميرون هدفها، كنت كالحاضر الغائب، لم أصدق كيف تعرضنا لتلك الهزيمة الغبية والظالمة، هزيمة كنا نحن السبب فيها، لم تفز علينا الكاميرون، بل نحن الذين خسرنا.
سألت الجميع "ألم يكن أحد قادر على منع رأسية أومان بيك؟؟".
عشت الكثير من الإخفاقات في حياتي، لكن تلك الهزيمة كانت الأكثر ألما ومفاجأة لي، الفيفا وحكامها استمروا في سياسة اللعب النظيف وسمحوا للاعبي الكاميرون بضربنا، لكن هذا ليس عذرا.
في المؤتمر الصحفي تحدثت بسخرية، قلت أن "الأمر الوحيد المفرح بالنسبة لي في المباراة هو توقف الإيطاليين عن العنصرية لأول مرة، اليوم كانوا يشجعون الأفارقة السود".
ساد صمت طويل بيننا، صمت الخزي والعار.
كسر حاجز الصمت خطاب بيلاردو لنا في الطائرة، قال "بعد تلك الهزيمة أمامنا حلين: إما الوصول للنهائي، أو أن تسقط بنا الطائرة قبل العودة للأرجنتين"..قلت له في حماس "سنصل للنهائي".
العالم كله كان يتحدث عن خروجنا من البطولة مبكرا..أنا الوحيد الذي كان يرى الأرجنتين في النهائي.
طالع أيضا
عبد الحفيظ: فايلر طلب عدم بث مباراة كانو سبورت
فتحي: أزمة الشارة انتهت من قبل أن تبدأ
طالع موعد مباراتين ناريتين يوم الأربعاء في كأس الرابطة الإنجليزية
فتحي يكشف لماذا رفض التساوي مع أبو تريكة