حتى الآن لا أحد يعرف السبب الحقيقي الذي أدى لوفاة 71 مشجعا وإصابة 150 آخرون في ملعب مونيمنتال في الأرجنتين عقب نهاية مباراة ريفر بليت وبوكا جونيورز.
مواجهة في الدوري الأرجنتيني بين الفريقين انتهت بالتعادل السلبي في 23 يونيو 1968، ولم يتوقع أحد أن تؤول الأمور عقب النهاية وتتحول لأكبر كارثة في تاريخ كرة القدم الأرجنتينية.
"البوابة 12" أو "باب الرعب" كما أُطلق عليه عبر صحيفة "إل جرافيكو"، ذكرى مر عليها 51 عاما ولا تزال مؤلمة مثل كوارث أخرى عبر تاريخ كرة القدم.
درجة الحرارة وصلت إلى 12 درجة مئوية واحتشد في ملعب مونيمنتال 90 ألفا في المدرجات.
البعض يُرجع الأمر إلى أن جماهير بوكا جونيورز اشعلت النيران في علم ريفر بليت في المدرجات العلوية وإلقاءها على مشجعي المُدرج السفلي.
والبعض الآخر يُرجع ما حدث لهجوم جماهير ريفر بليت على جماهير بوكا جونيورز ما أدى لتدافع جماهير الأزرق والأصفر نحو بوابة المدرج رقم 12 المُغلقة وحدوث الكارثة.
ألبرتو فيليجاس وكارلوس ألسينا عبروا شارع فيجيروا ألكورتا وجلسا على الرصيف أمام الملعب عقب النجاة من الأحداث المتلاحقة وحاولا فهم ما حدث ثم عادا سويا للمنزل.
ألسينا قال لصحيفة "إل جرافيكو" في تقرير نُشر عقب مرور 40 عاما على الأحداث: "في سن العشرين، تتعامل مع الأمور بشكل غير طبيعي".
وواصل "دخلنا في ممر ضيق لم يكن هناك ضوء في القسم الأخير".
فيما وصف فيليجاس ما حدث: "كان لدي شعور سيء، وكنت أرغب في الخروج بسرعة، كان هناك أدرينالين غريب".
لكي تخرج من المدرج رقم 12 عليك أن تخطو 80 خطوة للخروج من المدرجات نحو الخارج، ويستوعب 15 شخصا كحد أقصى، لكن ما حدث كان عكس هذا.
فيليجاس يسرد الأحداث نحو البوابة 12 بآسي: "انتهى الأمر بالجميع عند ذلك الباب للخروج، سمعت صرخات بائسة وعدد الضحايا ازداد على الأرض وفي غياب الهواء ارتفع الجنون".
"لقد نجونا لأننا كنا في الوقت المناسب والمكان المناسب، كان أمامنا شخص على بُعد 5 أمتار ولم يحسّب الأمر ثم سقط وسط الحشود".
"في البداية حاولت أن أخطو خطوتين وبعد الخطوة الثالثة اضطررت للقفز من أجل تخطيهم ووقعت على ركبتي".
"عندما نظرت لكارلوس كان الجميع يتدحرجون على السلالم رأسا على عقب، أتذكر أن أحدهم سقط على رقبته ومات وهذا المشهد الفظيع لم أنساه".
خلال 10 دقائق فقط توفي 71 شخصا والجثث كان أغلبها لأعمار تتراوح بين الـ 13 والـ 20.
أرييل أنجيل داسو محامي ريفر بليت في ذلك الوقت دافع عن عدم مسؤولية النادي قائلا وألقى باللوم على المشجعين "لقد كانت البوابة مفتوحة وما حدث نتج عن سوء تصرف الجماهير".
بينما ألقى ويليام كينت رئيس ريفر بليت في ذلك الوقت بالمسؤولية على رجال الشرطة "كان حدثا مؤسفا، نحن آسفون، كلنا مذنبون بما حدث لأن علينا أن نتعلم البقاء لفترة أطول في المدرجات بعد انتهاء المباراة".
وواصل كينت محاولاته لتبرئة النادي "بعض المشجعين قاموا بإلقاء أكواب من القهوة مليئة بالبول على عناصر الشرطة وهو ما تسبب في قمع الشرطة وتحول الأمر في النهاية لمأساة".
ألسينا عاد ليسرد ما رآه "الباب لم يكن مغلقا كل ما أغلق المكان كان المشجعون والذي بدا أن الأمر بمثابة فخ مميت".
فيليجاس واصل تذكر الأحداث المأسوية "حاولت أن أنقذ أحد الأشخاص والذي طلب مني ذلك وكانت عيناه مليئة بالدم من الضغط".
"لقد تساقط الناس على بعضهم البعض حتى أصبحوا جدارا ولم أستطع إخراجه، ثم جاءت الشرطة وأخرجتني من المكان".
إنريكي أكونيا أحد المشجعين الناجين وفقا لصحيفة "كلارين" الأرجنتينية قال شهادة عكس تلك تماما "قبل 10 دقائق من نهاية اللقاء لم تكن البوابات مفتوحة وتوفي ابني البالغ 10 أعوام وأردت الخروج به على يدي لكن لم أستطع، كانت البوابات مغلقة".
"الأسوأ كان عقب فتحها عندما التقينا مع من كانوا في المدرجات الأمامية".
وميجيل دوريو نجا من تلك الفاجعة وتذكر كيف خرج سالما من المدرجات "بدا الأمر عاديا ثم ازداد الضغط وفجأة تراكم العديد نحو البوابة وكنت رفقة صديقي الذي مات وتم إنقاذي بواسطة معجزة".
وواصل "بدأ الصراخ والذعر ولم أستطع التنفس، لقد تم إنقاذي لأنني كنت الأصغر وسط الموجودين كنت في الرابعة عشر من عمري، ولم أذهب منذ ذلك الحين لأي مباراة".
هنا ظهرت أكثر من فرضية عن تسبب الشرطة في الأمر عندما وضعوا أعمدة أمام باب الخروج وهو ما أدى لتكدس الجماهير ووفاة ذلك العدد.
فرضية رابعة ظهرت بسبب قمع الشرطة لجماهير بوكا جونيورز الذين تمت إعاقتهم عن طريق رجال الشرطة بسبب غنائهم ضد النظام الديكتاتوري تحت قيادة الجنرال "خوان كارلوس".
جورج لينكوفيسكي أحد الناجين دعم ذلك قائلا "لقد خرجت مسرعا وعندما وصلت للرصيف خارج الملعب، ألقى بعض من المشجعين سوائل على رجال الشرطة من الأعلى وهذا ما جعلهم يهاجمون الجماهير بوحشية".
جماهير بوكا جونيورز بعد عام واحد أثناء مواجهة ريفر بليت غنت "لم يكن هناك باب، لم يكن هناك مرساة، كانت العصي هي التي تضرب"، في إشارة لتسبب الشرطة فيما حدث.
لاعبو بوكا جونيورز عقب نهاية اللقاء عادوا في الحافلة إلى ملعب لا بومبونيرا للعودة في سياراتهم وعلموا بالفاجعة من خلال الراديو.
أنطونيو راتين أحد لاعبي بوكا جونيورز استعاد تلك اللحظات "أتذكر أن تلك المباراة شهدت عددا زائدا عن الحد من الجماهير في المدرجات، وكان هناك 2000 شخصا خارج الملعب، الملعب كاد ينفجر".
"كنت سعيدا عقب نهاية اللقاء بعدما تلقيت الإشادة من زملائي لكن تلك السعادة لم تكتمل بعد سماع الأخبار من خارج الملعب، لقد عشت تلك المأساة خاصة لخوفي تواجد أحد أفراد عائلتي في المدرجات".
أماديو كاريزو حارس ريفر بليت جلس قبل 10 دقائق من نهاية اللقاء بجوار القائم بسبب غياب بوكا جونيوز الهجومي وخرج سعيدا رفقة زملائه عقب التعادل قال "أدركت حدوث أمر جلل عندما طلبوا حضور طبيب الفريق مسرعا، لقد أخبرني بما حدث، كل ما أردناه هو مغادرة الملعب".
بالعودة للمشجعين، هوجو فارجاس لم يكن يعرف كيف نجا "ما أنقذني أنني معتاد على البقاء لفترة طويلة في المدرجات ولم يكن لدي أي فكرة بسيطة عن السبب الأمر كان مربكا للغاية".
فيما كانت القصة الأكثر رعبا لخوان كارلوس ألومو "لقد ظنوا أنني مُت وكتبوا رقم 19 على صدري واكتشفوا أنني مازالت حيا في مستشفى بيرفانو، لكن لم أتذكر أي شيء".
أحد الشهود قال أيضا " كنت واقفا خارج الملعب، وخرجت الشاحنات الممتلئة بالموتى، كانت الجثث بنفسجية".
حاولت الأندية المساهمة في ذلك الوقت جمع الأموال من أجل الضحايا دعما لهم حتى نادي برشلونة الإسباني عرض اللعب في العاصمة الأرجنتينية لصالح الضحايا.
في يناير من عام 1969، جمعت الرابطة الأندية الأرجنتينية الممثلة في 68 ناديا 100 ألف بيزو لعائلات الضحايا.
فيليجاس وألسينا شاهدا بعد أسبوع من الحادثة، صبيا يريد العودة للمدرجات عبر البوابة 12 وهو ما أغضبهم ثم ذهبوا للمحكمة من أجل الإدلاء بشهادتهم في الأسبوع التالي بعدما أدركوا أن هناك من يريد التربح من المأساة.
المحكمة أمرت باحتجاز كل من رئيس ريفر بليت ونائبه وفرض غرامة 200 مليون بيزو "عملة الأرجنتين" على الناديين، وانتهى كل شيء بعد شهرين لعدم كفاية الأدلة.
عدد كبير من المشجعين لم تطأ قدمه مدرجات الملعب منذ تلك الفاجعة، لكن ألسينا وفيليجاس واصلوا الذهاب للملاعب فإذا كانت المدرجات فارغة كانوا يتواجدون رفقة ألبرتو شقيق الأخير.
البوابة تم تغيير اسمها من "Puerta 12" إلى "L Puerta" رغم محاولة شقيقة أحد الضحايا تغيير اسم البوابة لشيء يتم تذكّر الضحايا به لكن تم الاكتفاء بحفل أقيم في الحادي عشر من مارس من العام التالي.
بعد 50 عاما نظم نادي بوكا جونيورز مؤتمرا يعتذر فيه عن عدم ذكره أسماء الضحايا، وأعلن النادي عن بدء تكريم الضحايا في الـ 23 من يونيو لكل عام.
طالع أيضا
متعة ولا أروع.. بيراميدز يفوز على الإنتاج
ملخص الجولة الأولى المثيرة من مجموعة القاهرة في الدرجة الثانية
المرشحون لحصد جائزة الكرة الذهبية