كتب : إسلام مجدي
لا يتمحور الأمر فقط حول ركل الكرة في الملعب حتى هز شباك الخصوم، ولأن الأوضاع لا تكون بهذه السطحية قط، لذا دائما هناك جانب آخر من القصة لا نعرف عنه شيئا.
يقدم لكم FilGoal.com هذه السلسلة الأسبوعية التي تقدم جانبا مختلفا من كرة القدم.
حينما يتعرض أي لاعب لإصابة طويلة الأمد، فإن كل ما يشغل بال المشجع العاشق لفريقه هو متى يعود ذلك اللاعب مرة أخرى للمشاركة مع الفريق، لكنه ربما لا يهتم في بعض الأحيان بكم المعاناة النفسية والبدنية التي يخوضها اللاعب للتعافي.
هذه المرة رحلتنا ستكون مع الإصابات طويلة الأمد التي يتعرض لها اللاعبون، بل وبعضها أدى لنهاية مسيرتهم، منهم من كان نجما واعدا، أو لاعبا لديه أسرة يحاول أن يواصل في الملاعب من أجلها لتوفير كل سبل الحياة لها.
تعرض شيموس كولمان مدافع إيفرتون لإصابة قوية للغاية أبعدته ما يقرب عن 45 مباراة لفريقه، وعانى الأمرين خلال فترة تلك الإصابة.
صرح كولمان عنها :"لم أرغب سوى في أن تكون الأمور جيدة، علمت منذ اللحظة الأولى أنها ستكون طويلة الأمد، لكنني كنت أتمنى من كل قلبي أن تكون الفترة قليلة".
"كلاعب أنت ترى العديد من الأشياء، نتحدث عن أنني كنت محور اللعب وتدخلت كثيرا في هجوم إيفرتون كنت حتى أسجل الأهداف".
"الجماهير من حولك تكون متشوقة لرؤيتك في الملعب، لكنك تقضي الكثير من الوقت مقيدا في فراشك وربما لا تسير سوى بعد شهر مثلا أو اثنين هذه مدة طويلة للغاية لشخص اعتاد على الحراك طيلة الوقت، ثم حينما تعود للتحرك تجد العديد من الآلام، والآن عليك التخلص من تلك الآلام ناهيك عن الآلام النفسية".
كريس رامسي المدير التقني لأكاديمية نادي كوينز بارك رينجرز ومدرب الفريق السابق تحدث عن ذلك الأمر قائلا :"أنا نفسي خضعت لـ7 عمليات في ركبتي و3 في ظهري وأصابني الاكتئاب لأعوام".
"البعض لا يلاحظ أن الإصابات طويلة الأمد تصيب اللاعبين بالاكتئاب ولا يهم كيفية التعامل معها".
العديد من الدراسات الطبية الرياضية كشفت عن أن العامل النفسي يشكل جزء كبيرا من عملية التعافي والعودة للمشاركة، الأمر الذي حدث مثلا وليس حصرا مع زلاتان إبراهيموفيتش لاعب مانشستر يونايتد سابقا وكذلك هنريك لارسون مواطنه السويدي.
يمر اللاعب عند إصابته بحالة إنكار، بل إنه وربما رغم معرفته مثلا أنه سيغيب لـ6 أشهر ونتحدث هنا عن مدة الغياب لا عملية التأهيل والتي قد تتطلب شهرين، فإنه ينكر ذلك ويتمنى أن يعو للملاعب بعد أسبوع، ومع حالة من الإحباط يصاحبها حالة من الغضب الشديد قبل حتى أن يبدأ في التعافي من إصابته.
يتطلب الأمر وقتا طويلا من اللاعب المصاب لتقبل ما يحدث له، لأنه يظل يفكر في العديد من الأشياء مثل عقده مع فريقه، تخيل مثلا أن لاعب أصيب في بداية الموسم وسيغيب لـ6 أشهر، ويتبقى في عقده عام، ما يعني أنه قد يرحل مجانا ولا يشارك مجددا مع فريقه، وبعض الفرق لا ترغب في المخاطرة بتجديد عقده، والبعض الآخر يقوم بلفتة تمثل جوهر الرياضة في المجمل.
يمكننا أن نشير إلى جوهر الرياضة في عرض أرسين فينجر مدرب أرسنال على سانتي كازرولا بتفعيل بند العام الإضافي في عقده قبل أن يخضع لعملية جراحية ويغيب لمدة طويلة، الأمر ذاته حدث مع جوزيه مورينيو مدرب مانشستر يونايتد ولاعبه زلاتان إبراهيموفيتش لكن لتحفيزه للعودة سريعا من إصابته.
يتابع كريس رامسي :"حينما كنت مصابا كنت أفكر، هل سيشتري النادي بديلا لي؟ هل سيفسخ عقدي؟ لا يوجد الكثير من الوقت للتفكير وتصاب بحالة كبيرة من الإحباط والحزن".
إضافة إلى ذلك لا يحظى العديد من اللاعبين المصابين بتلك النوعية من الإصابات بالدعم النفسي المناسب، وبالتالي حتى مع عودتهم رفقة التأهيل البدني القوي، فهم يعانون نفسيا ويكونون بعيدين كل البعد عن حالتهم قبل الإصابة، بعضهم حتى يخشى كثيرا التدخل على خصومه".
تتحدث ميسيا جيرفيس طبيبة العلاج الطبيعي في منتخب إنجلترا سابقا وكذلك عملت في نادي كوينز بارك رينجرز عن الأمر قائلة :"إن سألت أي لاعب مصاب في فترة علاجه عن شعوره فنسبة تصل إلى 1% فقط هم من يقولون فعلا شعورهم، النسبة المتبقية تختبر نوعا مختلفا للغاية من الدمار النفسي، نتحدث عن اكتئاب وقلق وعزلة، حينما تكون في مركز إعادة التأهيل وعدم الدخول إلى الملعب الموجود به، الأمر يجعلك تشعر أنك لن تفعل ذلك للأبد".
"الإصابة طويلة الأمد أكبر تحد لأي طبيب في العلاج الطبيعي، حينما تكون لاعبا وممارسة تلك الرياضة هي هويتك الوحيدة، وفجأة يؤخذ كل ذلك منك، تجلس وتفكر، من سأكون الآن، إنه إحساس كبير لا يمكن الاستهانة به، بعض اللاعبين كانوا يصابون بنوبات قلق وكوابيس، وبعضهم كان يظل مستيقظا طيلة الليل، بل والبعض الآخر كان يتحدث إلى المرآة".
في مستوى الشباب تحصل معظم الأندية على أفضل نظام طبي مع بعض البنود الإلزامية من الفيفا والاتحادات الكروية بأن يكون هناك أعلى درجات العلاج وكذلك التعامل النفسي وأيضا الحرص على سلامتهم أثناء المباراة. لكن على مستوى الفريق الأول، فكل نادي لديه معاييره الخاصة وليست كل الأندية متشابهة.
بعض الأندية تتخلى عن لاعبيها المصابين، والبعض الآخر يفضل دعمه والوقوف بجانبه، في الحالة الأولى فعملية علاج اللاعب تصبح صعبة للغاية نظرا لأنه يحتاج لعلاج نفسي لتجنب الاعتزال فنسبة 78% منهم يفكرون في ترك كرة القدم فورا، أما في الحالة الثانية فيؤكد الأطباء أن مساعدة الأندية بهذا الشكل تجعل نسبة التعافي ترتفع بشكل كبير غير معقول.
اللاعب خلال فترة التأهيل يرى الأطباء وبعض المدربين، لكن الطب النفسي ليس ضمن تلك القائمة، نظرا لأنها ليست مدرجة ضمن طرق العلاج المعهودة في الملاعب.
الاتحاد الإنجليزي للاعبين المحترفين كان قد أصدر بيانا في الماضي حذر فيه اللاعبين من المخاطرة بأنفسهم والعودة سريعا وأنهم سيتولون التعامل مع مدربيهم وأنديتهم.
جزء من الأمر أيضا يقع على عاتق اللاعبين، فبعضهم يتصور أنه يجب أن يتعجل عودته بأي شكل حتى لا يقوم النادي بفسخ عقده أو ضم لاعب آخر. والأسوأ أن يكون اللاعب مصابا ويلعب وهو مصاب لفترة طويلة ما يجعل إصابته تتفاقم للضعف، الأمر الذي حدث على سبيل المثال لا الحصر مع سانتي كازورلا.(طالع التفاصيل)
"إن فكرت في الأمر فالإصابة طويلة الأمد مثل الرحلة، هناك العديد من التحديات المختلفة تعتمد على خط سيرك في تلك الرحلة".
حينما يتعرض لاعب لقطع في الرباط الصليبي فالبعض يتأخر بعض الشيء آملا في أن يخبره طبيب بتشخيص آخر وذلك حسب وصف كريس رامسي، وبعد عدد من الفحوصات يتلكأ في إجراءات العملية، لا يوجد من يقرر سريعا، إضافة إلى ذلك بعد العملية يبدأ لدى اللاعبين شعورا بالعجز والاعتماد التام على الأشخاص، وتتحول طريقة تفكيرهم من أنهم كانوا أقوياء وفجأة أصبحوا بلا هدف وربما بلا عمل.
العودة من الإصابة رحلة طويلة، لكن هناك موقف أصعب، حينما يعود اللاعب فعليا للتدريبات مع زملائه.
يتحدث ستيف ماكنالي طبيب مانشستر يونايتد عن ذلك الأمر قائلا :"حينما يعود اللاعب من التدريبات فيبدأ في الاعتقاد بأن كل من حوله أفضل منه، ناهيك مثلا عن وجود لاعب أو اثنين في مركزه، بجانب أنه يكون في قمة الرعب في التدريبات خوفا من تكرار الإصابة، والشك في أنه لم يتم علاجه بشكل كامل".
"بعض اللاعبين يغيرون طريقة تحركاتهم المعهودة في التدريبات وطريقة تعاملهم مع الكرة، مع الكثير من العصبية وعدم التحرك بحرية ما يجعل المدرب يغضب بعض الشيء، نظرا لأنه بعيد كل البعد عن مستواه وبهذه الطريقة؟ ستتأخر عودته لفترة من الزمن".
"هناك العديد من التحولات والتعاملات التي يحتاجها اللاعب والكثير من الدعم حتى يعود لسابق عهده، الكثير من المصابين لا يعودون كما كانوا في الماضي مهما كان مستواهم جيدا فلن يكون بنفس جودة ما كانوا عليه قبل الإصابة بسبب طريقة التعامل النفسي معهم".
مع تطور الاستثمار في عالم كرة القدم ورغبة الأندية في النجاح طيلة الوقت، ما يجعل عملية تسخير الوسائل لعلاج بعض اللاعبين صعبة بعض الشيء، لأن النادي أصبح يقيم ما سيتم صرفه مقابل مستوى اللاعب والعديد من العوامل، لكن إن ساعد النادي اللاعب نفسيا ثم طبيا فسيعود أسرع مما كان متوقعا.
يانيك بولاسي لاعب إيفرتون تعرض لإصابة قوية في ركبته، تطلبت عمليتين منفصلتين.
يقول بولاسي :"مررت بمرحلة إنكار كبيرة، تلك الإصابة هددتني بالاعتزال، لكن عودتي يمكنني أن أصفها بظهوري الأول للملاعب، إنني لا أصدق وأرغب في أن أشكر طاقم إيفرتون بالكامل".
الدعم الذي تلقاه بولاسي عجل من عودته بعد إصابة قطع تام في الراط الصليبي الأمامي، قال الأطباء إنه لولا مساعدة إيفرتون المعنوية لما عاد منها مجددا.
"كانت هناك أوقاتا لا تعلم فيها أين نهاية طريق تلك الإصابة، ولا تعلم إن كنت ستعود للتدريبات أم لا، حينما بدأت أرى الضوء قليلا كان الأمر رائعا، لكن أن أعود للعب مرة أخرى؟ إنها نعمة كبيرة، لم أرغب في العودة لرؤية اسمي على قميص إيفرتون مجددا، لكنني أرغب في الشعور بحدة المباريات".
"الآن مع كل هذا الدعم النفسي، أنا واثق من قدراتي وآمل أن أعود كما كنت".
اقرأ أيضا
بيان رسمي – الأهلي: لن نخوض أية مباراة في الدوري قبل مواجهة الزمالك
الكلاسيكو ما بين التأجيل والنقل.. مخاوف مظاهرات السبت "الضخمة"
منتخب مصر يخوض ودية بدون المحترفين يوم 8 نوفمبر
اسكواش - بطولة العالم للسيدات.. هل تشهد الأهرامات بطلة جديدة؟
حسام حسن يفضل طبق الانتقام ساخنا