كتب : زكي السعيد
هذا ليس تقريرا لمباراة كوريا الشمالية وجارتها الجنوبية، ليس لأننا لا نريد، بل لأننا لا نستطيع.
فريق عمل FilGoal.com لم يشاهد هذه المباراة، ولم يتوصل إلى أيٍ من تفاصيلها، وهذا ليس تقصيرا، بل هو حال ينطبق على كل مؤسسة إعلامية في كل أنحاء العالم.
على ملعب كيم إل سونج –الذي يحمل اسم الزعيم المؤسس-، تعادل منتخب كوريا الشمالية أمام منتخب كوريا الجنوبية دون أهداف، في الجولة الثالثة للدور الثاني لتصفيات كأس العالم 2022 عن قارة آسيا.
التعادل واصل المساواة بين رصيد الدولتين، فوصلت كوريا الجنوبية إلى نقطتها السابعة في صدارة المجموعة الثامنة، لتتفوق بفارق الأهداف فقط على كوريا الشمالية صاحبة نفس الرصيد.
المباراة السرية لم تُبَث على الهواء أبدا، بل إن التليفزيون الكوري الشمالي عرض برنامج أطفال بينما اصطدم الطرفان في مواجهة تاريخية، لنكتفي بالحصول على المعلومات الأساسية للمباراة من موقع الاتحاد الدولي "فيفا".
وتعد المباراة تاريخية لأنها الأولى بين الدولتين المتنازعتين في أراضي كوريا الشمالية منذ 1990، أي 3 عقود تقريبا.
وقتها فازت كوريا الشمالية في عاصمتها بيونجيانج 2-1 وديًا، لكن من وقتها لُعبَت مباريات الطرفين في دولة محايدة عندما تكون كوريا الشمالية منوطة بالتنظيم.
حدث ذلك مثلا في تصفيات كأس العالم 2010، عندما التقى المنتخبان في دورين مختلفين، لينتج 4 صدامات، 2 منها على أرض كوريا الشمالية لم تُلعب قط على أراضيها، وإنما في شانغهاي الصينية.
والسبب ليس أمنيًا في الأساس، بل لأن كوريا الشمالية لا تسمح برفع علم كوريا الجنوبية أو عزف سلامها الوطني على أراضيها!
بالعودة لمباراة 15 أكتوبر 2019 الغامضة، فسبب تمكُن كوريا الشمالية من إخفائها هو امتلاك الدولة المضيفة للمباراة حقوق البث في الأدوار الأولى من التصفيات، قبل أن تنتقل الحقوق للاتحاد القاري في المرحلة النهائية من التصفيات، عندها فقط يمكننا مشاهدة المباريات المقامة على أرض كوريا الشمالية.
وواجه أنصار لبنان صعوبات جمة في التعرف على نتيجة مباراة منتخبهم أمام كوريا الشمالية في الجولة الأولى من التصفيات الحالية، والتي عُرف لاحقا تفوق أصحاب الأرض فيها بهدفين دون رد على رجال الأرز.
ومباراة اليوم لم تُمنَع فقط من البث، بل مُنعَت الجماهير الكورية الجنوبية –وأي مواطن غير كوري شمالي- من حضورها، ومُنعَت وسائل الإعلام الأجنبية من تغطيتها.
وليس أكيدا إن سُمح للجماهير الكورية الشمالية نفسها بحضور المباراة أو لا، فقد أظهرت صورة للاعبي كوريا الجنوبية أثناء الإحماء قبل صافرة البداية، أن المدرجات خالية.
ورغم أن الكوريتين متاخمتين لبعضهما، فقد اضطرت البعثة الجنوبية إلى دخول أراضي نظيرتها الشمالية عبر ترانزيت في الجارة الصين، وهناك أُجبِر المنسقون الكوريون على ترك هواتفهم الخلوية في سفارتهم قبل الصعود إلى الطائرة المتجهة نحو العدو التاريخي.
وفي المؤتمر الصحفي ليلة المباراة، حضر 5 صحفيين كوريين شماليين فقط لأخذ تصريحات باولو بينتو المدير الفني للمنتخب الضيف، في حضور موظفين اثنين من الجانب الكوري الجنوبي، اضطرا إلى الانتظار حتى يعودا إلى فندق إقامتهما والحصول على اتصال بالإنترنت لنشر تصريحات المدرب عبر موقع اتحادهما الرسمي.
على الأقل، كان هذا المؤتمر أكثر هدوءًا بكثير من مؤتمر كيم جون هان مدرب كوريا الشمالية قبل 10 أعوام.
وقتها خسرت كوريا الشمالية على أرض كوريا الجنوبية في تصفيات مونديال 2010، ليخرج كيم جون هان في المؤتمر الصحفي بعد المباراة رافضًا تلقي أي أسئلة، بل اتهم الجانب الجنوبي بالتسبب في تسمم غذائي للاعبيه.
كوريا الشمالية أصدرت بيانا حادا وقتها وطالبت بإعادة المباراة، وهو ما لم يحدث، لكنه لم يؤثر في النهاية على تأهلها الأول إلى المحفل العالمي منذ نسخة 1966.
وقد سعت كوريا الجنوبية جاهدة إلى الحصول على حقوق بث مباراتها أمام كوريا الشمالية، لكنها تلقت فقط وعدا بالحصول على تسجيل للمباراة يُسلَم إلى بعثتها قبل مغادرة كوريا الشمالية.
وزارة التوحيد في كوريا الجنوبية (وزارة مخصصة لتقوية العلاقات بين الكوريتين) ذكرت على لسان متحدثها الرسمي: "حاولنا الحصول على أي رد من كوريا الشمالية بشأن بث المباراة على الهواء أو إرسال فوج تشجيعي، لكننا لم نتلق أي إجابة".
اللافت أن الاتحاد الدولي قد أعلن عن حضور رئيسه جياني إنفانتينو المباراة من المدرجات، رفقة ثنائي من القيادات الكروية في كوريا الجنوبية.
نبذة عن الحرب الكورية
يرجع أصل الخلاف المحتد إلى أكثر من نصف قرن.
في عام 1950، غزت القوات الكورية الشمالية الأراضي الكورية الجنوبية، لتبدأ رسميًا الحرب الكورية.
كوريا الشمالية كانت مدعومة من الاتحاد السوفيتي والصين، فيما حظت كوريا الجنوبية بمساندة كاملة من الولايات المتحدة الأمريكية.
ليُكتَب فصل شرس ودموي من فصول الحرب الباردة بين المعسكرين الشيوعي والرأس مالي.
في 1953 وقّع الطرفان على هدنة لإيقاف الاقتتال بعد أن خلّفت الحرب ما يقرب من 3 ملايين قتيل مدني.. لكنهما حتى اللحظة في حالة حرب لعدم التوقيع على اتفاقية سلام.
في 2018 التقى الرئيسان كيم جونج أون، ومون جاي إن، وسارا يدا بيد فيما بدا تحسن غير مسبوق في علاقة الدوليتين.
تحسن وصل حتى إلى الظهور تحت علم موحد في افتتاح دورة الألعاب الشتوية بنفس العام على أرض كوريا الجنوبية، بل وفوق ذلك، المشاركة في مسابقة هوكي الجليد عن فئة السيدات بمنتخب مُدمج من البلدين.
لكن مؤخرا عادت العلاقات إلى برود شديد، خصوصا مع التدريبات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية التي أغضبت الجانب الشمالي للغاية.
لتقوم كوريا الشمالية باختبار صاروخ باليستي قصير المدى قادر على إيصال رأس نووي إلى أي مكان في الأراضي الكورية الجنوبية، الأمر الذي استفز جارتها.
وبين التلويح بالأسلحة النووية وتاريخ هائل من الصراع الدموي، رُكلَت الكرة في بيونجيانج دون أن يُسمَع صوت لها.
اقرأ أيضا:
خبر في الجول – فرمان من ميتشو بعد "أنباء تأجيل مباراة الأهلي"
الجونة لـ في الجول: مستعدون لاستضافة مباراة القمة.. وهذا طلبنا حال تأجيلها
دليلك لفهم إنجاز كريستيانو رونالدو.. هل تعرف كم هدفا سجله أعتى المهاجمين
شيفتشينكو المدرب - كيف تلعب أوكرانيا مع تلميذ لوبانوفسكي النجيب
اربح FIFA 20 في تحدي الدربي من #فانتازي_الدوري_المصري