كتب : إسلام أحمد
كرة القدم في الأرجنتين سيطر عليها 5 أندية كبرى في القرن الماضي، بوكا جونيورز وريفر بليت وراسينج كلوب وأندبندينتي وسان لورينزو.
لذلك لا عجب في سيطرة الخماسي على لقب الدوري الأرجنتيني حتى 1967 الذي انتهى بتتويج أستوديانتيس.
وبعد ذلك رفع فقط 10 أندية لقب الدوري مرة واحدة على الأقل وتظل الغلبّة للأندية الخمسة.
ريفر بليت هو أكثر الأندية نجاحا على مستوى الألقاب المحلية في الأرجنتين برصيد 36 لقبا للدوري.
لكن الفريق الأبرز لريفر بليت عبر تاريخه هو المُلقب بـ "لا ماكينا" أو الماكينات بالأرجنتينية في أربعينيات القرن الماضي، الذي تُوج بأربعة ألقاب للدوري الأرجنتيني وحل وصيفا مرتين خلال 6 سنوات.
البعض وصف ذلك الفريق الذي هيمن على كرة القدم الأرجنتينية أنه مهّد أفكار الكرة الشاملة التي انتهجها أياكس ومن بعده المنتخب الهولندي في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
من مليوناريوس إلى لا ماكينا
بعدما صرف ريفر بليت 45 ألف دولار على ضم اللاعبين في حقبة الثلاثينيات أطلق عليهم لقب "المليوناريوس" أي أصحاب الملايين، ورغم ذلك حققوا لقب الدوري مرتين خلال 10 أعوام.
لكنهم تراجعوا في الفترة من 1937 وحتى 1940 دون تحقيق أي لقب، وجاءت الثورة عن طريق "لا ماكينا".
في الوقت الذي ضربت فيه الحرب العالمية الثانية أوصال أوروبا، كان ريفر بليت الأرجنتيني يقدم واحدا من أفضل الفرق في العالم وأمريكا الجنوبية.
يكفي فقط تعليق إرنستو لازاتي أحد نجوم بوكا جونيورز في أربعينيات القرن الماضي الذي أشاد بهم قائلا "لقد لعبت أمام لا ماكينا وكل هدفي الفوز عليهم، لكن كمشجع لكرة القدم أفضل الجلوس في المدرجات والاستمتاع بهم ورؤيتهم يلعبون".
الفوز على فريق تشاكاريتا جونيورز في الجولة الثامنة من موسم -42 1941 بنتيجة 6-2 على ملعب مونيمنتال والهجوم الجميل المتواصل قاد الصحفي إدواردو لورينزو لصحيفة الجرافيكو إطلاق اسم "لا ماكينا" في 12 يوليو 1942 على كتيبة ريناتو سيزاريني الذي قاد الفريق للهيمنة المحلية، بسبب الحركات والتمريرات السريعة المختلفة والأشبه بالماكينات.
عماد الفريق استقر على 5 لاعبين وهم ألفارو بيدرنيرا، أنخيل لابرونا وخوان مونوز وفيليبس لوستاو وجوزيه مورينو في الشكل الهجومي الذي انتهجه الفريق في خطة 2-3-5.
المرة الأولى التي شاركوا فيها سويا في 28 يونيو 1942، ثم بعد عدة أيام من الفوز على تشاكاريتا، هزموا بوكا جونيورز في 19 يوليو 1942 بنتيجة 4-0، ومن قبلها عام 1941 فازوا بنتيجة 5-1 في السوبر كلاسيكو وهو أكبر فوز لريفر بليت.
كان هذا بمثابة إعلان عن قوة هجومية كبيرة لم يسبق لها مثيل، لكن الخماسي لم يخض سوى 18 مباراة فقط سويا طيلة 6 سنوات.
مهد الكرة الشاملة
يعود أسلوب لعب الفريق الحقيقي إلى أهم ما ميزه في ذلك الوقت عن أي فريق بالعالم وهو الديناميكية خاصة لتواجد 5 لاعبين مهاجمين –هو شيء مقبول في ذلك الوقت- بالإضافة إلى القوة البدنية، والتمريرات السريعة والتغييرات الموضعية.
الفريق لم يكن له أشكال ثابتة أو يتبع نظام المداورة وهو ما يجعلهم الأقرب لفريق الكرة الشاملة.
خطة الفريق كانت تشبه حرفي (Mو W) كانت نقطة قوة الفريق هي حركية اللاعبين وقدرتهم على إفساح المجال لزملائهم أمام الخصوم.
ما ميّز الفريق هو امتلاكه خط وسط دفاعي قوي، ريكاردو فاجين بمثابة مركز أداء الفريق في الخط الخلفي، وأمامه في الوسط تواجد الثنائي برونو رودولفي وجوزيه راموس لقطع الهجمات أمام الخصوم.
ألفارو بيدرنيرا كان السبب الرئيسي في قوة الفريق، يعود إلى الوسط من أجل التأمين أمام ثنائي الوسط وإفساح المجال للمهاجمين الآخرين بمعنى أسهل كان مهاجما وهميا للخصوم يترك مركزه ويظهر آخرون مكانه بسهولة.
كان بيندرنيرا عقل الفريق ووصف البعض تفوقه وتفرده بـ "صاحب القفازات البيضاء"، بدأ مع ريفر منذ 1933 وظل خلال 13 عاما يرتدي قميص المليوناريوس وانتهى "لا ماكينا" بعد رحيله، بعدما حل بيدرنيرا بدلا من روبرتو داليساندرو في مركز المهاجم لأول مرة عام 1939.
إلى جانب جوزيه مانويل مورينو الذي كان يلعب الكرة صباحا ويرقص التانجو ليلا، لقد كان الأعظم في الأرجنتين حتى جاء دييجو أرماندو مارادونا في الناحية الأخرى وكان يعرف عنه قدرته في احتفاظه بالكرة من أجل منح الوقت لزملائه.
أنخيل لابرونا لعب كجناح وأصبح من أفضل الهدافين في تاريخ كرة القدم الأرجنتيني إذ تواجد في الفريق 21 عاما منذ انضمامه عام 1939 وسجل 292 هدفا أصبح بها الهداف التاريخي للنادي وأحد أبرز المستفيدين من الأفكار الفنية وعُرف بـ "المطرقة" و"اللورد".
خوان مونوز وصل عام 1939 وحقق لقب الدوري 4 مرات خلال 11 عاما، وفيليبس لوستاو يقدمون المساندة الهجومية وأيضا يعود للخلف ويصبح بمثابة ظهير أيسر بسبب سرعته المُلقب بـ "تشارلي تشابلن".
كتاب كارلوس بيوسيل "Todotiempo" وصف الفريق "كان هناك تقارب سحري بين اللاعبين الاستثنائيين الذين حققوا الانسجام الذي تحقق فقط من خلال اللعب معا في كثير من الأحيان".
"جميعهم فعل كل شيء يضغطون ويعودون للخلف، لقد غيروا مراكزهم، لقد كانت الفكرة الأساسية لفريق يوهان كرويف والكرة الشاملة، لقد كسروا الثبات الخططي التاريخي للكرة".
فرسان المعاناة
وتواجد ضمن هذا الفريق لاعبا شابا يُدعى ألفريدو دي ستيفانو في نهايات تلك الحقبة وحمل الراية.
تلك الخطة وهذا التشكيل ألهم المنتخب المجري في خمسينيات القرن الماضي، ومن بعده المنتخب الهولندي الذي اشتهر بالكرة الشاملة.
هناك أيضا مسمى آخر لهذا الفريق ويوضح أكثر سبب تسمية الفريق وهو "فرسان المعاناة" لما قاموا به أمام الخصوم.
مونوز أحد أساطير ريفر بليت شرح السبب قائلا "لا ننظر إلى المرمى، لم نفكر أبدا في إننا لن نهز شباك منافسينا".
"ندخل إلى الملعب ولدينا تكتيك واضح، الحصول على الكرة وتمريرها وصناعة الفرصة وتسجيل الهدف، عادة استغرق الأمر وقتا للوصول لمرمى الخصم لأن الفرق كانت تغلق جميع المنافذ، فكان اللعب في العمق ممتعا ولم يقف أمامنا أحد ولم يكن هناك عجلة بيننا في للتسجيل".
الفريق لم يكن في عجلة من أمره لأنه نتيجة السيطرة الساحقة شعروا بأنهم قادرين على القيام بما أرادوا.
ورغم عدم وجود أرقام تعطي لاعبي ريفر بليت في ذلك الوقت حقهم، إلا أن البعض يرى أن اعتزال بيندريرا عام 1946 كان بمثابة نهاية تلك الحقبة.
وما يعاب عليهم هو نجاحات اللاعبين الفردية أكثر من الجماعية إذ اكتفوا بالفوز بـ 4 ألقاب فقط 1941، 1942، 1945، 1947، وألقاب للكأس محلية.
اللاعبون كانوا معروف عنهم الاحتفالات الصاخبة، تشارو مورينو قال ذات مرة "لقد تم إعطائي الحليب في ليلة المباراة، وسألت لماذا الحليب؟ لقب لعبت بشكل سيء بعد شرب الحليب".
تاريخ منسي
في ذلك الوقت لم تقم بطولات قارية مثل كوبا ليبرتادوريس أو كان السفر سهلا لملاقاة فريق أوروبي ليتم الاقتراب منهم والتعرف أكثر على أداءهم.
الحرب العالمية الثانية ساهمت في انتهاء مسيرة أغلبهم في القارة اللاتينية دون أن يحصل أحدهم على حقه في اللعب بأوروبا.
في الخمسينيات رحل عددا كبيرا من لاعبي الأرجنتين إلى أوروبا، عمر سيفوري ودي ستيفانو وأنجيلنو وماتشيو، وجميعهم أصبحوا من العظماء في عالم كرة القدم.
لكن الجيل السابق كان سيكون أفضل وذائع الصيت إذا لم يتأثر بتوابع الحرب العالمية الثانية وحتى أنهم تعرضوا للظلم بسبب الفشل في إقامة كأس العالم في تلك الحقبة وعدم مشاركة الأرجنتين في نسخة 1950.
فقدوا فرصة إثبات قوتهم على المستوى الدولي وأصبح الأمر مستحيلا، لكن الميزة الأهم هو إفساح المجال للاعب دي ستيفانو الذي نقل جزءا مما قدموه للقارة الأوروبية وصار من أفضل من لعب كرة القدم.
لقد أهانوا المدافعين بالتمريرات السريعة ووفقا لإدواردو جاليانو أحد أبرز الكتاب في أمريكا الجنوبية، فأنهم فضلوا التمرير الكثير على التسديد على المرمى، وهو ما كان يُغضب المنافسين، وجعلهم "فرسان المعاناة" بحق.
اقرأ أيضا
في إفريقيا - أصعب وأسهل مجموعات لـ الأهلي والزمالك في قرعة دوري الأبطال
في الجول يكشف – أول تحرك من اتحاد الكرة بعد غرامة كاف
رفع الأثقال المصرية.. من كتابة التاريخ بالذهب إلى السقوط في الهاوية
كاف يكشف إجراءات قرعة الكونفدرالية.. سيناريوهات عديدة أمام المصري وبيراميدز