في مدينة بالغة القدم شُيدت منذ العهد الفينيقي، لتصبح أقدم من قرطاج ذاتها، وبالقرب من شواطئ سواحلها التي جعلتها مركزا تجاريا وسياحيا هاما، يقبع النادي الذي يمثل هوية تلك المدينة.
في سوسة لا يعرف أحد تشجيع ناد آخر.. النجم الساحلي فقط ولا غيره يبقى بين وجدان سكانها البالغ تعدادهم أكثر من 173 ألفا.
وكما تبقى سوسة علامة من علامات تونس الخضراء، فإن النجم يُمثل كذلك علامة في تاريخ البلاد الكروي.
ربما لا يحمل عددا كبيرا من البطولات كالترجي، ولم يكن بمثابة الغريم الأول كالإفريقي، ولكنه بالتأكيد بقي منافسا قويا على مر السنين ليضع اسمه بين الكبار كثالث أكثر من حقق لقب الدوري.
وعلى الصعيد الإفريقي تحمل الأندية المصرية ذكريات عديدة مع نظيرتها التونسية، والكثير منها كان "ليتوال" طرفا فيها مع القطبين الأهلي والزمالك.
تاريخ من الندية
يتذكر المشجعون الأهلاوية جيدا الانتصار العريض في نهائي دوري أبطال إفريقيا 2005، ثم الخسارة القاسية في نهائي 2007 وبطلها أمين الشرميطي.
وفي الذاكرة القريبة سيظل الفوز الكاسح بستة أهداف لهدفين في نصف نهائي 2017، في خلد مشجعي النادي القاهري طويلا.
أما فيما يتعلق بالجانب الآخر من العاصمة المصرية، فإن صدامات الزمالك مع النجم عرفت ندية كبيرة كذلك.
الفريق الأبيض خسر مرتين في نصف نهائي الكونفدرالية عامي 1999 و2015، والأخيرة تحديدا شهدت إثارة تحبس الأنفاس بعدما فاز الفريق التونسي 5-1 على أرضه لتبدو المهمة سهلة في الإياب.
كان هذا قبل أن يسجل الزمالك ثلاثية في القاهرة كانت بانتظار هدف رابع يقود للتأهل ولكنه لم يتحقق.
في دوري الأبطال وقف النجم عقبة في طريق الزمالك للوصول للمربع الذهبي عام 2005 بعدما أخرجه في ربع النهائي.
والأبيض ثأر لاحقا في نصف نهائي الكونفدرالية الموسم الماضي بعد الفوز 1-0 في القاهرة والتعادل سلبيا بسوسة، ليكون الطريق ممهدا نحو التتويج بالبطولة لاحقا.
لكن قرعة دور المجموعات من النسخة الجارية لدوري الأبطال لن تضع "ليتوال" في مواجهة أخرى مع الزمالك، إذ يقعان في نفس التصنيف (الثاني).
بينما قد يبدو الصدام المنتظر مع الأهلي، صاحب التصنيف الأول، من كلاسيكيات القارة السمراء في الآونة الأخيرة.
وهذا يقودنا إلى ما قبل تلك المرحلة.. التأهل بشق الأنفس.
أوقعت قرعة دور الـ32 النجم في مواجهة قوية مع أشانتي كوتوكو الغاني، واللقاء الأول كان على أرض الأخير.
النجم يُضرب بهدفين نظيفين لتتعقد مهمته أكثر فأكثر بالإياب.. وهنا حضرت روح "جوهرة الساحل".
كانت تلك الهزيمة إيذانا برحيل المدرب المخضرم فوزي البنزرتي عن منصبه بالتراضي، حسبما قالت الإدارة، أو بالإقالة حسبما يرى البعض.
تراجع النتائج تحت قيادة شيخ المدربين العرب امتد من المسابقة المحلية إلى القارية، ومن ثم العربية بعد هزيمة مذلة أمام شباب الأردن.
ورفيق المحمدي المدرب العام، بات في منصب الرجل الأول، لتصبح أولى مهامه البحث عن عودة صعبة للغاية أمام أشانتي تضمن حظوظ الفريق في التواجد بين الكبار.
لكن المهمة الشاقة ستتحقق بالفعل.
في لقاء مثير شهد الكثير من الجدل والاعتراضات بقيادة الحكم المصري إبراهيم نور الدين، خطف النجم بطاقة العبور بصعوبة.
ركلة جزاء أولى للنجم في الدقيقة 23 بداعي لمسة يد على لاعب أشانتي واعتراض كبير من لاعبي أشانتي على نور الدين بسبب الركلة التي حولها مرتضى بن وناس في النهاية داخل الشباك.
وكريم العريبي سجل الهدف الثاني لفريقه من ضربة رأس في الدقيقة 67.. الأوضاع أكثر اشتعالا مع الحاجة لهدف واحد من أجل التأهل.
ومع الدقيقة 80 يخرج إبراهيم نور الدين بطاقة حمراء مباشرة لصدام بن عزيز مدافع النجم الساحلي بداعي عرقلة لاعب أشانتي المُنفرد بالمرمى، في لقطة شهدت اعتراضات.. يبدو أن المهمة تعقدت من جديد.
لكن كريم العريبي ظهر مجددا مع الدقيقة 85 ليخطف الانتصار المثير للنجم برأسية، ومع صافرة الحكم، اعترض لاعبو أشانتي بقوة على إبراهيم نور الدين وسط إجراءات أمنية حول الحكم المصري.
نحو إصلاح الأمور
كان هذا الانتصار دافعا لإدارة النادي برئاسة رضا شرف الدين للبحث عن تعديل الأوضاع بأسرع الطرق.. وسبيلهم إلى ذلك كان كريم حقي صاحب الـ35.
لعب حقي في صفوف النجم الساحلي من سنة 2001 إلى سنة 2004، قبل أن يتحول إلى عالم الاحتراف خارج تونس، حيث كانت البداية في الدوري الفرنسي مع فريق ستراسبورج قبل أن يصبح أحد أهم لاعبي باير ليفركوزن في الدوري الألماني.
أما على الصعيد الدولي فيبرز اسمه بين قائمة المتوجين بكأس أمم إفريقيا 2004.
إدارة النجم عينته كمدير رياضي خلفا لعماد المهذبي من أجل إدارة كافة الشؤون الفنية للفريق.
"سيكون مسؤولا عن الفريق الأول لكرة القدم وفريق النخبة وله كامل الصلاحيات الرياضية بما في ذلك التسيير واختيار المدرب وكل ما يخص اللاعبين"، هكذا أكد رئيس النادي.
وأضاف "سنعمل في الفترة الحالية بما هو متوفر. كريم سيتحدث مع الجهاز الفني الحالي، وإذا رأى من الضروري انتداب مدرب فالقرار له".
ليعلق حقي "النجم موجود وسيستمر ولكن إدارة النادي رأت أنه يجب أن يكون هناك تغييرا وأنا قبلت المسؤولية وهي ليست هدية".
وفيما يخص قرار المدرب، فيبدو أن الجميع وثق في رفيق المحمدي لاستكمال الرحلة.
والمحمدي أظهر ثقته في المضي قدما بالمسابقة القارية قائلا: "نسعى بالتأكيد للتقدم ولدينا أهداف من المشاركة تحدثنا فيها مع اللاعبين، الفرق التونسية في العادي تمر بمشاكل في مباريات الأدوار التمهيدية لكن الأمور تختلف بداية من دور المجموعات".
بل أنه ذهب إلى أبعد من ذلك بتمنيه الوقوع مع الأهلي في مجموعة واحدة، حسبما أكد لـ في الجول في حوار مطول معه.
وشرح "مواجهة الأهلي مبكرا ستضع اللاعبين في أجواء البطولة، عندما تواجه فريقا كبيرا في مرحلة مبكرة هذا سيعطي اللاعبين صورة كاملة عما ينتظرنا في البطولة والمستوى الذي يجب أن نكون عليه".
أسلحة متنوعة
تحمل صفوف النجم الساحلي العديد من عناصر الخبرة والمهارة، فما بين كريم العريبي المهاجم الأساسي للفريق وصاحب هدفي الفوز على أشانتي، وإيهاب المساكني تتمثل عناصر القوة في الهجوم.
وفي وسط الملعب تتعدد الخيارات بين أسماء بثقل ياسين الشيخاوي وحمزة لحمر ومرتضى بن وناس في غياب محمد أمين بن عمر للإصابة بقطع في الرباط الصليبي.
دفاعيا يتمتع وجدي كشريدة ورامي البدوي وزياد بوغطاس بخبرات دولية، تدعم من آماله وفرصه في المعترك الإفريقي.