أكتب إلى مصطفى محمد مهاجم نادي الزمالك لكي أخبره بشيء واحد فقط، أنه لم يصبح مهاجم مصر الأول بعد.
بين ليلة وضحاها أصبح الجميع يتحدث عن مصطفى محمد، لما لا وهو هداف نادي الزمالك الأول في الآونة الأخيرة ومصدر الخطورة والوصول لمرمى المنافسين.
مع زيادة أهداف مصطفى تكثر المطالب بانضمامه لمنتخب مصر لقيادة الهجوم، لأن ظهوره يأتي بعد أعوام من الجفاف، غاب فيها المهاجم الهداف عن صفوف الفراعنة.
لكن مهلا، هل قدم مصطفى محمد بعد ما يجعله مهاجما للمنتخب؟
إجابتي هي لا.
ودعني أفسر لك لماذا.
لا شك أن نمط مصطفى محمد مختلفا عن أقرانه في الدوري المصري، قوي، سرعته لا بأس بها، يجيد ألعاب الهواء، والأهم قدرته على التسجيل من أنصاف الفرص، وبلغة الكرة يُسمى "هجام"، فمبجرد مشاهدة هدفه في مرمى الاتحاد السكندري في نصف نهائي كأس مصر ستتأكد من ذلك.
هدف لم نعتد رؤيته في المسابقات المحلية من لاعب مصري منذ زمن بعيد.
ورغم الهدف الرائع في الاتحاد، وأهداف أخرى مذهلة، إلا أن البدايات الرائعة لا تُعني الاستمرار على نفس المنوال.
كما أن الاحتفاء المبالغ فيه، أحيانا، يحرمنا من مواهب عديدة. كيف؟
مع ندرة المواهب في بعض مراكز الكرة المصرية مؤخرا، وبمجرد بروز موهبة شابة لديها إمكانات تجعلها تصل لمصاف النجوم، يتم التعامل معهم وكأنهم "نجوم سوبر"، وذلك لتسجيل أهداف رائعة أو القيام ببعض اللمسات الساحرة.
تصل هذه المواهب لمراتب النجومية قبل أن تقدم شيئا حقيقيا بالفعل مع أنديتها ومنتخب مصر، ومع أول اختبار حقيقي لها تفشل غالبا، ليتجه الجمهور والإعلام للبحث عن لاعبين جُدد أو ضحايا جُدد ليتكرر الأمر وكأنهم لم يتعلموا من سوء تعاملهم مع المواهب الشابة من قبل.
تلك السلسلة حرمت الكرة المصرية من لاعبين رائعين حقا، قدراتهم احتاجت لتطوير وشخصياتهم لم تكن مكتملة التكوين، لأنهم حُرموا من التدرج بشكل صحي وسليم حتى يصلوا لمرحلة النجومية.
تلك السلسلة أيضا بدأت تدور حول مصطفى محمد وكأنها شبحا يتخلص من كل موهوب جديد.
لن نختلف عن قدرات مصطفى، لكن علينا ألا نحمله فوق طاقته حتى لا نخسره، وهو ما كاد يحدث من قبل حين شارك مع الزمالك رفقة المدرب أوجوستو إيناسيو في البطولة العربية لمدة 45 دقيقة ضد العهد اللبناني، وتحمل جزء من خسارة الفريق الأبيض، قبل أن يخرج إلى طلائع الجيش وطنطا والداخلية.
مصطفى محمد مشروع مهاجم مصر الأول، ولذلك يحتاج للكثير من الخبرات والوقت أيضا لكي ينضج، هذا ليس عيبا فيه وإنما أمر طبيعي يحتاجه أي لاعب كرة موهوب.
الاحتفاء الزائد به قد يضره، وتحميله المزيد من المسؤولية قد يضره ويكبله بالضغط النفسي، وهو أخطر المشاكل التي قد تواجه لاعب الكرة، خاصة أنه لم يتخط عامه الـ21 بعد.
لذلك يجب التعامل بشكل منطقي، حفاظا عليه، وحتى لا نخسره مثلما خسرنا من كان يسير على خطاه.
والتعامل بمنطق يبدأ من قول الحقيقة، والحقيقة أن الأهداف التي سجلها لا تعكس سوى امتلاكه لموهبة، موهبة تحتاج لرعاية وتطوير، فلا يطلب منه قيادة الزمالك لبطولات، أو قيادة الفراعنة للعودة لسيادة القارة.
هنا فقط، سيسير مصطفى محمد في طريقه بكل هدوء لكي يكون فعلا مهاجم مصر الأول.