كتب : FilGoal
ليس متقدما في السن مثل شحاتة، ليس حالما مثل جلال، ليس انفعاليا مثل حسام حسن، ليس قليل الخبرة مثل ميدو.. إنه حسام البدري، أو الخيار الآمن في تسمية أخرى.
بالتأكيد اسم البدري يحمل القدر الأدنى من المخاطرة.
11 مباراة دولية فقط خاضها البدري بقميص منتخب مصر الأول خلال مسيرته كلاعب، فهل حان الوقت ليترك بصمته مع الفراعنة في دور صاحب القرار؟
FilGoal.com يستعرض مسيرة البدري الذي أعلن اتحاد الكرة تعيينه لتدريب الفراعنة خلفا لخافيير أجيري (طالع التفاصيل).
الرجل صاحب اللقب الطويل لسنوات عديدة في حياته ضمن الجهاز الفني للأهلي: حسام البدري المدرب العام والقائم بأعمال مدير الكرة.
قيامه بالأعمال الإدارية بعد الراحل ثابت البطل تحوّل من وضع مؤقت، إلى وضع دائم حتى رحل مانويل جوزيه عام 2009 في نهاية ولايته الثانية.
كان صيفا اعتياديا للبدري، فوضعه لن يتغير كثيرا، سيعاون مدربا برتغاليا جديدا يدعى نيلو فينجادا، و5 أيام فقط تكفلت بتغيير حياة البدري.
الرجل صاحب الـ48 حينها، صار أول مدرب محلي دائم للأهلي منذ عام 1993، بعد أن اعتذر فينجادا لأسباب عائلية، وعاد إلى بلاده مانحا فرصة العمر للبدري الذي كاد أن يلتصق به لقب الرجل الثاني.
يصفه البعض بالمدرب الممل عطفا على ولايته الثالثة مع الأهلي، والتي طالبت فيها الجماهير دوما بالمزيد، المزيد من الهجوم، المزيد من الأهداف، المزيد من البطولات، المزيد من الدقائق لذاك اللاعب، أو المزيد من المتعة في لعب الكرة.
ويراه البعض الآخر مدربا هجوميا قادرا على تقديم كرة جذابة، مستشهدين في ذلك بأول ولايتين، خصوصا الثانية التي توجها بإنجاز قاري وإبداع في المحفل العالمي.
لكن الحقيقة، أن البدري لا هذا ولا ذاك، بل هو مدرب منضبط، مرن، متوازن، مستقر، غير مهووس بشكل معين في كرة القدم، ولا يعبأ كثيرا بالطريقة التي تُستقبَل بها أساليبه.
إيذان بالتغيير
بعد سنوات من 3-5-2 التي جعلها جوزيه جزءا من هوية الأهلي، لم يتردد البدري في الحضور بأفكار مخالفة تماما للرجل الذي عاونه واستمع إلى تعليماته لسنوات.
البدري أحل الثورة على الأهلي وتحوّل إلى 4-4-2 ومشتقاتها، ظهر جليا أن البدري امتلك أفكاره الخاصة طوال سنوات، ولم يمتلك السلطة لرؤيتها تُطبَق حتى حصل على مفتاح القرار.
مع تولى البدري تدريب منتخب مصر، فإنه لن يمانع أبدا إحداث تغييرات جذرية، وركل الآثار الباقية لـ هيكتور كوبر وخافيير أجيري.
هو لن يُحدث الكثير من التغييرات حتى يتسق المنتخب مع أفكاره الخاصة، بل لن يواجه حرجا في تهميش من لا يدخل قناعاته، مهما بلغت نجومية هؤلاء الأفراد.
في أول عام ونصف من التدريب على الإطلاق، ترك البدري نظيره محمد أبو تريكة على مقاعد البدلاء في العديد من المناسبات.
أمام إنبي في نوفمبر 2010، كان الأهلي خاسرا بهدفين مقابل هدف أمام إنبي، أبو تريكة ظل يومها على مقاعد البدلاء ولم يشارك في أي دقيقة، ولم يساهم في قلب الأهلي تأخره إلى انتصار صعب في الثواني الأخيرة.
البدري فضّل حينها الدفع بـ أمير سعيود، ثم شهاب الدين أحمد، ثم عبد الحميد شبانة بالمناسبة.. لكنه انتصر في النهاية.
في ولايته الثانية، دخل البدري إياب نهائي دوري أبطال إفريقيا على ملعب رادس في مواجهة الترجي مطالبا بالفوز، ودكة بدلائه ضمت: أبو تريكة، ومحمد بركات، وعماد متعب.. لكنه انتصر في النهاية.
علاقته عموما باللاعبين الكبار هي واحدة من أسخن النقاشات المتعلقة بمسيرته التدريبية.
عماد متعب لم يحظ بثقة البدري في الجزء الأخير من مسيرته مع الأهلي، ودُفع إلى اختتام حياته الكروية في السعودية، ومهاجم منتخب مصر التاريخي لديه رأي في ذلك.
يقول متعب: "البدري لا يحب اللاعبين كبار السن، حدث ذلك في السابق مع أبو تريكة ووائل جمعة وبركات وشوقي وغالي وإكرامي، هو يحب اللاعبين الصغار".
شهاب الدين أحمد، أحمد شكري، عفروتو، عبد الله فاروق، مصطفى شبيطة، أحمد علي، محمد طلعت.. جماهير الأهلي فوجئت بسيل من الشبان في ولاية البدري الأولى بعد أعوام من تعويل جوزيه على أصحاب الخبرات واتهامه بتهميش أبناء الأهلي.
ولعلها لن تكون أزمة كبيرة لو تولى البدري تدريب منتخب مصر الباحث عن التجديد. في الواقع، كان التجديد مهمة أجيري الرئيسة قبل أن تُبعثَر أوراقه باستضافة مفاجئة لكأس الأمم الإفريقية، فلا هو جدد ولا هو لمس الكأس.
عدة لاعبين من الذين درّبهم البدري، اشتكوا من عدم اقتناع البدري بطريقتهم في اللعب، أو إقصائه المفاجئ لهم.
يقول متعب أن "البدري يحب المهاجم الهجّام العدّاء".. مواصفات تتوافر مثلا في وليد أزارو، ولا تتوافر في متعب.
أما أمير عبد الحميد، فأبدى اندهاشه من استبعاده المفاجئ مطلع موسم 2009\2010 لصالح أحمد عادل عبد المنعم "الذي لم يلعب في المباريات الإعدادية".
عبد الحميد حاله حال متعب، أوضح أن أحاديثه الجانبية مع البدري اتسمت بالودية، متعب تلقى وعودا بالمشاركة، وعبد الحميد قيل له إن إبعاده عن التشكيل الأساسي غرضه "رفع الضغط عنه".
ليتجنّب البدري الدخول في صدامات مباشرة مع لاعبيه، صحيح أنه تركهم في حيرة من أمرهم، لكنه حافظ على دبلوماسية كاملة في التعامل معهم، والتزم بالإشادة بهم علانية.
لعله يرى متعب مهاجما قصيرا لا يمتلك السرعة اللازمة، أو ربما يعتقد أن عبد الحميد تهرب من مواجهة برشلونة وادعى الإصابة –بحسب تصريحات حارس المرمى نفسه-، لكنه أبدًا لم يخبرهما بذلك في وجهيهما.. أهو عيب أم ميزة؟ سؤال يحتمل العديد من التأويل.
يقول عبد الله فاروق لاعبه السابق خلال ولايته الأولى مع الأهلي: "مدرب شخصيته قوية ويجيد التعامل مع النجوم، لديه ميزة ليست موجودة في أي مدرب وهي إدراكه التوقيت المناسب للتعامل بصرامة مع اللاعبين، ومتى يمتص غضبهم، من وجهة نظري، حسام البدري هو الاختيار الأول لتدريب منتخب مصر".
ومع امتلاكه قناعاته الخاصة، ورغم إيمانه العميق بأفكاره، لكنه لا يمانع في إجراء تعديلات مفاجئة على اختياراته.
آمن كثيرا بـ أحمد علي وقدرته على شغل مركز الظهير الأيمن في الأهلي في حقبة ما بعد جوزيه، لكنه أنهى الموسم بـ شريف عبد الفضيل كظهير أيمن.
همّش السيد حمدي ولم يعوّل عليه كثيرا، لكنه استفاد منه لاحقا بأهداف تاريخية في نصف نهائي ونهائي دوري أبطال إفريقيا، وفي مونديال الأندية.
استبعد سليماني كوليبالي لأسابيع طويلة دون إقحامه في أي دقيقة، وفور أن شارك الإيفواري انفجر مسجلا أهدافا غزيرا بأقل عدد من الفرص.
لغز الشبان
صحيح أنه يحب اللاعبين الشبان، بشهادة متعب، وبشهادة أرض الملعب، لكنه وعند تحصله على فرصة تدريب زمرة من الشبان، سجل فصلا فاشلا في مسيرته التدريبية.
هزيمة وتعادلان ووداع مبكر صادم لكأس الأمم الإفريقية تحت 23 عاما، وفشل في الوصول إلى أوليمبياد ريو دي جانيرو 2016.
البدري وفي تجربته الدولية الوحيدة مع منتخب مصر الأوليمبي، ورغم امتلاكه جيل من الموهوبين يضم رمضان صبحي، وكهربا، ولاعبه المفضل كريم نيدفيد، ومحمود الونش، ورامي ربيعة، ومحمد هاني، ومحمود متولي؛ قدّم الفصل الأسوأ في مسيرته.
وربما لولا هذا الإخفاق الدولي، لتضاءلت سلبيات البدري للغاية في صراع الظفر بمنصب مدرب منتخب مصر.
علاقة "انفعالية" بالإعلام
"ماتسألنيش عن لاعيب".. هكذا انفعل البدري عندما سأله مراسل قناة ناديه الرسمية عن موقف عمرو بركات.
"دي سياسة دولة.. هتحافظ على بلدك ولا لأ لو مكاني؟".. هكذا صرخ محاولا إبعاد مايكروفون بي إن سبورتس.
"حضرتك بتكررلي السؤال تاني؟ أرجو نتكلم عن المباراة، كل ما آجي مؤتمر بتقدوا تكلموني عن اللاعيبة اللي مابتعلبش!".. لا يحب أن يُسأل كثيرا عن الغائبين.
"أنا بقولك الإثارة بتاعتك تبقى محسوبة، أنا فوّتلك مرة والتانية".. ردا على سؤال حمل إشادة ضمنية باختياراته في الصفقات رغم الانتقادات.
"أي كلام، عقدي اتجدد، تجديد عقدي ايه؟ دي مش أسئلة، يبقى انت مش متابع، يبقى ده تقصير منك انت".
إن كنت إعلاميا، فأحسن اختيار أسئلتك التي ستطرحها على البدري، هو لا يحب الأسئلة المكررة، أو الماكرة، أو التي تلمس وترا حساسا في تشكيلته.
لا يبدو البدري محبا كبيرا للظهور الإعلامي، ومع ضغوط تدريب منتخب مصر الهائلة، قد تكون علاقة البدري بالصحافة واحدة من النقاط التي لن يبرع فيها كثيرا.
لكنه يظل الخيار الآمن.. لماذا؟
مع كرته المنضبطة والمستقرة، يوفّر البدري اختيارا آمنا، أرقامه الدفاعية هي الأفضل من بين كل منافسيه المرشحين، فشباكه من المتوقع أن تستقبل 1,36 هدفا في المباراة الواحدة، متفوقا مثلا على إيهاب جلال (1,80 هدفا)، وميدو (1,92 هدفا)، وحسام حسن (2,01 هدفا).
أما هجوميا، فلا يسبقه سوى إيهاب جلال "الهجومي". البدري من المتوقع أن تخلق فرقه 2,8 فرصة مؤكدة في المباراة الواحدة، مقابل 3,6 فرصة مؤكدة لإيهاب جلال.
وللبدري ميزة أخرى، قد يظنها البعض عيبا، لكنها ستسهّل التوافق عليه.
البدري ليس مدربا صاحب شعبية كبيرة، حتى بين قطاع عريض من جماهير الأهلي الذي ينتمي له كلاعب ومدرب.
وعدم المبالغة في طلبه مدربا للمنتخب من فئة بعينها، سيجعله مدربا توافقيا، إذ لا ينتمي إلى معسكر بعينه.
والأهم، أن البدري مدرب فائز.
لـ إيهاب جلال أفكاره الهجومية الثورية على الكرة المصرية، ولحسام حسن نجوميته الطاغية كلاعب وحماسه الذي يبثه في أنفس لاعبيه.
ولـ ميدو اندفاعه الشبابي ورغبته في الاستكشاف وقدرته على فهم عقليات المحترفين في المنتخب.
لكن البدري يتفرد عنهم بكونه مدربا فائزا، حقق أغلب البطولات التي نافس عليها، فاز بـ7 ألقاب مع الأهلي، وبالدوري السوداني مع المريخ.
البدري ينافس دائما، يحرص على أن يكون في المشهد، قد لا ينتصر في كل المرات، لكنه يزرع الانتصار في جوارح لاعبيه.
اقرأ أيضا:
رسميا - حسام البدري مدربا لمنتخب مصر
فيديو في الجول – لماذا بات البدري مدربا لمنتخب مصر
أول تعليق من المصري بعد استمرار إيهاب جلال
تنوع الهجمات وعزل الخصم.. أبرز نقاط قوة الزمالك مع ميتشو
5 نقاط سيركز عليها فايلر مع الأهلي.. قوة الأطراف وكثافة الهجوم
الجانب الآخر من كرة القدم - الإدمان