كتب : إسلام مجدي
لا يتمحور الأمر فقط حول ركل الكرة في الملعب حتى هز شباك الخصوم، ولأن الأوضاع لا تكون بهذه السطحية قط، لذا دائما هناك جانب آخر من القصة لا نعرف عنه شيئا.
يقدم لكم FilGoal.com هذه السلسلة الأسبوعية التي تقدم جانبا مختلفا من كرة القدم.
الخبر نزل كالصاعقة على الأوساط الرياضية، دييجو مارادونا اعترف بإدمانه للمخدرات.
"لست الوحيد، هناك العديد ممن يفعلون ذلك، كنت وسأظل مدمنا، الكوكايين لم يترك لي حرية التفكير أبدا". دييجو مارادونا صاحب الـ35 عاما في اعترافه لأول مرة في شهر يناير 1996.
"عانيت كثيرا بسبب المخدرات، أكثر مما يتخيله أي شخص".
قضية شائكة من قضايا الجانب الآخر في كرة القدم، إدمان اللاعبين، اتجاههم للمخدرات، الجانب المظلم الذي لا نعرف عنه شيئا في حياة اللاعبين، قد يرتبط بصحتهم النفسية أو حالتهم في الملعب أو غيرها من الأسباب التي سنسردها، الأمر الذي قد ينهي مسيرتهم تماما.
إليكم الحكاية الأولى
يجلس ذلك الشاب والذي يبلغ من العمر 24 عاما، المقدم يقول: كان من المفترض أن يصبح هذا الوجه مألوفا لكم.
ينظر الشاب في مرارة، ثم يتحدث.
"حينما بلغت الـ18 من عمري، كان ذلك كالعالم الجديد بالنسبة لي، كنت أشرب وأتعاطى المخدرات وألعب كرة القدم". جورج جرين لاعب إيفرتون السابق.
"أول مرة تعاطيت المخدرات، كان خلال ذهابي إلى حانة مع زملائي لمشاهدة مباراة كرة قدم، عرض علي بعض الكوكايين، وغير ذلك حياتي للأبد".
جورج كان مدافعا واعدا وواحد من أبرز المواهب التي ظهرت على الساحة الإنجليزية، في عمر الـ15 خلال عام 2011 انضم إلى إيفرتون قادما من برادفورد سيتي بمبلغ 2 مليون جنيه إسترليني، وانضم لصفوف فريق تحت 21 عاما وهو في الـ16 من عمره ولعب لمنتخب إنجلترا تحت 18 عاما قبل أن ينقلب كل شيء رأسا على عقب.
بحلول عام 2015 أنهى إيفرتون تعاقده مع اللاعب، حتى أنه حاول الانتحار.
يقول جورج: "كنت أصرف مبلغ ألفي جنيها إسترليني في الشهر، أتذكر يوم بالتحديد في الصباح، كان من المفترض بي الذهاب للتدريبات، لكنني لم أستيقظ سوى في الظهيرة".
وواصل "في الليلة التي سبقت التدريبات ذهبت إلى منزل أصدقائي لشرب الخمر وتعاطي المخدرات، كانت يجب أن أدرك أن ذلك هو ناقوس الخطر، لكن من لاحظ ذلك إيفرتون فقط وليس أنا".
لم يتمالك جورج نفسه وهو يقص قصته، لذا توقف بعض الشيء وبكى، تحسر على ما أصابه، وعلى موهبته التي لم يدرك أنه أهدرها سوى بعد فوات الأوان.
يتابع بصوت متهدج من الحزن: "أتذكر أنني اتصلت ذات ليلة بموظف في إيفرتون، بكيت كثيرا وقلت: إنني بحاجة للمساعدة، بعدها تم وضعي في مصحة لعلاج الإدمان".
واستطرد "إيفرتون دفع كل شيء، أتذكر أنه كان يدفع مبلغ 5 آلاف جنيها إسترليني في الأسبوع".
رحل جورج عن إيفرتون دون أن يلعب للفريق الأول، ثم انضم صاحب الـ25 عاما إلى أندية بيرنلي وتشيتر وحاليا يلعب لفريق بوسطن يونايتد في الدرجة السادسة في نظام المنافسة الإنجليزي.
جورج حصد في فترة المراهقة وحتى عام 2015 على مبلغ يقدر بنصف مليون جنيه إسترليني لكنه كان متهورا للغاية.
ارتسمت ملامح الحسرة على وجه جورج ثم قال: "انهارت حياتي بسبب الإدمان، أحرجت الكثيرين، إن كنت خرجت في ليلة للسهر؟ كنت أصرف مبلغ ألف وخمسمائة جنيه إسترليني، حتى أنني كنت أتناول الطعام بمبلغ 200 و300 جنيه إسترليني".
وواصل "لم يتم تقديمي يوما إلى الأشخاص الذين يرغبون في مساعدتي ومساندتي، فقط أصدقاء السوء، لم يكن لدي هؤلاء الذين لا يشربون ولا يتعاطون المخدرات، كنت في دائرة أخرى سوداء".
وتابع وهو ينظر بحسرة وكأنما يتذكر ما حدث منذ عدة أعوام: "الرحيل عن إيفرتون كان ضربة قاصمة، وقفت على رصيف القطار، قررت الانتحار، كان هناك الكثير من الأشياء، المخدرات والكحول وصحتي النفسية وابتعدت عن مستواي ولم يعد لدي مال، كنت جاهزا للقفز أمامه".
وتابع "ثم جاء ذلك الإعلان، المذيع الداخلي للمحطة يقول إن القطار سيتأخر، اعتقدت أن تلك علامة ما، وربما لم يحن موعدي، انهرت وأنا أبكي وابتعدت عن المحطة".
وأتم "إن ساعدت قصتي ذلك شخص وحيد فسأكون سعيدا، أنا أفضل حاليا وأكثر إيجابية عما كنت عليه".
الحكاية الثانية
جلس المحلل الشهير لقنوات "فوكس سبورتس" مارك بوسنيتش وقرر أن يتحدث عن مشكلة تخص حينما تم طرح أزمة إدمان بعض اللاعبين.
صمت قليلا وتردد، لكنه أبدى رغبة في الحديث، لتتحول الكاميرا إلى وجهه.
"كانت لدي مشكلة مع المخدرات منذ سنوات عديدة، يمكنني أن أتفهم حجم المعاناة".
"حينما تسير الأمور بشكل خاطئ في الملعب، الناس مثلي يتجهون للهرب من الواقع خلال ذلك الوقت".
مارك بوسينيتش حارس مرمى مانشستر يونايتد وتشيلسي السابق، تم إيقافه لمدة 9 أشهر من قبل الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في أواخر عام 2002 بسبب تعاطيه الكوكايين.
"كنت أحاول في ذلك الوقت إثبات أنني قوي، الأمر خطير وليس كما كنت أعتقد، كدت أن أخسر حياتي".
"نحن بشر أصحاب عادات، بكثير من الطرق إن اتجهت للعادات السيئة فستكلف أكثر من شيء".
غلبت الدموع عينيه وهو يتذكر، ما آلت إليه حياته بسبب الإدمان وضعفه تجاه المخدرات.
"ذلك هو اعترافي، كنت مدمنا على الكوكايين، دمرني ذلك تماما".
"كانت هناك عارضة، قلت لها إن كل مرة ستتعاطى فيها الكوكايين سأتعاطى الضعف، وهذا ما فعلته، علمت أن ذلك سيؤثر عليها لكنني شعرت أنني منيع".
"وصلت لمرحلة أنني كنت أتعاطى الكثير، كنت أظل مستيقظا لأيام، وألعب ألعاب فيديو وأشاهد التلفاز، والدي صدم للغاية من حالتي".
"كانت تلك اللحظة التي لاحظت خلالها أنني لا يمكنني أن أفعل ذلك في عائلتي ومن أحب، كان يجب علي التحكم في الموقف".
الحكاية الثالثة
لا شك أن كلاوديو كانيجيا أحد أبرز المواهب التي مرت على الدوري الإيطالي وكرة القدم في فترة بداية التسعينيات، سرعته وقوته وأهدافه، كان موهبة فذة للغاية.
النجم الأرجنتيني مرة بتجربة مماثلة عام 1993، حينما انضم إلى روما قادما من أتالانتا.
رابطة الدوري الإيطالي أعلنت في بيان رسمي عام 1993 عن إيقافه لمدة 13 شهرا بعد ثبوت تعاطيه للكوكايين، أمر كاد أن يدمر مسيرته لولا مرحلة تعديل المسار في بنفيكا.
"ابن الرياح" ذلك لقبه، لكنه بكل تأكيد كان في قمة الأسى حينما أجرى تلك المقابلة مع صحيفة "آس" الإسبانية.
يقول كانيجيا: "كانت لحظة ضعف، سيجارة احتوت على كوكايين".
وواصل "لم أكن أحاول أن أطور مستواي الرياضي".
وتابع "كنت شابا وواثقا في نفسي، لم يغويني أي أحد لتعاطيه بل فعلت ذلك من تلقاء نفسي".
واستطرد "كنت أمر بأمور شخصية كثيرة، غبت عن كوبا أمريكا وشاهدت الأرجنتين تفوز بها وأنا في المنزل وتصفيات كأس العالم".
كانيجيا نجح في استعادة مسيرته بعدما انضم إلى بنفيكا لكنه لم يعد قط كما كان قبل تلك الأزمة، مدة الإيقاف كانت طويلة بجانب العديد من المشاكل الشخصية التي أثرت عليه بالسلب.
الحكاية الرابعة
جاك ليفرمور، هل يبدو الاسم مألوفا؟ زميل أحمد المحمدي السابق في هال سيتي؟ وأحمد حجازي حاليا في وست بروميتش ألبيون؟ لاعب توتنام السابق ومنتخب إنجلترا؟
جلس أمام عدسة بي بي سي وزميله السابق جيرماين جيناس، يتحدث عن مشكلة إدمانه بعد سقوطه في فخ تعاطي الكوكايين خلال فترة تواجده مع هال سيتي.
الدموع غلبته، بدا مشتتا قبل أن يستعيد تركيزه ورباطة جأشه ويتحدث.
"وضعت يدي خلف رأسي واستلقيت في مكتب المدرب، أخبرني أن عقوبة الإيقاف قد تصل إلى عامين أو أربعة، لكنني لم أكترث".
"كانت تلك ستصبح تلك أفضل إجازة في حياتي".
"فقدت ابنتي، تعرضت لمأساة لم أتمكن من التعامل معها في نهاية الموسم، ولم أتواصل مع النادي".
"كان الأمر صعبا، كل من كان حولي تأثر مثلي، رحيل طفلتي صدم الجميع، كنت أبدو طبيعيا لكنني كنت أكذب على نفسي".
"تراجعت مسيرتي، كل شيء ساء من حولي، المخدرات لم يكن لها مكان، لكن حدث ما حدث".
"الأمر كان عميقا معي، واحتجت لأن أفرغ عن مكنون صدري".
"سواء كنت قويا للغاية للحديث عن الأمر أم لا، لم أتحدث مع أحد حوله".
"حينما عدت بعد التعافي إلى زملائي لم تكن لدي أي كلمات، كان الأمر فقط أنهم احتضنوني وتقبلوا ما حدث، لم نجد أي كلمات مناسبة".
الحالات مختلفة للغاية، وكل منها له قصته وأسبابه، لما يلجأ اللاعبون للإدمان؟
منظمة إعادة التأهيل الدولية للعلاج من الإدمان نشرت تقريرا بخصوص هذا الصدد، أوضح أن اللاعبون يتجهون للإدمان بسبب 5 حالات رئيسية.
الحالة الأولى والشائعة هي تحسين الأداء، خاصة بسبب تعرضهم لضغط كبير طيلة الوقت، وردا على ذلك فهم يقومون باتخاذ أقسى الإجراءات للرد على الضغوط من خلال التعاطي.
الحالة الثانية هي الإصابات، البعض يحاول أن يسرع من عملية التعافي، وآخرون يرغبون في تناسي الألم النفسي والروحي لتلك التجربة لأنها تترك أثرا سلبيا وصعبا للغاية فيتجهون للإدمان.
الحالة الثالثة، الاكتئاب، يتجه اللاعبون له بسبب تعرضهم لتجارب شديدة الصعوبة نفسيا أو معاناتهم من الاكتئاب الذي يدفعهم لمحاولة الهرب ومن ثم التعاطي.
الحالة الرابعة، سهولة الوصول للمخدر وامتلاك مقدرة على الحصول عليه دون تعب في البداية، ما يسهل دخوله إلى طريق الإدمان ومن ثم يصبح المخدر لا غنى عنه.
الحالة الخامسة، التاريخ الشخصي للحوادث الصعبة والأزمات النفسية، بسبب معايشة حالات صعبة للغاية في فترات معينة من الحياة سواء في الطفولة أو المراهقة قد تستمر تلك الأزمة وتتزايد مع مرور الوقت ليبدأ الشخص في المقابل في الهرب للمخدرات.
"يصبح الرياضيون في مرحلة ما إما محبطين للغاية أو مضطرين للغاية، وبالتالي يتخذون قرارات ستجلب لهم ربحا إما لحظيا أو على المدى القصير، لكن الكثير من الأذى على المدى البعيد". إحدى الجمل التي نشرتها المنظمة عبر موقعها.
العلاج
العلاج قد يكون له عظيم الأثر الإيجابي على حياة اللاعب بعد ذلك، خاصة صغار السن منهم، والذين مازال أمامهم وقتا للعودة، كما حدث مع يوسف البلايلي لاعب المنتخب الجزائري على سبيل المثال لا الحصر.
يعتمد العلاج على 4 مراحل، الأولى هي تخليص الجسد من السموم به وتأخذ وقتا حسب مدة التعاطي، والثانية علاج نفسي وتلك لها جانب كبير، لأنه يساعد المريض على تحديد الأسباب التي دفعته للإدمان وقد يساعده لحل مشاكله بشكل أفضل بكثير مما كان عليه.
المرحلة الثالثة، تكون من خلال طبيب سيمنحه الكثير من الأدوية التي تمنع جسده من الاشتياق للمخدر أو أي انتكاسة، والمرحلة الرابعة هي العناية مع بعد الشفاء لضمان أن يعيش اللاعب حياة خالية من أي إدمان.
اقرأ أيضا:
أحمد حجازي: عدت من الإصابة أسرع مما توقعنا
جوتي: ريال مدريد لم ينافس سان جيرمان رغم غياب نجومه الـ3
تصنيف الفيفا - مصر في موقعها.. وكوسوفو في أعلى مرتبة بتاريخها
المصري يكشف لـ في الجول تفاصيل الاجتماع مع إيهاب جلال
برنامج الأهلي للسوبر – تدريب وحيد قبل السفر لبرج العرب.. وفرصة أخيرة لأزارو