كتب : محمد يسري
"محمد صلاح لاعب عظيم لكن ليس كل يوم، ساديو ماني لاعب عظيم لكن ليس كل يوم، أما فيرمينو فهو لاعب عظيم.. كل يوم" لم نجد كلمات أفضل من تلك للتأكيد على أهمية المهاجم البرازيلي، خصوصا وأن القائل هو يورجن كلوب مدرب ليفربول.
الابتكار هو ما يميز لاعبا عن الآخر، فرانز بيكنباور على سبيل المثال وضع مفاهيم جديدة لمركز الليبرو بتحركات مختلفة عن باقي أقرانه في الفترة التي مارس فيها كرة القدم، فكان يعرف كيف يتحرك خلف قلبي الدفاع وكيف يبادر ويتمركز أمامهم، فأصبح أيقونة دفاعية تُدرس للمدافعين الصغار بعدما تغيرت أساليب الدفاع.
والآن يسير فيرمينو على نفس نهج بيكنباور، بوضع مفاهيم جديدة لمركز المهاجم.
لم تعد مهمة المهاجم في الوقت الحالي هي تسجيل الأهداف، اختفى المهاجم رقم 9 التقليدي الذي يتمركز في منطقة الجزاء، وأصبح المطلوب منه في المقام الأول تفريغ مساحات للجناح المتوغل للداخل، مما جعل ما يقدمه تلك النوعية من المهاجمين لا يُقاس بالأرقام، لأنهم يسهمون في الأهداف دون لمس الكرة أحيانا والسبب جذب انتباه المدافع وتشتيته عن مراقبه مُسجل الهدف.
أما فيرمينو فهو خليط بين المهاجم التقليدي وهذه النوعية التي تساعد زملائها في التسجيل.
في طريقة 4-3-3 التي يعتمد عليها كلوب لا يوجد صانع ألعاب في وسط الملعب، لاعب على الدائرة غالبا يكون فابينيو، أمامه لاعبان في مركز 8 (هندرسون وفينالدوم)، وفي الهجوم فيرمينو وعلى يمينه صلاح وعلى يساره ماني.
هكذا يلعب ليفربول على الورق، لكن في الملعب الأمور مختلفة.
بجناحين عكسيين يلعب ليفربول، لذا يدخل ماني وصلاح للعمق دائما، مع تقدم لظهيري الجنب لتوسيع الملعب، فما دور فيرمينو في ذلك؟
يقوم فيرمينو بالخروج خارج منطقة الجزاء لاستلام الكرات من لاعبي الوسط ليقوم بإعادة توزيعها على صلاح أو ماني، حسب مجريات اللعب. وكأنه ليفربول يلعب بطريقة 1-2 في الهجوم.
تماما مثلما يظهر في الصورة، فيرمينو خلف صلاح وماني، ليقرر التمرير إلى الأخير الذي يستغل التمرير ويسجل هدفا.
قيام فيرمينو بدور صانع اللعب يُسهل من مهمة صلاح وماني في التسجيل، وهذا ما شرحه مايكل أوين نجم ليفربول السابق "عندما تنظر لثلاثي هجوم ليفربول، تجد أن روبرتو فيرمينو هو أكثر لاعب غير فردي في العالم، لذلك سيكون حلما اللعب معه".
عدم فردية فيرمينو تجعله يفضل دائما التمرير وصناعة الفرصة على التسجيل، ولنضرب مثالا بما فعله في مباراة السوبر الأوروبي ضد تشيلسي.
عقب نزوله بدقيقتين تلقى تمريرة سحرية من فابينو وضعته منفردا بـ كيبا أريزابالاجا حارس مرمى تشيلسي.
أي مهاجم في موقف فيرمينو كان سيفكر في التسجيل، لكنه لم يكن متمكنا من الكرة بشكل كاف، وكيبا يغلق زاوية التسديد الوحيدة، ليفكر فيرمينو تفكير يظهر ما يمتلكه من إنكار ذات.
فيرمينو مرر بوجه قدمه لماني؛ ليسجل في المرمى الخالي.
وهنا ضد نيوكاسل أيضا يمرر كرة بلمسة رائعة لأندرو روبيرتسون.
لذلك وبعد 4 مباريات خاض فيهم 400 دقيقة، قدم فيرمينو 1.4 فرصة للتسجيل خلال المباراة، مع صناعة 3 أهداف.
إنكاز الذات وصناعة الفرص ليس ما يميز فيرمينو فقط، أمر أخر يتفرد به، وهو: التحرك بين الخطوط.
يجيد فيرمينو التمركز في المساحات الموجودة في الملعبه بأكلمه، وليس مناطق الخصم الدفاعية فقط، والسبب يعود لأنه بدأ لعب كرة القدم في مركز الارتكاز، مما يعني أنه كان يمتلك مساحة أوسع لرؤية الملعب في السابق، وهو ما افاده كثيرا حين تحول للعب كمهاجم.
في مباراة السوبر ضد تشيلسي، تحرك فيرمينو بين مدافعي الفريق الأزرق بذكاء شديد.
ذكاء فيرمنيو يظهر في تصرفه بالكرة. لم يركض مباشرة نحو المرمى لأنه يعرف أن ثنائي تشيلسي قد يستخلص منه الكرة، وإنما تحرك للطرف قليلا.
لماذا تحرك نحو الطرف؟ ليجذب انتباه لاعبي تشيلسي وينظروا له وللكرة، ويتركوا ماني يدخل لمنطقة الجزاء دون رقابة.
وبعدما نجح في تنفيذ ما يريده؛ مرر لماني الذي سجل الهدف الثاني لليفربول من قذيفة لا تصد ولا ترد.
ويعد صلاح أكثر من استفاد من تحرك فيرمينو بين الخطوط، خصوصا في التمركز أمام قلبي دفاع وخلف لاعب ارتكاز فريق الخصم.
ضد نورويتش سيتي في الجولة الأولى، كان يمرر صلاح لفيرمينو ويركض نحو منطقة الجزاء ليستقبل تمريرة زميله البرازيلي.
إلا أن اللقطة الأبرز هي التي حدثت ضد نيوكاسل، بعدما صنع هدفا بشكل أكثر من رائع لصلاح.
هنا فيرمينو يقف وظهره للمرمى أمام قلبي الدفاع وخلف لاعب الارتكاز ويستقبل تمريرة صلاح.
ليسيطر فيرمينو على الكرة وأثناء ضغط ثنائي نيوكاسل، يمرر بكعبه بشكل رائع، والروعة ليست للمسة الفنية، ولكن لدقة التمريرة وتوقيت وصول الكرة لصلاح بقوة مناسبة تتيح للنجم المصري التعامل بأريحية مع الكرة.
وأمام المرمى يعرف صلاح جيدا ما يفعله. مرواغة ثم تصويبة فهدف.
وأمام المرمى يعرف صلاح جيدا ما يفعله. مرواغة ثم تصويبة فهدف.لهذا قال صلاح عن فيرمينو: "فيرمينو مهم للغاية بالنسبة لنا ويساعدنا كثيرًا في كل مبارياتنا".
التحرك بين الخطوط بالنسبة لفيرمينو يجعله يحصل على حرية أكبر ومساحة أوسع ووقت أكثر للتفكير والتصرف بالكرة، يعود للوسط ليكون لاعبا إضافيا وكأن ليفربول يلعب 4-4-2 ماسة "دياموند"، ليذهب ووجه للمرمى وهنا تظهر خطورته بشكل أكبر لأنه يمتلك أكثر من حل مما يجعل المدافع في حيرة من أمره، ويفكر: هل سيمرر أم سيسدد؟ إذ يمتلك فيرمينو معدل 3,8 تسديدة في المباراة الواحدة في الدوري الإنجليزي.
هنا مثلا مرر لصلاح بدلا من التسديد.
وضد تشيلسي في السوبر، عاد كل هذا المسافة في الملعب لكي يقوم ببناء هجمة، لكن كانتي أبطل مفعوله سريعا وأجهض فرصة خطيرة لليفربول.
ومع تنفيذ مهام المهاجم الذي يطلق عليه 9.5 لم ينس فيرمينو إنه يحمل الرقم 9 على أرض الملعب، ليدخل لمنطقة الجزاء ويسجل كلما تتاح له الفرصة رغم أن دوره الرئيسي هو مساعدة الأجنحة في التسجيل، ليقوم بهز الشباك في 68 مناسبة مع ليفربول مع صناعة 51 هدفا خلال 199 مباراة مع الفريق في كل المسابقات.
ولم يصنع أي لاعب في ليفربول أهدافا أكثر من فيرمينو منذ موسم 2015-2016.
وبعيدا عن الأهداف وصناعتها، فإن دور فيرمينو الدفاعي لا يقل عن الهجومي، فهو أول من يقوم بالضغط على حامل الكرة ليفسد هجمات الخصوم، ويظل يركض خلف حامل الكرة حتى يستعيدها، فوصل معدل استخلاصه للكرات 2.2 في موسم 2015-2016، قبل أن يقل إلى 1,8 في موسم 2017-2018 ويتراجع إلى 0.9 في الموسم الماضي.
حين غير العالم مفهوم المهاجم التقليدي واستبدله بمهاجم وهمي لا يصنع ويسجل كثيرا وإنما يقوم بفتح مساحات، جاء فيرمينو وغير هذا المفهوم، وأصبح يسهم في الأهداف ويتحرك بين الخطوط ويصنع الفرص ويسجل أيضا ليصبح نموذجا للمهاجم بتعريفه الجديد، ومن يدري؟ ربما يُسمى هذا المركز بـ "مركز فيرمينو" في المستقبل.
اقرأ أيضا
فيديو في الجول - مختار مختار يرشح إيهاب جلال لتدريب المنتخب.. تعرف على الأسباب
بالفيديو - هل ودع إيهاب جلال المصري تمهيدا لقيادة المنتخب؟
فتح الله يعلن اعتزاله كرة القدم.. "لم أكن متحمسا للعروض المقدمة"
خبر في الجول - ميتشو يحسم موقف مدرب حراس المرمى بعد السوبر.. ومحلل أداء في الصورة
تاريخ مواجهات الأهلي والزمالك في السوبر