من بين 18 مدربا في بطولة الدوري الممتاز لا يمتلك مدرب في سيرته الذاتية لقب بطولة قارية رسمية.. فقط سيرجيو فارياس من بين تلك القائمة الطويلة كان من فعلها.
طلائع الجيش تعاقد مع المدرب البرازيلي مطلع الموسم الجاري خلفا للبلجيكي لوك إيميل، لكن الخبر لم يحظ بالكثير من الضجة الإعلامية.. ربما لابتعاده عن التدريب لأكثر من عام، وربما لأن الطلائع ليس من فرق المقدمة الطامحة للمنافسة.
الأكيد أن فارياس يمتلك واحدة من أفضل السير الذاتية بين مدربي المسابقة المحلية، أولا لتحقيقه لقب دوري أبطال آسيا رفقة بوهانج ستيلرز الكوري، وثانيا لأنه كان الرجل الذي شهد على بدايات رونالدينيو في الملاعب، وكاد يقتل مسيرة روبينيو في المهد.
ومسيرته التدريبية عرفت منعرجا ملحوظا، فما بين تدريب الفئات السنية الشابة في البرازيل إلى الانتقال لآسيا وصناعة شهرته وإنجازه الأكبر في كوريا، مرورا بمشواره الذي لم يعرف استقرارا كبيرا بعدها.
قد يهمك.. (تعرف أكثر على باقي أندية الدوري الممتاز)
البدايات
بدأ فارياس مسيرته التدريبية عام 93 مع عدة فرق صغيرة في البرازيل، واستمرت تلك المحطة لـ5 سنوات قبل أن تأتي محطته الأهم وقتها: تدريب منتخب البرازيل تحت 20 عاما.
خلال تلك الفترة كان فارياس شاهدا على نمو لاعب يُدعى رونالدينيو.. لاعب سيتحول لأحد أيقونات اللعبة لاحقا.
كانت علامات تألق رونالدينيو قد ظهرت مع منتخب تحت 17 عاما في بطولة العالم 97 التي أقيمت في مصر آنذاك، واستمر هذا التألق مع فارياس خلال الفترة التي قاد فيها المنتخب بولايته الأولى (98-99)، قبل الولاية الثانية (2001).
أسماء أخرى كالمخضرم لوسيو، مدافع بايرن ميونيخ وإنتر الأسبق، ودييجو ريباس لاعب بورتو ويوفنتوس الأسبق، لعبت تحت قيادة سيرجيو في السيليساو، قبل رحيله متجها صوب فريق يوفنتوس، أحد فرق مدينة ساو باولو التي تنشط في الدرجة الثانية.
وفي عام 2000 خطا فارياس خطوة أخرى نحو تسليط الضوء على اسمه مستقبلا، والسبب توليه قيادة فريق سانتوس تحت 20 عاما.
في الحقيقة لم يكن هذا السبب الرئيس خلف تسليط الضوء، وإنما قرار اتخذه صنع الكثير من الضجة حينها.
في فريقه الصغير امتلك فارياس لاعبا يدعى روبينيو.. بالطبع تعرفتم على الاسم سريعا، لكن حينها صمم المدرب البرازيلي على إبعاد هذا الفتى من الفريق لأنه "مستهتر وجسده ضئيل".
القرار اُتخذ بالفعل وروبينيو كاد يتجه للبحث عن ناد آخر قبل أن يتدخل المدير الرياضي آنذاك، زيتو، لإنقاذ موهبة سانتوس من الضياع.. الآن وبعد أعوام طويلة، ربما بدا فارياس على حق.
بعدها كان فارياس على موعد مع البطولة الأولى في مسيرته رفقة منتخب السامبا تحت 17 عاما حينما حقق بطولة أمريكا الجنوبية عام 2001.
النقلة الكبرى
في 2005 قرر فاريس خوض تحد جديد خارج بلاده متجها نحو كوريا الجنوبية. قرار سيُكافئ عليه مستقبلا بعدما امتلك شجاعة المجازفة.. ولكنه لن يتوهج بعده مجددا.
مع بوهانج ستيلرز الكوري سيصنع المدرب البرازيلي التاريخ، وسيقود فريقا شابا إلى منصة أبطال آسيا لأول مرة في تاريخ فرق تلك البلد الآسيوي.
تولى فارياس المهمة عام 2005، وبعد 4 سنوات فقط سيكون قد حصد كل البطولات الممكنة، بعدما صنع مجموعة من المواهب الشابة، ليصبح المدرب الأجنبي الأكثر استمرارا في كوريا.
وعندها سيصبح اسمه "الساحر".
"أظن أن كلمة ساحر تعني أن ما تحقق أقرب إلى الحظ من أرض الواقع أو بمساعدة فوقية وليس بفعل بشر، لذا نحن أقرب للواقع من السحر" هكذا يعلق فارياس على اللقب الذي اكتسبه.
ويضيف مشيرا إلى سبب النجاح في التتويج بالبطولة القارية "كل الجهد والعرق الذي بذله اللاعبون عبر مرور السنين جعل ما وصلنا إليه ممكنا (..) كان علينا إجراء الكثير من التغييرات عبر 5 سنوات لكن الآن أصبحنا أكثر مهارة وهجوما وتنافسية".
"مررنا بالكثير من الأشياء كي نصل لهدفنا. اللاعبون الكوريون لا يفتقدون للمهارات الفردية، وإنما يتحركون أحيانا بطريقة غير مجدية في الملعب".
ويتابع متحدثا عن المشاركة في كأس العالم للأندية حينذاك "معي اعتاد الفريق على تحقيق بطولة سنويا، والآن فزنا بكل شيء في كوريا وتوجنا بلقب قارية ونشارك في مونديال الأندية، بأمانة لا أعتقد أننا قادرين على التتويج بها حاليا لكنه ممكن في وقت ما. لا أحد يعرف حدود اللعبة".
حسنا، ربما يفز الفريق الكوري بمونديال الأندية لكنه استطاع اكتساب احترام العالم بتتويجه بالميدالية البرونزية عقب حصده المركز الثالث.
بعد مرور أعوام على رحلته في كوريا ينظر فارياس إلى الخلف "كي أكون أمينا لم أعتقد أنني ساستمر في كوريا لـ5 سنوات لكنني وقتها كنت بحاجة لتحد جديد ومرحلة جديدة، وبعد الموسم الأول آمنت أن بإمكننا الحصول على البطولات.. خلال 5 سنوات نضجت أنا وبوهانج".
محطات سريعة
بعد المحطة الأبرز في مشواره تنقل فارياس بين عدة أندية مختلفة لكنه لم يستمر مع أي فريق لأكثر من عام: أهلي جدة والوصل الإماراتي وجوانزو آر إف الصيني، و نورث إيست الهندي وسوفان بوري التايلاندي والهلال السوداني.
مشواره مع الوصل كان الأكثر جدلية إذ أعلنت إدارة النادي فسخ التعاقد معه بعد 8 أشهر فقط، في 2011، لـ"فقده السيطرة على غرفة الملابس، والتدريبات الزائدة للاعبين".
لكن فارياس لم يصمت ورد بقوة على تلك الاتهامات قائلا: "حاولت تطبيق فلسفة احترافية لناد هاوٍ حيث يعمل بعض اللاعبين خارج الكرة لزيادة دخلهم ما جعل التدريب باحترافية أمرا مستحيلا للمنافسة عبر 3 بطولات".
"الفريق يتدرب ساعة ونصف فقط يوميا وعندما وصلت حاولت تطوير كل هذه الأمور وخلق مسار احترافي، فعلى سبيل المثال مدرب الأحمال البدنية كان يعمل في العالم العربي لـ21 عاما مستخدما أساليب من السبعينيات".
"عقدت عدة اجتماعات لتقييم الوضع وكان من السهل الاستمرار دون محاولة خلق حلول للنادي".
لم تبد مسيرة المدرب البرازيلي قادرة على استعادة توهجها الذي كان في كوريا. 7 أشهر مع أهلي جدة، و8 رفقة الوصل، ثم عام مع جوانزو الصيني، فولايتين مع سوفان بوري، و4 أشهر فقط رفقة الهلال السوداني.
والآن الرحلة تقوده إلى فريق جديد، وتحد ربما يصعب معه استعادة توهجه.
أسلوب اللعب والفلسفة
عُرف الرجل، الذي يحب كارلو أنشيلوتي ومُعجب بجوزيه مورينيو، بانتهاجه الكرة الهجومية مع فرقه المختلفة، وتمسكه الكبير بخطة 4-2-3-1.
"إن نجحنا في تقديم مثال جيد للعب كرة هجومية وتحقيق نتائج مرضية فإن باقي الفرق ستسير على خطانا، لكن حتى لو أدرت ذلك فالتغيير لا يمكنه أن يحدث بين ليلة وضحاها"، هكذا يروي سيرجيو منظوره للعبة.
ويسهب في شرح أفكاره: "نحتاج للوقت والمجهود لاكتساب المعرفة والأهم العمل بجهد أكبر للحفاظ على أهدافنا (..) كذلك من المهم التدوير بين اللاعبين لمنع الإرهاق".
"بالطبع يجب أن يعرف كل فريق مواطن قوته حتى يصل إلى هدفه، وأنا أُفضّل اللعب بإيقاع سريع يعتمد على القوة البدنية".
ويتابع "من المهم بالنسبة لي أن أبدأ مشروعي من البداية وألا أكمل على عمل أحد قبلي (..) أولويتي الأولى دوما تحقيق فلسفتي مع النادي ثم مواصلة العمل، لدي كل المؤهلات للعمل في الأندية".
"واجهت العديد من المدربين الجيدين لذا اكتسبت خبرة لا بأس بها (..) المدربين مثلي لا ينظرون إلى الراتب وإنما المشروع لهذا السبب مثلا رحلت عن سوفان بوري فالأمر فقط لا يتعلق بتحقيق الفوز وإنما مواصلة التطور".
ويواصل "أي ناد بحاجة لاستخدام كل إمكانياته من أجل الفوز ببطولة. عليك أن تكون جيدا على الصعيد الفني والبدني لتحقيق نتائج جيدة، فالنتائج كل شيء بكرة القدم، أريد لعب كرة جيدة وأحقق نتائج كذلك".
"أحاول نقل كل معرفتي وخبرتي للاعبين وآمل أن يفيدهم ذلك، وكل مشروع لديه التحدي الخاص به (..) أحب الكرة الهجومية والسريعة مع توازن في كل الأقسام".
ويختتم "لقد كانت رحلة طويلة وحافلة بالأحداث، كان هناك العديد من الدروس المستفادة والعديد من الأماكن التي زرتها والعديد من المهام التي تعاملت معها. لقد جعلني ذلك مدربا أفضل".
المصادر:
اقرأ أيضا
عبد الحفيظ: البداية تشبه بطولة 2013
أفشة يكشف خطة فايلر ضد كانو سبورت