كتب : أحمد العريان | الخميس، 29 أغسطس 2019 - 15:30

العدل وأشياء أخرى ننتظرها من لجنة اتحاد الكرة ليذكرها التاريخ

اللجنة المؤقتة لإدارة اتحاد الكرة

العدل أولا، ولكنه ليس وحيدا. هو نقطة الانطلاق، وتصحبه خطوات وقرارات أخرى، كلها تدور حول نفس المصطلح "العدالة". ربما هذا هو ملخص المطلوب من لجنة إدارة اتحاد الكرة الجديدة.

طول مدة خدمتك ليست شرطا لترك بصمة. نعم أن تواجد شخصا في خدمة كيان ما لسنوات طويلة تجعله جزء من تاريخ المكان، لكن تخليد اسمك في الصفحات الأولى لتاريخ كيانك لا يحتاج سوى بضعة قرارات.

وأمام أوقات طارئة أتت فيها لجنة مؤقتة لإدارة اتحاد الكرة، ربما أن الظروف ليست مهيئة، ولكن أحيانا تكون المصاعب رحما خصبا لصناعة التاريخ.

طالت المقدمة، لكنها كانت هامة للتعريف بما سيمر به هؤلاء. (عمرو الجنايني – جمال محمد علي – سحر عبد الرازق – محمد فضل – أحمد عبد الله).

أقل من سنة حتى 31 يوليو 2020 تحديدا هي الفترة المتاحة للجنة قبل إجراء انتخابات جديدة لاتحاد كرة القدم المصري، وفي تلك الفترة سيكونوا مطالبين ببعض القرارات، إن أحسنوا صناعتها، فستبقى أسماءهم في تاريخ الكرة المصرية.

العدل

العدل أولا.. ما أن أتت اللجنة حتى وطالتها الشكوك حول إمكانية توفير العدل وسط شهرة انتماء رئيسها عمرو الجنايني الطاغي لنادي الزمالك. الرجل نفى كل شيء في أول مؤتمر صحفي "أنا مصري قبل أي شيء"، أفلح فعلا إن صدق وانحاز للعدل فلم يسمح لانتماءه أن يصنع قراره لصالح ناديه، أو لشعوره بحتمية إظهار حياده بشكل مبالغ أن يجور على النادي الذي يشجعه.

المؤكد أن اللجنة ستكون محاصرة باتهام التحيز لطرف دون الآخر مع كل القرار يتخذوه، ويجب ألا يقفوا طويلا أمام هذا الأمر، طالما أن القرار فعلا لصالح الكرة المصرية.

جدول كامل

"سنعلن جدول بطولة الدوري المصري للموسم المقبل كاملا لأول مرة خلال أسبوع". هذا ما أعلنه عمرو الجنايني رئيس اللجنة في المؤتمر الصحفي.

اشتكت جماهير الزمالك من "كيف لرمضان صبحي وعمرو السولية أن يحصلا على إنذار ثالث في لقاء بيراميدز، ثم تقول اللائحة بأنهما يحق لهما المشاركة في لقاء كأس السوبر؟".

صراحة أنها شكوى منطقية، لكن حقيقة الأمر أن تلك هي اللائحة التي تطبق منذ سنوات، والسبب فقط هو غياب العدل.

تقول اللائحة بأن مع بدء فترة القيد الجديدة للموسم التالي، تسقط الإنذارات ويتم ترحيل الإيقافات الناتجة عن بطاقات حمراء فقط للموسم التالي.

هذا يعني في تلك الحالة أن أيمن أشرف سيوقف عن أول لقاء محلي مقبل بسبب الطرد أمام بيراميدز، فيما سيعتبر إنذاري رمضان صبحي ومعلول هي الأولى لهما هذا الموسم.

هل هذا الأمر عادلا؟ لا بكل تأكيد، لكنها اللائحة واللوائح تطبق على الجميع.

إذا من المخطيء؟ فأي انحلال في ميزان العدل، لابد لشخص تسبب فيه. الإجابة بكل تأكيد هي أن المخطيء هو المتسبب في أن بطولات الموسم الماضي، تستكمل بعد بداية فترة القيد للموسم الجديد.

ليس من العدل مثلا أن يلعب بتروجت نصف نهائي كأس مصر كأحد فرق الدرجة الثانية بعدما وصل لهذا الدور وهو أحد فرق الممتاز وبقائمة مختلفة تماما عن تلك التي تنتظر الفائز بين بيراميدز وحرس الحدود حاليا.

لم يكن عادلا أيضا قبل سنتين، أن يلعب النادي المصري نصف نهائي ونهائي كأس مصر بقائمة تضم 17 لاعبا فقط بينهم ثلاثة ناشئين، بعدما وصل لهذا الدور بقائمة كاملة بسبب أن العديد من اللاعبين رحلوا عن الفريق مع نهاية الدوري، ولا يستطيع قيد الجدد بسبب عدم فتح باب القيد بعد.

كلها أمور غير عادلة، وأحيانا بالفعل تكون المساواة في الظلم عدل، لكنه أبغض أنواع العدالة.

المطلوب من لجنة إدارة اتحاد الكرة هنا هو تنفيذ ما أعلنوه، والكشف عن جدول كامل لبطولة الدوري، ومسابقتي دوري وكأس ينتهيان قبل فتح باب القيد للموسم التالي، لنضع حدا لانحلال ميزان العدالة بين جميع الفرق في تلك النقطة.

VAR

-البدء فورا في مناقشة العروض المقدمة لتطبيق تقنية حكم الفيديو واجراءات الحصول على التراخيص اللازمة من مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم IFAB وكذلك تدريب الحكام استعدادا لتطبيقها في أقرب وقت.

البند السابق هو أحد قرارات اللجنة مساء أمس الأربعاء. قرار انتظرته الجماهير المصرية منذ فترة طويلة، وتنفيذه بشكل صحيح كما أعلن، سيكون حجرا جديدا في بناية العدالة المنتظرة.

توفير تقنية الفيديو يزيد من اتزان ميزان العدالة داخل الملعب بين جميع الفرق، بجانب توفير قدر أكبر من العدالة الممثلة في حماية أكبر للحكام.

في وجود تقنية الفيديو لن يظلم الحكام وأخطاءهم ستكون مسؤوليتهم بقدر أكبر كما هو الحال في دول العالم، وتوفيرها بشكل صحيح وبترخيص من الاتحاد الدولي سيرفع الظلم عن الحكام، والذي كان ممثلا في حملات سخرية بسبب شكل الـVAR الذي ظهر بشكل مهين في وقت سابق، وهم ليسوا مسؤولين عن ذلك من الأساس.

Related image

وتأخير تطبيق التقنية لحين تدريب الحكام بشكل صحيح وإن كان سيؤخر توفير العدالة للفرق، لكن لا بأس طالما أن المقابل هو عدالة صحيحة للأندية، وللحكام.

الملاعب

ليس عدلا أن يلعب فريق كل مباريات على نفس الملعب، أو أن تلعب كل الفرق مع فريق ما على ملعبه، إلا الأهلي والزمالك يلعبان على ملاعب مختلفة. كلها أمور تنقص عدالة المسابقة.

ومن أجل مزيد من العدل، مطلوب من اللجنة إعلان ملعب مخصص لكل فريق في الدوري. لا نطلب أن يمتلك كل فريق ملعبه ونعلم أنه سيكون دربا من الخيال، لكن أن يعلن ملعبه ويلتزم به حتى نهاية الموسم، وأن يكون هذا الملعب يسمح لإقامة أي مباراة عليه، مهما كان طرفها الآخر حتى لو الأهلي أو الزمالك.

مدرب المنتخب

مدرب منتخب مصر المقبل هو أحد الملفات الهامة على طاولة لجنة إدارة اتحاد الكرة أيضا، وبعد إخفاقات كثيرة أخيرة، ووسط نجاحات منتخبات مصر في الرياضات الأخرى، فلابد أن يكون صالح الكرة المصرية هو الشاغل وليس تطبيق رغبات شخصيات معينة.

حقيقة الأمر ورغم أن المدرب الأجنبي فشل مؤخرا مع منتخب مصر، لكن هذا لا يمنع أنه مازال الخيار الأكثر حكمة. أسباب عدة، أهمها على الإطلاق هو أن كل المدربين المصريين حاليا ليسوا مؤهلين كفاية للجلوس على مقعد تدريب منتخب مصر.

أسماء مصرية عديدة مرشحة لهذا المنصب. كلها دون استثناء جيدة، لكنها ليست جيدة كفاية لأن تكون على رأس تدريب منتخب مصر في الوقت الراهن.

قد يكون المقعد مغريا لهم ولأي شخص –بما فيهم أنا- لو كنت مرشحا لذلك، لكن ربما تثبت الأيام أن تعيينهم الآن وفي هذه الظروف لن يكون عادلا لهم قبل أي طرف آخر. فمع ظروف لا تساعد على النجاح سيكون الفشل هو الاحتمال الأكبر، ومع عدم توافر عنصر الوقت بسبب تراكم الخيبات، سيكون الأقرب للمدرب المقبل هو "الحرق" السريع ، فتصبح نقطة تحول للأسوأ في مسيرته التدريبية.

أعلم ما يدور في ذهنك الآن وسط قراءة سطوري السابقة ومفاده "انتهى أصلا وقت الحديث عن تلك النقطة والملف حسم بأن المدرب المقبل محلي بتعليمات من رئيس الجمهورية نفسه".

نعم أعرف أن المدرب المقبل سيكون محليا بنسبة 99.9% لكنني هنا أبرئ ذمتي فقط بمقال رأي. وأقول أيضا بأن رئيس الجمهورية نفسه كانت كلماته "الدكتور أشرف بقوله هنعمل ايه، قالي لا يا فندم هنجيب مدرب مصري" وليست "قررت أن يكون المدرب المقبل مصريا". ربما تكون تلك الصيغة مدخلا جيدا لصناع القرار إن قرروا التراجع واتخاذ ما هو أفضل للكرة المصرية، لرفع الحرج عنهم.

لا أعتقد أن اتجاه استقدام مدربا مصريا للمنتخب قائم على أسباب اقتصادية من الدولة، وإلا فلماذا لا نطبق القرار نفسه على الأندية؟ الأهلي والزمالك مؤسستان وطنيتان أيضا تابعتان للدولة بحكم القانون. لماذا لا نمنع استقطاب مدربين أجانب للأندية؟ ونمنع كذلك استقطاب لاعبين أجانب لتوفير النفقات، وقبل ذلك نمنع استقدام الحكام الأجانب بكل تأكيد.

كل ما سبق ليس صحيحا، ولكنه سيكون التدرج المنطقي لو كان توجه المدرب المصري اقتصاديا بالفعل، وبما أن هذا لم يعلن، فلن نتعامل معه إلا كقرار يراه المسؤولين في صالح الرياضة المصرية، ولكنه في حقيقة الأمر لا يبدو كذلك، خاصة أن الدولة تعتمد على الخبراء الأجانب في مجالات عديدة حسب المصلحة العامة، والأمور تقاس بالكفاءة وليس جنسية المدرب سواء مصري أو أجنبي، والهدف هو النجاح فقط.

في النهاية ليس عدلا حقا أن تمتلك مصر حاليا لاعب بحجم محمد صلاح مثلا الذي يعد أحد فضل لاعبي العالم في سابقة لم تحدث للكرة المصرية، ولا توفر له أبسط عوامل النجاح الممثلة في مدرب قادر على قيادة الفريق للبطولات.

إن كان المدرب الأجنبي فشل مع منتخب مصر في الفترة الأخيرة، فذلك لسوء الاختيار وليس لفشل المبدأ نفسه، فإن أردت النجاح عليك الاستثمار بشكل جيد، والاستثمار في تلك النقطة يعني استقطات اسما كبيرا وله ثقله في عالم التدريب.

أيا كان اختيار اللجنة لإدارة منتخب مصر، فنجاحه مستقبلا حتى بعد رحيلهم سيحسب لهم، وسيذكر التاريخ أن هذا المدرب تولى تدريب منتخب مصر في فترة تواجد تلك الأسماء لإدارة الكرة المصرية.

قد تتفق معي في النقاط السابقة وقد تختلف، وربما نتفق على بعض النقاط ونختلف في الأخرى، وهذا طبيعيا بكل تأكيد، لكن ربما أن القرارات السابقة إذا وفرتها تلك اللجنة، فربما يذكرها تاريخ الكرة المصرية بالخير لسنوات طويلة.

وأخيرا ورجاء خاص. إذا كانت تلك اللجنة سببا في تغيير منظومة اتحاد الكرة الإعلامية كاملة، سنكون شاكرين أفضالهم بشدة لكونهم سببا في مواكبة العصر الحالي بعد انحصار المسؤولين عن هذا الملف في عصر عفا عليه الزمن.

أخر الأخبار
التعليقات