"نحن أبطال العالم".. كيف بدأ دوري الأبطال بشجار بين ليكيب وولفرهامبتون ودايلي ميل

الخميس، 29 أغسطس 2019 - 11:47

كتب : إسلام مجدي

نحن أبطال العالم

"هانو شعر أن أندية مثل ريال مدريد وميلان أقوى بكثير من ولفرهامبتون، لذا اقترح أن تقام منافسة بين الجميع لاختيار بطل عالم حقيقي". جاكيه فيران صديق مقرب من جابريل هانو صاحب فكرة إقامة بطولة "كأس أوروبا".

لم يكن هناك بطولات قارية للأندية في أوروبا في ذلك الوقت، الصحف كانت تبتكر عناوينها الخاصة التي يمكن وصفها كما هي دائما :"نارية".

صراع صحفي قوي بين الصحف الإنجليزية وصحيفة "ليكيب" الفرنسية نهايته كانت إقامة واحدة من أقوى بطولات العالم وأكثرها اهتماما وقيمة، دوري أبطال أوروبا، كيف كان ذلك؟

إنجلترا كانت الدولة التي أوجدت لعبة كرة القدم لا شك في ذلك ولفترة طويلة كانت الدوريات ورابطة الأندية الإنجليزية تسيطر على الاهتمام واللعبة وتنظيمها.

في نفس الوقت كانت هناك مباريات ودية دولية بين الأندية من مختلف دول الاتحاد الأوروبي كنوع من اختبار القوة.

مثلا كانت هناك بطولة ودية تسمى "كأس التحدي" تقام في الإمبراطورية النمساوية المجرية. بدأت لأول مرة عام ١٨٩٧ وشهدت مشاركة أندية من النمسا والمجر وتشيكوسلوفاكيا واستمرت حتى ١٩١١ وظهر بعدها بطولات مثل كأس النمسا وكأس ميتروبا بنفس الفكرة.

بداية القصة جاءت من كأس ميتروبا، البطولة كانت قد أقيمت خصيصا لإظهار قوة دول وسط أوروبا في كرة القدم، لأن تلك الأندية سيطرت نوعا ما على القارة ونالت صيتا وقوة كبيرة في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وفي عام ١٩٢٧ نافست ٨ فرق من النمسا والمجر وتشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا في ١٤ مباراة وتوج سبارتا براج باللقب على حساب رابيد فيين.

وفي ١٩٣٠ تمت دعوة فرق من سويسرا وإيطاليا ورومانيا لتنمو سمعة البطولة كثيرا في أوروبا، حتى أن المسابقة استمرت في أعقاب الحرب العالمية الثانية وانتهت عام ١٩٩٢.

انكسرت أوروبا تماما في أعقاب الحرب العالمية الثانية التي خلفت خلفها ٦٠ مليون ضحية معظمهم مدنيين أكثر من جنود، أصبحت الحاجة للرياضة كبيرة للغاية في ظل السعي للبناء، وفي ١٩٤٨ أقيمت الألعاب الأولمبية في لندن تبعها كأس العالم ١٩٥٠، وسط آمال باستعادة العالم بشكل أفضل مما كان عليه بعدما مزقته الحرب.

فترة الخمسينيات هي مقصدنا في القصة، وقلبها الحقيقي، لأنها شهدت تطورا وتغييرا كبيرا على مستوى أوروبا.

الاتحاد السوفيتي أصبح خصما لأوروبا الشرقية، أما ألمانيا انقسمت إلى نصفين، ورغم ذلك تطور التلفاز كثيرا والراديو كان أفضل، وتم تقديم مباريات كرة القدم بشكل أفضل.

بعد ٣ أعوام من كأس العالم، أتى واحد من أهم الأعوام في تاريخ الكرة الأوروبية وربما إنجلترا؟ "مباراة القرن".

إنجلترا كانت قد خسرت مرة واحدة وقتها في تاريخها على ملعبها من أيرلندا عام ١٩٤٩، لعقود طويلة كانت إنجلترا ترى نفسها الأفضل والأعظم فيما يخص كرة القدم وأنها تمتلك أفضل منتخب على الإطلاق نظرا لأنهم "مخترعوا كرة القدم الاحترافية وكل ما يخصها".

في المقابل كان هناك منتخبا قويا للغاية في الخمسينيات، "المجر العظماء" كما وصفهم أرشيف صحيفة "تيليجراف" البريطانية.

المنتخب المجري مزق منتخب إنجلترا تماما بلاعبين مثل يوزيف بوجيك وساندور كوتشيس وبالطبع البطل المعروف للجميع، فراينتس بوشكاش.

النتيجة كانت ٦-٣ لصالح المجر، ليس هذا فقط، لم يكتف المنتخب الأفضل في أوروبا بتلك الإهانة، بل استقطب إنجلترا وفاز ضدها مجددا ٧-١.

حادثة ١٩٥٤

مر عام على الخسارة المذلة للمنتخب الإنجليزي والصدمة التي تلقتها إنجلترا والتي كانت واقعية للغاية، "قد تكون المخترع لكنك بحاجة لتطوير اكتشافك".

مباراة القرن ربما ساهمت فيما حدث في ١٩٥٤، حينما فاز فريق ولفرهامبتون بالدوري الإنجليزي موسم ١٩٥٣-١٩٥٤، وقتها قام الفريق بخوض عدد كبير من الوديات الكبرى ضد كبار أوروبا وبعض المنتخبات.

جولة ولفرهامبتون تضمنت مواجهات ضد جنوب إفريقيا وسيلتك وراسينج كلوب وماكابي تل أبيب وسبارتاك موسكو وفاز بهم جميعا ثم واجه فريق فيرست فيينا وتعادل معه.

ما الذي حدث بعد ذلك؟ كانت مواجهة أذيعت مباشرة على التلفاز، ولفرهامبتون واجه هونفيد بطل المجر وفاز ضده أمام أعين الجميع.

شارك ٦ لاعبون من منتخب المجر الذي سحق إنجلترا في العام الذي سبق تلك المواجهة الودية مع هونفيد، أمام أعين ٥٥ ألف مشجع في ملعب مولينو معقل ولفرهامبتون.

تقدم هونفيد بنتيجة ٢-٠ بعد مرور ١٤ دقيقة لكن بنهاية المباراة فاز ولفرهامبتون بنتيجة ٣-٢، وسرعان ما احتفت إنجلترا بالكامل بهذا الانتصار.

لتخرج صحيفة دايلي ميل بأشهر عنوان قامت به وذلك لما تبعه من أحداث :"أبطال العالم.. ولفرهامبتون".

استفز ذلك العنوان الكثير من الدول الأوروبية خاصة وأن دايلي ميل أكملت :"ما الجديد؟ نفعل ذلك دوما".

قررت صحيفة "ليكيب" الفرنسية الرد سريعا ليكتب جابريل هانو مقالا عن الأمر.

"قبل أن يتم اعتبار ولفرهامبتون فريقا لا يقهر، اجعلهم يذهبون إلى موسكو وبودابست، توجد أندية أخرى لديها سمعة قوية دوليا مثل ميلان وريال مدريد، لا نتحدث هنا عن فريق بل اثنين، يجب أن يخوض الفريق بطولة دولية عالمية أو على الأقل أوروبية، بطولة كبيرة لها معنى وإطار ورونق أكبر حتى من بطولة كأس ميتروبا، وأكبر مكانة حتى من بطولات المنتخبات، يجب أن يكون لدينا بطولة بهذه الفكرة لتحديد من يكون بطل العالم".

لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل قامت ليكيب بقيادة حملة وإعداد عريضة تم تقديمها للاتحاد الأوروبي لكرة القدم الذي كان قد وجد لتوه عام ١٩٥٤.

قام جاكيه فيران رئيس الصحيفة ومالكها بدعم هانو وفكرته ووضع الكثير من الخطط لإظهار هذا الدعم بشكل حقيقي، وقدموا مقترحا يدعهم ١٦ فريقا إلى الفيفا الذي رحب بالأمر لكنه طلب موافقة اليويفا.

نيك ميلر صحفي جارديان أثنى كثيرا على ما قام به جاكيه فيران لكي تقام البطولة وتحويل مقال هانو الغاضب إلى أرض الواقع.

كتب ميلر :"شاهدت بطولة سود أمريكانا للأبطال، وبطولة كوبا ليبرتادوريس، بداية فكرة مسابقة في قارة أوروبا كانت موجودة لأعوام، وانتصار ولفرهامبتون وذلك العنوان كانا الفتيل الذي أشعلها".

في مارس ١٩٥٥ عقد أول كونجرس لليويفا، وحضره الثنائي فيران وهانو لتقديم مشروعهم للاتحاد القاري، وافق اليويفا وعدد من الاتحادات الكروية على المقترح ودعمه الفيفا الذي رحب كثيرا بها، وفي يونيو ١٩٥٥، أعلن عن أن تلك البطولة ستنظم بواسطة الاتحاد الأوروبي.

دولة وحيدة خرجت من تلك الحسابات، كانت إنجلترا، نظرا لأن الأندية الإنجليزية رفضت خوض هذه البطولة الجديدة نظرا لأنها ستشتتهم عن منافستهم الأقوى والأفضل والأعرق في بلادهم على بطولاتهم المحلية.

في سبتمبر ١٩٥٥ أقيمت أول نسخة لـ"كأس أوروبا"، والـ١٦ فريقا كانوا، أرهوس الدنماركي، أندرلخت البلجيكي، دجورجاردينز السويدي، روت فيس إيسن الألماني، جوارديا وارسزاوا البولندي، هيبيرنيان الاسكتلندي، ميلان من إيطاليا، إم تي كي بودابست المجري، بارتيزان اليوغوسلافي، إيندهوفن من هولندا، رابيد فيينا من النمسا، وريال مدريد من إسبانيا، وستاد ريمس من فرنسا، وساربروكن من سارلاند (ألمانيا) وسيرفيت السويسري وسبورتنج من البرتغال. وأقيمت أول مباراة بين سبورتنج وبارتيزان وانتهت بنتيجة ٣-٣.

البطولة الأولى

تمت إقامتها بنظام إقصائي من ذهاب وإياب، ريال مدريد نجح في تخطي الجولة الأولى وكذلك ميلان، ليتواجه الطرفان في نصف النهائي أمام ما يقرب من ١٣٠ ألف مشجعا، في ملعب سانتياجو بيرنابيو وخارجه، لقاء الذهاب انتهى بفوز الملكي بنتيجة ٤-٢. وفي سان سيرو فاز ميلان بنتيجة ٢-١ ليصل ريال مدريد لأول مرة في تاريخه إلى نهائي كأس أوروبا.

نصف النهائي الآخر جمع بين ستاد ريمس وهيبرنان ووصل الفريق الفرنسي إلى النهائي، وفاز ريال مدريد بنتيجة ٤-٣ فيما وصفته الصحف في ذلك الوقت "واحدة من أفضل المباريات خاصة بعد تقدم ريمس بهدفين في أول ١٠ دقائق".

الأعوام القليلة التالية

سيطر ريال مدريد على البطولة ثم أصبح مانشستر يونايتد أول فريق إنجليزي يشارك بكأس أوروبا موسم ١٩٥٦-١٩٥٧ لكن النادي الملكي أطاح به من نصف النهائي وحافظ على لقبه بعد الفوز ضد فيورنتينا في النهائي، وعاد الفريق الإنجليزي في الموسم التالي لكنه خسر هذه المرة في نصف النهائي من ميلان.

كانت تلك بداية وولادة بطولة "كأس أوروبا" البطولة التي نجح ريال مدريد في الفوز بخمس نسخ منها قبل أن يتصدى له برشلونة وينهي هيمنته بعدما أقصاه من الجولة الأولى لنسخة ١٩٦٠-١٩٦١ بعدما فاز بمجموع ٤-٣ ذهابا وإيابا.

كأس أوروبا بطولة خاصة للغاية وجدت لتحديد بطل العالم من وجهة نظر أوروبا، في واحدة من أقوى البطولات في التاريخ وأكثرهم رونقا وتماسكا ونظاما ومع الأعوام أصبحت، دوري أبطال أوروبا، وطوال تلك الأعوام لم تخسر قط سحرها الذي تمنى هانو أن يظل موجودا.

المصادر "موقع The football history boys – راديو تايمز – History.com – جارديان – الموقع الرسمي لليويفا – أرشيف بعض الصحف الإنجليزية – ليكيب".

اقرأ أيضا:

13 قرارا لـ اتحاد الكرة – الغندور رئيسا للحكام.. والبدء في إجراءات الـVAR وموقف ودية البرازيل

مونت كارلو: باريس يرفض آخر عرض من برشلونة لضم نيمار

أمير مرتضى: عانينا من التحكيم أمام المقاصة.. وهذه مشكلة الزمالك الوحيدة والتفرقة "دمها ثقيل"

كل ما تريد معرفته عن قرعة دوري أبطال أوروبا

أرقام في الجول - ماذا قدم أوناجم في ظهوره الأول مع الزمالك

التعليقات