كتب : إسلام مجدي
"بسبب تلك الندبة، حصلت على شخصيتي ومصدر قوتي، لأنك حينما تكون طفلا صغير بندبة مثل تلك لن تكون حياتك سهلة أبدا".
محطة جديدة قد تكون الأخيرة في مسيرة النجم الفرنسي فرانك ريبيري، بعد 12 عاما في مدينة ميونيخ، الآن اتجه صوب فلورنسا، FilGoal.com يعيد نشر هذا التقرير إليكم لرصد رحلة "جوهرة الكرة الفرنسية" ليصل إلى ما وصل إليه من إنجازات.
أن يكون لقبك "الوجه ذو الندبة" أو Scarface وانت طفل صغير ليس أمرا سهلا تماما، تلك الندبة التي ستغير حياتك ربما للأفضل أو الأسوأ، لكن محور حقبة الطفولة بالنسبة له هو "الألم".
حينما كان في الثانية من عمره، كان متواجدا مع أفراد عائلته وتعرضوا لحادثة سيارة، إذ اصطدمت تلك السيارة بشاحنة كبيرة قادت لجروح خطيرة للغاية في وجه الطفل الصغير.
"المشكلة أنني كنت متواجدا في الخلف، أجلس حسبما أخبروني، ثم طرت في الهواء عبر الزجاج الأمامي، لم أدرك أن هذه الحادثة ستساعدني أبدا".
يمكنك تخيل كيف نمى ذلك الطفل الصغير، ندبة ضخمة وحادثة وهو في الثانية من عمره، والكثير من التساؤلات طيلة الوقت عن سر تلك الندبة.
حسب تقارير تطلب الأمر أكثر من 100 غرزة لغلق الجرح القوي في الجانب الأيمن من وجهه، الأمر الذي ترك ندبتان ضخمتان في جانب وجهه الأيمن بجانب وجود أخرى عبر حاجبه.
في منطقة بولوني سور مير الفرنسية الفقيرة نسبيا تواجدت أسرة ريبيري، وما أنقذه وأسرته من الفقر المدقع كان كرة القدم بالطبع.
فرانك اعتاد العمل مع والده كعامل بناء، ووقتها اكتسب ما يشبه خبرة جديدة حسب وصفه بما عرفه بـ"الصمود والمثابرة"، واتجه للعب كرة القدم في فئات الشباب لفريق كونتي دي بولوني سور مير.
لنعد قليلا إلى أمر الندبة، ريبيري اعتاد أن يهرب بعيدا عن مدرسته ويتغيب عنها من أجل لعب كرة القدم، بعض الشجارات في البداية نظرا لأنه اكتسب لقبا غير محبب، "الوجه ذو الندبة".
استمر مع فريق بولوني لمدة 7 سنوات، قبل أن ينضم في 1996 إلى فريق ليل الذي كان يتواجد وقتها في دوري الدرجة الثانية. لكن حياته اتخذت منعطفا سيئا للغاية بهذه الخطوة.
الكثير من الأشياء التي يمكن أن يتحملها لاعب في سنه، الحالة المادية لم تكن جيدة، الندبة، تنمر وسخرية زملائه منه، لتسوء الأمور أكثر مع كل هذه الضغوط التي جعلته يخرج عن السيطرة كليا، ليطرد من أكاديمية ليل بسبب عدم انتباهه في الحصص الدراسية بجانب دخوله في أكثر من شجار وبالطبع السبب معروف.
لحسن حظه أن بولوني أنقذه مرة أخرى، ليضمه إلى فريق تحت 17 عاما، ويستمر معه حتى نجح في الانضمام إلى فريق أوليمبك ألييه في الدرجة الثالثة ويصبح أحد لاعبيه الأساسيين وهو في سن صغيرة للغاية. لكن لسوء حظه لم تدم سعادته، أفلس الفريق وكان ريبيري على وشك إنهاء مسيرته.
فريق بريست الذي كان ينافس في نفس الدرجة لطالما أعجب بمستوى ريبيري الشاب وضمه عام 2003 على بعد 3 أعوام من بطولة كأس العالم 2006.
"لم أتخيل قط أنني بعد 3 أعوام سألعب مع فرنسا وأصل حتى نهائي كأس العالم".
نقطة التحول كان ذلك الموسم، أثبت ريبيري أنه موهبة كبيرة تستحق اللعب على أعلى مستوى.
وقتها كان السن قد تقدم بوالده، وأراد فرانك أن يصبح نجما كبيرا يحصل على الكثير من الأموال ليدفعه إلى التقاعد وإراحته.
"فهمت مدى صعوبة وظيفة والدي لأنني عملت بها، وعلمت وقتها كذلك أن وظيفته ليست لي، لأنني أرغب في لعب كرة القدم، وكان علي أن أنجح في ذلك الأمر لا يوجد حل آخر". حديث فرانك ريبيري للكاتب والصحفي الفرنسي أليكس مينوج.
فيليب جورسا مدرب بريست قال عنه :"هذا الفتى الصغير لديه القدرة على اللعب في دوري الدرجة الثانية، وسيجد ظروفا ممتازة هنا معنا، سترون جميعا مستواه، إنه سريع للغاية".
قال جورسا :"في تلك المرحة كانت هناك نسبة 99% أن ريبيري سيفشل في الوصول للدرجة الأولى، ونسبة 1% بانه سيحقق حلمه".
بطريقة أو بأخرى، نجح في مساعدة بريست على التأهل بل ولفت إليه أنظار الرجل الذي نقل مسيرته تماما إلى أعلى درجة.
في تحول غريب للأحداث كان جيان فيرنانديز مدرب ميتز يشاهد بالصدفة مباراة لبريست، ليصبح عاشقا لطريقة لعب ريبيري.
الفتى يطير بالكرة عبر الجناح يسجل ويراوغ ويصنع، وفيرنانديز يقود من الشرق إلى الغرب فقط لمشاهدة ريبيري، لينتهي به المطاف وقد ضمه إلى صفوف ميتز وهو في عمر الـ21 عاما.
"كرة القدم تجري في دماء ريبيري". جيان فيرنانديز.
"يذكرني كثيرا باللاعب كريس وادل".
انضم ريبيري في صفقة انتقال مجانية مع توقعات بأن تلك النقلة كانت "أكبر منه" لكن هل كان ذلك صحيحا؟
كل تلك التكهنات حول مستقبله لم تشغله بل كان رده في الملعب منذ أول مباراة، بعد أن صنع هدف الفوز لميتز أمام نانت في المباراة التي انتهت بنتيجة 1-0.
استمر في تقديم مستوى متميزا خلال شهر أغسطس حتى أتت مباراة ليون، ووقتها سجل أول أهدافه بقميص ميتز ضد ليون، قبل أن يتعادل فلورين بالمونت وينتهي اللقاء بتلك النتيجة.
مع تألقه تواصلت العروض المتميزة أمام مارسيليا ليفوز ميتز بنتيجة 3-1، ويا لها من بداية. من لاعب شهر أغسطس في فرنسا؟ الوافد الجديد من الدرجة الثالثة، فرانك ريبيري.
في شهر يناير لفت ريبيري أنظار عدد من الأندية مثل أياكس ولينس وليل، لكنه النجم الفرنسي الشاب وقتها قرر الانضمام إلى العملاق التركي جالاتاسراي، على سبيل الإعارة لمدة 6 أشهر مع أحقية الشراء بمبلغ 3 ملايين يورو.
لم يدفع به جورجي هاجي في أول مباراتين ثم كبديل، قبل أن تأتي مشاركته كأساسي أمام سامسونسبور التي خسرها جالاتاسراي بنتيجة 2-1.
جماهير جالاتاسراي تغنت باسمه ولم يعد "الوجه ذو الندبة" بل "فيراري" أو Ferraribéry، جالا وقع معه رسميا بشكل دائم في شهر مارس، لكن اللاعب قرر أن ينهي عقده مع النادي في يونيو، بعد 4 أشهر من الرواتب التي لم تدفع.
خلال ذلك الوقت قال ريبيري إن راتبه لم يدفع سوى مرة وحيدة.
الموقف كان محيرا خاصة مع تقارير عودته إلى فرنسا وانضمامه إلى مارسيليا، ومع الحيرة الكبيرة أتى غضب أكبر من جماهير جالاتاسراي.
تألق ريبيري جاء بعد ذلك أمام بشكتاش، بعد أن سجل هدف اللقاء الوحيد لينتصر فريقه، ثم سجل 3 أهداف في المباراتين التاليتين. وهدف آخر أمام أنقرة غوجو، وبمستواه المتميز في الكأس وتألقه في انتصار جالاتاسراي في النهائي بنتيجة 5-1 أمام فينيربهاتشة وتسجيله هدفا وصناعته لآخر.
عائلة ريبيري كان من المفترض أن تجتمع مع وكيله السابق جون بيكو واثنين من أعضاء مجلس إدارة جالاتاسراي، وقال تقرير نشر في وقت سابق إن بيكو قام بضرب الباب قبل خروجه وهدد بتدمير سيارة ريبيري بمضرب بيسبول، ثم قام اللاعب باستدعاء محاميه والشرطة العسكرية لحمايته.
رفض جالاتاسراي تماما رحيل اللاعب، حتى أنه رفع الأمر إلى المحكمة الرياضية واستمرت القضية أكثر من عامين.
قال محمد هيلفاجي رئيس جالاتاسراي وقتها :"هدفنا الرئيسي هو عودة ريبيري، إن لم يرغب في العودة للعب معنا، فأوليمبك مارسيليا ومحامي اللاعب والشخص الذي يطلق على نفسه مدربه سيدفعون الثمن، قواعد الفيفا توضح أنه إن كان هناك أي تأخير لمدة أكثر من 3 أشهر في الدفعات فيحق له فسخ العقد".
استمرت تلك القضية لفترة، خاصة وأنهم يرون أنهم دفعوا للاعب لكن مجموع ما تأخروا عن دفعه بعد مرور ما يقرب من 4 أشهر، بجانب أن هناك شرطا في عقده يمنحهم ميزة عدم تفاوض اللاعب مع أي فريق دون الرجوع لإدارة جالاتاسراي.
وأمام أعين الجميع ارتدى ريبيري قميص مارسيليا، ومن ضمه في فرنسا؟ كان ذلك جيان فيرنانديز مدربه السابق في ميتز، ضمه خلال شهر يونيو 2005.
ارتدى الرقم 7 مع مارسيليا، وفي ذلك الموسم أثبت أنه واحد من أفضل المواهب الموجودة في فرنسا بتسجيله 12 هدفا وصناعته لـ8 في 53 مباراة، وفاز معه ببطولة كأس الإنترتوتو، كما قاد الفريق لنهائي كأس فرنسا لكنه خسر بنتيجة 2-1 من باريس سان جيرمان.
مع التألق الكبير لريبيري قرر رايموند دومينيك ضمه إلى قائمته التي ستسافر إلى ألمانيا من أجل خوض غمار منافسات كأس العالم، بعدما كان يفضل ألا يضمه بل وفضله على أسماء مثل نيكولاس أنيلكا ويوهان ميكو ولودوفيك جيولي.
مباراته الدولية الأولى أتت ضد المكسيك بعد أن لعب 16 دقيقة، ثم بعد ذلك صنع هدفين في وديتي الدنمارك والصين والتي كان قد شارك خلالها كبديل.
زين الدين زيدان أسطورة فرنسا لقبه في ذلك الوقت بـ"جوهرة الكرة الفرنسية".
إن كانت هناك نقطة خلال كأس العالم 2006 يمكن أن نصفها بالتحول فهي في مواجهة فرنسا ضد إسبانيا، وتلك الصورة الشهيرة للاعب رقم 22 يسرع بالكرة أمام أعين خط دفاع إسبانيا قبل أن يسكن الكرة في شباك إيكر كاسياس، في مباراة بدا وكأن الديوك ستخسرها قبل أن يعيدهم الجوهرة إلى المباراة مجددا ويفوز المنتخب الفرنسي بنتيجة 3-1 ويتأهل إلى ربع النهائي.
كل ما يمكن أن يقال بعد هذه البطولة واللحظة من التاريخ، في مارسيليا وجد ريبيري مكانا يمكنه أن يطوره بشكل أفضل، ليقود الفريق إلى نهائي كأس آخر لكن لم يفز به أيضا، وفي إحدى المرات وصف فيرنانديز بأنه والده الروحي وصاحب الفضل في مسيرته.
السرعة والإصرار والقوة والمهارات كل ذلك وأكثر كان لدى ريبيري.
بايرن ميونيخ كان قد أنهى موسمه بدون أي ألقاب، ولفت أنظاره لاعب فاز بجائزة أفضل لاعب في فرنسا لعام 2006-2007 من مجلة فرانس فوتبول لينهي هيمنة تيري هنري التي دامت لـ4 أعوام على الجائزة.
في شهر يونيو عام 2007 أعلن بايرن عن ضم ريبيري من مارسيليا بعقد يمتد لـ4 مواسم بمبلغ 25 مليون يورو ليصبح من أغلى اللاعبين في تاريخ النادي وقتها وتم منحه رقم 7 الذي كان قد تم تجميده بعد اعتزال محمد شول لاعب وسط الفريق.
لم يضيع صاحب الـ24 عاما في ذلك الوقت أي فرصة لإثبات جدارته، وفي مباراته الثانية سجل من نقطة الجزاء أمام فيردر بريمن في مباراة تألق خلالها وفاز فريقه بنتيجة 4-0.
ساعد ريبيري بايرن على الفوز بالثنائية المحلية في أول مواسمه وتم اختياره كلاعب العام في ألمانيا في شهر أغسطس 2008، ليصبح ثاني لاعب أجنبي يفوز بالجائزة.
قال فرانز بيكنباور الذي كان رئيسا لبايرن في ذلك الوقت :"التوقيع مع فرانك ربيري أشبه بالفوز بورقة اليانصيب".
مع بايرن ميونيخ كتب ريبيري تاريخا لا ينسى قبل أن يصل آريين روبن من بايرن ميونيخ في 2009 ليكون القطعة التي احتجها سواء بايرن أو ريبيري ليعزفا أجمل الألحان سويا.
وقد يظهر ذلك جليا خلال عام 2010 حينما صنع ريبيري هدفا من ركنية لصالح روبن أمام مانشستر يونايتد بشكل رائع يوضح حجم التناغم بين الثنائي، وأكثر من ذلك نجح بايرن ميونيخ أخيرا في حصد لقب استعصى عليه، دوري أبطال أوروبا في 2012-2013 بعد أن فشل مرتين، 2009 و2012.
لنسترجع مع المشهد، نصفه الآخر روبن يجري من الخلف، والكرة معلقة في الهواء، يستوقفها ريبيري وفي ظهره لوكاس بيتشك، ريبيري يضرب الكرة بكعبه ويأتي روبن المنطلق من وسط 3 لاعبين من دورتموند لينفرد ويسجل الهدف الثاني ويتوج بايرن أخيرا باللقب.
أصبحت مدينة ميونيخ بمثابة منزلا بالنسبة لفرانك، وبايرن كذلك، وحصد ما يقرب من 21 لقبا لصالح بايرن وريبيري بل وأصبح أكثر لاعب أجنبي شارك في تاريخ العملاق البافاري.
رونالدو: يمكنني اللعب حتى عامي الـ 41.. نجلي صُدم عند مشاهدة مكان نشأتي
مدربه: حجازي يبكي ليعود في أقرب وقت
عمرو الجنايني: الانتماء الزمالك؟ أعد بتطبيق العدل على كل الأندية
إنجازات كرة اليد المصرية.. "المُعلم تيدمان" من هنا كانت البداية
رئيس لجنة الحكام يرد على انتقاده بسبب العمل في قناة الأهلي.. وحقيقة إيقاف جهاد جريشة