ماتيس دي ليخت.. "أن تكون قائدا بالفطرة"

الخميس، 18 يوليه 2019 - 11:38

كتب : إسلام مجدي

ماتياس دي ليخت - يوفنتوس - الصورة من squwaka

"حينما انضممت إلى أياكس تم توجيهي مباشرة لعمل حمية غذائية، كان الجميع يلقبني بالبدين، انتهت تلك الأوقات الآن".. ماتيس دي ليخت.

ماتياس دي ليخت

النادي : مانشستر يونايتد

امتلاك اللسان الفصيح القوي، والشخصية المتميزة التي تظهر داخل الملعب وخارجه ستظل دائما إحدى أبرز مميزات قادة الفرق الكبرى في كرة القدم والبداية المثالية حينما يمكنك أن تصف ما يعنيه لقب "أسطورة كروية".

أن تُرفض في أكثر من ناد، أن يقرر الكبار التغاضي عن موهبتك تماما بسبب وزنك الزائد او عدم توصلهم لحل يجعلك متواجدا بين صفوفهم وأكثر، كل ذلك مر به ماتيس دي ليخت، لكنه دائما ما كان يقاتل ليجد حلا.

الآن بات الشاب الذي لم يتجاوز 20 عاما لاعبا في يوفنتوس، حيث مر أفضل مدافعي العالم بالأبيض والأسود. 75 مليون يورو جعلته ثالث أغلى مدافع بالعالم والأغلى في الدوري الإيطالي.

دي ليخت بيانكونيرو حتى 2024.

عودة إلى البدايات

لم يواجه دي ليخت الصغير مشاكل اقتصادية كمعظم قصص لاعبي كرة القدم، بل على العكس فور ولادته عام ١٩٩٩ قررت عائلته الانتقال إلى مدينة أبكاوده في مقاطعة أوترخت في هولندا، للبحث عن فرص اقتصادية أفضل وقد كان.

"لطالما ماتي كان الأخ الأكبر والأفضل وذو المسؤولية الكبيرة تجاه أشقائه، فوتر كان دائما محظوظا لأن لديه فتى مثل ماتي يعتني به". فيفيان دي ليخت والدة ماتيس.

هل شاهدت ذلك الفيديو اللطيف للفتى الذي يرقص فرحا احتفالا بهدف لفريقه المفضل؟

تلك كانت حالة ماتيس وفوتر كلما لعب أياكس أو سجل، كانا يحتفلان فور رؤية قميص أياكس عبر الشاشة أو أي مباراة وإن سجل الفريق؟ هذا يوم سعدهما احتفالات متواصلة حتى يناما من التعب.

في المدرسة لم يختلف الحال. كان دائما يحمي من هم أضعف حجما وجسدا منه بجانب شقيقيه التوأم.

"إن تعرض فتى للتنمر أو حتى شقيقته وشقيقه، كان ماتيس يفعل مالا يفعله أحد، لم يهرب قط، كان يواجه المتنمرين ويتشاجر معهم حتى يستعيد حق الضحية".

في عمر الخامسة كان ماتيس يلعب التنس، والداه أرادا ذلك خاصة وأنه كان ممتلئ الجسم قليلا، وكان أحد أبرز الأطفال الذين مارسوا التنس على الإطلاق.

اتجه كذلك للعب الهوكي، خاصة وأن أندية الهوكي كانت دائما متقاربة ما يشعر والده بالاطمئنان. وفي إحدى التدريبات شاهد أصدقائه يلعبون الكرة ويستمتعون.

"في تلك اللحظة قررت أن ألعب كرة القدم مثلهم، ركضت نحوهم ولم ألعب الهوكي منذ ذلك الحين".

تطلب الأمر قرابة عام كامل حتى يتعلم دي ليخت كرة القدم، والحديث هنا عن لعبها.

كان في عمر السادسة حينما انضم إلى فريق أبكادوه ولمدة ٣ أعوام، حتى غادر لينضم إلى فريق أياكس، وقتها أرادت الأكاديمية ضم الفتى ذو التسع سنوات قوي البنية والذكي للغاية. واهتم الكشافون به لسبب واضح، أنه كان أفضل لاعب بين كل من يلعبون في ذلك الوقت، وأنه يمتلك معدل نمو بدني رائع مقارنة بسنه.

كانت هناك الكثير من الشكوك حول إمكانية استمراره أو حتى لعبه لأياكس بسبب وزنه الزائد لكنه قرر ألا يتخلى عن الفرصة باللعب لفريقه المفضل.

"كان من الممكن أن يستغني النادي عن خدماتي، حينما انضممت إلى أياكس، طلب مني تنزيل وزني فورا ووضعي ضمن برامج للحمية الغذائية".

"خلال فترتي مع أكاديمية أياكس كان يطلق علي لقب البدين، لكن تلك الأوقات قد ولت الآن".

تطور دي ليخت كثيرا في فترة قصيرة للغاية، بعد عام وحيد أصبح رياضيا للغاية يجيد لعب الكرة ثم عاد لممارسة التنس.

"كان بإمكاني لعب التنس بطريقة رائعة، جعلني ذلك أشعر بالكرة بشكل جيد، لكن ذلك بيديك، لا توجد كرة قدم هناك، لكن ذلك ساعدني كثيرا، بشكل أو بآخر ساهم في تطويري".

في تلك الفترة كان دي ليخت يلعب كلاعب وسط، كان يمرر بشكل رائع ويجيد التمركز وأيضا يصنع الكثير من الأهداف، لكن بعد نصف عام قرر أياكس أن يجعله يلعب في قلب الدفاع.

"حينما بدأت في تعلم كيفية الدفاع، كنت دوما أطلب معلومات ونصائح، طلبت من وينستون بوجرايد وياب ستام أن يعلمانني".

أياكس استفاد كثيرا في ذلك الوقت من قدرات ماتيس من اللعب في قلب الدفاع والوسط، وكثيرا ما كان يشارك حتى في مركز محور الوسط، ووقتها نشر النادي مقطع فيديو له وهو يلعب محاولا تقديمه للجماهير مع موهبة أخرى كانت محور الاهتمام الدنماركي فيكتور فيشر عام ٢٠١٣.

دي ليخت لعب لفريق تحت ١٥ عاما ثم تحت ١٧ عاما وهو لم يبلغ عامه الـ١٥ بعد، قدم مستوى جيدا للغاية في خط الوسط، حتى قرر مدربه في ذلك الوقت ألا يبعده تماما عن قلب الدفاع.

وجهة النظر في ذلك الوقت كانت رؤيته الرائعة وتمريراته وقدراته البدنية وقدرته على التمرير ما يجعله قلب دفاع مثالي لأياكس.

في عمر الـ١٥ فاز ماتي بجائزة أفضل لاعب في بطولة أقيمت لفريق تحت ١٧ عاما، ثم شارك في بطولة تحت ١٩ عاما وفاز بجائزة أفضل لاعب أيضا، جماهير أياكس علمت أنها أمام لاعب رائع يتطور بشكل ممتاز.

"كنت ولازلت حاليا أحب مشاهدة سيرخيو راموس، على الرغم وأنه بطريقة ما يظهر لدى البعض كلاعب عنيف أو يلعب بطرق غير مشروعة".

"أستمتع كذلك بمشاهدة المدافعين الإيطاليين كذلك أساطير الماضي منهم، سواء جورجيو كيلليني أو أليساندرو نيستا أو باولو مالديني أو فرانكو باريزي".. والآن سيجاو واحدا منهم.

عاد دي ليخت للعمل مرة أخرى مع وينستون بوجارد لكن كانت هناك بعض المشاكل.

"في البداية كان هناك مشاكل في عامي الأول، لأن وينستون كان يطلب الكثير وكان يعمل بشكل مباشر للغاية مع اللاعبين، كنت أجد أنه من الصعب تقبل الانتقادات لأنني كنت واثقا من أنني أقدم عمل جيد جدا".

"في وقت ما تغيرت، كان السبب الوحيد لتطوري هو وينستون، أصبحت أستمع إليه وأتحسن مع الوقت".

سرعان ما قرر أياكس تصعيده لفريقه الرديف عام ٢٠١٦ في مواجهة إمين وأثبت نفسه أمام الجميع بتسجيله هدفا باحتفال مميز.

في سبتمبر من نفس العام قام أياكس بتصعيده للفريق الأول في مباراة بالكأس ضد فيليم، وسجل ليصبح ثاني أصغر لاعب يسجل للفريق بعد كلارنس سيدورف، وفاز أياكس بنتيجة ٥-٠ في هذه المباراة. وفي أكتوبر من نفس العام أعلن أياكس رسميا أن دي ليخت سيكون مع الفريق الأول بشكل رسمي.

سرعان ما أثبت دي ليخت نفسه وهو في الـ١٧ كواحد من أعمدة الفريق، بل ولعب ١١ مباراة في الدوري و٩ في الدوري الأوروبي، وفي مايو أصبح أصغر لاعب على الإطلاق يلعب في نهائي بطولة أوروبية بعدما بدأ ضد مانشستر يونايتد في نهائي الدوري الأوروبي.

قام أياكس وقتها ببيع دافينسون سانشيز والاعتماد عليه كلاعب أساسي.

"مازال بإمكاني التطور، أعتقد أنني جيد على الصعيد البدني والفني، البداية كانت من هنا، لكن كل شيء من الممكن أن يتطور، لا يوجد شيء إلا وأقول لنفسي فيه أنني يمكنني أن أفعله بشكل أفضل".

"أعلم أن معدلات السرعة لدي جيدة، لكنني أحاول أن أطور كل شيء، سرعة الانطلاقة والرأسيات والدفاع والمراوغات".

"أصبحت لاعبا أهدى، كلاعب شاب أردت دائما أن أندفع، لكن مع هذه المخاطرة فأنت تتأخر ولا تتطور، الآن من الأفضل أن أقيم الوضع وذلك يأتي من خلال الخبرة".

كانت تلك كلمات لاعب في الـ١٨ من عمره، بعدما أصبح أساسيا في أياكس، وأصبح أصغر قائد في النادي في مارس ٢٠١٨ بعد إصابة جويل فيلتمان.

دي ليخت شارك في ٣٧ مباراة بالدوري وسجل ٣ أهداف، وفاز بجائزة الفتى الذهبي وأصبح أول مدافع يفوز بها، وفي فبراير ٢٠١٩ أصبح أصغر قائد على الإطلاق في دوري أبطال أوروبا في مباراة إقصائية حينما واجه ريال مدريد، حتى أنه لعب مباراته الـ١٠٠ مع أياكس ضد فينورد في الكأس ليصبح أصغر لاعب في أياكس يصل إلى هذا العدد من المواجهات.

كل هذا الحديث عن لاعب في الـ١٩ من عمره، رفض كشافو مانشستر يونايتد ضمه بداعي الخوف من البدانة، قبل أياكس بالمخاطرة حتى قال عنه دايف فان نيلسن مدربه في فئات الشباب: "لا تفكر في مثل هذه المواقف، إنه ليس لاعبا عاديا، إن لم ينضم إلى أياكس فلن نفوز بأي شيء في المستقبل".

دي ليخت قاد أياكس لتحقيق الدوري لأول مرة منذ ٥ أعوام، والكأس لأول مرة منذ ٩ أعوام، وأصبح أحد أعمدة منتخب هولندا، والمستقبل مازال أمامه كبيرا.

"حينما أنظر في الماضي، كل شيء كان مفيدا لي، كانت خبرة رائعة للغاية، تعلمت الكثير، كل شيء جعلني أفضل".

"كفتى صغير كنت مندفعا بعض الشيء، لكن الآن لدي الكثير من الخبرة، علي أن أقيم كل شيء أفعله".

عادة ما ستجده يتحدث بهذا الهدوء والاتزان، يشجع مع جماهير أياكس وسط المدرجات لا من الملعب، لا يسعى للفوز بهم من خلال تقبيل الشعار لكن من خلال إثبات اعتزازه بارتدائه.

"كم لاعب في الـ١٩ من عمره يمكنه أن يكون قائدا لفريقه في مباراة مثل هذه ويقدم هذا الأداء وهذه الملامح؟". صحيفة جارديان البريطانية تصف أداء دي ليخت ضد ريال مدريد في دوري الأبطال.

ولعل أبرز اللحظات التي أظهرت قوة شخصيته كانت خطابه بعد تتويج فريقه بلقب الدوري.

"أظهرنا للجميع ما هو أياكس، ما هي مدينة أمستردام".

"أظهرنا للجميع كرتنا الهجومية، أظهرنا ما يريده ويتوقعه يوهان كرويف".

"فعلنا ذلك معا، كلاعبين أصحاب خبرات وشباب الجميع، والمشجعين، نريد أن نشكركم على هذا الموسم الرائع".

المصادر (مجلة فور فور تو – أياكس شو تايم – دايلي أياكس – مجلة إن سي آر – مجلة دي فولكسكرانت – مجلة فوتبول زون – تصريحات للاعب مع القناة الرسمية لنادي أياكس)

التعليقات