كتب : إسلام مجدي
"كنت محظوظا لأنني ذهبت للمدرسة، أعني لقد كنت لـ9 أعوام مساعدا لكلود لو روا، بدأنا مسيرة معا، من هنا كانت بداية كل شيء بالنسبة لي". سيباستيان مينييه مدرب كينيا.
غاب كلود لو روا المدرب المخضرم والمعروف في قارة إفريقيا، والملقب بـ"الساحر الأبيض" عن كأس الأمم 2019 بعد أن كان قد تواجد في البطولة لآخر 3 نسخ، لكن تلميذه النجيب حاضر، مدربا لمنتخب كينيا.
جمعتهما رحلة بدأت من عمان وانتهت في إفريقيا، أحدهما كان قد توج فعليا بكأس الأمم والآخر كان تلميذا نجيبا حاول التعلم من جيان بيير بابان لكنه وجد في لو روا معلما أفضل.
مسيرته الكروية كلاعب لم تكن كبيرة، أنهاها عام 1998 في نادي ليتون أورينت. ليتجه إلى فريق مووجين الفرنسي للعمل في مجال التدريب.
لم يعرف اسمه جيدا سوى بداية من عام 2005 بعد دراسة للتدريب أخذت منه وقتا طويلا بدأها عام 2000، وفي 2005 تولى تدريب فريق لو روتش لمدة عام وحيد، قبل أن يقرر جيان بيير بابان الاستعانة بخدماته كمساعد له في عام 2006 حينما كان يدرب فريق ستراسبورج.
"عملت مع جيان بيير بابان في ستراسبورج وفي الموسم التالي ذهبنا سويا إلى لينس، بعد ذلك حاولت تسويق اسمي للعمل مع مدرب آخر في السوق".
وقتها كان كلود لو روا قد اكتسب اسما لا بأس به، خاصة وأنه كان قد توج مع الكاميرون في منتصف التسعينيات، وفي الفترة من 2006 إلى 2008 كان مدربا لمنتخب غانا.
في فبراير 2008 كان لو روا قد قاد غانا لاحتلال المركز الـ14 في تصنيف الفيفا للمنتخبات، ليصبح أعلى مركز لهم في تاريخ المنتخب، قبل أن يرحل في مايو 2008 بعد عدم توصله لاتفاق لتجديد عقده مع الاتحاد الغاني لكرة القدم.
في تلك الفترة كان هيرفي رينار هو مساعد لو روا وذراعه الأيمن، ووقتها انفصل الثنائي، قرر لو روا خوض رحلة بعيدا عن إفريقيا في حين أن مساعده رينار تولى تدريب زامبيا وفضل عدم الرحيل.
مينييه كان يبحث عن فرصة عمل مع مدرب له اسمه، ولو روا كان يبحث عن مساعد له بعد رحيل رينار تلميذه النجيب، ليجد الساحر الأبيض تلميذا جديدا.
"بحثت عن العمل، حتى تواصل معي كلود لو روا عبر وكيله، كان يبحث عن مساعدا جديدا، في البداية كان ردي برسالة غريبة، قلت له لنخرج لنتمشى سويا، لأنني اعتقدت أن من تواصل معي كان هيرفي رينار الذي أعرفه جيدا ولأنه كان يرافق كلود كظله وبالتالي اعتقدت أنه وكيله كذلك".
"لم أعلم أنه كان قد ذهب لتدريب زامبيا لمدة شهر".
"لطالما أردت أن أرتحل بعيدا عن فرنسا، لكن العمل في إفريقيا؟ كان ذلك مثمرا للغاية".
لو روا قبل بالفعل أن يسير مع مينييه، وضمه إلى رحلته المشوقة، بداية من سلطنة عمان لتدريب المنتخب لمدة وصلت إلى 3 أعوام، وفي يناير 2009 قاد المنتخب العماني للفوز بكأس الخليج العربي في مسقط على حساب السعودية في النهائي.
"كان هناك 45 ألف مشجعا في الاستاد، بعد ذلك كان الأمر أشبه بانتصار فرنسا في 1998، الدولة بالكامل كانت في الشوارع تحتفل".
"تلك كانت أراضي ليست معروفة فيما يخص كرة القدم، كنت محظوظا لأننا في فرنسا نتكيف على الكرة الأوروبية، لكن في الخارج؟ أمر مختلف للغاية خاصة في إفريقيا".
"لأننا أحيانا نضطر للبداية من الأساسيات عكس أوروبا مثلا".
"خبرتي في كرة قدم الهواة سمحت لي بالتكيف أسرع قليلا على أجواء إفريقيا".
في عام 2011 اتجه الثنائي لتدريب منتخب سوريا، لكن تلك المهمة لم تدم سوى شهرين فقط.
أقوى عنصر استفاد منه مينييه خلال تلك الفترة حسب وصفه، هو تدريب النجوم وهم في قمة مستواهم والسيطرة على شخصياتهم، الأمر الذي دفعه يضرب أقوى مثال بالنسبة له.
"تدريب إيمانويل أديبايور مثلا وليس حصرا، إنه لاعب ليس ملتزما لكن يمتلك شخصية قوية".
"لا يجب أبدا أن يزعجك القائد الذي يرغب في أن يضغط على خياراتك".
"كلود علمني أنك إن أردت النجاح على الصعيد الدولي، لا يجب أن تخشى أبدا أن ترحل وتركب الطائرة في نفس الليلة التي توليت فيها مهمة التدريب، المهم أن أكون قويا".
تطورت شخصية مينييه مع مرور الوقت، وأصبح عمله ملحوظا، خاصة بعد أن تولى الثنائي تدريب الكونغو الديموقراطية.
في الكونغو كانت الخبرة مختلفة بعض الشيء بالنسبة لمينييه، إذ أن لو روا، عمد إلى بناء منتخب شاب لكنه لم يكن جاهزا بعد للمنافسة، دخل للمنافسة في كأس الأمم لكنه ودع البطولة من دور المجموعات.
كما تولى تدريب منتخب شباب الكونغو تحت 20 عاما ليشرف على المواهب التي يرغب لو روا في ضمهم إلى المنتخب الأول.
بعد ذلك تواصلت رحلة الثنائي في إفريقيا، ليتولى تدريب منتخب الكونغو، وقاداه للتصفيات المؤهلة لكأس العالم 2018.
اتجها لتدريب توجو خلال عام 2016، وبعد أقل من عام اضطر الثنائي للافتراق ليبدأ مينييه رحلته الخاصة في عالم التدريب بعدما تعلم من الساحر الأبيض.
"ربما تلك كانت أصعب لحظة مررت بها في حياتي، حينما اجتمعت مع كلود لأخبره أنني يجب أن أرحل لأتولى تدريب الشياطين الحمر أو منتخب الكونغو".
"حينما تركت فرنسا كنت مستعدا لملازمة لو روا حتى نهاية مسيرته، لكن في بعض الأحيان هناك فرص تظهر وأعتقد أنه الوقت الصحيح حتى إن لم يكن موافقا".
لو روا رفض فكرة عودة مينييه وحذره من الانضمام إلى تدريب الكونغو، لأنه كان يرى أنه بحاجة لفرصة أفضل وتجربة أفضل.
"أحظى بوقت ممتع وأتخذ العديد من القرارات بنفسي، حتى إن كان وصولي في وقت صعب".
كان عليه مواجهة الكونغو الديموقراطية في التصفيات المؤهلة لكأس الأمم وخسر بنتيجة 3-1، ثم واجه غانا في تصفيات كأس العالم وتعادل 1-1. وفي المباراة الثانية في الكونغو خسر بنتيجة 5-1، ثم من مصر في أهم مباراة في تاريخ المنتخب المصري المعاصر خسر بنتيجة 2-1 ليتأهل الفراعنة لكأس العالم لأول مرة منذ 1990.
وآخر مبارياته كانت ضد أوغندا وتعادل فيها بنتيجة 1-1.
عاش مينييه وقتا عصيبا في الكونغو لم يتقاض راتبه ولم يحصل على أي اهتمام من اتحاد الكرة.
"لم أحصل على راتبي لعدة أشهر، وبنود معينة في عقدي لم تحترم، يمكنني أن أتفهم الصعوبات التي تمر بها الدولة، لكن يجب احترام العقد، وهذا لم يحدث".
بعد رحيله بأيام تولى مينييه تدريب منتخب كينيا، وتحت قيادته لعب المنتخب الكيني 13 مباراة فاز في 6 وتعادل مباراة وخسر 6.
ولأول مرة في تاريخ النجوم، يتم ترشحيهم لجائزة أفضل منتخب في عام 2018. وقاد المنتخب للتأهل لكأس الأمم 2018 لأول مرة منذ نسخة 2004.
منتخب كينيا حصد 3 نقاط في البطولة بعدما فاز ضد تنزانيا بنتيجة 3-2، وخسر بنتيجة 2-0 من الجزائر و3-0 من السنغال.
"ميزة أفريقيا أنه مازال هناك الكثير من القصص الجميلة، في الكونغو كان هناك لاعبا في الكونغو التي كنت أدربها وهو لم يلعب أي مباراة رسمية، دوريل أفونو في أورلينز".
"علينا أن نحاول دائما أن نجد المواهب أن نمتلك عينا خبيرة، كنت في مدرسة كلود لو روا، أشاهد اللاعبين الذين يلعبون في المسابقات المحلية بنفسي دون مساعدة، بعضهم يعتقد أنه لن يكون في المنتخب الوطني، لكن ليس معي، لما لا؟".
"علينا أن نطور اللاعبين في إفريقيا، لا يجب أن نضيع وقتنا هنا، الأمر مختلف تماما عن أوروبا، من المهم ألا تفوت أعيننا أي تفصيل، حينما تفوت رؤية موهبة ما في لحظة معينة، فأنت وهي تخسران الكثير من الوقت".
ربما يتفق مينييه مع كلود لو روا معلمه في هذه النقطة، ففي وقت سابق قال لو روا لـFilGoal.com :" "أنا شخص يحب كرة القدم كثيرا، أحب اكتشاف المواهب الصغيرة، قلت لنفسي في البداية إن المستقبل في هذه القارة".
"أنا لست شخصا يعيش يومين في إفريقيا ثم يرحل عنها، تواجدت هنا مع عائلتي ودائما أحاول تنظيم البطولات للاعبين وقمت بالكثير من الأشياء عبر عملي".
"أعمد إلى مساعدة الدولة وأنا مدرب، لا أكتفي فقط بتدريب المنتخب، إفريقيا تستحق العمل".
"كنت في الـ36 من عمري حينما توليت تدريب الكاميرون، عملت كثيرا مع الدولة من أجل تنمية وتطوير المواهب".
"أنا شخص يحب اكتشاف اللاعبين والمحليين، لم أعتمد قط على فكرة تواجد النجوم فقط، عائلتي ساندتني".
فهل يصبح التلميذ مثل معلمه؟
المصادر:
طالع أيضا..
طالع كل ما جاء في مؤتمر هاني أبو ريدة
رئيس اتحاد الكرة: كأس الأمم 2019 تفوقت على كوبا أمريكا.. "التي لا يشعر بها أحد"
أبو ريدة: عقوبة وردة كان هدفها التقويم.. اللاعبون ليسوا أقوى من اتحاد الكرة
مدير المنتخب: اللاعبون يشعرون بالإحباط بسبب السخرية منهم ولكن لا يمكن الشكوى
رئيس اتحاد الكرة: مصر تسعى لاستضافة السوبر الأوروبي والإيطالي والإسباني
تقرير تركي: واتفورد يقدم عرضا رسميا لضم تريزيجيه