"علينا أن نمضي قدما، الحياة لا يمكن أن تنتهي هنا، بغض النظر عن مدى صعوبة الأمر، يجب علينا الوقوف مرة أخرى، ليس لدينا سوى خياران إما السماح للغضب بالشلل واستمرار العنف، أو التغلب على كل ما في وسعنا لمساعدة الآخرين إنه خيارنا".
"اسمحوا لنا الحفاظ على الاحترام، تحياتي للجميع. لقد كانت تجربة مدهشة ونادرة، أراكم لاحقا لأن الحياة لا تنتهي هنا".. أندريس إسكوبار عقب الخسارة من الولايات المتحدة بكأس العالم 1994.
"جول" كلمة سمعها إسكوبار 6 مرات وكل مرة تخترق طلقة نارية جسده ليتوفى بعد 10 أيام فقط من هدفه العكسي في شباك منتخب كولومبيا أمام الولايات المتحدة الأمريكية في كأس العالم 1994، هدف عكسي أصبح الأشهر في تاريخ الكرة لما لاحقا.
ولد إسكوبار في ميديين المدينة الذي يصل متوسط القتل فيها إلى 80 شخصا في الأسبوع لكن على عكس من حوله واصل تعليمه واختار لعب كرة القدم ليبتعد تماما عن عالم الجريمة.
أندرياس الذي يتشارك مع بابلو نفس اللقب "إسكوبار" لعب لصفوف أتليتكو ناسيونال الذي دعمه الأخير بأموال صنعت نفسها من بيع المخدرات وجعلت بابلو أغنى أغنياء العالم في وقت قصير إذ كانت أرباحه السنوية تصل إلى 21 مليار دولار.
1989 أتليتكو ناسيونال المدعوم من بابلو إسكوبار حقق أول لقب قاري لأندية كولومبيا بقيادة رينيه هيجيتا وليونيل ألفاريز وأندريس إسكوبار، بالفوز بلقب كوبا ليبرتادوريس بعد محاولات سابقة عديدة للأندية دون رفع اللقب القاري.
في الوقت الذي كان يتواجد فيه لاعبين إلى جانب بابلو في حفلاته ويتشاركون معه السهر مثل هيجيتا كان أندريس ينأى بنفسه بعيدا عن أموال مُلطخة بالدماء ومواصلا عمله بتواضع كبير.
مسيرة إسكوبار الدولية بدأت بلقاء إنجلترا في 1988 والتي سجل فيها هدفا، بعد عام كان ضمن كتيبة كولومبيا في كوبا أمريكا 1989 ثم بكأس العالم 1990 بإيطاليا والخروج من دور الـ 16.
شارك في جميع المباريات مع كولومبيا في كوبا أمريكا 1991 وساهم خلالها باحتلال المركز الرابع وهو بعمر الـ 25.
بابلو إسكوبار قُتل عام 1993، خايمي جافيرا أحد المحققين في فيلم The Two Escobars تحدث عن تأثير وفاة بابلو قائلا: "عندما توفي بابلو إسكوبار، اهتزت الأرض وبكت الريح، منذ تلك اللحظة، كان عليك أن تكون على أهبة الاستعداد في جميع الأوقات. لا يمكنك الوثوق بأي شخص. حتى شرطي يمكن أن يكون جيدا أو شريرا".
في نفس العام أصدر الاتحاد الدولي لكرة القدم لأول مرة تصنيفا لترتيب المنتخبات بناء على نتائجها في المباريات، المنتخب الأرجنتيني حل في المركز الخامس بعد كان وصيفا لكأس العالم 1990 وحقق لقب كأس العالم للقارات "الملك فهد" حينها في نسختي 1991 و1993.
كولومبيا كانت في المركز الـ 19 بعد الأداء الجيد في كأس العالم 1990 رغم الخسارة من الكاميرون في ثمن النهائي.
5 سبتمبر 1993 على ملعب مونيمنتال في العاصمة بيونس آيرس، كولومبيا تسحق الأرجنتين بخماسية دون رد، ليتأهل اللوس كافيتيروس لكأس العالم في مقابل خوض الأرجنتين لمباراة الملحق أمام النمسا لتحسم تأهلها لكأس العالم 1994.
الأسطورة البرازيلية بيليه رشح كولومبيا بعد الأداء الرائع في التصفيات ومن قبله كأس العالم بأن تكون بطل العالم في الولايات المتحدة الأمريكية 1994.
كولومبيا وقعت في المجموعة الأولى رفقة الولايات المتحدة مستضيفة البطولة وسويسرا ورومانيا، الكل رشحهم لتأهل سهل لثمن النهائي بناء على ما قدموه سابقا، كان هو القائد وكانت الضغوط كبيرة على الفريق بقدر التوقعات التي زادها بيليه بتصريحاته.
خسارة أمام رومانيا بقيادة جورجي هاجي بثلاثية مقابل هدف، جعلت الثاني والعشرين من مايو يوما ثقيلا على الجميع في المنتخب الأصفر، الفوز لا محالة من أجل المنافسة على بطاقة التأهل على الولايات المتحدة أمام جماهيرها المحتشدة وصل عددها إلى 93 ألفا في ملعب روز بول في باسادينا تحت أشعة الشمس.
تذكر لاعب خط الوسط ليونيل ألفاريز "لعبنا المئات من مباريات ودية ضد الولايات المتحدة وفزنا بها جميعا".
فاوستينو أسبريا صاحب هدف كولومبيا في المباراة استرجع ما حدث قبل بداية اللقاء "متوترون بالفعل لقد كنا مشلولين بالخوف".
أدولفو فالنسيا تحدث عن محاولات كولومبيا "لقد هاجمنا من جميع الزوايا لكن الكرة لم تدخل لقد واصلنا الهجوم، لكننا لم نتمكن من التسجيل".
35 دقيقة عرضية من جون هاركس من على بعد 30 ياردة حاول إسكوبار إبعادها قبل أن تصل إلى إيرني ستيوارت الذي كان يأتي من الخلف لكنها سكنت الشباك.
وقال لاعب خط الوسط ألكسيس جارسوا "لقد اضطر إلى اللعب على الكرة ولسوء الحظ سكنت المرمى".
شقيقة إسكوبار قالت لصانعي The Two Escobars "قال لي ابني البالغ من العمر تسع سنوات يا أمي، إنهم سيقتلون أندريس فأجبته لا حبيبي، الناس لا يُقتلون بسبب الأخطاء. الجميع في كولومبيا يحب أندريس".
هل يتذكر أحد ما حدث في النهاية، المباراة توقفت في الدقيقة 35 ولا أحد يهتم بما حدث لاحقا، الولايات المتحدة سجلت هدفا ثانيا وقلص إسبريا النتيجة بهدف في الدقيقة 90 لم يكن كافيا، لتودع كولومبيا البطولة عمليا في انتظار معجزة أمام سويسرا لم تتحقق رغم الفوز بنتيجة 2-0.
قال فيلاسكيز: "كان هذا بداية لأزمة نفسية لم يكن الفريق مستعدًا لها، لقد خسر العديد من المقامرين أموالا باهظة وكانت بعض الأصوات غاضبة جدا من أداء الفريق".
معظم لاعبو كولومبيا رفضوا العودة للبلاد بعد المباراة الثالثة إلا بعد أن تهدأ الأمور، لكن أندريس ظهر للجميع وأبدى اعتذاره عبر جريدة "آل تيمبو" ليقول جملته الشهيرة "أراكم لاحقا، لأن الحياة لا تقف هنا".
يتذكر المدير الفني فرانشيسكو ماتورانا لمنتخب كولومبيا آنذاك: "قلت له، الشوارع خطيرة، هنا لا يتم حل النزاعات من الأفضل البقاء في المنزل، لكن أندريس قال: لا ، لا بد لي من إظهار وجهي لشعبي".
بعد 10 أيام عاد أندريس لميديين وذهب للاحتفال بانتقاله لميلان الإيطالي في أحد الملاهي الليلة رغم ما حدث في كأس العالم ووفقا للتقارير قد تحرك نحو موقف السيارات اقترب منه 3 رجال وامرأة وأطلق عليه اثنين منهم الرصاص عليه وتم إعلان وفاته بعد 45 دقيقة في مستشفى قريبة. وكل طلقة مصحوبة بكلمة واحدة "جول".
هومبرتو كاسترو مونيوز اعترف بقتل إسكوبار وحُكم عليه فيما بعد بالسجن لمدة 43 عاما، إلا أنه أطلق سراحه بسبب سلوكه الجيد بعد أن قضى 11 عاما فقط.
120 ألفا حضروا جنازة إسكوبار وسط بكاء ودموع وأعلام ترفرف حول صندوقه الخشبي، وقرر عددا من زملائه عدم ارتداء قميص منتخب البلاد مجددا.
والده قال حينها: "كرّس حياته لهذه الرياضة، لم يسبب أي شخص أي مشاكل. ثم قتلوه من أجل لا شيء".
في ذلك الحين فرانشيسكو ماتورانا أشار إلى أن "أندريس لاعب كرة قدم قتله المجتمع".
طالع أيضا..
رئيس اتحاد الكرة: كأس الأمم 2019 تفوقت على كوبا أمريكا.. "التي لا يشعر بها أحد"
أبو ريدة: عقوبة وردة كان هدفها التقويم.. اللاعبون ليسوا أقوى من اتحاد الكرة
مدير المنتخب: اللاعبون يشعرون بالإحباط بسبب السخرية منهم ولكن لا يمكن الشكوى
رئيس اتحاد الكرة: مصر تسعى لاستضافة السوبر الأوروبي والإيطالي والإسباني