أكاديمية JMG بارادو.. "طريقة جيلو" التي طورت مواهب الجزائر "حفاة القدمين"
الأحد، 30 يونيو 2019 - 17:50
كتب : إسلام مجدي
"في البداية تلقينا انتقادات، وصعوبات عديدة، سخر الناس منا وضحكوا علينا، قالوا لنا: ما هذا المشروع؟ لكن العمل القاعدي والعميق يتطلب وقتا طويلا". خير الدين زطشي رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم ومؤسس نادي بارادو.
القصة هنا بطلها ليس لاعبا ولا حتى شخص، بل منظومة عملت بكد لأعوام متواصلة، من أجل الوصول إلى غاية، تكوين مواهب واعدة تصبح نجوما فيما بعد، وبالفعل نجحوا في ذلك.
البداية كأي بداية لفريق طموح، مجموعة من الشباب الجزائري قرروا أن يجدوا مكانا يمارسون فيه هواياتهم المفضلة، خاصة بعد الأيام الشاقة في الدراسة، وبعد تفكير عميق تم تشكيل نادي أتليتك بارادو.
الثنائي المؤسس خير الدين وحسن زطشي كلاهما كان حريصا على أن تكون البنية الإدارية قائمة على تطوير المواهب والقيم لدى اللاعبين مثل القبول والإنسانية واحترام الآخر، وعدد من القيم التي وصفها بـ"أساسيات نجاح الشخص الرياضي".
قررت الإدارة أن تشارك في البطولات الجزائرية والتي تبدأ في شهر سبتمبر عام 1994، والنادي كان قد تأسس منذ شهر فقط قبل ذلك الموعد، ما يعني أنهم كانوا في سباق محتدم ضد الساعة.
كُتب على الموقع الرسمي للنادي عن تاريخه :"يرجع الفضل خلال تلك الفترة إلى كامل جاسم، سكرتير نادي حيدرة الجزائري وابن المنطقة والذي ساهم بشكل ملحوظ في هذه الحقبة، معرفته بالتسويق الرياضي والإدارة الرياضية ساهمت بشكل كبير في تأسيس الفريق، معظمهم كانوا لاعبين شباب من نادي حيدرة".
لم يكن لدى هؤلاء الشباب أي فرصة في تمثيل الفريق الأول لنادي حيدرة، ليقرر نادي بارادو على وجه السرعة ضمهم للمنافسة ضمن المسابقات المحلية في الجزائر، وقدم بوهلال كامل مدرب فريق الشباب في نادي حيدرة مساعدة كبيرة في ذلك الأمر.
بعد ذلك كان اختيار ألوان زي الفريق، أثناء اجتماع إدارة الفريق لأول مرة في مطعم بكولومبيا، مرت سيارة السفير السويدي، وكان عليها علم دولته، يحتوي على اللونين الأصفر والأزرق بالطبع، ليستقر مجلس الإدارة المجتمع على ذلك اللون.
نظرة على جانب موازٍ من العالم
في نفس عام تأسيس بارادو قرر جيان مارك جيلو أن يفتتح أكاديمية لتطوير المواهب في أبيدجان بكوت ديفوار بشراكة مع فريق أسيك، لمن لا يعرفه، كان لاعبا سابقا، ومدربا اكتسب رؤية كبيرة من خلال مشاهدة كرة القدم في مدينة أبيدجان، بجانب كونه واحدا من أفضل أصدقاء أرسين فينجر مدرب أرسنال.
جيلو كان يشاهد فتيان كوت ديفوار يلعبون حفاة القدم، يشعرون بالكرة، وقتها كان قد اكتشف الفتية توريه، كولو ويايا من بعده.
وساهم في اكتشاف جيل كبير من النجوم في كوت ديفوار، حتى أن بعضهم توج بطلا لكأس الأمم الإفريقية 2015.
توسعت الأكاديمية قليلا في مدغشقر، لكن حينما حدث اختلاف بين أسيك وجيلو حول ملكية الأكاديمية انفصل الطرفان، ليقرر جيلو خلال عام 2002 تأسيس JMG، خاصة بعد النجاح الكبير الذي حققه في أبيدجان.
نجح المشروع بشكل كبير، خاصة بعد تألق عدد من اللاعبين الإيفواريين مثل يايا وكولو توريه وإيمانويل إيبويه وديديه زوكورا وندير روماريك وجيرفينيو وغيرهم. وكان ذلك دافعا له ليتوسع أكثر فأكثر في تايلاندا ثم مالي. وأخيرا.. الجزائر.
هل يمكننا أن نعمل معا؟
فريق بارادو خاض رحلة طويلة حتى نجح أخيرا في التأهل للدوري الجزائري الممتاز، وأصبح وسط الكبار، لكن لم يستمر ذلك النجاح كثيرا بسبب صغر سن اللاعبين وقلة خبرتهم خسروا الكثير من المباريات ولم يدم تواجدهم في المسابقة سوى عامين ليهبط الفريق للدرجة الثانية.
طيلة تلك الفترة كان خير الدين زطشي يحاول التواصل مع المسؤولين عن الكرة الجزائرية للاقتناع بمشروعه، وقرر أن يتجه إلى جيان مارك جيلو، من أجل تعزيز فريقه بمركز تدريبي مؤهل لتطوير المواهب.
في شهر فبراير 2007 أرسل النادي طلبا عبر الموقع الرسمي لـJMG حول الأمر، ليتم عقد اجتماع في شهر أبريل من نفس العام بين زطشي رئيس بارادو وفينسنت دوفور المدير العام للأكاديميات.
قدم زطشي عرضا للفريق الشاب وما حققه فيما يخص التدريبات وأبدى رغبته في التقدم بشكل أفضل في هذه المناطق، وأن هذا قاده لأكاديمية JMG، خاصة بعد سمعة الشركة الكبيرة في تطوير المواهب والتي اكتسبتها خلال تلك الفترة.
خلال شهر يونيو من نفس العام اتفق الطرفان ووقعا عقدا يوحدهما، وتم عقد مؤتمر صحفي شرح المشروع وتم عقد اجتماع من أجل استقطاب العديد من المواهب الصغير.
"منذ عام 2007 عمدنا إلى إنشاء هذه المدرسة، وهذا كان بعد سقوط نادي بارادو إلى الدرجة الثانية، لاحظنا حجم الأموال التي تصرف على انتقالات اللاعبين بين مختلف الأندية المحلية، كان علينا أن نوفر الموارد المالية لتدعيم الفريق للعودة إلى الدرجة الأولى".
"من هذا المنطلق فضلنا أن يتم ضخ هذه الأموال لتكوين مواهب شابة للحصول على عناصر ذات قوة ومهارة عالية، بهدف تدعيم الفريق الأول في الدرجة الأولى، تحسبا للاستغناء عن صرف الأموال في سوق الانتقالات، لذات الهدف، وتلك استراتيجية متوسطة وبعيدة المدى". – خير الدين زطشي.
تم عقد المؤتمر بعد يوم وحيد من خسارة منتخب الجزائر أمام غينيا بنتيجة 2-0 أمام جماهيره وفي الجزائر ضمن التصفيات المؤهلة لكأس الأمم 2008، تلك البطولة التي لم يتأهل لها محاربو الصحراء.
قال زطشي :"قررت أن أخوض تلك المغامرة بعدما تعبت من انتظار المسؤولين لتسهيل مهمة النادي".
فيما قال فينسنت دوفور :"سنشرف يوميا على اختبارات من 200 إلى 250 طفلا في التدريبات على استاد حيدرة لانتقاء المواهب".
فيما قال جيلو :"اللاعبون لن يدخلوا في الفئات المتدرجة لنادي بارادو ولن ينافسوا في أي بطولات في سنهم".
"تم شراء أرض في بلدية تسالة المرجة وسيتم بناء البنية التحتية للأكاديمية عليها، وتم جدولة الموعد حتى أكتوبر 2008.
قُدر تمويل المشروع بمبلغ يتخطى حاجز الـ600 ألف يورو على مدار 7 أعوام، من خلال مستثمرين أولهم كان خير الدين زطشي نفسه.
كيف تم اختيار المواهب؟
"طريقة جيلو" هكذا تم تسميتها منذ كان في أبيدجان، تعتمد بشكل كلي على امتلاك الطفل للموهبة التامة وليس البنية الجسدية، ويبعد تماما أي اختيار تم بناء على القدرات البدنية.
يتم الإشراف على أكثر من 10 آلاف طفل خلال الاختبارات ثم اختيار المزيد منهم، ومعدل أعمارهم من 11 إلى 13 عاما، ويتم إدخالهم للأكاديمية حتى بلوغهم النضج وحتى إن تأخر بعضهم لسن 19 أو 20، فجيلو لا يستسلم أبدا.
يتواجد دائما مدرب مع كل 6 أو 7 لاعبين، ويتم منحهم تدريبات وتعليمات بشكل يومي، بجانب التشديد على أن يكون اللاعبين طيلة تلك المدة في التدريبات حفاة القدمين خلال أعوامهم الأولى من اللعب.
في مدة وصلت إلى ما يقرب من 60 يوما، تم اختيار ما يقرب من 20 طفلا حول الجزائر سنهم من 12 إلى 14 عاما من آلاف من الأطفال الذين خضعوا للاختبارات، تم ضمهم للأكاديمية وإطعامهم وتسكينهم بجانب التدرب لمدة 3 ساعات في اليوم.
قال جيلو :"التدرب وهم حفاة القدمين يقوي أقدامهم كثيرا".
"قد يعتقد البعض أن ذلك الإيقاع مرهق، لكن انظر إلى هؤلاء الصغار ستفهم أنهم لا يكتفون أبدا من اللعب، في الحقيقة كل شيء تم لهم يجعلهم يشعرون بشعور جيد، لا أحد يجبرهم على شيء، في حالة التعب فمسموح لهم بالراحة، المبدأ هنا هو الرغبة وحب اللعبة".
"يمكنني أن أؤكد لك، أن 70% من هؤلاء الأطفال سيكونون يوما ما عمادا للمنتخب".
ماذا عن تطويرها؟
لنترك هنا المجال إلى أوليفر روسي أحد مدربي الأكاديمية للحديث عن ذلك الأمر.
"اللعب بدون أحذية يخص السنوات الأولى فقط من فترة التكوين، إذ يساعد على تنمية القدرات الفنية لهؤلاء اللاعبين ويسمح لهم بالتحكم بشكل أفضل في الكرة".
"البرنامج الخاص بالبراعم هو فني بالأساس، يشمل كل التدريبات التي تسمح بتنمية الذكاء لدى هذه المواهب الشابة، ويقوي قدراتهم على الارتكاز في الملعب".
"جدول الحصص التدريبية يتضمن العمل الفني والاحتفاظ بالكرة صباحا بينما فترة المساء مخصصة للعب والأداء".
استمرت عملية تطوير المواهب في الجزائر تحت إدارة أوليفر جيلو، لتبدأ الأكاديمية في خوض مباريات ودية وتحقق نتائج جيدة للغاية حتى ضد من هم أكبر منهم سنا.
مع الوقت أصبحت المواهب تكتسب خبرة أكبر ثم يتم تصعيدهم إما لفريق باريس إف سي للشباب أو بارادو تحت 21 عاما، منهم رامي بن سبعيني الظهير الأيسر الذي تم تصعيده عام 2012 وهو في الـ17 من عمره إلى فريق بارادو تحت 21 عاما.
وقتها نشرت الأكاديمية بيانا قالت فيه، إن هناك 3 لاعبين هم رامي بن سبعيني والراحل عبده نيف الذي توفي وهو في الـ18 من عمره في حادثة مرورية بعد ذلك البيان بفترة قصيرة وعبد الله الدوادجي، جميعهم تم تصعيدهم للفريق الأول في النصف الثاني من موسم 2012-2013، وأنهم سيخوضون اختبارات في نادي بورتو.
وفي 2015 أخرجت الأكاديمية يوسف عطال موهبة نيس حاليا وكذلك فريد الميلالي لاعب أنجيه، وغيرهم من اللاعبين الذين إما احترفوا خارج الجزائر أو لعبوا لأندية الدوري الجزائري منهم الدوادجي الذي يلعب حاليا لفريق مولودية بجاية.
انضم كذلك لاعبون مثل رؤوف بن غيت وطيب ميزياني إلى المنتخب الوطني في موسم 2014-2015 وهم لا يزالون ضمن صفوف نادي بارادو، ومنهم حاليا لاعب وسط المنتخب الجزائري هشام بوداوي.
توفي أوليفر جيلو بأزمة قلبية خلال شهر نوفمبر عام 2015، وحسب المقربين فإن ذلك كان بسبب الضغط الكبير الذي عاشه لينقذ نادي ليرس من الهبوط.
"أقضي أفضل أوقاتي هنا بين الأطفال في الجزائر منذ عودتي". – أوليفر جيلو.
تولى إريكو كاندا المهمة من بعده لإدارة الأكاديمية، لكن لم يكن أبدا مثل أوليفر جيلو الذي كان يعرف كل كبيرة وصغيرة في الأكاديمية، لينتهي التعاون بين بارادو وJMG لكن بوجود اتفاقية فقط يتم تطبيقها بين الطرفين واستقل نادي بارادو في عملية تطويره للمواهب.
"بعد 8 أعوام من التكوين، تمكنا من الحصول على عناصر ذات مستوى عال من المهارة، بدليل اهتمام بعض الأندية الأوروبية بهم مثل عبد الله المودن والذي يلعب في نادي ليرس، بجانب عقود أبرمت مع الأندية المحلية للاستفادة من خدمات لاعبينا".
المصادر:
اقرأ أيضا:
في الجول يكشف معايير الزمالك لاختيار حارسه الجديد بعد إصابة جنش
في الجول يكشف – تفاصيل خطة الأهلي لضم رمضان "قيمة العرض ومطالب هيدرسفيلد"
خبر في الجول – الزمالك يحول كهربا للتحقيق
الأهلي: الخطيب يكلف مرتجي بالسفر إلى إنجلترا للتفاوض مع هيدرسفيلد بشأن رمضان صبحي
أنت الكوتش - وجه تعليماتك الأخيرة للاعبي منتخب مصر قبل مواجهة أوغندا