كتب : إسلام مجدي
"ما الذي تفكرون فيه؟ هل تعتقدون أن تلك لعبة ما؟ هذا عمل حقيقي! وحينما تلمس الكرة بيدك فهذه خطيئة كبرى لن يسامحك عليها الرب". جورج لورانس بيلكنتون أحد المبشرين البريطانيين في القرن التاسع عشر صارخا في بعض الشباب والشيوخ الأوغنديين أثناء تعليمهم كرة القدم.
أوغندا ظلت تحت طائلة الاحتلال البريطاني لفترة طويلة للغاية، واستمدت اسمها من إمبراطورية بوجندا الموجودة جنوب الدولة وضمنها العاصمة كمبالا، وظلت محكومة من بريطانيا من 1894 وحتى 1962.
بعد 3 أعوام من الحكم البريطاني ووصول المبشرين للأراضي الأوغندية، دخلت معهم كرة القدم إلى الدولة عام 1897، بواسطة بيلكينتون، الذي كان لا يتمالك نفسه في كثير من الأحيان ويضحك للطريقة التي يلعب بها الأطفال الكرة وتارة يغضب للغاية لأنه يرى ما ينافي طريقة اللعب نفسها.
لكن الأوغنديين كانوا سريعي التعلم، كان من الصعب التواصل معهم في البداية لأنهم لم يكونوا يتحدثون اللغة الإنجليزية بالشكل الكافي.
اقرأ عن رحلاتنا السابقة في إفريقيا من هنا
ساءت الأمور أكثر بالنسبة لبيلكينتون حينما قرر تنظيم مباراة ودية بين فريقين، خاصة حينما زاد حماس الطرفين ولم يتمكنوا من الاحتفاظ بالكرة في الملعب وأصبحوا يركلونها تجاه بعضهم البعض ويصرخون في وجه بعضهم البعض وكثيرا ما يتشاجرون.
استمرت عملية تعلم أساسيات لعب كرة القدم حتى عام 1925 حينما تم إنشاء الاتحاد الأوغندي لكرة القدم، وذلك بعد اجتماع بين بعض لاعبي كرة القدم والرياضيين لمناقشة وضع إطار لممارسة كرة القدم في أوغندا بعدما انتشرت في العالم بشكل كبير. مع ذلك لم يتم تطبيق اللعبة بشكل كامل بسبب الاحتلال وظروف الدولة.
تم تنظيم بطولة كأس كاباكا كمنافسة أولى، ثم في الخمسينيات تقدم أكثر من 30 فريقا لدخول المسابقة، لكن بسبب مشاكل سياسية مع اتحاد بوجندا عام 1957 تم إيقاف كل الأندية المشاركة، واستمر ذلك الأمر حتى 1971.
في 1962 حصلت أوغندا أخيرا على استقلالها، وأصبحت جمهورية لكن حافظت على عضويتها ضمن دول الكومنويلث. وأقيمت أول انتخابات ديموقراطية في نفس العام وأصبح ميلتون أوبوتي أول رئيس وزراء وإدوارد موتيسا الثاني أول رئيس.
شاركت أوغندا لأول مرة في كأس الأمم الإفريقية 1962 بعدما أقصت كينيا بالفوز ذهابا وإيابا بنتيجة 1-0. وقدمت أداء رائعا احتلت به المركز الرابع، لكن بعد انتهاء البطولة؟ هنا بدأ الخوف.
في تلك الفترة لم تكن هناك أسسا سياسية أو ديموقراطية في أوغندا، فقط الخوف، من 1962 وحتى 1966 عاشت الدولة انقساما كبيرا بين الحكومة في أوغندا وحكومة المنطقة الأكبر، مملكة بوجندا.
كانت هناك مشكلة إدارية كبيرة في محيط العمل بين المنطقتين، 4 أعوام من الجدال حول مصير مملكة بوجندا، خاصة وأن العاصمة كمبالا ضمنها، ليتدخل عيدي أمين رئيس القوات المسلحة في ذلك الوقت ويهاجم قصر كاباكا واستمرت معركة قوية للغاية بين الطرفين توفي على أثرها أكثر من 2000 شخص، هرب بعدها كاباكا من القصر إلى لندن وفي 1967 تم إلغاء بوجندا.
علم أوغندا أصبح يضم الأصفر والأسود والأحمر، وعليه طائر الكركي، وصفته أوغندا وقت الإعلان عنه بـ"يحتوي على أعلام الدولة، وهو ودود ولطيف ومسالم ويحب الجميع، خصائص يمتاز به الشعب الأوغندي". يمتاز الأوغنديون بذلك لكن ليس الساسة والزعماء في ذلك الوقت.
ومثلما كان هناك موبوتو في زائير وسان أباشا في نيجيريا، كان هناك عيدي أمين في أوغندا.
أمين كان ضمن قوات الاستعمار البريطاني ثم قاد الجيش الأوغندي في 1964، وبدوره كان يؤمن أن الطريقة الوحيدة للسيطرة على شعبه تأتي من خلال كرة القدم، لذا قرر ضخ الكثير من الاستثمارات فيها.
قام عيدي أمين بانقلاب عسكري في يناير 1971 وعزل الرئيس ميلتون أوبوتي وحكمه اشتره بانتهاك حقوق الإنسان والقمع السياسي والتمييز العنصري والإعدامات غير القانونية وغيرها من الانتهاكات، حتى أن المراقبين الدوليين قدروا أعداد القتلى في عهده من 100 إلى 500 ألف قتيل.
عاشت أوغندا في الفترة من 1971 وحتى 1979 تحت حكم ديكتاتوري دموي مخيف حكم بالقوة فقط.
لقبه كان "جزار أوغندا"، وعلى الرغم من أن علم أوغندا مستمد من ألوان طائر الكركي، والطائر نفسه هو شعار الدولة وعلمها، ويتسم بالسلام والمثالية والهدوء، لكن تلك الفترة لم تكن كذلك.
مشاركات أوغندا في عهده لم تتخط توديع دور المجموعات سواء في مصر أو إثيوبيا، ثم في 1978 كان الإنجاز الأكبر والأعظم في تاريخ المنتخب بخسارة النهائي، رغم ذلك لم يتم اعتبارهم أبطالا وكانوا منبوذين.
بحلول عام 1978 تقلص نفوذ أمين كثيرا، وفي نوفمبر من نفس العام حدث تمرد من قوات مصطفى أدريسي نائبه الذي كان قد تعرض لحادث سيارة وشهدت قتالا بين قوات أدريسي وأمين، ثم بمساعدة قوات الدفاع التنزانية شن الجيش القومي الليبرالي الأوغندي حربه ضد أمين الذي هرب في أبريل 1979 إلى ليبيا.
مسيرة كرة القدم تعطلت كثيرا في أوغندا حتى عودتها مرة أخرى في 2017، رحلة طويلة قطعتها طيور الكركي للحصول على السلام المنشود.
وتلك كانت بدايتنا للدخول في رحلة مع أوغند، وصيف 1978 والذي يقع ضمن المجموعة الأولى مع منتخب مصر.
تاريخ قصير بسبب النزاعات
النزاعات السياسية في البداية لم تترك مجالا لأوغندا لا لبناء منتخب قوي أو حتى للمشاركة في كأس الأمم الإفريقية، انتظرت حتى استقلالها عام 1962 لتقدم نفسها على الساحة الإفريقية في بطولة استضافتها أثيوبيا.
أوغندا واجهت مصر في نصف نهائي البطولة وخسرت بنتيجة 2-1، سجل هدفي الفراعنة بدوي عبد الفتاح وصالح سليم في دقيقتين، بعد تقدم بونينيزي لأوغندا في بداية المباراة.
في مواجهة الثالث والرابع فاز منتخب تونس بنتيجة 3-0.
غابت أوغندا بسبب المشاكل السياسية بين مملكة بوجندا لدورتين، ثم عادت للمشاركة في نسختين للنسيان 1974 في مصر و1976 في إثيوبيا وودعت من دور المجموعات.
خلال نسخة 1978 كانت أفضل مشاركاتهم على الإطلاق في التاريخ، منتخب مكون من لاعبين هواة معظمهم يعملون في الشرطة والجيش وحراس سجون ووظائف مدنية أخرى.
سرعان ما أصبحت أوغندا مفاجأة البطولة، في مجموعة ضمت الكونغو والمغرب وتونس.
بدايتها كانت قوية بالانتصار بنتيجة 3-1 ضد الكونغو، حتى أن فيليب أوموندي سجل هدفا في الدقيقة الأولى. المباراة التالية خسرت أوغندا بنتيجة 3-1 من تونس.
المباراة الأخيرة ضد المغرب كانت على التأهل، إما هم أو أسود الأطلس، وفازت طيور الكركي بنتيجة 3-0 لتودع المغرب البطولة.
قال توم لوانجا :"كنا عاقدين العزم على القتال، كنا نلعب بالإرادة والروح، كنا نرغب في إثبات أنفسنا أننا منتخب يرغب في أن يعرفه الجميع".
"إحدى نقاط قوتنا كانت وحدتنا كلاعبين ووجودنا معا لوقت طويل، كنا كالعائلة سويا".
واجهت أوغندا نظيرتها نيجيريا في نصف النهائي، تقدم عبد الله ناصور لأوغندا في الدقيقة 11، قبل أن يتعادل إيو لنيجريا، ثم سجل أوموندي هدف الفوز.
قصة خيالية رائعة، توجهت طيور أوغندا إلى أكرا لمواجهة غانا مستضيف البطولة في غانا، لكن انهار كل شيء حتى قبل بداية المباراة.
شعور بالإعياء لدى الطاقم التدريبي واللاعبين، لم يشعر لاعبو أوغندا بهذا الشعور من قبل، بجانب بالطبع الخوف من قوة غانا.
لتنتهي تلك القصة الخيالية بخسارة أوغندا بنتيجة 2-0 في النهائي، رغم التوقعات الكثيرة بانتصار أوغندا.
انسحبت أوغندا من نسختي 80 و82 ولم تتأهل في النسخ من 84 وحتى 88، ثم انسحبت من نسخة 90 ولم تتأهل من 1992 وحتى 2015.
وأخيرا مشاركة ضعيفة في النسخة الماضية من كأس الأمم بعد غياب دام 39 عاما، ودعت خلالها البطولة من دور المجموعات وكانت مع مصر وغانا ومالي، حصدت نقطة وحيدة من التعادل بنتيجة 1-1 مع مالي وخسرت من مصر وغانا.
مدرب طموح
سيباستيان ديسابر ليس غريبا على مصر، ففي النصف الأول من موسم 2017-2018 قاد الإسماعيلي لمنافسة قوية للغاية على اللقب، قبل أن يأتي عرض أوغندا ليرحل لتدريب طيور الكركي خلفا لميتشو سيريديوفيتش.
يعتمد المدرب الفرنسي على طريقة 4-2-3-1 في اللعب، ويقسم إيقاع اللعب بين التمريرات القصيرة وأحيانا يغير الطريقة أكثر من مرة في المباراة الواحدة.
قال ديسابر في حوار سابق مع FilGoal.com :"خلال المباريات توجد أوقات يمكنك خلالها أن تستحوذ على الكرة بطريقة جيدة والبعض الأخر يجب أن تعتمد على الهجمات المرتدة".
"عليك أن تكون جيدا في كلا المرحلتين من المباريات وأنا أحاول تطبيق ذلك، وأهم شيء هو الدقة أن تسجل الأهداف".
أوغندا خاضت 10 مباريات مع ديسابر فازت في 4 وتعادلت في 3 وخسرت 3.
سجل المنتخب الأوغندي 10 أهداف واستقبل 7 أهداف.
يهتم ديسابر كثيرا بتطوير شخصية لاعبيه ومجموعته في الملعب، ويعمد إلى ذلك من خلال التواصل الدائم المباشر معهم بجانب محاولة منحهم أكثر من طريقة لعب وخيارات أكثر في الملعب ليلعبوا بأريحية وثقة.
عملاق في المرمى وموهبة واعدة
إن تحدثنا عن نجوم منتخب أوغندا فأول من سيخطر في بالنا هو دينيس أونيانجو قائد المنتخب وحارس مرمى ماميلودي صن داونز، صاحب الـ34 عاما والـ71 مباراة دولية يعد واحدا من أفضل نجوم المنتخب.
يليه فاروق ميا صاحب الـ21 عاما، لاعب جوريشا الكرواتي والذي خاض 31 مباراة دولية رسمية، سجل 3 أهداف في التصفيات، جميعهم ضد ليسوتو، وهدفا في النسخة الماضية ضد مالي.
في خط الهجوم هناك إيمانويل أوكوي لاعب سيمبا والذي يلعب كمهاجم وجناح أيسر، لعب 66 مباراة دولية وسجل 21 هدفا، وسجل هدفين في التصفيات ويعول عليه ديسابر كثيرا في الهجوم، بجانب ديريك نيسبامبي.
وفي خط الدفاع هناك جوزيف أوتشايا لاعب مازيمبي وتيموثي أواني لاعب كمبالا.
مشوار التصفيات
"أعتقد أن هذه فرصة جيدة لنا للمشاركة ضد فرق جيدة، وسنقدم كل ما لدينا من أجل تحقيق نتائج مرضية". ديسابر
أوغندا كانت ضمن مجموعة ضمت تنزانيا وليسوتو والرأس الأخضر.
بداية التصفيات كانت جيدة بحصد 3 نقاط ضد الرأس الأخضر، ثم تعادل مع تنزانيا.
الدفعة القوية كانت بحصد 6 نقاط من مباراتي ليسوتو، ليكون رصيد طيور الكركي 10 نقاط ويضمن بشكل كبير التأهل، ثم انتصار ضد الرأس الأخضر في ملعب مانديلا في مدينة كيرا بأوغندا ليضمن رسميا اللعب في كأس الأمم 2019 ويجعل الجولة الأخيرة تحصيل حاصل، وتنجح تنزانيا في الفوز فيها لتتأهل كمركز ثاني.
ليكون ترتيب المجموعة النهائي كالتالي:
أوغندا 13 نقطة
تنزانيا 8 نقاط
ليسوتو 6 نقاط
الرأس الأخضر 5 نقاط
تأهل أوغندا وضعها ضمن المجموعة الأولى التي تضم مصر والكونغو الديموقراطية وزيمبابوي.
المباراة الأولى لأوغندا ستكون ضد الكونغو الديموقراطية يوم السبت، ثم مواجهة زيمبابوي يوم 26 من الشهر الجاري وأخيرا مصر في الجولة الأخيرة يوم 30 يونيو.
المصادر
https://cnn.it/2WRjKw7
http://bit.ly/2MSaGSV
http://bit.ly/2Few9zi
http://bit.ly/2KWJuQt
اقرأ أيضا:
تقرير فرنسي - تحفظ شرطة مكافحة الفساد على بلاتيني بسبب مونديال 2022
ماركا: رودري أخبر أتليتكو مدريد بقراره الرحيل.. سيتي وبايرن يتنافسان لضمه
سكاي إيطاليا: ريال مدريد وافق على إعارة جيمس رودريجيز إلى نابولي
لا لـ الإنتاج الحربي.. رسميا – نهضة بركان يُجدد عقد عمر النمساوي
جلوبو البرازيلية: نيمار في مفاوضات متقدمة مع برشلونة.. 3 لاعبين قد يدخلون في الصفقة