ثوب الأسد الذي غير لوائح فيفا

لولا بوما، لكان بيير وومي يواجه عصام الحضري في ركلة جزاء ليست مصيرية بعدما اقتنصت كوت ديفوار التأهل للمونديال لأول مرة في تاريخها مُقصية مصر والكاميرون من سباق كأس العالم.

كتب : نادر عيد

الخميس، 13 يونيو 2019 - 15:44
الكاميرون 2002

لولا بوما، لكان بيير وومي يواجه عصام الحضري في ركلة جزاء ليست مصيرية بعدما اقتنصت كوت ديفوار التأهل للمونديال لأول مرة في تاريخها مقصية مصر والكاميرون من سباق كأس العالم.

أثارت الشركة الألمانية الجلبة بثوب خلده الأسود بالفوز بكأس إفريقيا عام 2002، وبعد حرب ضارية مع الكيان الحاكم لكرة القدم في العالم، أجبرت بوما مؤسسة فيفا على تغيير لوائحها والتراجع عن عقابها للكاميرون.

حرارة قاسية

لاحظ مسؤولو شركة بوما الشهيرة رفع اللاعبين لأكمام قمصانهم خلال التدريبات لمعاناتهم بسبب ارتفاع شديد لحرارة الطقس، فتبادر إلى أذهانهم فكرة جديدة تعين اللاعبين على أداء أفضل في جو حارق وتمهد لمبيعات ضخمة لقميص هو الأول من نوعه في تاريخ كرة القدم.

يحكي يوان آدامسون مدير التسويق الرياضي والترخيص بشركة بوما آنذاك "قلنا لأنفسنا فلننتج قميصا بلا أكمام. اللاعبون أحبوا القمصان وارتدوها طوال البطولة".

اختارت بوما منتخب الكاميرون بطل إفريقيا. صممت رداء، تراه عادة في ملاعب كرة السلة، ليدافع به الأسود عن لقبهم في مالي حين تنطلق النسخة 23 من البطولة القارية عام 2002.

لم يقدر فريق على ترويض الأسود الجائعة للقب قاري رابع، أطاحت الكاميرون بمنتخب تلو الآخر دون أن تهتز شباكها لترفع الكأس أمام أعين رفاق الحاج ضيوف في نهائي حسمته ركلات الترجيح وأداره المصري جمال الغندور.

تبدو القمصان الجديدة نافعة جدا! ميدالية ذهبية في أولمبياد سيدني وكأس قارية ثانية على التوالي، يبدو الفريق في طريقه لإنجاز تاريخي في كأس العالم.

ولترويج أكبر للقميص، عرضت بوما على بطلة التنس سيرينا ويليامس ارتدائه في منافسات رولان جاروس عام 2002 بفرنسا، الأمر الذي رحبت به الأمريكية لإعجابها بقوة المنتخب الكاميروني.

فرمان فيفا

بلغت المعنويات عنان السماء قبل أشهر من مونديال كوريا واليابان، لكن أصابت الكاميرون صاعقة فيفا الذي رفض خوضها للبطولة بتلك القمصان، متحججا بأن الأكمام لابد أن يوضع عليها شعار البطولة وفقا للوائح.

وصرح كيث كوبر المتحدث الرسمي لفيفا آنذاك قائلا:"هذه ليست قمصانا، وإنما سترات".

خضع منتخب الكاميرون لفرمان فيفا بإضافة أكمام سوداء لقمصانه التي يميزها اللون الأخضر، لكن عاهد نفسه ألا يفوت حرمانه فرصة اللعب في المونديال بقمصان أعجبت كثيرين وحفظت له لقب إفريقيا، خاصة أن رفاق صامويل إيتو ودعوا كأس العالم من الدور الأول بعد تعادل مع أيرلندا وفوز على السعودية وخسارة من ألمانيا.

وحين جاء موعد الدفاع عن اللقب القاري في تونس الخضراء، فاجأت الكاميرون فيفا بثوب جديد يبدو طبيعيا مطابقا للمواصفات، لكنه قطعة واحدة!

صممته بوما ليكون ملتصقا بجسم اللاعبين فتبرز عضلاتهم، وليصعب على المنافسين جذبه. الأمر الذي أغضب جوزيف بلاتر رئيس فيفا الذي ظن منتخب الكاميرون انصاع لسلطة فيفا ولن يكرر فعلته.

فقال ممتعضا:"هذا ضد قانون اللعبة. القواعد واضحة جدا، هناك قميص واحد، سروال واحد، وجورب واحد. لا يمكنهم فعل ذلك. لا يمكنك خوض مباراة وأنت خارق للقواعد. نحن حماة قانون اللعبة".

مفاجأة الكاميرون غير السارة لفيفا جعلته يحذر بلهجة حادة ألا يرتدي اللاعبون هذا القميص إذا تأهلوا للدور ربع النهائي من البطولة، وأن يكتفوا فقط بارتدائه في الدور الأول، أمام الجزائر وزيمبابوي ومصر.

لكن ضد نيجيريا في الدور ربع النهائي على ملعب مصطفى بن جنات بالمنستير ارتدى الكاميرونيون نفس القميص، مما سبب لهم أزمة بعد البطولة التي انتهت بها رحلتهم أمام النسور الخضراء.

نشبت حرب بين فيفا من جهة ومنتخب الكاميرون وشركة بوما من جهة أخرى، مما جعل هورست ويدمان مساعد المدير التنفيذي للشركة الألمانية يرد "فيفا حذر، لكن كيف خلال أيام معدودات إنتاج قميص جديد للكاميرون به أرقام وأسماء اللاعبين وكل شيء؟".

ابتكار بوما الذي رحبت به الكاميرون وأثار غضب بلاتر ومعاونيه جعل فيفا يغرم منتخب الأسود مبلغا قدره 154 ألف دولار، والعقوبة الأقسى كانت حرمان الفريق من 6 نقاط في تصفيات مونديال 2006، الأمر الذي كان بمثابة تهديد صريح لمشاركة خامسة على التوالي في كأس العالم.

كان رد بوما والكاميرون هو رفع دعوى قضائية ضد فيفا معللا مسؤول بالشركة الألمانية "أظهرنا الزي لفيفا وكذلك كاف (الاتحاد الإفريقي لكرة القدم)، ولم يعترض أحد. ليست مشكلة بوما أن جيروم شامبين لم يبلغ بلاتر بالأمر".

ولأن مصائب قوم عند قوم فوائد، ولأن شركة أديداس ترعى فيفا منذ سنوات، مسؤولو بوما اتهموا فيفا بالتأثر بعلاقته بأديداس.

أديداس ليست فقط منافسا عالميا لبوما، وإنما محليا أيضا باعتبار أن المؤسستين ألمانيتين.

أنصف القضاء بوما والكاميرون، واضطر فيفا لتغيير لوائحه لتصبح أكثر وضوحا فيما يتعلق بالزي. ألغى العقوبة، وشاركت الأسود بشكل طبيعي في تصفيات المونديال التي كادت تفوز بها لولا أن وومي سدد في قائم مرمى الحضري.

يظل إنجاز الكاميرون في 2002 مرتبطا بقميص كان حديث العالم عن أسود غير مروضة تزعمت إفريقيا بجيل استثنائي ضم الموهوب إيتو والهداف باتريك مبوما والمخضرم ريجوبير سونج أفضل لاعب بالبطولة.

اقرأ أيضا:

الكاميرون.. "مانيبين" الذي زأر لأول مرة فساروا على خطاه

رباعي مصري ضمن أفضل 30 لاعبا في تاريخ إفريقيا.. وغياب العميدين

ملاعب أمم إفريقيا - السويس.. فرصة أولى وأزمة تونسية

ناجي: لم أحسم الحارس الأساسي للمنتخب في أمم إفريقيا

رتب الهدافين التاريخيين لمنتخب الجزائر

تعرف على ترتيب مباريات صلاح مع ليفربول في الدوري الإنجليزي بالموسم الجديد