كتب : فادي أشرف
ربما لم تتمتع منتخبات كثيرة بذلك الحظ الذي تمتع به التونسيون في 2004. ليس الحظ الذي يمنحك هدفا غير مستحق، أو ذلك الذي يمنع المنافسين من التسجيل أمام المرمى، ولكنه حظ من نوع آخر.
ذلك الحظ الذي منح نسور قرطاج جيلا ذهبيا، تزامنا مع استضافتهم للبطولة بعد 10 أعوام من استضافة تونس للبطولة في 1994، وخروجها من الدور الأول ذلك الحين، و8 أعوام من خسارة اللقب أمام جنوب إفريقيا على أرضها.
علي بومنيجل، خالد بدرة، حاتم الطرابلسي، رياض بوعزيزي، مهدي النفطي، زياد الجزيري، جوهر المناري، راضي جعايدي، مدعومين بصغار مثل كريم حجي وكريم السعيدي وخلفهم مدرب متوج بكأس الأمم الأوروبية قبل 4 سنوات فقط. روجيه لومير.
"الحب والجماعية بين الفريق كانت كبيرة، كل أحاديثنا داخل الملعب أو خارجه كانت كرة قدم فقط، وهذا بفضل قادة للفريق مثل خالد بدرة". هكذا يروي أصغر عناصر الفريق، كريم حجي صاحب الـ20 عاما وقت التتويج، عن ذلك الفريق التونسي.
بقيادة عمار السويح قبل عامين، خرج المنتخب التونسي بنقطة واحدة فقط وأداء غير مقنع، وربما شهد نسور قرطاج أوسع تغيير في قائمتين لبطولتين متتاليتين بذلك المعيار.
كوّن روجيه لومير فريقا جديدا مع حفاظ على بعض عناصر الخبرة، قبل أن يستفيد من منتخب أوليمبي قوي ويطعم به عناصر الخبرة ويكون فريقا صعب المراس.
"لا يمكن أن أنسى اليوم الذي استدعيت فيه للمنتخب. لومير عقد اختبارات للاعبي المنتخب الأوليمبي قبل إعلان 30 اسما مبدئيا لقائمة البطولة، دخلت دون آمال كبيرة أن يتم إعلان اسمي. لومير قال بومنيجل، طرابلسي، جعايدي، حجي.. عندما سمعت اسمي توقف قلبي". هكذا يروي حجي ذكرياته عن تلك اللحظة في حلقة خاصة مع راديو موزاييك.
لا يمكن في سردنا لمميزات ذلك الجيل التونسي أن ننسى التجنيس الذي استغله التونسيون في استقطاب نجوم الدوري المحلي.
بالتأكيد استفاد المنتخب التونسي من المجنس سلفا جوزيه كلايتون، والمجنس لأجل البطولة والذي أصبح فيما بعد هداف تونس التاريخي، فرانسيليدو دوس سانتوس.
خصصت تونس 6 ملاعب للبطولة، استاد رادس واستاد المنزة التاريخي، واستاد سوسة واستاد المنستير واستاد صفاقس واستاد بنزرت.
مباريات تونس كانت على الاستاد الضخم المجهز من أجل ألعاب المتوسط في 2001 والذي يحمل 60 ألف متفرج، استاد رادس.
في المباراة الافتتاحية، واجه نسور قرطاج ضيوفهم الجدد، رواندا، مباراة صعبة حسمها الثنائي الذي قدم بطولة لا تنسى، زياد جزيري ودوس سانتوس.
ضد الكونغو الديمقراطية في الجولة الثانية حسمت ثلاثية تونسية المباراة، قبل تعادل مع جيل غيني قوي في المباراة الأخيرة 1-1، ليصعدا معا لدور الثمانية.
مالي والسنغال صعدا من المجموعة الثانية، الكاميرون والجزائر أقصيا مصر بعد واقعة "عشيو الحرامي" الشهيرة.
ومن المجموعة الرابعة، تأهل عملاق نائم ومرشح للبطولة. المغرب ونيجيريا.
حسبما يروي كريم حجي في فبراير الماضي، هنا بدأت الصعوبات.
يوم الضباب
تحدي دور الثمانية كان أمام فريق سنغالي، على عكس نسور قرطاج، قدم كأس عالم لا ينسى في كوريا واليابان ووصل إلى دور الثمانية في المحفل العالمي، نفس المحطة التي توقف فيها رفاق الحجي ضيوف وخاليلو فاديجا في رادس.
ذلك اليوم مشهور في المدرجات التونسية بيوم الضباب. آلاف الشماريخ خلقت حائطا من الدخان جعل الرؤية في البث التلفزيوني صعبة للغاية.
وهنا أتت رأسية جوهر المناري بعد صناعة أكثر من رائعة من زياد جزيري، لم تفلح محاولة لامين دياتا اليائسة لمنع الكرة من دخول المرمى في الدقيقة 66. 1-0 لتونس، هكذا انتهت المباراة.
جزيري؟ phenomenon
منذ الفوز على السنغال، لم يشاهد أحدا زياد الجزيري.
المنافس في نصف النهائي كان المنتخب النيجيري، رفاق جاي جاي أوكوشا كانوا قادمين لحصد البطولة ولا بديل عنها.
كريم حجي: "جزيري ظاهرة، منذ مباراة السنغال التزم غرفته، الأكل يصعد له في غرفته. يتدرب، ثم يصعد إلى غرفته".
الدقيقة 67، نوانكو كانو يراوغ واحدا ثم الآخر ثم يسقط داخل منطقة الجزاء. كوفي كودجا لا يتردد، ركلة جزاء حولها أوكوشا في المرمى رغم ما بدا أن بومنيجل قد أمسك بها، رعب 1994 بدأ في التجلي مرة أخرى.
لكن انتظروا، كودجا قرر إعادة ركلة الجزاء!
أوكوشا سددها مرة أخرى، ولكن هذه المرة بطريقة أكثر سلاسة.
المنقذ ظهر مرة أخرى، المهاجم الذي لم يكن ارتدائه للرقم 5 السبب الوحيد في تفرده، يحصل على ركلة جزاء تعادل بها خالد بدرة القائد بنجاح. 1-1 في رادس.
المباراة وصلت إلى ركلات الترجيح، بيتر أودموينجي أهدر ركلة جزاء لنيجيريا وأتت الركلة الخامسة التونسية، والمسدد هو أصغر لاعب في الملعب. كريم حجي.
يبدو على حجي التأثر بشكل كبير حينما يتذكر تلك اللحظة، وزن الـ60 ألف في رادس وكل التونسيين على عاتق ذي الـ20 ربيعا.
لا يقوى حجي على الاحتفال وسط صرخات عصام الشوالي "فاينال.. فاينال.. نهائي.. نهائي.. الكورة أنصفتكم والعدل كان موجود.. الحمد لله".
يقول حجي "هذه أحلى لحظة في حياتي، هنا بدأ مشواري الكروي".
جزيري المنقذ.. وليس في الملعب فقط
تألق جزيري ودوس سانتوس كان محوريا في لقب تونس الأول – والوحيد.
في "الفينال" بصوت عصام الشوالي، سجل دوس سانتوس هدف تونس الأول من رأسية رائعة.
ولكن، هل حكينا لكم قصة تجنيس دوس سانتوس؟
نية تجنيس دوس سانتوس بدأت في الفترة التي زامل فيها زياد جزيري في النجم الساحلي بين 1998 و2000.
ولكن الإجراءات الرسمية تأخرت للعام 2003، وفي هذه الفترة، بدأ دوس سانتوس في الشعور بالشك، لا يريد الجنسية التونسية!
تلك النية ظهرت مع تسلم حمود بن عمار رئيس الاتحاد التونسي لكرة القدم لجواز سفر دوس سانتوس لتسليمه إليه. موقف يبدو محرجا للجميع في كرة القدم التونسية.
ولكن الحل كان في يد جزيري، الذي يصف دوس سانتوس بأنه "أخيه".
سافر بن عمار لمقابلة دوس سانتوس في فرنسا حيث كان يلعب مع نادي سوشو، واصطحب معه جزيري دون إخبار البرازيلي.
حاول دوس سانتوس التهرب من بن عمار، ولكن اتصال جزيري بـ دوس سانتوس كان له مفعول السحر، "أخي، سنكون معا أبطالا لإفريقيا".
بعدها، تبين أن رفض دوس سانتوس كان بسبب ضغط من مدرب سوشو برنارد لاكومب الذي لم يرغب في التضحية بمهاجمه الأساسي خلال شهري يناير وفبراير.
وافق دوس سانتوس في النهاية بفضل إقناع جزيري.
بعد رأسية دوس سانتوس، سجل يوسف المختاري التعادل من رأسية أخرى في مرمى بومنيجل من صناعة يوسف حجي وسط استاد يحمل عددا لا يستهان به من مناصري أسود الأطلس.
إنقاذ جزيري خارج الملعب كافأه تألق داخل الملعب، مثلما حصل على ركلة جزاء ضد نيجيريا، سجل الهدف الثاني ضد المغرب بحاسة هداف قدير من متابعة لتسديدة كلايتون التي وقعت من يد خالد فوهامي.
في 14 فبراير 2004، يوم عيد الحب، توج جزيري ودوس سانتوس وكريم حجي وزملائهم قصة حب حقيقية مع منتخب رائع ومدرب مخضرم، ليرفع خالد بدرة الكأس التونسية الوحيدة إلى الآن.
اقرأ أيضا
أحمد حسن.. الصقر الذي احتل عرش إفريقيا
موريتانيا.. كابتن بسام "الشنقيط" يحمل آمال المرابطين
قوائم أمم إفريقيا - أجيري يعلن القائمة النهائية لمنتخب مصر.. استبعاد ثنائي سموحة
ملاعب أمم إفريقيا - الدفاع الجوي.. 7 سنوات من الذكريات الحزينة وتتويج وحيد
قوائم أمم إفريقيا – بوطيب ضمن خط هجوم ناري في الأسماء النهائية للمغرب