عندما تتحول دراما ركلات الترجيح لمأساة.. باري أنهى ما بدأه جواميني ونقطة الضعف الوحيد
الإثنين، 10 يونيو 2019 - 11:57
كتب : إسلام أحمد
"عندما تذهب إلى وقت إضافي، فإننا نتحدث عن الدراما، لكن عندما نصل إلى ركلات الترجيح، إنها مأساة" السويسري جوزيف بلاتر الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".
بدأ تطبيق ركلات الترجيح بشكل مُعتمد من الاتحاد الدولي عام 1970، لتنهي عملية إعادة المباريات مثلما حدث بنهائي نسخة 1974 بإعادة النهائي على ستاد القاهرة بعد التعادل بين زائير وزامبيا بعد اللجوء لأشواط إضافية والتي انتهت في الإعادة بفوز الأول، أو اللجوء للقرعة باستخدام قطعة معدنية وهو ما أهّل إيطاليا لنهائي يورو 1968 على حساب الاتحاد السوفيتي بعد تعادل سلبي.
الظهور الأول لركلات الترجيح في كأس الأمم الإفريقية جاء بنسخة 1980 في نصف النهائي بين مصر والجزائر بعدما انتهت بالتعادل بهدفين لكل فريق ليستفيد منتخب ثعالب الصحراء منها ويتأهل للنهائي.
كوت ديفوار منذ تلك اللحظة هي الأكثر وصولا لمشهد ركلات الترجيح بكأس الأمم الإفريقية، برصيد 8 مرات نجحت في تحقيق الفوز في 4 وسقطت في الاختبار في مثلها، وتمتلك رصيد الأسد بخوض أطول 4 رحلات في ركلات الترجيح بالبطولة السمراء.
4 مشاهد في 4 بطولات تكتب لبلاد العاج تاريخا مميزا في البطولة الإفريقية بداية من نسخة 1992 والتي حققت بها اللقب لأول مرة في تاريخها، ما بين 1992 و2015 موعد اللقب الثاني للأفيال، انكسروا أكثر من مرة لكن الفرج كان يأتي دائما أمام الأسود والنجوم السوداء، وبسيناريو قد يكون مشابها في بعض تفاصيله بين النسختين تحت شعار "من يبدأ لا بد أن ينهي الأمور".
جواميني "لأن الحارس كل الفريق"
في دور المجموعات من النسخة التي استضافتها السنغال وقعت كوت ديفوار مع الجزائر حاملة اللقب لتحقق فوزا مقنعا بثلاثية نظيفة وتكتفى بتعادل سلبي مع الكونغو ضمنت به التأهل في الصدارة، ثم التفوق على زامبيا بهدف في الوقت بدل الضائع بفضل هدف دونالدو سيه.
في مباراة المربع الذهبي، اصطدمت كوت ديفوار بالكاميرون بعد عامين من كأس عالم تاريخية غيرت فيه نظرة العالم للاعبين الأفارقة بعد الوصول لربع النهائي، تصدى آلان جواميني الحارس الإيفواري لركلة جزاء من كوندي لاعب الأسود بعد مرور ربع ساعة من بداية المباراة ليحافظ على حظوظ الأفيال في الوصول بعيدا، في مباراة انتهت بالتعادل السلبي واللجوء للأشواط الإضافية.
جواميني فرض نفسه نجما للقاء، فتصدى لركلتي ترجيح ماكاناكي وأومام بيك، ليضيفهم لركلة الجزاء التي تصدى لها في بداية اللقاء، أنطوان بيل حارس الكاميرون -المقاولون العرب سابقا في الثمانينيات- انبرى للركلة الرابعة لمنتخب الكاميرون بعدما علم إن منتخب بلاده قاب قوسين أو أدنى من الخروج محاولا أن يعيد الأمور في صالح منتخب بلاده حال سُجلت، ليتصدى لها جواميني ببراعة ويقود الأفيال للنهائي لأول مرة في تاريخها، وبعد 3 لقاءات سابقة أمام الأسود انتهت جميعها بالخسارة.
جواميني لم تسكن شباكه أي هدف طيلة البطولة، وواصل الحفاظ عليها في النهائي بتعادل سلبي في الوقتين الأصلي والإضافي أمام غانا التي قادها فنيا الألماني أوتو فيستر مدرب الزمالك لاحقا، لنلجأ مجددا لركلات الترجيح والنهائي الثالث الذي يتم حسمه بركلات الحاسمة، غانا دخلت تلك المرحلة على أمل تكرار إنجاز 1982 بنفس السيناريو بعد الفوز على ليبيا، وكوت ديفوار والاستفادة من التجربة السابقة أمام الكاميرون قبل أيام.
باسيلي أكا مدافع الأفيال سجل الأولى بنجاح وظلت الأمور تسير متعادلة حتى قرر أساري أن يُهدر ركلة الترجيح الرابعة لغانا على يمين جواميني، تياهي كان عليه تسجيل الركلة الخامسة للأفيال بنجاح لقيادة بلاده للمجد لكنها ارتطمت بالقائم الأيسر ليعود للأجواء سريعا بنتيجة 4-4 ومن ثَم ركلة لكل فريق، سدد الجميع وصولا للحارس جواميني سدد كرته بنجاح لتصبح النتيجة 10-10.
أكا عاد مجددا ليبدأ من جديد فسجل كرته بنجاح بعدما خلعت قلوب المشجعين ومرت من تحت يد أنساه بصعوبة تجاه الشباك، جواميني أبى أن يكون لاعب آخر غيره نجما للبطولة ليتصدى لركلة الجزاء الأخيرة لأنطواي بافوي، وينهى أطول سلسلة ركلات ترجيح في مباراة نهائية قارية، ويمنح بلاده اللقب القاري الأول ومقعدا في كأس العالم للقارات 1993، ويصبح أول حارس يحافظ على نظافة شباكه في كامل المباريات بالبطولة الإفريقية وحارس البطولة الأفضل.
نقطة الضعف الوحيدة
كوت ديفوار بعد ذلك فشلت في نسختي 1994 بنصف النهائي أمام نيجيريا ثم ربع نهائي 1998 أمام مصر في التفوق بركلات الترجيح وأصبحت بمثابة لعنة، قبل أن يأتي جيل جديد بقيادة مهاجم تشيلسي الإنجليزي ديديه دروجبا ومن خلفه العديدين، لكن الحلقة الأضعف كانت بتواجد حارس الترجي التونسي جان جاك تيزي في أمم إفريقيا 2006.
دروجبا قاد بلاده للتأهل لكأس العالم 2006 وأصبح منتخبا مرشحا للفوز باللقب القاري في البطولة التي أقيمت بمصر، منتخب كان سيتوج باللقب لو تواجد جواميني معاهم حينها لكن تيزي كان له رأي آخر، بدور المجموعات فوزين على المغرب وليبيا وخسارة من مصر بنتيجة 3-1، ليحل الأفيال في وصافة الترتيب ويضربون موعدا مع الكاميرون.
على أرضية ملعب الكلية الحربية انتهى الوقت الأصلي بالتعادل السلبي بين رفاق دروجبا ومنافسه الدائم صامويل إيتو، ليلجأ الفريقان لأشواط إضافية، القصير المكير باكاري كونيه الذي تدّرب تحت يد أكا في 2002 قبل الرحيل لقطر في فريق أسيك ميموزا سجل هدف التقدم في الدقيقة 92، لكن ميونج زي سجل هدف التعادل للكاميرون مباشرة بعد 3 دقائق.
ضربات الترجيح للمرة الثانية تجمع المنتخبان بعد 14 عاما، إيتو يفتتح ليرد دروجبا عليه ويظل الأمر سجالا، وظهرت قلة الثقة في تيزي بلقطة تسديده لكرته، حتى الركلة التي عاد فيها إيتو للتسجيل مجددا بعدما وصلت النتيجة إلى 11-11.
لكن كرته جاءت أعلى العارضة، ليتنفس دروجبا الصعداء بعدما وضع كرته على يسار الحارس منهيا الماراثون الشاق بتأهل للمربع الذهبي، وتفوق مرة أخرى على حساب نيجيريا بهدف من توقيعه، وصولا للنهائي.
القائم الأيمن وقف بجانب تيزي في الوقت الإضافي من المباراة النهائية عندما تصدى عوضا عنه لركلة جزاء أحمد حسن التي حصل عليها محمد بركات، ليلجأ المنتخبين المصري والإيفواري لركلات الترجيح.
تلك المرة أعطت الكرة ظهرها للأفيال بعدما تعملق الحضري وتصدى لركلتي دورجبا وكونيه، في مقابل كرة عبد الحليم علي التي لم يلمسها تيزي من الأساس لكن محمد أبو تريكة سجل الركلة الأخيرة بنجاح معلنا سقوط كوت ديفوار واللقب الخامس للفراعنة.
الصيام يقود باري للمجد
بوبكر باري حارس كوت ديفوار الذي قضى 10 مواسم في الدوري البلجيكي، تواجد في 7 نسخ بالبطولة الإفريقية بداية من 2002 وحتى 2015، وخلال سنوات احترافه كان يصوم قبل كل مباراة.
ويعلل ذلك قائلا: "أنه أمر في غاية الأهمية بالنسبة إليّ، أقوم بالصيام قبل كل مباراة، لان ذلك يجعلني نقي وأكثر قوة، إنه قرار شخصي من اقتناع شخصي لأنني أريد الحفاظ على تركيزي طوال البطولة، نحن في حاجة إلى النعمة من السماء، فالموهبة والتحضير لا يكفيان وحدهما".
في نسخة 2013 حظى بتجربة سلبية بالخسارة من الجزائر في أنجولا 2010 وتسببه في توديع مبكر لمنتخب بلاده بربع النهائي، لكنه في 2012 استفاد وجمّع كل الخبرات اللازمة ليعيد ما أقدم عليه جواميني قبل 20 عاما، 6 مباريات خرج منها جميعها بشباك نظيفة بداية من دور المجموعات مرورا بغينيا الاستوائية وحتى مالي ثم زامبيا بقيادة الفرنسي هيرفي رينار.
وصلت ركلات الترجيح إلى 7-7 دون إهدار، كينيدي مويني تصدى لكرة كولو توريه الثامنة، الفرصة أقرب لزامبيا لكن رينفورد كالابا أهدرها برعونة كبيرة معيدا الآمال مجددا للأفيال، لكن جيرفينيو قرر الرد على كالابا بطريقة أسوأ وأهدر ركلته ولأن "المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين"، سجل سونزو الركلة التاسعة ليطلق الرصاصة النحاسية في جسد الأفيال، معلنا عن لقب أول لزامبيا.
فرصة من جديد
للمرة الثالثة كوت ديفوار تلاقي الكاميرون وتنجح في الوصول للنهائي، تلك المرة في دور المجموعات وتحقق فوزا بهدف ماكس جاردال، ثم لقاء الجزائر في ربع النهائي وفوز بثلاثية مقابل هدف، تُعيد للأذهان سيناريو نسخة 1992 بشكل معكوس، فوز سهل على الكونغو الديموقراطية بالمربع الذهبي ولقاء غانا في النهائي، الكل يتذكر نسخة 1992 وباري يواصل صيامه قبل المباريات وتلك المرة هيرفي رينار على رأس العارضة الفنية لكوت ديفوار.
مباراة سلبية طيلة 120 دقيقة وجيرفينو الذي أهدر ركلة الترجيح في 2012 يخرج في الوقت البديل ويعوضه تالو، على أمل أن تُحل اللعنة خوفا من إخفاق جديد، غانا تتقدم مرتين دون أن يسجل لاعبو كوت ديفوار حتى تالو البديل أهدر وسط نظرات على جيرفينيو وهو على مقاعد البدلاء.
باري ارتدى قفاز الإجادة وأعاد الأمل بتصدي لركلة وأخرى أتشمبونج أهدرها بنفسه لتعود الأمور لنصابها وتصبح النتيجة 3-3 بعد 5 ركلات لكل منتخب، الأمور تسير بنجاح وسط حذر لكل منتخب، لتأتي اللحظة التي يتوقع فيها الجميع دائما السقوط عندما يسدد حراس المرمى.
باري تصدى لركلة رزاق بريما حارس غانا، وجاء وقت تسديد ركلته وعينه على مجد ينهي صيام منتخب بلاده الذي دام لـ23 عاما، الكل ينتظر وباري يتخذ خطواته ببطء ويسدد على يسار زراق مثلما فعل معه الغاني لكنها تسكن الشباك وتقود الأفيال للقب الثاني.
باري قاد بلاده للقب لينهي ما بدأه جواميني قبل كذلك، مؤكدا أن "كعب كوت ديفوار أعلى من غانا والكاميرون" وينهي المأساة التي عانت منها بلاده مرتين أمام مصر وزامبيا.
اقرأ أيضا:
أبو ريدة: لم نصل لاتفاق مُحدد ولا نية لإلغاء الدوري.. قررنا تأجيل إعلان القرارات النهائية
بالفيديو – البرتغال بطلة أولى لدوري الأمم الأوروبية.. وعقدة النهائيات تتواصل مع هولندا
استعدادات أمم إفريقيا – ساسي ينضم للتدريبات الجماعية مع تونس.. "قد يلعب أمام كرواتيا"
مايكروفون إفريقيا – تعليق فرنسي بلكنة عربية.. "وخدعة الراديو الفاشلة"