كتب : إسلام أحمد
دائما تُظهر السينما العالمية الدول العربية في شكل ينحصر حول الجِمال والصحراء والحياة القبلية، وإذا انتقلنا إلى القارة السمراء فأن الوضع سيكون أسوأ في صورة طفل صغير يرفع سلاحا عاليا يدخل معارك وحروب أهلية من أجل قضية لا يعرفها من الأساس.
لكن كأس العالم 2010 جاء ليُغير كل شيء وينهي الصورة السوداء التي يعرفها أغلب العالم من خلال الأفلام عن القارة السمراء عن طريق جنوب إفريقيا والتي تعد ضمن أبرز دول العالم في معدلات الجريمة.
جنوب إفريقيا خسرت بفارق صوت وحيد صراع تنظيم كأس العالم 2006 ضد ألمانيا، لكنها تفوقت على مصر صاحبة الصفر الشهير وكذلك المغرب في صراع استضافة أول كأس عالم في إفريقيا عام 2010 لتُظهر الوجه الحقيقي لإفريقيا.
بطولة صاحبها العديد من التساؤلات حينها حول كيفية إسناد البطولة لبلد تعد الأولى حول العالم في مستوى الجريمة وعمليات السطو والقتل التي يصل فيها إلى 50 حالة يوميا والاعتداءات الجنسية.
قوى كرة القدم الناعمة كانت سببا رئيسيا في انخفاض معدلات الجريمة والسرقة خلال بطولتي كأس العالم 2010 وأمم إفريقيا 2013 التي استضافتها بلاد "الأولاد".
على عكس المتوقع أن مع ازدياد السُياح سترتفع معدلات الجريمة لكن كأس العالم وفقا لجريدة "جارديان" الإنجليزية في 2010 ساهم في انخفاض المعدلات بشكل كبير بنسبة 70% في جوهانسبرج وإدانه 100 شخص فقط بجرائم متعلقة بالبطولة التي استمرت لشهر كامل.
جنوب إفريقيا حاولت استغلال الاهتمام الشرطي وتعزيز قوتها بسبب استضافة المحفل العالمي ثم كأس الأمم الإفريقية فقلت نسبة القتل اليومي لتصل إلى ثاني أقل معدل لها في 2010 و2013 وهو 44 شخصا في اليوم مقارنة بالأعوام السابقة ليتراجع تصفينها في تلك الأعوام مع الدول الأكثر عنفا في العالم.
إذا حسّنت كرة القدم الأمور في جنوب إفريقيا على المستوى المعيشي والأمني فإن الأمر يتكرر دائما مع كل بطولة يشارك فيها "بافانا بافانا"، أي الأولاد باللغة العربية، حتى لو لم تستضف البطولة.
اقرأ عن رحلاتنا السابقة في إفريقيا من هنا
تأهل سهل يؤرقه التعادل
5 منتخبات فقط في تصفيات كأس الأمم الإفريقية 2019 لم تسقط في فخ الخسارة منها جنوب إفريقيا التي حصدت 12 نقطة من خلال 3 انتصارات و3 تعادلات خلف نيجيريا بفارق نقطة وحيدة وبالتفوق على ليبيا وسيشل.
فوز خارج القواعد على النسور الخضر افتتح به الأولاد المشوار، مقابل تعادل سلبي أمام ليبيا واكتساح سيشل بسداسية دون رد، كانت نتيجة الجزء الأول من التصفيات.
تعادل أمام سيشل ثم نيجيريا عقّد الأمور قليلا قبل مواجهة حاسمة على ملعب طيب مهيري في تونس أمام ليبيا، إذ يكفي التعادل جنوب إفريقيا التأهل لكنها حققت الفوز أمام رفاق أحمد بن علي لتخطف بطاقة التأهل للمرة العاشرة في تاريخها منذ 1996.
تاريخ حافل متراجع
ما من أفضل من بداية تساوي تتويج قاري، هذا ما حدث لجنوب إفريقيا التي استهلت مشاركتها في كأس الأمم الإفريقية باستضافة نسخة 1996 بدلا من كينيا التي فشلت في استكمال التجهيزات، لتتوج باللقب من المشاركة الأولى.
في النسخة التالية سقطت أمام مصر في النهائي بفضل ثنائية أحمد حسن وطارق مصطفى، في 2000 عادت لتحقق المركز الثالث.
تراجع جنوب إفريقيا المثير تواصل بخروج من ربع النهائي في 2002 ثم الاكتفاء بفوز وحيد في نسخة 2004 وخروج من دور المجموعات، تبعها مشاركتان هزيلتان بدون انتصار في 2006 ثم 2008 وغياب عن نسختي 2010 و2012.
عودة جنوب إفريقيا للمشهد الإفريقي كانت من خلال استضافة المسابقة للمرة الثانية وتلك المرة بسبب الثورة الليبية وفشل استضافة البطولة بسبب الأوضاع الأمنية، لتودع تلك المرة من ربع النهائي.
وداع جديد من دور المجموعات في نسخة 2015 وغياب عن البطولة الأخيرة في الجابون، وعودة على الأراضي المصرية من جديد رغم المنافسة على استضافة البطولة بدلا من الكاميرون.
مدرب "أوروبي" واجه السرطان
"إذا ذُكرت للعمل في أسكتلندا فأنهم يطلقون عليّ اسما أسكتلنديا. إذا ذُكرت لي وظيفة في إنجلترا فإنهم يطلقون عليّ اسم رجلا إنجليزيا، أنا أدعو نفسي برجل أوروبي".
ستيوارت باكستر مدرب جنوب إفريقيا هو ابن بيل باكستر لاعب اسكتلندي لولفرهامبتون وأستون فيلا ونشأ في إنجلترا، ليتم وصفه أحيانا برجل إنجليزي أو أسكتلندي ليُدلي بهذا التصريح الذي يكشف فيه هويته.
باكستر لديه العديد من التجارب في آسيا والدول الإسكندنافية، وتلك الرحلة الثانية له مع منتخب جنوب إفريقيا، بعدما سبق له قيادة الأولاد في تصفيات كأس العالم 2006 وحل ثالثا خلف غانا والكونغو الديموقراطية، وتأهل إلى ربع نهائي الكأس الذهبية "كأس أمريكا الشمالية" مودعا بالخسارة من بنما بنتيجة 5-3.
ليعود بعد غياب دام 7 سنوات إلى جنوب إفريقيا لقيادة كايزر تشيفز الجنوب إفريقي للفوز بأربع ألقاب محلية ثم قيادة سوبر سبورت للفوز بلقبي كأس الدوري.
وأصبح ثاني مدير فني أجنبي يقود المنتخب مرتين بعد البرازيلي كارلوس ألبرتو بيريرا، عقب عودته ليحقق الفوز في 6 مباريات فقط من أصل 16 في الولاية الثانية منذ بداية مرحلة التصفيات.
باكستر كشف منذ فترة أن طبيبه أبلغه قبل مواجهة ليبيا الحاسمة في الجولة الأخيرة من التصفيات بوجود شكوك حول إصابته بالسرطان لكنه فضّل عدم إجراء اختبارات حتى إقامة اللقاء من أجل عدم تشتيت تركيزه في المهمة الحاسمة وكذلك لاعبيه.
"كان من الصعب محاولة تدريب فريق عندما تعتقد أنه يمكن أن تصاب بالسرطان، عدت وخضت الاختبارات وكان الأمر على ما يرام والحمد لله"، ليكتشف أن الأمر إيجابي دون أي خطورة على صحته.
مجموعة الموت
عودة جنوب إفريقيا للمسابقة القارية لم تكن سهلة على الإطلاق، القرعة لم ترحم الأولاد ليتواجدوا في المجموعة الرابعة رفقة المغرب وكوت ديفوار ونامبيا.
باكستر أبدى استياءه من سوء تنظيم وعمل الاتحاد الذي نجح مؤخرا في تحديد مباراة ودية أمام غانا قبل بداية البطولة، كما يأمل في إقامة مباراة أخرى سواء في المعسكر بدبي أو عند الانتقال لمصر بمواجهة أوغندا أو أنجولا.
الأسكتلندي هاجم المسؤولين في جنوب إفريقيا بسبب سوء تنظيم المعسكر بأن البطولة قد لا تكون مثيرة للاهتمام بالنسبة لهم على حد قوله.
جميع مباريات الأولاد ستقام على ملعب السلام في القاهرة، ضربة البداية أمام الأفيال في 23 يونيو ثم نامبيا في 28 يونيو وأخيرا أسود أطلس في الأول من يوليو.
سيطرة محلية
30 اسما وضع ستيوارت باكستر ثقته بها في القائمة الأولية لجنوب إفريقيا، الاعتماد الأكبر على لاعبي ماميلودي صن دوانز المتوجين بلقب الدوري المحلي برصيد 6 لاعبين، وتواجد 7 محترفين بالإضافة إلى 2 في قائمة الانتظار من أجل الحصول على جواز السفر.
ثولاني سوريرو لاعب أياكس السابق وفيتسيه آرنهم الحالي يعد من أبرز الأسماء المتواجدة في خط وسط الأولاد وأكثر اللاعبين خبرة في متوسط الميدان (طالع قائمة البافانا بافانا).
السيطرة المحلية تكشف مدى قوة المنافسة في جنوب إفريقيا في السنوات الأخيرة وقدرة أنديتها على العودة من جديد لواجهة الكرة الإفريقية.
اقرأ أيضا:
النيابة الفرنسية تفرج عن أحمد أحمد دون توجيه اتهام
برشلونة يفكر في التعاقد مع بوفون
قوائم أمم إفريقيا - تونس تضم 9 لاعبين محليين لقائمتها الأولية
هل يغيب عن أمم إفريقيا؟ مدرب غينيا غاضب من قرار ليفربول بشأن نابي كيتا
رسميا – تشيلسي يستأنف ضد عقوبة المنع من التعاقدات في المحكمة الرياضية