كتب : إسلام مجدي
"كرة القدم لا تعني الالتزام بمركز واحد، يجب أن يشارك اللاعب معي في اللعب أكثر". كريستيان جروس.
اللاعبون المحترفون يفضلون عادة أن يلعبوا في أكثر من مركز، يزيد ذلك من فرص مشاركتهم في المباريات، يطور قدراتهم ويمنحهم ملاذا أشبه بفرصة ثانية إذا لم يكن الأداء مقنعا في مركزه الأساسي، الأمر أشبه بفرصة ثانية من القدر لإثبات الموهبة.
"عبد الله جمعة لاعب موهوب ويمتلك إمكانيات جيدة، لكنني أخبرته أنه يجب أن يفكر أكثر في الجماعية، وكونه جزء من الفريق".
خلال موسم 2013-2014 حصل عبد الله جمعة على فرصة احتراف في ألمانيا، وانضم معارا إلى نادي يونيون بيرلين قادما من إنبي، الكثير من التوقعات والتطلعات لأن تكون مسيرة رائعة.
في ذلك الوقت كان عبد الله مهاجما وصانع ألعاب، وفي تلك الفترة اكتشف عبد الله أنه يمكنه أن يلعب في أكثر من مركز مطوعا سرعته وقدرته على التحكم في الكرة.
صحيفة " berliner-zeitung.de" الألمانية نشرت تقريرا عن عبد الله عام 2014، وقتها كان قد لعب ودية ضد فرايبورج تحت قيادة مدربه أوي نيوهاوس، وشارك في 30 دقيقة.
الانطباع الأول قيل عنه أنه قد يدوم، ربما كان سببا فيما حدث بعد ذلك، لكن حاجز اللغة ظل قائما، مع بعض الشعور بأنه يهتم أكثر بقصة شعره أو مظهره العام.
قال ماريو إيجيمان زميله في الفريق عنه :"يمكنك أن ترى فور لمسه للكرة أنه لاعب جيد للغاية".
التواصل مع عبد الله جمعة في برلين كان صعبا للغاية، صاحب الـ18 عاما كان يتحدث بضع كلمات إنجليزية وكان بحاجة لمترجم لكي يشرح له تدريبات مدربه بالعربية، وقضى أول يومين مع المدرب يشرح له التفاصيل خارج الملعب.
الصحيفة كتبت عنه :"من مشاهدتنا لجمعة، يمتلك تحكما قويا في الكرة ولديه طموح، بجانب تحركاته السريعة والقوية والذكية". كما ألقت الصحيفة الضوء على فترة المعايشة التي قضاها شقيقه صالح مع بوروسيا دورتموند.
قال مدربه :"إلى أي مدى يمكنه أن يعبر عن نفسه على الصعيد البدني؟ يجب أن ننتظر لنرى، من الصعب أن نصل لحكم تام من نصف ساعة".
حصل على تقييم "جيد" من مدربه لكن كان هناك صبرا لمحاولة معرفة كيف يمكن لعبد الله أن يعمل لكي يطوع ذلك مع موهبته.
لسوء حظه لم يلعب تقريبا أكثر من 11 مباراة في كل المسابقات وصنع هدفين قبل العودة إلى إنبي مرة أخرى.
تعثرت بداياته رغم أنه كان يحاول، حتى جاء موسم 2016-2017، وقتها انضم إلى حسام حسن في المصري بعد فترة من التواجد على مقاعد البدلاء وعدم المشاركة سوى لدقائق معدودة وصنع هدفا وحيدا ضد النصر للتعدين.
حسام حسن ضمه في سوق الانتقالات الشتوية للمصري وأشركه في البداية كصانع ألعاب، لكن فيما بعد جعله يلعب في مركز الجناح، منذ ذلك الحين وتضاعف مجهوده، لا يمل من الركض على الأطراف.
"حسام حسن كان سببا في تألقي خلال الموسم الماضي، أحترمه كثيرا".
"المصري وجماهيره لهما الفضل الأكبر في حياتي وفي وصولي لهذه المرحلة الهامة الآن".
"جعل مني حسام حسن أحد نجوم الدوري المصري".
تألق عبد الله مع المصري لفت أنظار الزمالك إليه، ليقرر الفارس الأبيض ضمه، بعد أن لعب للمصري في 20 مباراة سجل خلالها هدفين وصنع 3 ووصل مع فريقه لنهائي الكأس الذي خسره بعد ذلك من الأهلي.
وقتها كان هناك تخوفا من أن يلحق بمصير محمد مسعد ولاعبين انضموا لكن لم يستمروا سوى موسم وحيد.
"لا أخاف من هذه الأمور. أنا ذاهب للزمالك لكي أنجح وأفيد الفريق".
موسم 2017-2018 شهد تواجد 5 مدربين، البداية من أوجوستو إيناسيو، ثم طارق يحيى ثم نيبوشا يوفوفيتش ثم إيهاب جلال ثم خالد جلال.
قال عنه نيبوشا "عبد الله لاعب صغير السن ولا يمتلك خبرات كبيرة، لكنني أثق أن أدائه سيتطور مع الوقت".
لكن عبد الله شارك مع الزمالك في 20 مباراة بالدوري سجل هدفا وصنع 4، بدأ منها 17 مباراة مع الكثير والكثير من الانتقادات لمستواه.
إما التسرع أو أخذ الكثير من الوقت للتسديد أو عدم تطويع سرعته ومهاراته لخدمة الفريق، وغيرها من الانتقادات التي طالته خاصة من جماهير فريقه بجانب زميله أحمد مدبولي.
بداية موسم 2018-2019 لم تكن بأفضل حال بالنسبة لعبد الله، لعب 61 دقيقة في مباراتين، ثم 27 في مواجهة حرس الحدود، حتى أتت اللحظة الأهم في مسيرته.
حينما قرر كريستيان جروس أن يلعب بعبد الله جمعة في مركز الظهير الأيسر. كان ذلك خلال مباراة منية سمنود في الكأس، ومنذ ذلك الحين وجد المدرب السويسري ضالته، ووجد عبد الله جمعة فرصته للتألق.
"أشعر بالراحة في مركز الظهير الأيسر وكل مباراة أظهر بشكل أفضل".
بالفعل كان عبد الله يتطور أكثر وأكثر في كل مباراة، خاصة على الصعيد الدفاعي كونه كان مهاجما فأن يتحول إلى مدافع يحتاج ذلك للكثير، وكان عند حسن ظن مدربه الذي وثق به.
ولعل واحدة من أفضل مبارياته على الصعيد الدفاعي كانت ضد الأهلي في الدوري، تلك المباراة التي اختارته جماهير الفارس الأبيض رجلا لها.
خلالها، استرجع عبد الله جمعة الكرة 17 مرة، وهو ثاني أعلى رقم بين لاعبي الزمالك بعد طارق حامد الذي استخلص 18 كرة.
في المقابل، خسر ظهير الزمالك الكرة مرتين فقط بعدما استلمها في 19 مناسبة من زملائه. كان كل ذلك وحالة الملعب لا تسمح بسبب الأمطار الغزيرة.
عبد الله جمعة لعب في كأس مصر الذي حصده الزمالك خلال موسم 2017-18، لكن لم تكن مشاركة بالفاعلية التي كان يأملها وفي النهاية حصد اللقب.
لكن في الموسم التالي كان القدر قد حمل له مفاجأة مع مدربه السويسري. غير مركزه وأصبح ظهيرا أيسرا تتغنى جماهير ناديه ومحللوه بدوره، بعد سلسلة انتقادات.
عبد الله شارك في 16 مباراة ببطولة الكونفدرالية، وكان عنصرا حيويا وهاما في مشوار الفارس الأبيض بتعثراته وانتصاراته لتحقيق اللقب، حتى أنه صنع 3 أهداف.
في 1440 دقيقة امتلك دقة تمريرات تقدر بـ76%، وأرسل 49 كرة عرضية نجح في 12 منها، وحاول على مرمى الخصوم 7 مرات منها محاولتين ناجحتين.
بالإضافة إلى أنه استقبل 477 كرة من زملائه فشل مرتين فقط، وخسرها 24 مرة وفاز بها من الخصم 202 ونجح في 20 مراوغة وفشل في 16.
وكأن عبد الله جمعة وجد الحل الذي افتقد إليه حينما كان في برلين، تطويع قدراته البدنية ومهارته وفقا لما يمتلكه من إمكانيات ليخرج أخيرا بمستوى وشكل ثابت في مركز مفضل غير مشتت باللعب في 6 مراكز أخرى بيد أنه أكد أكثر من مرة على أمر وحيد:
"أنا تحت أمر مدربي في أي مركز".
ربما اكتشفه حسام حسن ومنحه فرصة لم يحصل عليها كما يجب في إنبي، لكن لجروس عظيم الأثر في تطوير تلك الموهبة والاكتشاف، وأصبح هناك ظهير أيسر عدم وجود اسمه في قائمة منتخب مصر أصبح يعني الاستغراب الكبير خاصة مع المستوى الرائع الذي يقدمه.
حول جمعة كلمات الانتقاد إلى إشادة بشكل رائع، وبمجهود وفير وقتال لم يتوقف عنه طيلة الوقت، سواء في نهائي الكونفدرالية أو مباريات الدوري، دائما يحاول إثبات نفسه.
ويمكننا جميعا تذكر ذلك المشهد بعد ضمان الزمالك لتأهله إلى نهائي الكونفدرالية، اتجه كريستيان جروس للاحتفال مع لاعبه عبد الله جمعة، وقبل رأسه، ثم هنأه على مستواه.
قال علاء نبيل لاعب المقاولون العرب السابق :"من المميزات التي أحدثها كريستيان جروس مدرب الزمالك هي تحويل عبد الله من الجناح إلى ظهير أيسر ولعب بشكل جيد جدا".
محمد صلاح مدرب الزمالك السابق قال عنه :"أتمنى أن أراه وأصافحه تقديرا لما يقدمه مع الفريق، لو فزنا بأي بطولة سيكون عبد الله جمعة بعد الله هو السبب، إنه متفاهم بشكل رائع مع كهربا".
حسن شحاتة مدرب منتخب مصر والزمالك السابق قال عنه : "عبد الله جمعة بالنسبة لي هو أفضل لاعب فى مركزه".
الإيمان بالفرصة والتشبث بها، والقتال من أجل إثبات الذات، الشخصية القوية التي تحاول طيلة المباراة من أجل الفريق، كل ذلك أثبته عبد الله جمعة في مشاركته هذا الموسم كظهير أيسر.
اقرأ أيضا
مانيفستو طارق حامد.. القتال من أجل ملايين الجماهير وحب الزمالك
أجانب منسيون – حوار في الجول.. غدار: يبدو أن صداقتي بـ محمد شوقي سبب رحيلي عن الأهلي
قوائم أمم إفريقيا – زياش وبوطيب وحمد الله يقودون اختيارات المغرب النارية.. وغياب أزارو
مصدر مقرب من جروس لـ في الجول: المدرب ملتزم حتى نهاية عقده مع الزمالك
رئيس الزمالك: جروس قصته انتهت الآن.. أعطيت تعليماتي للاعبين بين شوطي النهائي