كتب : إسلام مجدي
"بدأت في اتخاذ العديد من القرارات الخاطئة، بدءا من الصداقات السيئة مرورا بالاكتئاب والإدمان". ماريو جاردل.
موهبة فذة، يمكنه التسجيل من أي مكان بالقرب من منطقة الجزاء، هذا يتضمن تمريرة طولية من وسط الملعب وبدلا من تسلمها تجده يسددها بقوة في الشباك بطريقة شبه مستحيلة لكن لم تكن كذلك بالنسبة لماريو جاردل مهاجم بورتو الرائع.
لنشاهد الهدف أولا..
شاهد جميع حلقات حكايات في رمضان من هنا
قبل أن يكون لقب "سوبر ماريو" مرتبطا بماريو بالوتيللي، كان هناك سوبر ماريو آخر، هو ماريو جاردل المهاجم البرازيلي لنادي بورتو، الذي سجل ما يقرب من ٥٤ هدفا في موسم ١٩٩٩-٢٠٠٠ مع بورتو، لكنه تحول فيما بعد إلى شبح لما كانت عليه شخصيته وأهدافه وقدراته.
محبو كرة القدم عادة ينبهرون كثيرا بالمعدل التهديفي الضخم، المهاجم أو اللاعب الذي يسجل أكبر عدد ممكن من الأهداف في أقل عدد متاح من المباريات يجعله أسطوريا بشكل أو بآخر لدى المتابعين.
لا يهم الكيفية لكن الوصول، ومع جاردل كان الأمر مختلفا، كان يسجلها بطريقة أكثر من جميلة، كان يهتم بالكم والكيف معا.
جاردل بدأ مسيرته مع كرة القدم باللعب لفريق فاسكو دي جاما عام ١٩٩١، بعدما لعب لعدد من سنوات بداياته لفريق أتليتكو فيروفيارو حتى بلغ الـ١٨ عاما، وقتها وجد كشافو فاسكو أنه لابد من ضمه لأنهم بصدد التوقيع مع نجم كبير.
في هذه السن الصغيرة لم يكن متوقعا أن يشارك كثيرا، وكان ذلك في البداية حتى أصبح من أعمدة الفريق الأساسية شيئا فشيء، ومثل الفريق في أكثر من ٥٠ مباراة في غضون ٥ أعوام وسجل ٢٦ هدفا، بمعدل هدف كل مباراتين.
في آخر موسمين مع فاسكو كان جاردل قد أظهر تطورا ونضجا ممتازين كونه أصبح لاعبا لا يهتم بالتسجيل أكثر من اهتمامه بتسجيل زملائه، ليقرر أنطونيو لوبيز مدربه في ذلك الوقت أن يوجهه نحو استخدام غريزته التهديفية أكثر، أن يسجل أكثر.
مع منتخب البرازيل تحت ٢١ عاما في ١٩٩٣ ضمن بطولة كأس العالم لم يكن من العناصر الأساسية، صاحب الـ١٩ عاما لم يظهر تقريبا مثلما ظهر بكثرة في احتفالات الفوز باللقب أمام غانا بنتيجة ٢-١.
لعب في البرازيل ٧٥ مباراة بكل المسابقات سواء لأتليتكو أو فاسكو، سجل خلالها ٣٦ هدفا، كان ذلك أداء كافيا ليلفت أنظار لويس فيليبي سكولاري مدرب جريميو الذي قرر ضمه على سبيل الإعارة.
كان جريميو قد تأهل إلى كوبا ليبرتادوريس بعد الفوز بكأس البرازيل عام ١٩٩٤، وخلال ذلك الموسم كانت بداية الانفجار الحقيقي لموهبة جاردل.
خلال ذلك العام فاز جريميو بلقب كوبا ليبرتادوريس الثاني له وبنى سكولاري فريقه حول الفتى صاحب الـ٢١ عاما الذي سجل ١٢ هدفا أكثر من أي لاعب آخر في البطولة، من ضمنها ٤ أهداف ضد بالميراس في ربع النهائي، هاتريك في الذهاب في انتصار جريميو بنتيجة ٥-٠ وهدف في الإياب في خسارة فريقه بنتيجة ٥-١.
"لم أمتلك ما يكفي من أموال في ذلك الوقت للحصول على خدمات جاردل بشكل نهائي، كنا نرغب بشدة في استمراره معنا، أنشأنا حملة (ابق معنا يا جاردل) استمرت لـ١٠ أيام لكي نجمع أموال الصفقة الدائمة، لكننا جمعنا ١٠٪ فقط مما يكفي لضمه" لويس فيليبي سكولاري.
مشاركته الأولى ضد فريق أوروبي كانت ضد أياكس في كأس الانتركونتيننتال ١٩٩٥ ولم تكن جيدة تماما، أهدر اللاعب عددا لا بأس به من الفرص ثم خرج في الدقيقة ٧٨، كان مايزال في بدايات تفهمه لطبيعة الكرة الأوروبية.
قالت تقارير صحفية في ذلك الوقت إنه على وشك الانضمام إلى فريق رينجرز الأسكتلندي، وقيل إن اللاعب وافق على الانتقال في صفقة تقدر بـ٤.٥ مليون دولار، لكن فشله في الحصول على تصريح العمل جعل الصفقة تفشل.
بعد ذلك بـ٦ أشهر جاء نادي بورتو، بعد محاولات من بنفيكا لضمه، ليكون المهاجم الأساسي للتنانين.
لم يهدر جاردل وقتا في إثبات قدراته مع الفريق البرتغالي، وشكل ثنائيا متميزا للغاية مع ليوبينكو درولوفيتش، وأصبحت العرضية بالقدم اليسرى ورأس جاردل هما العلامة المميزة لتلك الشراكة.
خلال موسمه الأول سجل جاردل ٣٠ هدفا في الدوري، على بعد ١٠ أهداف من منافسه الأقرب، جيمي فلويد هاسيلباينك مهاجم بوافيشتا في ذلك الوقت.
أتى مجددا رينجرز آملا في إتمام الصفقة التي فشلت لأسباب بعيدة كل البعد عن كرة القدم، والتر سميث مدرب رينجرز اتجه إلى أولد ترافورد لمشاهدة جاردل في ذهاب ربع نهائي دوري الأبطال ضد مانشستر يونايتد، وجاردل كان يرغب بشدة في إثبات قدراته.
"سألعب خصيصا من أجل والتر ورينجرز، بورتو فريق شاب رائع، لكنهم لا يمتلكون لاعبين كبار مثل بريان لاودروب أو بول جاسكوين، حلم اللعب لرينجرز عاش بي خلال الأعوام الماضية خصوصا آخر عام ونصف".
"لم أفوت مباراة واحدة للفريق عبر التلفاز، ولا شيء سيجعلني أسعد من اللعب وتسجيل الأهداف لرينجرز ووالتر سميث".
لكن على أرض الواقع؟ مانشستر يونايتد فاز بنتيجة ٤-٠ وتم تنبيه جاردل بشكل هادئ ألا يناقش أو يتناقش أبدا حول الأندية الأخرى خاصة وهو يلعب لنادي بورتو، ليستمر مع الفريق البرتغالي.
خلال مواسمه الثلاثة الأولى سجل جاردل ١١٤ هدفا في ١٢١ مباراة، ولعل أبرز لمحاته في موسم ١٩٩٦-١٩٩٧ كان حينما سجل ٧ أهداف في شط وحيد في الجولة الخامسة من كأس البرتغال ضد جيوفنتود دي إيفورا، بعد أن شارك في الشوط الثاني.
منها هذا الهدف:
كل ذلك في موسمه الأول بجالاتاسراي كان كثيرا للغاية عليه لتحمله، لم يكن كبيرا في السن، بل كان في الـ٢٧ من عمره، وفي ذلك الوقت كان رونالدو يعاني من إصابة في ركبته والتقارير ترشح جاردل للمنتخب، لكن فرصته في تمثيل المنتخب كانت منوطة به، ولم يكن في أفضل حالاته.
استدعى لويس فيليبي سكولاري مهاجمه إلى بطولة كوبا أمريكا ٢٠٠١، بدأ أول مباراة في الخسارة ضد المكسيك بنتيجة ١-٠، ثم خرج من التشكيل في المباراتين التاليتين، ثم عادل في ربع النهائي، وأخرجت هندوراس البرازيل من البطولة.
في العام التالي قرر سكولاري ضم لاعبيه الذي يثق بهم كثيرا، وبالطبع جاردل لم يكن منهم، ولم يمثل منتخب البرازيل مجددا.
حاول موناكو ومارسيليا ضمه لكن ذلك لم يحدث، بنفيكا كذلك وبورتو، تمسك به جالاتاسراي.
سبورتنج لشبونة كان الفريق الوحيد الذي يحاول ضمه، وعرض ١٠ ملايين جنيه إسترليني بجانب ٣ لاعبين لضمه.
عاد جاردل لأرقامه الكبيرة ليسجل ٤٢ هدفا في ٣٠ مباراة وفاز بالحذاء الذهبي مرة أخرى، وجاء الصيف ومعه تقارير الانتقالات، إلا أن صيف ٢٠٠٢ كان نهاية القصة بالنسبة للمهاجم البرازيلي.
عدم انضمامه لقائمة كأس العالم، رحيل زوجته، حالته النفسية السيئة من عدم اهتمام الأندية الإنجليزية والإيطالية والإسبانية بضمه، وغيرها من التفاصيل ثم حلمه بالانضمام تحديدا إلى برشلونة كل شيء بجانب طموحه قد وصل للنهاية.
حاول لوتشيسكو ضمه إليه في بشكتاش، وحاول هو الانضمام إلى رينجرز، لكن لم يحدث أي شيء.
كان اللاعب قد زاد وزنه وفقد رغبته في اللعب للشبونة مجددا، وبدا وكأنه ليس في حالة تسمح للعب كرة القدم.
سمح له سبورتنج بأن يستمر بعض الوقت في البرازيل نظرا لأن حالته النفسية لا تسمح بان يلعب كرة القدم، بشرط أن يتسلم النادي شهادة طبية كل شهر من اللاعب، لكن النادي فقد صبره على اللاعب حينما توقفت تلك الشهادات فجأة وقرر إيقاف راتبه، ليطلب اللاعب فسخ تعاقده مع النادي.
اتجه المهاجم لإدمان الكوكايين، وقضى مدة طويلة بعيدا عن الملاعب للإصابة التي لحقت به وهو يقفز في حمام سباحة في العطلة الشتوية لموسم ٢٠٠٢-٢٠٠٣.
"بدأ الأمر بصداقات سيئة للغاية".
"كان هناك الطلاق، والاكتئاب والمخدرات، هذا الأمر يحدث كثيرا في كرة القدم، لكنني لا يمكنني الحديث عنه".
في صيف ٢٠٠٣ ضمه سام ألاردايس إلى فريق بولتون، لكنه كان بعيد كل البعد عن مستواه المعهود، بولتون في ذلك الوقت كان وجهة لمعظم النجوم الذين يحاولون استعادة بريقهم مثل إيفان كامبو وجاي جاي أوكوتشا ويوري جوركاييف.
جاردل لم يكن لديه أي لياقة بدنية أو جاهزية تسمح له باللعب، وسجل ٣ أهداف فقط مع بولتون، ٢ منهم ضد والسال وهدف ضد ليفربول في كأس الرابطة.
في صيف ٢٠٠٣ رحل إلى نيولز أولد بويز، لم يعد هو نفس اللاعب الذي كان عليه، لعب لعدة أندية لم تكن معروفة مطلقا بعد ذلك، مجرد ظل للاعب كان من المفترض أن يصبح أسطورة.
"لا أستحق أن أكون مثلا أعلى لأي طفل".
"أقول لكل من يسمعني، لا تفعلوا ما فعلته، أتحدث اليوم لأفتح قلبي وأعترف بأخطائي".
لا شك أن جاردل كان مهاجما موهوبا فذا، ربما كان يتسارع في حلمه لم يعلم ما ينقصه لم يضف إلى ما يمتلكه، لم يستمع إلى الانتقادات، وبعض المحطات التي لعب لها لم تكن صادقة كفاية معه نظرا لأنها كانت سعيدة بما يسجله وتخطت تطويره على الصعيد الشخصي، بجانب الأزمات التي لم يتحملها على الصعيد النفسي، كل ذلك جعله شبحا لما كان عليه في الماضي.
"لم أتعاط الكوكايين حينما كنت ألعب، فقط في الإجازات، كان هناك لاعبون قابلتهم في ذلك الوقت وكانوا يعانون مثلي".
"كان أكبر أحلامي أن ألعب لفريق كبير لكنه لم يحدث".
"ساء الأمر كثيرا مع كثرة المشاكل".
**المصادر: (مجلة فور فور تو – مجلة These football times – مجموعة لاعبو التسعينيات – صحيفة جارديان – صحيفة تايمز)
اقرأ أيضا:
قائمة الزمالك - عودة بوطيب وتواجد عنتر وجنش وأحداد أمام نهضة بركان
مصدر من اتحاد الكرة يكشف لـ في الجول الحل الأقرب لأزمة مؤجلات الدوري
خبر في الجول – اقتراحان في اجتماع "لجنة حل أزمة الدوري".. وطلب للمنتخب
شوبير: نحدد موعد نهاية الدوري قريبا.. وكأس مصر لن تلغى
ميسي: محبطون.. الخسارة أمام ليفربول أقسى من نهائي المونديال