هل يستطيع أحدكم وضع معيار ثابت اختار به خافيير أجيري وجهازه قائمته الأولية لكأس الأمم الإفريقية؟ لا أظن ذلك.
منذ تولي أجيري للمسؤولية، كانت الرسالة الموجهة من جهازه دائما هي "تقليل معدل الأعمار"، وفي هذا لهم حق لأن معدل أعمار المنتخب في كأس العالم قارب الـ29 عاما.
فكان هذا المعيار مفهوما بالنسبة للمتابعين لعدم ضم أمثال وليد سليمان أثناء تألقه الخارق في فترة باتريس كارتيرون، أو عبد الله السعيد وأحمد فتحي مثلا.
"نحن نبني للمستقبل"، كان عذرا لتضييع الوقت مع لاعبين مثل إسلام جابر وعبد الرحمن مجدي – مع كامل التقدير والاحترام لهما – بينما يعلم الجميع أنهم في النهاية لن يكونوا ضمن قوام منتخب مصر الأساسي في كأس أمم إفريقيا.
ولكن المعيار كان مقبولا، فكان يتم قبول الاختيارات – على مضض ربما – لكنها كانت تقبل في النهاية.
ربما ما أغضبني كثيرا هو اختلال المعيار الوحيد الذي وضعه أجيري وجهازه – رغم عدم اتفاقي معه – إلا أنه كان تفسيرا واضحا لاختياراته السابقة.
أتفهم أن تغيير مكان إقامة البطولة أثر كثيرا على قرارات المكسيكي وجهازه، ولكن هذا لا يعني اختفاء تلك المعايير التي وضعها أجيري وجهازه للاختيارات في ظروف غامضة!
هنا أقترح أن ألعب معكم لعبة أعزائي القراء.. سأضع أدنى هذه الفقرة أسماء اللاعبين الذين انضموا للمنتخب في ظروف جدلية، وآخرين خرجوا منها، ونحاول استخراج المعيار الذي اعتمد عليه أجيري وجهازه. في النهاية، سنجد أن نفس تلك المعايير تم استخدامها، والإخلال بها، لضم أو استبعاد آخرين.
أحمد فتوح
ظهير سموحة المعار من الزمالك شارك 14 مرة مع الفريقين هذا الموسم وصنع هدفين.
فتوح رحل من الزمالك معارا لأنه لم يكن سيحصل على فرصة في ظل وجود بهاء مجدي، فذهب إلى سموحة ولم يشارك أساسيا بشكل مستمر.
في تلك الأثناء، قرر كريستيان جروس التعويل على عبد الله جمعة بدلا من بهاء مجدي المصاب، ثم تمسك الجناح السابق بالمركز وتألق فيه بشدة.
مساعد أجيري تيتو جارسيا قال في تصريحات لبرنامج "الماتش": "أؤكد إننا لم نتابعه في سموحة فقط بل حينما كان في الزمالك في بداية الموسم، في لقاء نيجيريا الودي تسبب أبو الفتوح في استقبالنا لهدف مبكر من خطأ شخصي منه وأي لاعب شاب في سنه كان ليسقط عقب ذلك لكنه قدم مباراة رائعة للغاية بعدها وهذه شخصية نحتاجها في المنتخب هذا بالإضافة لأنه يستطيع تقديم أدوار رائعة معنا أكثر ممن لم يتم اختياره".
ما فهمته من تصريحات جارسيا هي أن فتوح فنيا أفضل من عبد الله جمعة، ويملك شخصية قوية تمكنه من منافسة أيمن أشرف – الذي قضى العامين الأخيرين في مركز قلب الدفاع – على شغل الجهة اليسرى من دفاع المنتخب.
معيار أجيري وجهازه هنا كان البناء للمستقبل، وقوة شخصية أبو الفتوح.
فتوح يبلغ من العمر 21 عاما، عبد الله جمعة لديه 23 عاما!
أما فنيا، لا يحتاج أي متابع لشرح أن قيمة التنافسية في الزمالك إفريقيا ومحليا، والضغط الموضوع على لاعبي الأبيض الأساسيين لا يقارن بذلك الضغط الموضوع على لاعب غير أساسي في سموحة.
شخصيا، نحن هنا نتحدث عن جناح أيمن تم تطويعه للعب كظهير أيسر. عبد الله جمعة لم يتألق محليا فقط بل أمام جماهير حاشدة في المغرب وتونس وفي مناسبات قارية، بل ويدين له جمهور الأبيض بالشكر على استمرار رحلة الزمالك الإفريقية حتى خط النهاية.
حتى بالمعيار الذي وضعه جهاز أجيري، عبد الله جمعة أحق من فتوح في الانضمام للمنتخب.
ربما ليس هناك أبلغ مما قاله شقيق اللاعب، صالح جمعة، "فين عبد الله جمعة!"
للحقيقة، اختلال المعايير لم يتوقف هنا.
محمد هاني وعمرو السولية
لا أحد يعلم ماذا قدم لاعبو الوسط المختارين للقائمة أكثر من عمرو السولية – الذي اختاره أجيري نفسه في مرتين من قبل ولكنه أصيب قبل واحدة منها.
السولية ربما هو صاحب الأداء الأثبت خلال موسم صعب في الأهلي، ويقدم حلول قد لا يقدمها علي غزال لقائمة المنتخب.
المعيار هنا فني بحت. العدل من وجهة نظر أغلب المتابعين كان ضم عمرو السولية.
ما الذي اختلف في أداء محمد هاني الذي اختاره أجيري في كل معسكر تحضيري ورسمي – سوى ابتعاده لبضع مباريات للإصابة -حتى يخرج من قائمة المنتخب لكأس الأمم؟
إذا كان الابتعاد للإصابة معيار يجعل أجيري لا يضم اللاعبين، فكيف يضم وليد سليمان الذي أعلن اعتزاله دوليا، وعاد لتوه من إصابة طويلة. لا أقول هنا إن وليد سليمان لا يستحق الانضمام للمنتخب، ولكنني أتحدث عن المعايير غير الثابتة التي اختار بها أجيري هذه القائمة.
كهربا/رمضان صبحي
القائمة فيها مشكلة كبيرة جدا، هي أنه لا يوجد أي بديل في مركز الجناح الأيسر.
لو افترضنا أن صلاح سيلعب على الرواق الأيمن وتريزيجيه على الرواق الأيسر، فبديل صلاح المباشر سيكون وليد سليمان، من يكون بديل تريزيجيه؟
الإجابة الأقرب هي عمرو وردة، ولكن ألم تكن القائمة في حاجة لأجنحة أكثر، جناح آخر على الأقل.
كهربا عاد لمستواه بعد فترة من عدم الاتزان، رمضان صبحي يقدم أداء مقبولا، ألم يستحق أحدهما وخاصة الأول الوجود في القائمة لمنح الفريق حلول هجومية أكبر؟
ماذا يقدم كهربا أكثر من المساهمة بـ21 هدفا للزمالك محليا هذا الموسم – سجل 11 وصنع 10 – للحصول على مقعد على دكة المنتخب على الأقل؟
أليس عدد الأهداف هو المعيار الذي انضم بسببه أحمد علي؟ لست ضد انضمام أحمد علي كذلك ولكن ما يسري عليه يسري على حالة وليد سليمان.
في النهاية، ليس في أيدينا وأقلامنا سوى الدعم لأجيري وجهازه في تلك المهمة الشاقة، ولكن في أغلب الأوقات ما بني على باطل...!