حسنا ليست المباراة الأولى ولن تكون الأخيرة. ليفربول نجح في تحقيق عودة تاريخية أمام برشلونة وانتصر برباعية بعدما كان مهزوما بثلاثية نظيفة في ذهاب نصف نهائي دوري الأبطال.
عودة أخرى مثيرة في كرة القدم لن تُنسى بسهولة، والأطرف أنها لليفربول الذي عاد بطريقة مجنونة هذه المرة ولكن ليس في إسطنبول عام 2005 أمام ميلان، وإنما أمام برشلونة في أنفيلد عام 2019.
إنها إحدى الليالي التي ستُكتب في تاريخ ليالي دوري أبطال أوروبا كثيرا ولن تُحمى من الذاكرة أبدا بعدما صنع ليفربول معجزة جديدة بعد 14 عاما من معجزة أسطنبول.
ومع إصابة محمد صلاح وروبرتو فيرمينو ونابي كيتا بدا الأمر مستحيلا على كتيبة المدرب يورجن كلوب.
ولكن صنع ليفربول معجزة جديدة وكتب تاريخا ذهبيا وأسقط ميسي ورفاقه برباعية دون رد.
ليفربول تأهل لنهائي دوري أبطال أوروبا للعام الثاني على التوالي وينتظر ملاقاة الفائز من توتنام وأياكس أمستردام.
أما برشلونة فقد ودع دوري الأبطال للعام الثاني على التوالي بعودة تاريخية بعدما تقدم على روما الموسم الماضي في ربع النهائي بأربعة أهداف لهدف ولكنه خسر في الإياب بثلاثية دون رد.
ريمونتادا برشلونة التاريخية أمام باريس سان جيرمان وعودة أخرى لروما على حساب الكتالونيين، عودة السويد المذهلة أمام ألمانيا بعدما كانت متأخرة برباعية نظيفة، نيوكاسل عاد بطريقة أخرى صادمة بعدما كان متأخرا أمام ارسنال برباعية نظيفة.
وريال مدريد عاد أمام دربي كاونتي في السبعينيات بعدما كان خاسرا 4-1 لينتصر 5-1 في الإياب وعاد الملكي أيضا أمام مونشنجلادباخ برباعية نظيفة بعدما سقط إيابا 4-1، أما ديبورتيفو لاكورونيا فسحق ميلان 4-0 بعدما خسر 4-1.
أنجولا خسرت تقدمها برباعية أمام مالي رغم أنها كانت تلعب بين جماهيرها، وريدينج كان متقدما برباعية قبل أن يخسر أمام أرسنال 7-5، أما مانشستر يونايتد فحقق ثلاثية تاريخية عقب قلبه الطاولة على بايرن ميونيخ في دقيقتين عام 1999.
كلها نماذج على سبيل المثال لا الحصر فالمباريات التي شهدت مثل تلك العودات كثيرة بالساحرة المستديرة، ولكن كيف تحدث مثل تلك العودات على الصعيد النفسي على الأقل؟
هذا التقرير نشره FilGoal.com في نوفمبر 2017 في أعقاب عودة إشبيلية من تأخره أمام ليفربول بثلاثية نظيفة والتعادل بثلاثة أهداف لمثلهما بالدوري الأوروبي، ويعيد نشره بعد ريمونتادا تاريخية أخرى في ذات الأذنين.
العواطف والأحاسيس تلعب دورا هاما في مثل تلك المواقف.
لاعبو إشبيلية على سبيل المثال نجحوا في العودة أمام ليفربول في الدوري الأوروبي بعدما أخبرهم مدربهم آنذاك إدواردو بيريزو بأنه مصاب بسرطان البروستاتا وحينها انقلبت الأمور رأسا على عقب(طالع التفاصيل).
ويورجن كلوب شحن لاعبي ليفربول أمام برشلونة بعدما استرجع معهم ذكرياته رفقة بوروسيا دورتموند والفوز على ريال مدريد 4-1 في نصف نهائي 2013.
الثقة الزائدة ربما هي كلمة السر فيما يحدث، عندما تخرج من أرض الملعب وأنت متقدم بثلاثية أو رباعية سريعا ما يتسرب الشعور بأنها ليلتك وأن الأمور قد انتهت، 3 أو 4 أهداف في عالم الكرة ليس بالرقم القليل.
في ليلة اسطنبول - التي دائما ما يتم استحضارها عند كل عودة تاريخية بعد ذلك التاريخ ربما لأنها جاءت في نهائي دوري أبطال أوروبا وربما لأنه في ذلك التوقيت لم يكن منتظرا من الحمر الوصول للنهائي بالأساس أو المنافسة أمام فريق مدجج بالنجوم مثل ميلان – قد نجد تفسيرا خلف مثل هذه العودات.
الثقة الكبيرة انعكست بشكل كبير في تصريحات لاعبي ومدرب ميلان قبل المباراة، قابلها حذر ورهبة من جانب لاعبي ليفربول.
وقال باولو مالديني وقتها: "لا يوجد سوى أطفالي الذين قد يجبرونني على عدم النوم قبل أي مباراة، لا يوجد سبب آخر يدفعني لذلك. ليفربول لا يعرف كيف يهاجم، نحن نملك الدفاع الأفضل في أوروبا والعالم".
أما سيلفيو بيرلسكوني مالك ورئيس النادي أنذاك "ليفربول أقل من ميلان، الفريق وصل إلى النهائي السابع تحت قيادتي، نملك أفضل اللاعبين في العالم، نحن فائزون ونريد أن ننتصر بطريقة مقنعة، هذه طريقتنا المعتادة".
المهاجم أندريه شيفتشينكو لم تختلف تصريحاته كثيرا "ليفربول لن يفوز، قلت قبل بداية الموسم أن ليفربول لن يستطيع تحقيق دوري الأبطال ومازلت مُصرا على ذلك".
في الجانب الأحمر قال المدرب رافائيل بينيتيز: "حتى هذا الأسبوع كان ميلان الفريق الأفضل في العالم، لا أعلم إن كان سيستمر ذلك حتى نهاية الأسبوع ولكني أثق في فريقي. نحتاج للبطولات والأموال".
القائد ستيفن جيرارد كانت كلماته حماسية ولكنها تدرك صعوبة المهمة "ستكون أكثر لحظاتي فخرا إن نجحت في قيادة ليفربول لهذا اللقب إنها لحظة أحلم بها منذ كنت طفلا، ما الذي يمكن أن يكون أفضل من تحقيق دوري الأبطال".
"نحتاج للجميع هذه الليلة، نحتاج 11 لاعبا وبدلاء قادرون على إعطاء كل ما لديهم والتوحد من أجل الفريق، هكذا سوف نفوز. يجب أن نتأكد أنه بعد صافرة النهاية لن نشعر بأي ندم".
أي ليلة أفضل من تلك لميلان، كل الأمور تسير في نطاقها الطبيعي وكل ما يرغب فيه اللاعبون على أرض الملعب يتحقق. هدف تلو الآخر ثم الثالث.. بالتأكيد إنها ليلتهم.
ولكن ما حدث بعد ذلك يعرفه الجميع، 6 دقائق مجنونة عاد بها الحمر للمباراة وسط ذهول الكل بما فيهم لاعبي ليفربول أنفسهم. ثم فرص مهدرة متتالية من ميلان وتصدي خرافي من جيرسي دوديك حتى أتت كلمة القدر في ركلات الترجيح.
وبعد المباراة كانت هناك قصة أخرى..
بيرلسكوني "كرة القدم مثل السياسة: تظن أنك فزت ولكنها ليست الحقيقة. إنه أمر محزن حقيق محزن، أنا أعلم ما هي كرة القدم حقا".
مالديني "لا يوجد تفسير لما حدث، لعبنا جيدا لـ110 دقيقة من 120 دقيقة، قدمنا واحدة من أفضل مبارايتنا".
شيفتشينكو "من الصعب تفسير ما حدث أظن أن القدر هو من قرر تغيير الوجهة إلى ليفربول ليمنحهم الكأس، عندما تتقدم بثلاثية فإنه من الصعب على أي فريق أن يعود أمام ميلان".
جيرارد "لم نكن مرشحين منذ البداية وها أنا أرفع يدي وأقول إنني لم أعتقد أننا سنذهب بعيدا أيضا ولكن بعد الشوط الأول أخبرنا المدرب بأن نبقي رؤوسنا مرفوعة ونحاول تسجيل هدف مبكرا من أجل الجماهير، الهدف الأول أعطانا قليل من الإيمان".
ثقة مبالغة وصلت إلى حد الغرور والمسار الذي تحقق في البداية أعطى شعورا خادعا، الشعور بأنك لن تُهزم حتى وإن سجلوا هدفا فمازالت الأمور تحت سيطرتك. ولكن ما التفسير العلمي أو البحثي لذلك؟
هنا تتحدث الألمانية جينين أوهلرت الاخصائية الرياضية النفسية والباحثة بالجامعة الرياضية الألمانية في كولن مع "دويتشه فيله" عن دراسات بشأن "التراجع الجماعي" في هذه المواقف بكل الرياضات عموما.
ما الذي يجعل فريق متراجع ومتأخر في النتيجة يتحول بهذه الصورة لفريق لا يُقهر؟ حسنا ترى أوهلرت أن طرح السؤال بهذا الشكل خاطئ وإنما يجب أن يكون: ما الذي يجعل فريق متقدم يتراجع بهذه الصورة؟
وتقول: "أظن أنه يجب التركيز مع الفريق الذي كان متقدما وكيف حدثت المشكلة، نرى هذه المواقف مرارا وتكرارا في كل الرياضات، ببساطة في الوقت الذي تحظى فيه بمثل هذا التقدم فإنه يحدث تراجع ذهني وهناك دراسات تُجرى الآن عن هذا الأمر".
"أحد زملائي تابع هذه المسألة عن قرب وطبق تجربة ليرى إن كان يحدث عدوى اجتماعية أي ينتقل الشعور من لاعب إلى آخر على أرض الملعب، اللاعبون يشعرون بأنه (نعم ستسير الأمور على طريقتنا) ويسمحون بتراجع مستواهم، شعورهم ينعكس على أدائهم".
ولكن ألا يمكن للشعور بالخوف من تلقي الهزيمة أن يجبرهم على تحسين الأداء مجددا؟
"هذا غير صحيح، المشكلة هي أنه عندما تشعر بالخوف فإن ما نطلق عليه طاقة التفعيل في جسدك تصبح مرتفعة للغاية، ولهذا لا يمكنك أن تؤدي جيدا لأنه عند الشعور بالخوف وارتفاع طاقة التفعيل فإن ذلك يؤثر على عضلاتك وتصبح غير قادرة على أداء وظائفها بالشكل الأمثل".
"الأزمة الحقيقية هي أن اللاعبين لا يشعرون بمثل هذا الخوف وإنما يشعروا مثل (أوه، بطريقة وبأخرى سنحاول الحفاظ على النتيجة حتى ينتهي الوقت)".
ولكن كيف يمكن تفادي مثل هذه السقطات، هل هناك طريقة لذلك؟
تقدم أوهلرت محاولة لتجنب العودات المثيرة على الصعيد السيكولوجي ولكنها يجب أن تكون محاولة استباقية بحسب ما ترى.
"بعض الفرق تقوم بهذا ولكنها ليست كثيرة حتى الآن. يتم الاتفاق مسبقا على كلمة سر خاصة بين اللاعبين ومدربهم لمثل هذه الحالات، شيء يقوله المدرب وحينها يفكر اللاعبون فورا (الآن لدينا مهمة مختلفة)، ويكونوا قد تدربوا عليها قبل ذلك".
"يجب أن يُتفق عليها مسبقا إذ بمجرد أن يقولها المدرب فإن اللاعب يُركز على المهمة التي أُعطت له مثل البقاء قريبا بشكل أكبر من الخصم أو تقديم 110% من مجهوده في موقف ما".
وتتم حديثها "أظن أن هذه إحدى الطرق المحتملة لإيقاف العودات، ولكن هذا من واقع خبرتي وتجاربي كاخصائي علوم نفس رياضية ولكن يظل أمرا صعبا للغاية".
اقرأ أيضا:
بالفيديو - معجزة في أنفيلد.. ليفربول يدمر برشلونة 4-0 ويطير لنهائي الأبطال
بالفيديو - شاهد احتفالات رائعة في ليفربول بالتأهل التاريخي لنهائي الأبطال
مورينيو: ما حدث لبرشلونة في الهدف الرابع لا يحدث لناشئين.. لاعبوه كانوا كالأشباح
العين يرد بشكل رسمي على أنباء عودة حسين الشحات
وكلاؤه لـ في الجول: لم نصرح لأي وسيلة إعلام.. لا مجال للحديث عن عقد أزارو مع الأهلي