كتب : فادي أشرف
أمام ليفربول، استحوذ برشلونة على الكرة بنسبة 48% فقط. عدد تمريراته كان أقل من الريدز بحوالي 50 تمريرة، وبالتالي سدد على المرمى 4 مرات فقط.
إحصائيات ستجعل يوهان كرويف حزينا في قبره وستلقى استياءا من بيب جوارديولا، ولكن في النهاية فاز برشلونة في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 3-0 ومهد أكثر من نصف الطريق لنهائي البطولة الذي لم يطأه البلاوجرانا منذ 2015.
نعود هنا للسؤال الجدلي الذي قد يهم مشجعي برشلونة أكثر من غيرهم، هل يشجعون برشلونة بسبب البطولات، أم الطريقة التي تلعب بها كرة القدم في كامب نو؟
أكثر من مجرد ناد
شعار برشلونة الشهير "أكثر من مجرد ناد" يعني الكثير للكوليز. النادي له خلفية سياسية واضحة للجميع، وكذلك يعد منارة لطريقة معينة للعب كرة القدم.
في كتاب "إرث برشلونة: جوارديولا ومورينيو والقتال من أجل روح كرة القدم"، يتحدث جوناثان ويلسون عن "حرب أيديولوجية" بين من وصفهما بأنهما "كاهنين لفلسفتين مختلفتين كرة القدم".
بيب جوارديولا الحالم، وجوزيه مورينيو البراجماتي.
الصراع بين جوارديولا ومورينيو هو الإجابة العملية لسؤال هام لمتابعي كرة القدم، كيف تحب أن تفوز؟
بالتأكيد، لن يكون جوارديولا سعيدا إن حقق 75% من الاستحواذ وخرج من المباراة خاسرا، ولن يحزن مورينيو إذا قدم فريقه عرضا هجوميا مبهرا، ولكن في النهاية لكل منهما فلسفة معينة في لعبة كرة القدم، وما يهمنا هنا هو بيب جوارديولا، وفلسفته التي تعني بشكل كبير طريقة برشلونة في لعب كرة القدم.
فكرة الحديث عن تطور طريقة كرويف في برشلونة ووصولها للذروة مع بيب جوارديولا أمر قتل بحثا، الكل صار يعرف الكثير عن اللعب التموضعي وخلق أكبر كثافة عددية في أماكن الملعب المختلفة والاستحواذ الدائم الصبور والبحث عن الثغرة لـ"الدخول بالكرة إلى داخل المرمى"، الأمر الذي يعيبه منتقدو تلك الطريقة عليها، ويفخر به محبوها.
ثم أتى إرنستو فالفيردي..
إرنستو فالفيردي في قاموس كرة القدم يرادف مفهوم الواقعية، ولا يمكننا فهم ذلك بشكل أعمق الأمر دون الغوص أكثر في تجاربه السابقة.
ومن أجل ذلك الأمر نختبر تجربتين سابقتين لمدرب برشلونة الحالي الذي يبدو على أعتاب ثلاثية تاريخية.
صاحب الـ55 عاما له تجربتين ناجحتين بشدة، الأولى في إسبانيول بين 2006 و2008 والثانية على مرتين في أولمبياكوس (بين 2008 و2009، وبين 2010 و2012).
عام 2008 كان هاما في مسيرة فالفيردي، بسبب التحول من الاعتماد على الدفاع والهجوم المرتد في إسبانيول حيث وصل بالفريق لنهائي كأس الاتحاد الأوروبي عام 2007 عكس كل التوقعات، وخلق "برشلونة بيب" مصغر في أثينا مع أولمبياكوس.
ذلك التحول هو من يخبرنا أكثر عن إرنستو فالفيردي.
في أولمبياكوس، نتحدث عن كرة ممتعة تجعل فريقه يهزم بنفيكا المطعم بديفيد لويز ونونو جوميز وخوسيه أنطونيو رييس 5-1، ويحقق نتائج عريضة على أندية ذات تاريخ أوروبي بالنظر لأولمبياكوس مثل هيرتا برلين وسانت إتيان.
هذا في النهاية ما تتوقعه من مدرب قادم من كتالونيا، بل وتم تطعيمه فرديا بمبادئ لعب الكرة على طريقة برشلونة من يوهان كرويف شخصيا أثناء ارتدائه لقميص برشلونة في مشوار مليء بالإصابات.
ولكن ما رأه اليونانيون من فالفيردي أتى بعد تجربة مختلفة تماما، في كتالونيا نفسها.
يقول الكاتب المختص في الكرة الإسبانية في مجلة These Football Times، مارك سوتشون، إن أهم ما ميز تجربة فالفيردي في إسبانيول كانت منظومته الدفاعية، مع الاعتماد على والتر باندياني في صنع الفارق في الأمام. بفضل ذلك، وصل الفريق لنهائي أوروبي نادر في تاريخه قبل الخسارة من إشبيلية في النهائي.
نفس الرجل الذي جعل أولمبياكوس مستعمرة كتالونية في قلب أثينا، هو ذاته الذي اهتم بالدفاع أولا على بعد 12 دقيقة بالسيارة من كامب نو.
وفي 2017، وصل فالفيردي إلى كامب نو، فأي من الشخصيتين ارتدى عند تدريبه لبرشلونة؟ عد للفقرتين الأولى والثانية من هذا الموضوع.
الهوية أم البطولة؟
يقول جوناثان ويلسون في تحليله لمباراة برشلونة وليفربول في "جارديان"، إن فكرة يورجن كلوب في مقابلة النار بالنار ومهاجمة برشلونة تبدو منطقية.
كلوب فعلها ضد مانشستر سيتي في دوري الأبطال الموسم الماضي وفاز، لكن ضد برشلونة واجه كلوب مدربا مختلفا، فالفيردي ليس جوارديولا.
هل تتوقع في يوم من الأيام أن جوارديولا سيخبر لاعبيه قبل أي مباراة أن ينتظروا في منطقة جزائهم، وألا يستحوذوا على الكرة ويتركوها للخصم في انتظار أخطائه؟
بالتأكيد لن يفعل جوارديولا ذلك يوما ولكن فالفيردي لن يجد حرجا في ذلك، وذلك ربما يمنح فالفيردي طابعا خاصا من المكر مقارنة بالفيلسوف الذي يعترف القاصي والداني إنه غير الكثير والكثير في كرة القدم التي نشاهدها اليوم.
كلوب راهن على الهجوم ضد برشلونة، وربما لم يخدمه الحظ ويوم سيء لفيرجيل فان دايك، ولكن كما قال ويلسون، رهان مثل ذلك سيهدد برشلونة ولكنه خطر على ليفربول، برشلونة سجل هدفين من أخطاء مباشرة من عناصر ليفربول وأهدر مثلهم في الدقائق الأخيرة بعد 70 دقيقة من الضغط العالي من لاعبي الريدز الذين أنهكوا، وفقدوا الأمل بعد رائعة ميسي في الهدف الثالث.
ولكن بعد الفوز على ليفربول كان يمكنك سماع همهمات مشجعي برشلونة، هل هذا برشلونة الذين يريدوه؟
هنا انقسم المشجعون بين من يريدون الفوز ولو بتطبيق الكاتيناتشيو، ومن يودون رؤية عرضا ممتعا في معبد كامب نو للكرة الجميلة. هنا السؤال الذي لا توجد له إجابة واحدة، وتعود للتفضيلات الشخصية.
ولكن بنهاية الأمر، تعد مباراة ليفربول مناسبة رائعة للإشادة بفالفيردي، الذي ربما لم يقدم هوية برشلونة ولكنه يقود الفريق بخطى ثابتة نحو ثلاثية لم تحدث منذ 2015، وربما سداسية جديدة.
اقرأ أيضا
طبيب الأهلي يكشف لـ في الجول تفاصيل إنقاذ جيرالدو وسبب فقدان الذاكرة المؤقت
صور أغلفة الصحف الإنجليزية – ماذا قالت عن ميسي بعد دك ليفربول
عامر حسين: إلغاء الكأس صعب.. وهناك اقتراح لإقامة مباراتي سوبر 2018 و2019
المسابقات تخاطب 4 أندية لإبعاد مبارياتها عن لقاء الزمالك والنجم الساحلي
مدير الكرة بالإسماعيلي لـ في الجول: سأعيد التفاوض مع بامبو للتجديد
بالوتيللي: من أجل حب كرة القدم.. أرجو عدم مقارنة ميسي باللاعب رقم 7 في يوفنتوس